شبكة ذي قار
عـاجـل










لمناسبة عيد العمال، أصدرت القيادة القطرية لحزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي، بياناً دعت فيه إلى تشديد النضال لاسترداد الحركة النقابية إلى حاضنتها الوطنية وإسقاط منظومة الفساد وإقامة دولة المواطنة والرعاية الاجتماعية وفيما يلي نص البيان :

يحل عيد العمال هذا العام، والعالم ينوء تحت عبء جائحة الكورونا، في ظاهرة غير مسبوقة لجهة شموليتها، وماأحدثته من ارتباك في إجراءات احتوائها والحد من تداعياتها.ولبنان الذي لم يكن بمنأى عن تأثيراتها، استقبل هذه الأزمة الطارئة، وهو يعيش تحت وطأة أزمة سياسية - اقتصادية - مالية، انعكست وضعاً ضاغطاً على كل مناحي الحياة، خاصة الجانب المعيشي منها، بعدما أدت إجراءات العزل إلى توقف أنشطة العمل في كافة القطاعات تقريباً وانقطاع المداخيل أو شحها، فضلاً عن انهيار العملة الوطنية الذي انعكس ارتفاعاً جنونياً في أسعار السلع الغذائية، والذي ترافق مع ارتفاع حرارة الاشتباك السياسي والإعلامي وتقاذف المسؤولية بين اطراف المنظومة السلطوية السابقين والحاليين حول تفاقم الأزمة بكل انعكاساتها على الأمن الحياتي.

إن هذا اليوم، الذي اعتادت الطبقة العاملة أن تحييه، باعتباره يوماً عالمياً للعمل، وبعض الدول اعتبرته يوماً وطنياً تحييه بكل الاحتفالية التي تنطوي عليه رمزيته الإنسانية، لم يعطَ هذا العام الأهمية التي يستحقها، لانشغال العالم بالهم الكوروني والذي تحول إلى هم عالمي.لكن هذا الانهماك الإنساني الشامل بمواجهة تداعيات تسونامي الوباء، الذي حصد حتى الآن أكثر من مئتي ألف ضحية، لا يلغي التوقف عند أبعاد هذه المناسبة، التي كانت وستبقى محطة هامة، كونها أرخّت لانطلاق نضال الحركة العمالية قبل قرن ونصف القرن من الزمن.

إن نضال الحركة العمالية، الذي انطلق في مواجهة الرأسمال الاستغلالي، وتطور في مساره التاريخي إلىمستوى اكتساب شرعيته التنظيمية في إطار الحركة النقابية وانتزع شرعية شعبية تمثيلية، هذا الحضور للحركة العمالية، لم يأتِ دون تضحيات، وليصل إلى هذا المستوى من الفعالية بدون التراكمية النضالية لمعطى الصراع المفتوح ضد الطبقات الرأسمالية التي أنتجت نظماً سنت التشريعات لتمارس الاستغلال تحت سقف" القانون".وهذا ما يضع نضال الحركة العمالية ضد المنظومات الحاكمة سواء كانت في إطار السلطة السياسية الواجهية، أو في إطار سلطة الظل، في إطار المواجهات السياسية الشاملة ضد النظم الاستغلالية.

إن هذا الواقع هو أكثر ما ينطبق على لبنان، حيث يواجه الطبقة العاملة بكل شرائحها، تحديان :

- الأول، هو الذي تمثلها المنظومة السلطوية بكل أطرافها، التي مارست وما تزال، كل أشكال الموبقات السياسية، من محاصصة وزبائنية في التوظيف، وفساد ونهب للمال العام، وإثراء غير مشروع على حساب لقمة الفقراء وحبة الدواء، وأخيراً وليس آخراً وضع اليد على مدخرات المودعين.

وأما التحدي الثاني، فيتمثل في احتواء السلطة للحركة النقابية وتطويع حراكها بما يخدم قوى المحاصصة الطائفية القابضة على مفاصل السلطة.

إن القيادة القطرية لحزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي، في هذه المناسبة التي يحتفي العالم بها، وهي توجه التحية للطبقة العاملة اللبنانية بكل شرائحها، ترى أنالتداعيات الناجمة عن تفاقم الأزمة الاقتصادية بكل انعكاساتها الشعبية، قد وسعت إطار المساحة الأفقيةللطبقة العاملة، بحيث لم تعد تقتصر على العمال والفلاحين وصغار الكسبة وحسب، بل بات في عداد هذه الفئات جيش العاطلين عن العمل، بعدما بلغت البطالة مستوى غير مسبوق وبعدما تهاوت الطبقة الوسطى بعد انهيار مداخيلها، ومعه تحول الشعب بأكثريته الساحقة إلى طبقة عاملة مسحوقة، كان ابلغ تعبير عن واقعها هو ما عبرت عنه مشهديات الانتفاضة، التي تجاوزت في خطابها المطلبي الاصطفافات الطائفية والمذهبية التي عرت المنظومة الحاكمة بكل أطرافها وكشفتها على حقيقتها، باعتبارها سلطة احترفت السرقة ونهب مال الشعب وأوصلته إلى الإفقارالمريع ولم تكتفِ بتطييف الحياة السياسية، بل تعمل على تطييف رغيف الخبز وسلة الغذاء، من خلال المجالس والصناديق الطائفية.في وقت كان يفترض فيه إنشاء صندوق وطني، تضخ إليه التبرعات والمساعدات والهبات، حتى لا يذل المواطن بلقمة عيشه، ولا يتم الاستثمار السياسي والإعلامي الرخيص برغيف الخبز.

إن هذا الواقع السياسي والاقتصادي الذي ينوء اللبنانيون تحت أوزاره، وخاصة الفئات الأكثر فقراً، يضفي على النضال المطلبي الذي تخوضه الحركة العمالية بعداً سياسياً وطنياً، ويجعل موقعها الطبيعي في اطار الاصطفاف الوطني لأجل التغيير السياسي، بحيث أنتمكين الفئات الشعبية من نيل حقوقها الاقتصادية والاجتماعية، لن يكون إلا في ظل نظام سياسي، يعيد للدولة وظيفتها الأساسية، كدولة رعاية اجتماعية، ودولة مواطنة، توفر للمواطن أمناً سياسياً، وأماناً اجتماعياً، من خلال حماية حقوق السكن والاستشفاء والتعليم والنقل وضمان الشيخوخة وتوفير فرص العمل وكل ماله علاقة بضرورات الأمن الحياتي.

إن هذا يملي على الحركة العمالية اللبنانية أن تخوض نضالاً على جبهتين : جبهة مواجهة عملية احتوائها، لتعود وتلعب دورها الطبيعي في إثبات مشروعيتها التمثيلية، وجبهة مواجهة سلطة المحاصصة وإقامة السلطة التي تحاكي من خلال سياساتها العامة وخاصة المتعلقة منها بالشأنين الاقتصادي والاجتماعي، مصالح الطبقات الشعبية التي سُحقت من خلال جشع الرأسمالية المستغلة، والتي ازدادت توحشاً في ظل نظام العولمة النيوليبرالي، الذي أطاح بالحدود الوطنية للدول، لمصلحة الكارتلات الاقتصادية الكبرى والشركات التي تملك مفاتيح التحكم في العالم الافتراضي في عصر ثورة الاتصالات والتكنولوجيا والمعلومات.

إن القيادة القطرية للحزب َ، التي ترى في عيد العمال أكثر من مناسبة خاصة، تعني فئة شعبية بعينها، تدعو إلى تحويل هذا اليوم، إلى يوم وطني يعلن فيه الانتصار للعامل في عيده، كما الانتصار للحركة الشعبية التي خاضت وتخوض نضالاً متعدد الأوجه، ضد سلطة الاستغلال السياسي والاقتصادي والاجتماعي، من أجل إسقاطهاوإقامة السلطة البديلة، السلطة الوطنية التي تحكمها قواعد المساواة في الحقوق والواجبات كما سلطة المساءلة والمحاسبة والشفافية والحكومة، وهو الذي بات يشكل البرنامج التغييري للانتفاضة الشعبية التي انطلقت على وقع الانفجار الشعبي الذي تراكمت عناصره من خلال مشهديات موت الفقراء على أبواب المستشفيات، وأحكامقانون الإيجارات التهجيري، والتسرب المدرسي، والمتاجرة بلقمة عيش المواطن، وأخيراً وليس آخراً السطو على مدخرات جني العمر للفئات ذوي الدخل الحدود.

من هنا، وفي هذه المناسبة، التي تحول الظروف التيتخيم على لبنان، دون إحيائها باحتفائية شعبية، إنما يتم إحياؤها بإعادة تجديد الانتفاضة لانطلاقتها، وعليه لترتقِ قوى التغيير الوطني في نضالها، إلى المستوى الذي يمكنها من تعديل موازين القوى، وبما يمكنها من تغيير البنية السياسية للنظام، وبقوتها هذه تستطيع أن تسترد الحركة النقابية إلى حاضنتها الوطنية، ولكي تكون الرافعة السياسية للحركة الشعبية التي تشكل الطبقة العاملة ركناً أساسياً من أركانها.

تحية لعمال لبنان في عيدهم والمجد والخلود لشهداء الحركة العمالية في لبنان والوطن العربي والعالم.

القيادة القطرية
لحزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي
في الأول من أيار ٢٠٢٠





الجمعة ٨ رمضــان ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠١ / أيــار / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة