شبكة ذي قار
عـاجـل










إذا انطلقنا من ركائز وأسس علمية بعيدة عن عقليات من يستحضرون التاريخ العميق للأمة لكي يوظفوه في استخدامات نفعية وتضليلية مختلفة، ركائز وأسس بعيدة عن الغلو والتطرف وتسعى إلى استثمار الأمس في الاستدلال والاقتداء والتأسي واستحضار النموذج الإيجابي فقط، فإن تناول شخصية الخليفة الإمام علي بن أبي طالب عليه سلام الله ورضوانه يجب أن يتضمن ويشتمل وينطلق من الحقائق البعيدة عن أي خلاف أو اختلاف، بل متفق عليها بين المسلمين ومن بينها :

١ - علي بن أبي طالب هو ابن عم الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
٢ - وهو زوج بنت الرسول الكريم، فاطمة الزهراء عليها السلام، وأولاده هم أسباط الرسول.
٣ - وعلي باتفاق الجميع لم يسجد لصنم، ولم يمارس الشرك، ولذلك قيل ( كرم الله وجهه ).
٤ - وهو صاحب الرسول في كل مراحل الدعوة وفعالياتها المختلفة.
٥ - وهو رابع الخلفاء الراشدين.

طبقا لهذه المسلمات التي لا خلاف عليها، فعلي أحد رجال الرسول، وجندي مخلص للإسلام، ولم يثبت التاريخ ( غير الجدلي ) أي خلاف بينه وبين الآل والصحابة، بل كان متصالحاً مع ذاته ومتصالحاً مع شركائه في كل واجبات الدين، وفي كل ما سعى إليه الرسول وأصحابه.

وطبقا لهذه الإطلالة المكثفة، فإن علي بن أبي طالب، ليس شخصية خلافية بين المسلمين، شأنه شأن الخلفاء والصحابة رضوان الله عنهم، وهو ليس حصة لجزء من المسلمين، بل لجميعهم، مثله مثل الخلفاء والصحابة رضوان الله عنهم.

فما مصلحة أي مسلم أن يجزئ الخليفة الإمام إلى أكثر من حصة؟
وما مصلحة أي مسلم أن يشتم علي بن أبي طالب، أو يقلل من شأنه؟

وبالمقابل :
ماذا يجني مسلم بعد ١٤٠٠ عام أن يشتم أو يغلط أبا بكر أو عثمان أو عمر رضوان الله عليهم؟

ولماذا يصر مثقفون وعلماء وسياسيون وإعلاميون على التمسك بتشطير الإسلام ( لأغراض سياسية بحتة ) رغم أنه جاء واحداً موحداً، ويتعكزون فيما يفعلونه على تشطير من كانوا واحداً بذاته وبصلته بالمسلمين، كما يفعلون مع عمر وعلي وعثمان وأبي بكر؟

ألا يدرك هؤلاء الواعون تماماً أن هذا الانقسام لن يحل قط، وما يترتب على التمسك به من موت وخراب وكوارث لن تتوقف، لسبب بسيط هو أن من يختلفون عليهم قد مضوا إلى ربهم بعد أن أدى كل منهم رسالته طبقاً لما وفقه الله ومكنه؟

إن ما يحير الحكيم اللبيب في زمن الغلو الطائفي القاتل المدمر هو أن يكون الصراع الطائفي السياسي بامتياز وبنسبة يقين مطلقه أنه سياسي لا غير، أن يتمسك البعض ممن هم خارج وصف الجهل بل هم علماء ومثقفون بكل أبعاد المعنى بتوزيع خلق الله على الطوائف السياسية ويوزعونهم بين علي وعمر مع أن العقل البشري الكائن في قمة كياناتهم يعي تماماً أن هذا التوزيع مفتعل ولا يحتاجه عمر ولا علي، بل تحتاجه الصهيونية والماسونية والخمينية وباقي مسميات الإسلام السياسي فقط.

أتحدى كل غلاة الأرض أن يأتوا بنص ثابت موثق بطريقة علمية يقول إن علياً عليه السلام كان شيعياً أو إنه تعامل مع المسلمين على أنهم علويين وعمريين حتى وهو يقاتل من وقف بوجه خلافته أو ارتد.

وأتحدى أيضا أن يأتي أحد بنص مثبت علمياً أن عمر رضوان الله عليه قد شطر المسلمين إلى عمريين وغير عمريين، والبحث العلمي المنطقي البعيد عن التطرف والانحياز يقودنا إلى أن نتفق تماماً على أن الخلفاء كانوا أخوة متعاونين متحابين.

وإذا صرحنا الآن بأن علي قد استشهد بسيف فارسي كما استشهد عمر فإننا لن نجد مسلماً يختلف معنا!!!

إذن الخلاف منبعه فارسي، وأدخل إلى تاريخ الإسلام بسبب فارس، ولا مناص ولا سبيل أمام العرب والمسلمين عموماً لإنقاذ الإسلام والعروبة إلا بإنهاء الدور الشعوبي الفارسي، واسقاط كل عناوينه المزيفة.

علي عليه السلام اسماً ونسباً وتاريخاً خالداً هو للوحدة وليس للفرقة، هو للبطولة لا للتخاذل، هو للإخلاص والوفاء لا للخيانة، هو قائد عربي قومي مسلم، وحصة الجميع، وليس ثقباً للفتنة والخديعة والانتقام، حاشاه، وحاشى خلفاء الأمة كلهم.





الخميس ٢٨ رمضــان ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢١ / أيــار / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة