شبكة ذي قار
عـاجـل











بسم الله الرحمن الرحيم

لقد واجهت مسيرة حزب البعث العربي الاشتراكي منذ ولادته إلى اليوم تحديات خطيرة ، وخاض معارك تاريخية جعلته يكتسب تجربة فريدة من نوعها في الوطن العربي ، أبرزها ردة شباط ، ثم جاءت تجربة الحكم في القطر العراقي ومارا فقها من تحديات بدءا بتامين النفط ثم تلتها معركة القادسية الثانية ، وأم المعارك الخالدة إلى المواجهة التاريخية واحتلال العراق عام ٢٠٠٣ ، لتأتي بعدها مباشرة صفحة مقاومة الاحتلال الأمريكي البطولية ، ففي خضم هذا التاريخ الحافل بالانجازات والبطولات ، والصبر على المحن والتضحيات الباهظة التي قدمها شعب العراق ورجال البعث ، وفي كل مرحلة من مراحل هذا التاريخ يمتحن الحزب ، ويخضع مناضليه إلى التجارب ، فمنهم من يصمد ويخرج منها أكثر صلابة ووعي ، وإدراك للمسؤولية التاريخية ، ومنهم من يضعف ويتأثر سلبا ، ومنهم من يظهر على حقيقته ويصبح عامل من العوامل المؤذية للحزب ومسيرته تستهويه مغريات الدنيا.وما جعل الحزب يصمد ويستمر في أداء رسالته النبيلة ، ويحافظ على عقيدته ومواقفه ، هو التقييم والتقويم المستمرين ، ليتخلص من خلالهما من كل العوائق التي تعرقل نموه الطبيعي ، وهذا بفضل المبادرات المسؤولة التي يتحملها أعضاؤه المؤمنين الصادقين الذين صقلتهم التجربة الغنية بالتضحية ، فرفعتهم الى درجة القادة الذين يتميز بهم البعث عبر تاريخه النضالي ومنهم من ساهم بقلمه وبندقيته ، ومنهم من خطط ونفذ وجاهد واستشهد.

وكل سلوك يخرج عن إطار الإيمان بالمبادئ والالتزام والانضباط الحزبيين ، وكل من يقدم مصالحه على مصلحة الحزب ، وكل من يعرض السلامة الفكرية والتنظيمية للحزب ، وكل من يضع نفسه أداة للغير على حساب الحزب ، فهؤلاء الأصناف لا يمكن أن نسميهم مناضلين أو رموزا أو قادة ، فالكشف عن هؤلاء وتشخيصهم مسؤولية تاريخية.ولهذا نجد حزبنا يخرج في كل مرة منتصرا أمام أي تحد أو معانات ومحن التي يمر بها من حين إلى آخر.ان حزب البعث العربي الاشتراكي يواجه اليوم أخطر ما أنتجته مخابر الاستعمار والصهيونية والرجعية العربية المتمثل في مشروع الاجتثاث.

فالحزب ليس في حالة اعتيادية وخاصة ما تعيشه اليوم العديد من أقطار الأمة في العراق وسوريا واليمن وليبيا واقعا مؤلما ، فهي صفحة أضرت بمشروع البعث ، حيث تضررت القيم الوطنية والقومية ، إذن فالحزب لا يحتمل أي غفلة أو هفوة أو تراخي أو تغاضي عن اي سلوك منحرف و كلها تصب في مشروع الاجتثاث الذي يهدف الى ضرب الحزب في تنظيمه وتحريفه عن أهدافه ومبادئه والتشكيك في مناضليه المخلصين.

فالمرحلة عصيبة هي مرحلة تضحية وعطاء من خلال الحرص على تقاليده التنظيمية وحصانته الفكرية ، وترسيخ عقيدته البعثية ، والتحلي بالأخلاق الثورية ، والبناء ، وابتكار الأساليب التي تخدم الحزب.

فكل تفكير خارج عن هذه الأطر ، هو عمل مؤذي وخطير ، فلا يمكن بحال من الأحوال أن يبقى الحزب أسير الأهواء لتحقيق إغراض شخصية ، فمن السذاجة أن نصدق أن الحزب سيلقى الدعم وتفتح له أبواب الجنة من أي جهة كانت محلية او خارجية كما يروج له في بعض الأقطار العربية ، بل الحقيقة أنه يحرم من الاعتماد ومن الحقوق السياسية التي تكفلها له القوانين ، وتبعد كل كوادره وطاقاته من كل مسؤولية مهما كانت طبيعتها.فالحزب ليس مرتعا للمنافقين والطامعين فللحزب مناضليه المخلصين الذين قضوا حياتهم في خدمته وحافظوا على كيانه وحمايته من الانحرافات الخطيرة التي تحاول جر الحزب الى خدمة أغراض أخرى ، ولكن مصيرها الفشل وفي كل مرة يخرج الحزب منتصرا ، وينكشف زيف الطامعين الفاشلين ، وهذا تحدي آخر يضاف إلى التحديات الأخرى التي ذكرناها.فمن كان يؤمن بحزب البعث فان حزب البعث موجود وباق ، ومن كان يؤمن بالأشخاص فان الأشخاص زائلون تبقى فقط أعمالهم ان كانت خيرا أو شرا.فالحزب مازال يخوض المعارك ويواجه التحديات لأن معركتنا متواصلة ولا تتوقف مادام أن الأمة العربية مجزأة ومزال الاستعمار على أرضها وكذلك سنواصل معركتنا ضد التسيب والانحراف ، فمن يفكر غير ذلك فهو مشكوك في انتمائه وإيمانه بالبعث.

حزبنا كالبحر يروي الأمة حتى وان وجد فيه من الشوائب وفي نفس الوقت ، يمنح الفرص لكل من ظل الطريق ، وخانته الذاكرة في استحضار مبادئ البعث في الوقت الذي ينبغي اتخاذ الموقف الصحيح ، وأن قيم الرجولة تستدعي الاعتراف بالخطأ وتصحيح المسار ، طريق البعث طويل وشاق يحتاج إلى الصبر ولهيب الإيمان ويحتاج إلى الإخلاص والصدق لأن صاحبهما سيصنع لنفسه ولأمته تاريخا يليق بعظمتها.





الاحد ٢٤ رمضــان ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٧ / أيــار / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب س . ع / الجزائر نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة