شبكة ذي قار
عـاجـل










تعودنا نحن العرب بناء على تكويننا وتربيتنا العربية الأصيلة على الشهامة والرجولة أن نربط الرجولة بكل شيء إيجابي، من كرم وشهامة وعزة نفس وإيثار وشجاعة وبطولة، وكان الرجال يتسابقون لفعل الخير وإظهار الشجاعة والشهامة والغيرة والحمية.

إن ميزان الرجال في شريعة الإسلام ليس المال وليس الجاه وليس المنصب، إنما الأعمال الفاضلة والأخلاق الحسنة والإيمان القوي، مرّ رجلٌ على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " ما تقولون في هذا ؟ قالوا : هذا حريٌ إن خَطَب أن يُنْكح، وإن شَفَع أن يُشَفّع، وإن قال أن يُسْتمع له.قال : ثم سكت، فمر رجل من فقراء المسلمين فقال : ما تقولون في هذا ؟ قالوا : هذا حريٌ إن خَطَب أن لا يُنْكح، وإن شَفَع أن لا يُشَفّع، وإن قال أن لا يُسْتمع له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "هذا خيرٌ من ملء الأرض من مثل هذا " ( رواه البخاري ).

والرجولة تتجلى في النبي صلى الله عليه وسلم الذي علم الرجال وربى الرجال، وهو الذي قال : "والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه، ما تركته" ( سيرة ابن هشام ).

والرجولة ليست قاصرة على الرجال، فلقد سطر التاريخ الإسلامي قديماً وحديثاً نماذجاً نسائية ضربن أمثلة من الشجاعة والجرأة والإقدام ما يعجز عليها الكثير ممن يدعون الرجولة على مر العصور.

تقول الكاتبة والباحثة السورية ريم آقبيق ( لا تحدثني عن الرجولة دعني أراها، إن ظننت للحظة أن باستطاعتك إثبات رجولتك بالتحدث عن نفسك فأنت حتما مخطئ .. الرجولة يا سيدي تُشعر وتُلمس وتُرى .. تعيش ملاصقة لصاحبها كظله يراها الجميع إلا هو، تحضر معه إن حضر فتضيف لحضوره هيبة وسحراً، ولا تغيب إن غاب فتُطبع في عقول الناس تماماً كما تُطبع ملامح صاحبها .. الرجولة أجمل ما يمكن أن يوجد في المرء على الإطلاق، أجمل من أجمل ملامح، وأفخم من أفخم لباس، وأكبر من أكبر شركة، هي ثمرة حكمة العقل وقوة الإيمان وطهارة القلب، ليست لأي أحد ولا تليق بأي أحد ولا تشترى لا بالمال ولا بالكلام ولا بغيره، فأرح نفسك من عناء إثبات رجولتك ).

كل تلك المقدمة العريضة عن الرجولة سببها أننا اليوم وفي ظل تحكم عصابات الخيانة والعمالة على مقدرات البلد والشعب وهم فاقدون لكل صفات الرجولة والشهامة، ولا يمكن أن نصنفهم إلا في خانة أشباه الرجال، ولست أتحدث هنا عن هذه الفئة الباغية الفاسدة بل ما أريد أن أصل إليه هو ماحل ببلدنا من مآسي على يد الاحتلالين الأمريكي والإيراني وفي خلال ١٧ سنة، فقد المجتمع العراقي الكثير من صفاته الأصيلة، بسبب تأثير وقساوة الاحتلال الأمريكي وغل وحقد جار السوء الإيراني الفارسي، الذي تغلغل في المجتمع وأفقده الكثير من صفات الرجولة والشهامة والصدق التي كان يتحلى بها على مر التاريخ، ولأنها كانت هذه هي عقدة بني فارس لأن ليس لهم من ريحها شيء.

وهنا أيضاً لا أنتخي بمن جاء مع المحتل ضد بلده وعمل معه وشارك بتدميره، ومن عمل كأداة رخيصة بيد الحقد الأسود الفارسي، وأصبح هو يده التي يبطش بها، وفقد معها كل معاني الرجولة وصفاتها، مما أثر كثيراً على المجتمع وعاداته وتقاليده، وأزيد، لعنة الله على من اخترع وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت وسائل رخيصة لذوي النفوس الضعيفة، فاقدي الرجولة والصدق والغيرة والشهامة، استثمرتها المخابرات المحلية والإقليمية والدولية لتوقع السذج والغافلين بشباكها تحت يافطات عريضة باسم الوطنية والقومية والعروبة، وباسم الشعب والجماهير والثورة والثوار زوراً وبهتاناً.

بل وأخذت بتسقيط الشرفاء والوطنيين والمقاومين الحقيقيين للاحتلال وذيوله، لتستدرج معها فاقدي الغيرة والرجولة ممن ملأت الأحقاد قلوبهم وعمت عيونهم في معرفة من هو الصالح ومن هو الطالح، والعمل بمبدأ من لا أتمكن عليه فلن يقوم به أحد غيري، ونسوا وتغافلوا واستدرجوا للأحقاد والتعصب والأنانية والابتعاد عن قيم الرجولة الحقة والشهامة والكرامة.

وأختم بما قالته الكاتبة والباحثة ريم آقبيق ( الرجولة يا سيدي كلمة حق وموقف حق، هي نصرة المظلوم على الظالم، وابتغاء وجه الله في كل قول وفعل، هي الأخلاق الكريمة والمعاملة الحسنة، هي الشهامة عند حاجتها والشجاعة في وقتها، هي أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك، هي أن تكون مستعداً للتضحية في سبيل ما تؤمن به، فأرح نفسك من عناء إثبات رجولتك ).





الاربعاء ٢٦ شــوال ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٧ / حـزيران / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب يونس ذنون الحاج نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة