شبكة ذي قار
عـاجـل










عندما يكون مضمون نظرية وتطبيقات الديمقراطية التي جاءت بها العملية الوبائية للعراق هو تقسيم الشعب إلى أجزاء عرقية، وأخرى دينية وطائفية، وتقسيم السلطة محاصصات بين هذه الأجزاء، فالمقصود هنا ليس ديمقراطية، بل مشاريع صراعات واقتتال وحروب أهلية وإلغاء للهوية الوطنية، واغتيال للسيادة والاستقلال، وليس ديمقراطية.

من تعاون مع خطة غزو العراق وتوظفوا في العملية الوبائية ( السياسية ) وفق منهجها العرقي الطائفي المحاصصاتي يعرفون تماماً إنهم قد توظفوا في عملية تدمير العراق بشكل تدريجي، عبر توطين ديمقراطية المحاصصة واستقبال نتائجها الكارثية واحدة بعد أخرى، والتي مع استقبالها يتعمق الشرخ الوطني والاجتماعي، وتغرق وحدة شعب العراق وتندثر مقومات وحدته الوطنية، التي وجدت مذ وجد الكون.

هم يعرفون أن هكذا عملية لن تبني دولة فيدرالية ( اتحادية ) على أنقاض بلد واحد بسيط منذ نشوء البشرية، بل ويعرفون أنها لن تبني حتى دويلات أو أشباه دويلات الأقاليم التي أسموها فيدراليات في دستورهم الصهيوني الإيراني، أي إنهم يدركون أن التهديم الاجتماعي والجغرافي لن يتبعه لملمة، ولن ينفع معه صناعة وشائج جديدة غريبة مبتورة، وأدى تجريبها إلى تراكم شروخ وجراح وفجوات يصعب علاجها لأنها أصلاً صممت لخلق الشرذمة.

لماذا توظفوا إذن؟
الذي يتوظف عند قوات غازية يدرك أنه مرتزق، سواء كان شخصاً أو حزباً، والمرتزق مهماته معروفة، هي نهب ما يستطيع نهبه من أموال وثروات وعقارات بأية طريقة كانت، والنهب والسرقة المنطلقة من روح الارتزاق هو محطة الفساد الأولى التي منها تصنع باقي المحطات القذرة، هذا من جهة، ومن الجهة الأخرى فإن أحزاب التشييع الإيراني لم تتوظف عند جيوش الغزو لتقود عراقاً مستقلاً بل لتلحقه كلاً أو جزءاً بإيران، وبالتالي فإن مخططها الإيراني لا يهتم أصلاً بالحفاظ على الوشائج الوطنية العراقية، بل على العكس قد تطابق بأغراضه القريبة والبعيدة مع المخطط الإيراني لإخضاع العراق لولاية الفقيه.

حزب الدعوة والمجلس الطبطبائي وتيار مقتدى وفيلق بدر وحزب الله وجماعة مدرسي وإياد علاوي والجلبي والحزب الإسلامي، وغيرهم من ذيول الاحتلال المركب، كلهم يعلمون علم اليقين أن غزو العراق هدفه تدمير العراق، ولذلك فانخراطهم في خطة الغزو تعني عملياً أنهم موافقون على تدمير العراق، وعلى أن يكونوا هم أدوات لهذا التدمير الإجرامي، وأن كل ما سيطر على تفكيرهم وخططهم هو كم ينهبون وكيف، وما هي سطوتهم الوحشية في المساحة التي سيمسكونها من العملية السياسية، التي هي سيف الغزو في تقطيع أوصال العراق وإفقار وتجهيل شعبه.

ومن بين أخطر اجتهادات قردة السيرك الاحتلالي وخنازير المضبعة الخضراء هو التبرعمات السرطانية، التي لجأوا إليها وصارت علامة فارقة لتعددية مفاصل الإجرام والفساد بأنواعه، وذات التبرعمات والانشطارات السرطانية المليشياوية قد اعتمدت لتكريس مخططات تشطير الدولة والمجتمع وزراعة بؤر متعددة تخدم الاحتلال الإيراني والأمريكي وأجندات التدخل والنفوذ الإقليمي من جميع الجهات المحيطة بالعراق، ونعني بها هنا صناعة أحزاب وميليشيات بمسميات مختلفة وبمرجعيات تبدو متناقضة، لكنها في واقع الحال كلها تؤمن بإلحاق العراق بإمبراطورية إيران الفارسية، التي سعى إليها أصلاً خميني قبل تسلمه السلطة، وأوكل التنفيذ إلى الحوزة ومرجعياتها وأحزابها بزعامة محمد الصدر فور استلامه للسلطة سنة ١٩٧٩ تنفيذاً لاتفاقات وخطط سابقة.

نحن نرى أن لا إجرام ولا فساد أخلاقي وسياسي ومالي يفوق ما وقع به بعض عراقيو الداخل ممن لم يقدموا مع القوات الغازية من الفاسدين الأراذل، الذين عرفهم العراقيون أنهم مجرد كلاب ارتزاق وخسة وانحطاط، كونهم قد عملوا عند التحاقهم بالعملية الوبائية بكل رذائلهم لشرعنة العملية الوبائية الإيرانية الأمريكية، وهم أيضاً أنظمة الجوار، وخاصة من الأنظمة المحسوبة على جلدتنا.

هذا التعقيد في العراق المحتل الذي صنعه رواد ومنظرو ومفلسفو حقوق الإنسان والحرية والديمقراطية من الأدعياء قد يعقد ويبطئ عمليات تحرير العراق، ويرفع من كلفتها، إلا أنه في صالح هدف التحرير، إن شاء الله، لأن الخراب الذي حل بالعراق هو عمل ظالم وباطل وسافر مفضوح، وشعبنا فهمه وعرف ظلماته ودهاليزه، وهذا الفهم تحديداً هو غذاء التحرير وسيوفه التي أشرعت في ثورة نضج المقاومة الشعبية العراقية المتمثلة بثورة تشرين السلمية المجيدة.





الاربعاء ١٣ رمضــان ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٦ / أيــار / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة