شبكة ذي قار
عـاجـل










يتسلسل النظام الايراني في خياراته تبعاً لشعوره بالقوة والضعف من جهة ، وتفسيراته الفكرية والسياسية القاصرة ومؤشراتها التجريبية الخاصة باستنتاجات أفراد وشخوص يهتمون بعلم السياسة كأسماء لامعة من جهة ثانية.

خيار النظام الإيراني في ظروف معينة ينصب على التخويف من زيادة الطرد المركزي والتخصيب في المفاعلات الإيرانية .. وبعد التحذير الأمريكي والأوربي والروسي من مغبة التمادي في خرق الاتفاق النووي ، انتقل النظام إلى خيار تحريك أذرعه الميليشياوية ، من مياه الخليج العربي إلى مياه باب المندب ، ومن العراق إلى سوريا فلبنان ثم شرق الفرات .. وحين بلغت مرحلة التراشق بالصواريخ الإيرانية الصنع من اليمن ومن العراق ومن الأحواز على أهداف في السعودية ، وكذلك التهديد بغلق مضيق هرمز ، ونتيجة لردود الأفعال المختلفة والتهديدات الميدانية المحتشدة ، انتقل الخيار الإيراني إلى انتظار ما تفعله أوربا أزاء قرارات الإدارة الأمريكية بشأن العقوبات لعلها تستطيع أن تشكل الكتلة الأوربية ضغطاً على الإدارة الأمريكية لكي تخفف من عقوباتها الاقتصادية والنفطية ، ولكن النظام الإيراني يستعجل النتائج بغطرسته المعروفة وتهديداته الفارغة ، ظناً منه أنه قد يتمكن من الضغط لوقف قرارات الخزانة الأمريكية في فرض العقوبات ، ولكن العكس حصل ، فقد ارتفعت معدلات فرض العقوبات ، ليس فقط على المنشآت والشركات الإيرانية ، إنما على المنظمات الإرهابية وتابعوها وعلى مسؤوليها وأفراد من تشكيلاتها يتمتعون بصلاحيات تعاطي الإرهاب الخارجي .. وأزاء هذا التفعيل بات الخيار الإيراني منْصبّاً على سقوط رأس الإدارة الأمريكية ، إذ حرك النظام الإيراني ذيوله من الحرس القديم في أمريكا "جون كيري " وزير خارجية أوباما وبعض شخصياته في الكونغرس الأمريكي " بيلوسي " وغيرهم ، من أجل وضع " ترمب " في زاوية الإدانة الدستورية ومن ثمَ التسقيط السياسي .. وعند فشل هذا الخيار تحول الخيار الإيراني إلى مسألة الانتخابات الرئاسية ليعول على سقوطه والتركيز على مرشحين جدد - صحيح أن الأمريكيين يختلفون مع ترمب في سياساته ولكنهم يجمعون على خدمة المصالح الأمريكية - وحين فشل هذا الخيار تحول النظام الإيراني إلى لعبة ( المفاوضات ) ، التي يرفضها كلما جاءت على لسان أمريكي في الإدارة الأمريكية وخاصة " ترامب " الذي غالباً ما يقرن العقوبات بفتح باب الجلوس على طاولة المفاوضات ، الأمر الذي يدفع النظام إلى الرفض أو ربطه بشرط رفع العقوبات أولاً .. وحين تزداد حزمة العقوبات يزداد نواح النظام الإيراني والدعوة إلى مساعدة الشعب الإيراني المظلوم الذي يعاني من شحة الأدوية والطعام .. ولكن النظام الإيراني لا يتحدث عن تسخيره ٩٥% من موارده لخدمة استراتيجيته العسكرية الخارجية ، وهو الأمر الذي وضع الشعوب الإيرانية في دائرة الفقر المدقع والعوز المستفحل قبل العقوبات على إيران .. وهنا ، حين انكشفت دموع النظام تحركت البدائل وظهر خيار آخر وهو التراجع عن أضواء العالم آيديولوجيا والاكتفاء بضرورة حماية النظام الإيراني .. ثم ترافق مع هذا الخيار خيار آخر وهو تعويل ولي الفقيه ونظامه الظلامي على ( تفكك ) الولايات المتحدة الأمريكية إلى دويلات حتى نهاية عام ٢٠٢٥ ، اعتقاداً منه وإيهاماً بأن النظام سيبقى يقتل وينتهك ويسرق قوت الشعوب الإيرانية والشعب العراقي حتى ذلك العام !.

خيارات النظام الإيراني ، وخاصة المرشد الإيراني الذي يتعامل مع الجن ، والذي يقود إيران الدولة إلى الهاوية ، هي خيارات غير واقعية لارتباطها بطموحات غير واقعية ولمشروع غير واقعي.

فما الذي يتوقعه المراقب من خيارات غير واقعية لا في داخل إيران الدولة ولا في خارجها ؟.

فصحف إيران الفارسية تتحدث عن خيارات المرشد ، ممثلة برؤيته حول مستقبل الولايات المتحدة الأمريكية وهي تتفكك إلى أكثر من ثلاث دول .. دولة السود الأفارقة ، ودولة البيض في كاليفورنيا ، ودولة الشمال الأمريكي الأوربية ، فضلاً عن دويلات أمريكا اللاتينية التي ستدعو إلى الاستقلال والانفصال عن أمريكا .. وكل هذا التفكك مبني على انهيار الاقتصاد الأمريكي .. لسنا في معرض حالة انهيار الاقتصاد الأمريكي خاصة في ظل الوباء العالمي ، إنما الحديث هو الخيار الإيراني في البقاء كنظام دموي حتى عام ٢٠٢٥ !!.

لا أحد يحب أمريكا كإمبريالية متنمرة ومتجبرة ، ولكن النظام الإيراني عليه أن لا يكون شبيهاً لأمريكا في إمبريالية فارسية تتوسع وتستعمر غيرها من الشعوب باسم الدين .. وكما يعلم الجميع أن هناك كراهية لأمريكا قبل أن تولد ما دامت قد استعمرت سكانها الأصليين الهنود الحمر وأبادتهم .. والنظام الإيراني قد استعمر الشعوب ( العربية والتركية والكردية والآذرية والبلوشستانية ) ، وتحكم بمستقبلها وأباد أجيالها وما يزال يرتكب جرائم ضد الإنسانية باسم ( قدسية ) ولاية الفقيه التي بلغت الحضيض في العراق على وجه الخصوص ، فيما يتعامل معه الغرب وفي المقدمة أمريكا على أنه نظام مآله العودة إلى أحضانه.

وعلى أساس ما تقدم تكرست حقائق أخرى في شكل أساليب التعايش وهي ( التخادم ) و ( التوافق ) وأحياناً ( الشراكة ) في السياسات وأساليب الصراع المتعارضة ضمن خطوط حمراء لا يجوز تجاوزها ، فيها من الخداع ولي الأذرع وعض الأصابع بين الامبرياليتين الأمريكية والإيرانية ما يكشف كل مستور !!.

كان الأوربيون ينظرون إلى الولايات المتحدة الأمريكية منذ القرن التاسع عشر على أنها دولة تحديات تسعى إلى السيطرة على العالم وأن مثل هذا المسعى سيؤدي بالتالي إلى ضعفها ومن ثم انهيارها .. ومن هذا الباب كرس النظام الإيراني ، ولأغراض تلميع الوجه ، نفسه لهذا الخيار منذ عدد من السنين تحت شعار ( نهاية أمريكا ) في مؤتمراته السنوية ، بعد تفكك كتلة الاتحاد السوفياتي .. وينسى النظام الإيراني أن الذي هدم الاتحاد السوفياتي هو الولايات المتحدة الأمريكية .. وهي مفارقة معروفة لا أحد يعول على نتائجها من حيث ( حتمية ) سقوط المقابل كما تنبأ في عالم السياسة الزعيم ( نيكيتا خروشوف ) ، بأن أمريكا ستدفن عام ٢٠٠٠ !!.

خيارات النظام الإيراني لن تتوقف حتى يتوقف نبضه عن الدجل والخداع منذ عام ١٩٧٩ ، كما أن أمريكا لن تتوقف عن خياراتها في استخدام القوة والخداع وعرض التفاوض في غزل فاضح .. والإيرانيون ليسوا بحاجة حقيقة لهذا الاستعراض الأمريكي ، لأن التخادم أو التوافق الذي تريده أمريكا في العراق والمنطقة قائم بشرط عدم خروجه عن السكة ، أزاء ملف العراق وملف أمن الكيان الصهيوني .. أما ملف ( النفط ) ، وملف الأطراف البعيدة في العمق الآسيوي ( الصين ) فلها حسابات أخرى !!.





الاحد ١٧ رمضــان ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٠ / أيــار / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الرفيق الدكتور أبو الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة