شبكة ذي قار
عـاجـل










اثار القرار القضائي الذي اصدره قاضي الامور المستعجلة في صور، ردود فعل سياسية وقانونية، وصدرت بشأنه ردود فعل متباينةواكثرها انطلق من خلفية سياسية.وفي كل مرة تتداخل فيها المواقف السياسية والمقاربات القانونية، تضيع المقاييس ،نظراً لكون القواعد التي تحكم المقاربات السياسية تختلف عن المقاربات القانونية وبغض عن طبيعة المواقف السياسية من القضايا المطروحة.وبعيداً عن الاسقاطات السياسية ،سنقارب المسألة من جانبها القانوني.

من خلال ثلاثة عناوين.الاول : مدى صلاحية القضاء العدلي للنظر في قضية كالتي طرحت امام قضاء العجلة في صور.الثاني : موقع القرار من اتفاقية فيينا التي تضبط قواعد التمثيل الدبلوماسي.الثالث : مساءلة مُصدر القرار القضائي في حال شابت قرار ه عيوب جوهرية.

بالنسبة للعنوان الاول.

ان القاضي عندما تقدم اليه مراجعة قضائية، هو ملزم بوضع اليد عليها والبت بها.وبعد النظر والتدقيق بها.يكون امام خياران.اما ان يردها بالشكل لعدم توفر الشروط الشكلية المفروضة.واما ان يقبلها وينظر بالاساس ويصدر قراراً معللاً بشأنها.وفي كلتا الحالتين يكون القرار عرضة لمراجعة طعن من الفريق الذي لم يصدر القرار لمصلحته او لمراجعة من النيابة العامة نفعاً للقانون.اذاً،لامخالفة قانونية ارتكبها قاضي العجلة في صور بوضع يده على المراجعة.لكن هل المراجعة مقبولة شكلاً؟ من الشروط المفروضة تحت طائلة رد المراجعة شكلاً ،عدم مخالفة النظام العام ، وتوفر شرطي الصفة والمصلحة.

لو سلمنا جدلاً ان مقدم المراجعة له مصلحة في تقديمها ، وهنا تندرج المصلحة تحت عنوان سياسي يرى مقدم المراجعة ان ثمة ضرر لحق به ،فهل تتوفر له الصفة لتقديم مراجعة بموضوع يعتبر ان له مصلحة في اثارته.من الوقوف على تحديد صفة مقدم المراجعة لم يبين انه ذو صفة اعتبارية لدى الجهة التي تناولها تصريح السفيرة الاميركية ،بل هو مجرد مواطن عادي وان كانت له ميول سياسيةلكنه غير مفوض قانوناً للتقدم بمراجعة عن الجهة التي اعتبرت متضررة.هذا بالنسبة لصفة مقدم المراجعة.اما مايتعلق بالنظام العام، فإن المراجع مقدمة ضد جهة تتمتع بحصانة قضائية وفق ماتنص عليه اتفاقية فيينا للتمثيل الدبلوماسي.

وانه لاتجوز مقاضاة من يتمتع بحصانة كالتي نصت عليها اتفاقية فيينا ، ومخالفة ذلك يتعلق بالنظام العام.واكثر استطراداً، فإنه في حال الجرم المشهود لايقاضى من تمتع بحصانة دبلوماسية امام القضاء الوطني الذي وقعت ااجريمة ضمن نطاق صلاحيته المكانية.امام هذه الحالة، كان على قاضي العجلة في صور ان يتخذ قراراً برد المراجعة لسبب يتعلق بالنظام العام والا لعدم توفر الصفة.اما وقد فصل بها، فان قراره عرضة للطعن بطرق المراجعة القضائية.وباعتباره قرار صدر بناءعلى استدعاء امر على عريضة وهو قرار رجائي ، فان الطعن به يكون عبر الاعتراض امام نفس المرجع القضائي الذي اصدره ، بطلب الرجوع عنه او تعديله والا استئنافه امام المرجع الاستئنافي الصالح.اما لجهة ماانطوى عليه القرار من بنود تتعلق بجملة التزامات وبعدما نظر في الاساس ، فالقاضي مصدر الحكم خالف القانون.اولاً،لانه اصدر قراره بصيغة اجراء تنظيمي حدد فيه ضوابط العمل للوسيلة الاعلامية التي بثت التصريح.

وفي هذا مخالفة واضحة للقانون وللنظام العام.لان التدابير التنظيمية هي من صلاحيات السلطة التنفيذية والجهات الرسمية المخولة قانوناً بمعالجة الاختلالات التي ترافق عمل الهيئات العاملة على الارض اللبنانية، وهما وزارة الاعلام والمجلس الوطني للاعلام المرئي والمسموع.ثانياً ، ان القاضي مصدر القرار حدد قيمة الغرامة الاكراهية بالدولار الاميركي وهذا مخالف للدستور لان الالتزامات والالزامات المالية تحدد بالعملة الوطنيةوهو قرار يصدر باسم الشعب اللبناني وهو قرار سيادي.ثالثا، ان البند الذي تناوله القرار ويتعلق بالحريات الاعلامية مخالف للدستور والمواثيق الدولية ذات الصلة وهي تتقدم في نظام تسلسل القواعد على القانون الوطني لجهة تطبيق احكامه في حال توفرت شروطها المادية والقانونية.العنوان الثاني.مدى مطابقة قرار قاضي العجلة لاحكام اتفاقية فيينا.من الرجوع الى مانصت عليه المادة ٣١ من اتفاقية فيينا لعام ١٩٦١،فانه لاصلاحية للقضاء اللبناني للنظر في اعمال تعتبر مخالفة للقانون ولاحكام المادة٤١ من الاتفاقية التي تمنع على الممثل الدبلوماسي التدخل في الشؤو ن الداخلية للدولة المعتمد لديها.ففي حال ارتكبت اعمال مخالفة للقانون تقع تحت طائلة المساءلة المدنية او الجزائية ،فإن الجهة المخولة بالمراجعة واتخاذ القرارات التي تتنسب وطبيعة العمل المرتكب والمخالف للقانون هي وزارة الخارجية والحكومة من بعدها ولها صلاحية اتخاذ القرار باعتبار الشخص المخالف غير مرغوب به ولها الحق الطلب من دولته سحبها وقد يصل الامر الى تجميد العلاقات الدبلوماسية او قطعها.اما ان تعالج الاختلالات التي يرتكبها ممثلو البعثات الدبلوماسية بالطريقة التي جرت فيها آليات اصدار قرار العجلة في صور ،ففي ذلك مخالفة لاتفاقية فيينا وهذا يتعلق بالنظام العام.امابالنسبة للعنوان الثالث وهو مساءلة مصدر القرار القضائي.ان قاضي العجلة في صور لم يرتكب مخالفة مسلكية حتى يساءل عنها ولم يمتنع عن النظر في مراجعة قدمت اليه وبغض النظر عن القرار الذي صدر بشانها ،ولم يرتكب عملاً من تلك الاعمال التي تضع تحت طائلة المساءلة القانونية.وكل مافي الامر انه اصدر قراراً اعتبر مشوباً بعيوب قانونية.

واذا مااعتبر انه اخطأ في تطبيق القانون ،فالخطأ في تطبيق القانون يجعل القرار عرضة للطعن ولا يساءل القاضي الا في حال الخطأ الجسيم ولا نرى انه ارتكب خطأ جسيماً وان كان قراره ليس في محله القانوني.وكما يجب احترام نظام الحصانات الممنوح للذين يستفيدون من احكامه فان القانون منح للقضاة حصانة ،لجعلهم يقومون بوظيفة بعيداً عن اية ضغوط او تدخلات او ترهيب وترغيب.واذا كان القضية التي اثيرت بشأنها هذه الزوبعة السياسية ،دخلت في نطاق الصراع والتجاذب السياسيين ،فهذه لبست المرة الاولى التي تتم فيها الاسقاطات السياسية على قضايا ذات طبيعة قانونية.وفي مطلق الاحوال يجب احترام القوانين المرعية الاجراء سواء لجهة انضباط العمل الدبلوماسي تحت سقف الاتفاقيات الدولية والقوانين الوطنية اولجهة انضباط اللبنانيين ضمن اصول العمل السياسي وعدم التعامل مع السفارات باعتبارها منصات لاطلاق مواقف سياسية مع هذه الجهة او تلك وكفى لبنان تدخلاً وتداخلاً في شؤونه الداخلية.





الاثنين ٨ ذو القعــدة ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٩ / حـزيران / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب المحامي حسن بيان نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة