شبكة ذي قار
عـاجـل










لم يحدث سابقاً في تاريخ العراق الحديث ما حدث ويحدث الآن، من أحداث بغض النظر إن كانت عنيفة ودامية أو ليست كذلك، ولو تفكرنا قليلاً بالعراق قبل الغزو والاحتلال لنرى أن العراق كان دولة ذات سيادة أعطيت من القوة الكثير، ولكن تم استنزافها بأسوأ الطرق من قبل الغزاة المحتلين.

إن حرمة الأرض العربية وقدسية ترابها تجعلنا نفكر بدل المرة ألف مرة بالتدخل الخارجي وعواقبه، ولو عدنا بالتاريخ القديم، وأرجعنا شريط الذاكرة لوجدنا أن البطولات العراقية هي مجد نصر لا ينتهي، حيث استطاع أبناء هذه الأرض المقدسة من رد العدوان وردع القوى الخارجية بقوة داخلية وطنية وليس بتدخل خارجي، لأن القوة الخارجية في ذاك الوقت كانت هي نفسها المحتل الدخيل، فبقدرة وإصرار الشعب وتحديه تحررت الأراضي العراقية من أي استعمار كان بها وسطر أبناؤها البررة ملاحم لم ينسها التاريخ.

ها نحن أمام استعمار جديد من نوعه، استعمار الكل من البعض، وبتفاقم وتدهور الوضع الداخلي على جميع الأصعدة قرر الشعب أن يقود مغامرة عنوانها الحرية ومضمونها الكرامة وثمنها أرواح تضحي من أجل الوطن، قطرات دم تنزف، تجمعت لتصبح سيول من الدماء وعتاد من الدفعات المعنوية المتجهة نحو سماء الحرية الحقيقية رغماً عن أي اضطهاد، فخرج الشعب منادياً يهتف بحريته وبكرامة عيشه ليتخلص من العبودية والظلم، من التفرد والطائفية والحزبية، من كل شيء بات حملاً ثقيلاً لم يعودوا يطيقوه.

إن اندفاعة الشعب أتت من سابق تجربة وخبرة، وبإجرام مورس ضدهم، ولكن هيهات، فنحن لا نلدغ من الجحر مرتين!

فثار الشعب وانتفض لتجديد عصر بدأ بالضمور، لتروية فكر وشك على الاندثار، لصحوة ماضٍ كاد أن ينسى ويصبح تاريخ، هب الثوار في وجه هذا المستعمر الصفوي في بغداد العروبة والتاريخ وفرات ثورة العشرين والجنوب الثائر، فواجه غباء وسذاجة الساسة، وكما العادة بدأت عملية التخدير للعقول وصف الوعود الكاذبة المعتادة، ورسم تعديلات أو اصلاحات وهمية، ولم يعلموا هؤلاء بأن العقول تبدلت والضمائر صحت وإن تبعيتهم للأجنبي وعمالتهم لم تثمر.

إن قوة الزعامة المنفردة التي استبسل فيها قاتلوا الشعب بمعونة من أسيادهم الفرس، والطريقة العنيفة التي واجهوا بها الأحداث والأسلوب القمعي كانت تلك العوامل هي المسير الأساسي للثورة، ومنها استقى الثوار العزيمة، فغباؤهم بمجاراة الأمور جعل النار تنفتح عليهم، ومن هنا رص الشعب صفوفه مطالباً بمطالبه، والتي كان على رأسها اسقاط العملية السياسية بدون أي مناور.

الثورة الآن قطعت شوطاً كبيراً وطريقاً زين بالمعاناة والألم والحرمان، إلا أننا شعب عظيم شعاره الموت ولا المذلة، وحكمته بات النصر قريب، رفعت الأقلام وجفت الصحف وثبت النصر بإذن الله، والمضي إلى تحقيق مطالبنا هو الوسيلة لحاضر عيش كريم ومستقبل يبنيه عقلاء مفكرون وليس زعماء مسيرون وتبعيون، هذا هو قرار الشعب العراقي، فليستعد العراقيون أجمع لحاضر جديد بأرواح قيادية، بعقول نابغة، فدقت نواقيس العودة، واعتلى العظماء، وتدنى وانحنى السفهاء.





الاربعاء ٢٦ شــوال ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٧ / حـزيران / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أم صدام العبيدي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة