شبكة ذي قار
عـاجـل











ستة وثلاثون سنة مرت، وما يزال الصادق حياً في قلوب الناس، في وجدان رفاقه، مرسومة صورته في قلوب الأحرار والوطنيين، رجل صدق ما عاهد عليه أمته وشعبه، وكان مخلصاً وفياً في انحيازه لقضايا أمته ووطنه وشعبه، فقد كان من الذين قادوا المسيرات نصرة للقضية المركزية للعرب في نكسة حزيران ١٩٦٧ مساندة لمصر شعباً ونظامها الوطني بقيادة جمال عبد الناصر حينها.

لقد كان الصادق الهيشري أول من جعل من لبنان قبلة له ولرفاقه الأحرار على غرار الحبيب التيساوي، الذين وهبوا أرواحهم للذود عن كل قطر عربي حينها، فتصدوا للعدوان الصهيوني عام ١٩٨٢ على بيروت وقاوموه بكل ما أوتوا من قوة ورباط.

وعرف الصادق الهيشري أيضاً بصدقه وولائه للعراق كقطر عربي في حربه مع عدو خارجي غازي ومنتهك للأرض العربية، وهي إيران، وكان من الذين حذروا من التوسع الصفوي على حساب الأمة العربية، وأن المجوس ليس هدفهم العراق فحسب بل كل الأمة من محيطها إلى خليجها.

ولأنه كان بعثياً صادقاً ووفياً عرف بانحيازه للشعب وهويته وقضاياه الاجتماعية، فلقد أفنى عمره في الذود عن الفئات المهمشة وعن أهل جهته المنكوبة، حتى استيقن النظام البورقيبي من إخلاصه لقضاياه، وقال الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة مقولته الشهيرة والمعبرة عن تخوفه من البعث والبعثيين فكراً وعقيدة وتنظيماً حينها "ألف شيوعي ولا بعثي واحد" إقراراً منه بعجزه وعجز منظومته البوليسية القمعية عن مجابهة فكر البعث، وقرر ملاحقة البعثيين والزج بهم في السجون، وسن قانون يقضي بسجن أي شخص يمسك بكتاب للرفيق المؤسس ميشيل عفلق، وأحدث إدارة كاملة لا مهام لها بوزارة البوليس إلا ملاحقة البعثيين، وكان الصادق الهيشري على رأسهم، حيث وفي يوم ٢٠ جوان ١٩٨٤ وجد الصادق في بيته بباب الفلة بتونس العاصمة مقتولاً، وهو ما يؤكد وجس وخوف النظام البوليسي من البعثيين.

واليوم وبعد الفوضى الخلاقة التي جلبت لنا الديمقراطية الأمريكية المزعومة، وفي خضم العدالة الانتقالية، تقدم بملف لهيئة العدالة الانتقالية تحت عدد ٦٨ من أجل كشف حقيقة الاغتيال المعروفة عندنا والتي نريد أن نسجلها للتاريخ، وأيضاً نحاسب الجناة والمتورطين أمام محكمة التاريخ، فما راعنا إلا وأن وزارة البوليس ترسل الملف فارغاً للقضاء، ولم تكتف بذلك بل مارست تهديداً وضغطاً على القاضي حتى يسوف ويؤجل القضية كي نمل ولكن هيهات لهم وبعد اعتراف القاضي بقوله "علي ضغوطات من الفوق فاعذروني" نستشف من كلامه زيف الديمقراطية الأمريكية وأيضاً عدم استقلالية القضاء التونسي ومدى خوف السلطة العميلة من البعث في تونس، والذي فرضت عليه تعتيماً إعلامياً وسياسياً، ولكن محال أن تموت وأنت حي، فكيف بميلاد وجيل.

فبعث الموت أمر مستطاع، وموت البعث أمر مستحيل
عاش الصادق لأنه صادق، ومات جلادوه لأنهم خونة!





الثلاثاء ٢ ذو القعــدة ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٣ / حـزيران / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب صهيب المزريقي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة