شبكة ذي قار
عـاجـل










۞ تصدير الثورة .. سياسة عقيمة من بداياتها.
۞ الحرائق الخارجية .. سياسة فاشلة وتؤلب بالتصعيد.
۞ التراجع المنظم إلى ما وراء الأسوار .. هنالك يكمن خوف إيران.
۞ وأمريكا تلعب على الحبال لترويض الجميع.

النظام الإيراني ومنذ ما بعد عام ٢٠١١ دخل المأزق حين تغلغل النظام الإيراني في مفاصل دولة العراق ، وهو ما يسمى بالـ ( Dilemma ) ، على الرغم من الصمت الغربي والصهيوني والأمريكي على وجه الخصوص ، حين غاص النظام في الوحل والدم ليصل إلى النتيجة الحتمية وهي الافتضاح والمحاصرة والضمور ، حيث نفذ للغرب وللصهيونية أهدافهما اعتقاداً منه بأنه قادر على تنفيذ نهج تصدير الثورة ، الذي لا مخرج له في عالم توازنات القوى وتوازنات المصالح ، ربما غرور القوة قد غييب ذهن صانع القرار الإيراني ، فضلاً عن التشجيع الأمريكي والصهيوني الصامت قد أعماه عن رؤية حقائق القوة أو فشل نهج النظام في تصدير ( الثورة ) إلى الخارج عن طريق الإرهاب والإرهاب المصنع في عالم الفوضى المصطنعة ، الذي خلق وساعد ( داعش ) لتكون مبرراً لنهجه التوسعي في العراق ومنه إلى خارجه ، دون أن يدرك أن إعادة إنتاج الامبراطوريات لا مكان له في العصر الراهن.

ونعود أيضاً للقول أن اوهام النظام الإيراني قادته إلى وهم أكبر وهو الهيمنة على مقدرات العرب ومقدرات المسلمين وفرض سياسة الأمر الواقع على العالم عن طريق دخول النادي الذري بحسابات التسويف والتضليل والخداع والتصلب الفارغ الكاذب.

بماذا يفيد النظام الإيراني أمريكا و ( إسرائيل ) ؟ :
قدمت ( إسرائيل ) للنظام الإيراني ما يحتاجه من الأسلحة والذخيرة خلال الحرب العدوانية التي شنها النظام الارهابي على العراق ٤ / ٩ / ١٩٧٩ - ٨ / ٨ / ١٩٨٨ ، فيما أفادتها في الأداة الطائفية لتمزيق المجتمعات العربية وإضعاف وتفكيك النظم العربية وتدمير دولها ، وقد وضفت إيران أداتها الطائفية في خدمة أمريكا والكيان الصهيوني من أجل حماية ( الأمن الإسرائيلي ) ومساعدة الكيان الصهيوني على التوغل في الجسد العربي بعد أن عجز منذ عام ١٩٤٨ ولغاية ٢٠٠٣ عن تحقيق أهدافه ، وليس لأغراض أخرى أكثر أهمية من حماية ( إسرائيل ) وتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الكبير ، بيد أن النظام الإيراني وهو يعمل على تنفيذ استراتيجية الدولة الفارسية في التوسع الأستراتيجي ، خرج عن سياقاته وبات يهدد المنطقة والعالم ويمارس إرهاب الدولة ، وهنا لابد من إيقافه بكل الوسائل الممكنة والمتاحة وفي مقدمتها العقوبات وفرض الحصار لإرغامه على تغيير سلوكه والعودة إلى منطق الدولة لا منطق أيديولوجيا الميليشيات الارهابية وتهديده مصالحه والأمن والسلم الإقليمي والدولي.

إن الدور الإيراني في الاستراتيجية الأمريكية والصهيونية لم ينتهي بعد ، وعلى أساس هذه الحقيقة لم تحاول أمريكا ، رغم إمكاناتها الكبيرة ، أن تسقط النظام الإرهابي في طهران لحسابات بعيدة المدى تتعلق بصراعها مع كل من الصين وروسيا ، فيما تبقيه معلقاً بتصفية ملفات أخرى ( عالقة ) حسب رؤيتها ، وفي مقدمتها تصفية القضية الفلسطينية التي وضعتها أمريكا في ملف اسمته صفقة القرن ، ويبدو أن بقاء النظام الايراني مرتبط بهذه الحسابات أيضاً ، وأي حلول أُخرى تعد ثانوية وعلى طريق التسويات المؤجلة التي تراوح مكانها ، والعلة هنا قد تأخذ شكل المقايضة في نطاق ما ترسمه الاستراتيجية الأمريكية متوسطة المدى ، ولكن حقائق الواقع العربي ، لها حسابات موضوعية أخرى ، وخاصة حسابات الشعب العربي الرافض لهذه الصفقة جملة وتفصيلاً على الرغم من المغريات المادية والمالية التي تصاحب مشروع الصفقة التي لا يمكن ان ترى النور.

العدو الأول الراهن الذي يشكل الخطر الداهم المباشر هو النظام الإيراني ومدى خطورة توغله في العراق وتهديده للمنطقة ولمصالح العالم ، وفشل تصدير الثورة بعد أن قطع النظام الإيراني شوطاً بعيداً واجتاز حدوداً إقليمية وأصبح في شرك سلوكه السيئ ، فإن ضموره يكون مصحوباً بنزعة عدوانية شرسة ، وسلوك يرفض التخلي عن النفوذ والمكاسب عن طريق وسائل القمع والقتل والإضرار بمصالح دول العالم ، كل هذا يجري من أجل اكتساب الوقت للوصول إلى جهوزية التهديد بوسائل غير تقليدية حين يتمكن النظام من تنمية قدرته الصاروخية وقدراته النووية ، ولكن العالم لا يسمح لهذا السلوك الإرهابي بأن يصل الى تلك القدرات.

من الصعب على النظام الإيراني أن يتراجع إلا بالقوة ، والقوة هي وحدها التي تجعله يقر بالأمر الواقع ، وهذا لا تريده أمريكا ، وما تريده هو انصاف الحلول ، ليس إسقاط النظام الدموي الارهابي المارق حسب رؤيتها ، إنما إبقاءه يقتل في إيران ويقتل في العراق ويعبث بالمنطقة العربية كلها .. لماذا ؟ ، لأن بقاء النظام الإيراني وهو يعبث بأمن العراق البوابة الكبيرة المفتوحة على المنطقة ومنها على وجه الخصوص الخليج العربي :

أولاً - يصب في مشروع الشرق الأوسط الكبير.
ثانياً - ويصب في تصفية القضية الفلسطينية.
ثالثاً - ويصب في الهيمنة الكلية على منابع النفط في المنطقة ، لأهداف ذات طابع استراتيجي بعيد المدى يتعلق بالصين وبالعمق الآسيوي والأوربي على وجه التحديد.

أمريكا وسياسة ( سيرك ) الترويض :
من المعروف أن النظام الإيراني يرفض لحد الآن التوقيع على اتفاقيتي مكافحة الجريمة المنظمة – باليرمو – واتفاقية منع تمويل الإرهاب ( CFT ) ، كما ويرفض الامتثال لمعايير المجموعة الدولية لمراقبة العمل المالي ( FATF ) ، والتهرب الإيراني هذا هو لإنقاذ الحرس الإيراني وحماية نشاطاته الإرهابية العالمية من تبعات تلك الاتفاقيات ، الأمر الذي ينطوي هذا الرفض على اعتراف إيران الضمني بأن بنوكها ومصارفها وشركاتها وحرسها وسفاراتها وقنصلياتها ومراكزها التجارية والثقافية والدينية تعمل في خدمة مشروعها الإرهابي.

كانت أمريكا قد توصلت إلى اتفاق من خلال الوساطة اليابانية بينها وبين النظام الإيراني يقضي بـ ( رفع العقوبات على بيع النفط الإيراني مقابل المفاوضات والالتزام بشروطها ) ، بيد أن إقدام النظام الإيراني على قتل ( ١٥٠٠ ) متظاهر إيراني وجرح واعتقال الآلاف قد أحرج الإدارة الأمريكية ، فتراجعت عن ذلك ، والمغزى من هذا أن أمريكا مستعدة للتوصل إلى تسوية معينه مع النظام الإيراني تخدم مصالحها ، ليس في العراق والمنطقة فحسب ، إنما في أفغانستان ، على الرغم من فشله وتراجع نفوذه ، حيث كان الاتفاق بين الإيرانيين والأفغانيين على إدراج فقرات في الدستور الأفغاني ، إحداهما تؤكد على ( حق اللغة الفارسية في أفغانستان ) والأخرى تؤكد على ( حقوق الشيعة في أفغانستان ) .. وكلتا الفقرتين قد تم شطبهما في الدستور الافغاني الجديد ! ! ، أما في اليمن فإن الحوثيين يمارسون أسلوب المحادثات السرية مع السعودية بعيداً عن طهران للتوصل إلى حلول للوضع في اليمن ، وما يحصل في لبنان والعراق يؤكد التأزم والمأزق الذي يعيشه ذيول إيران هناك.

لا أحد يعول على أمريكا لتحل ملفات المنطقة ( ملف " سبته " و" مليلية " المغربية ، وملف " الاسكندرون " السورية ، وملف القضية الفلسطينية ، وملف " الجزر " العربية في الخليج العربي ، وملف " الجولان " المحتلة ، وملف " العراق " المحتل من أمريكا وإيران ) ، لماذا ؟ ، لأن أمريكا لا تغلق ملفاً ، بل تفتح ملفات وتفتح صراعات وتفتح نوافذ للحروب ، هذه حقائق يفصح عنها التاريخ ، فأمريكا قد خرجت من دائرة الحرب وانغمست في دائرة الاستخبارات وسياسات الترويض والتخويف وحركات الانتشار والتموضع باتت سمة أساسية من سمات سياستها الخارجية ، والهدف ليس لقلب المعادلات إنما لتغيير بعض مساراتها لكي تصب في مشروعها الكبير ، وتصب في تصفية القضية الفلسطينية ، وتصب في الهيمنة على آبار النفط ، وتترك الضبع الفارسي يخيف الجميع من أجل الاستنزاف والابتزاز ! !.
 





الثلاثاء ٢٨ شعبــان ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢١ / نيســان / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الرفيق الدكتور أبو الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة