شبكة ذي قار
عـاجـل











منذ برزت مؤشرات انتشار فايروس الكورونا في الصين الذي تعاملت معه بمهنية عالية ، كان مقدر لهذا الفايروس ان ينتشر خارج الصين ، وهذا ماحصل.فخلال وقت قياسي تحول هذا الفايروس الى وباء عالمي وباعتراف منظمة الصحة العالمية، ولبنان لم يسلم من هذا التسونامي الوبائي.لكن ماميز لبنان عن غيره من البلدان التي اجتاحها الفايروس ، انه لم يتعامل معه بمسؤولية وطنية على مستوى ادارة الدولة بكليتها الا بعد اسبوعين تقريباً.لقد تجلت عدم مقاربة هذا الموضوع بالمسؤولية العالية المستوى ، بعدم مصارحة اللبنانيين بخطورة الفايروس ، ومن ثم باستمرار استقبال الطائرات والوافدين من الدول التي صنفت موبؤة واولها ايران وثانيها ايطاليا ، بل اكثر من ذلك بقي التستر قائماً على مدى تفشي الوباء في ايران وكأن في الامر تهمة سياسية ، كما ان الذين وفدوا من البلدان التي تفشى الفايروس فيها ، لم يخضعوا لرقابة مشددة ولحجر صحي تحسباً لامكانية ان يكون احد القادمين حمل الفايروس من حيث اتى.واذا ماكانت قد حصلت بعض حالات العزل فهي كانت ذاتية عند البعض ، ومحدودة النطاق على المستوى الرسمي بحجة ان المؤسسات الصحية وخاصة الحكومية منها ليست مجهزة اومهيأة لاستقبال الحالات المطلوب معالجتها او عزلها، وهذا ماكشف حجم الاهمال السلطوي للمرفق العام الصحي.ان الاجراءات والقرارات التي اتخذها مجلس الوزراء في ١٥ اذآر كان يفترض ان تتخذ في الايام الاولى لظهور الفايروس ، لا ان تنظر الحكومة ثلاثة اسابيع لتقدم على اتخاذ اجراءات من شأنها ان تحاصر الفايروس وتحول دون انتشاره.ان تأخر الحكومة في اتخاذ الاجراءات الكفيلة بمحاصرة الفايروس ، ومقاربتها بخجل للازمة هو خشيتها ان تفسر نبرتها الاعلامية العالية بأنها ذات بعد سياسي.لكن ماأن رفع ضابط الايقاع السياسي صوته ودعوته لاعلان حالة طورائ ضد الفايروس ، حتى بدأ التسابق لاطلاق التصريحات والدعوة لاتخاذ الاجراءات للحد من خطورة الوباء وهي التي توجت بمقررات مجلس الوزراء.ان التصدي الحكومي لمواجهة الوباء انطلق على قاعدة ردة الفعل ، وعندما تتأخر الخطوات الاجرائية اسابيع لوضع خارطة طريق للمعالجة ، فهذا يعطي دليلاً جديداً بأن هذه السلطة تتعامل مع الملفات الكبيرة التي تطال مرتكزات الامن الاجتماعي بطريقة ردات الفعل ، وهذا مايجعل معالجاتها قاصرة تارة ، ومتخبطة تارة اخرى.لقد كان على الحكومة ومنذ اللحظة الاولى التي بدأت فيها مؤشرات انتشار هذا الفيروس وعبوره حدود البلدان، ان تبادر فوراً الى تشكيل غرفة عمليات وتعلن حالة طورائ وطنية تنخرط في فعالياتها كل الادارات والمؤسسات ذات الصلة خاصة كانت ام رسمية ،لتوظيف كل الجهود في اطار خطة متكاملة لتوفير حزام امانٍ اجتماعي لمحاصرة الفايروس في اضيق نطاق ممكن.ان قصور الدولة عبر مؤسساتها ذات الصلة عن اتخاذا الاجراءات اللازمة لمواجهة هذا الوباء ، اثبت ان لبنان يفتقر الى المناعة الضرورية لتوفير الحماية الصحية.واذا كانت هذه الحماية لم تكن متوفرة لشرائح واسعة من الشعب قبل ان تقع واقعة الكورونا على رؤوس اللبانيين ، فإن هذه الواقعة زادت الطين بلة.من هنا فإن اللبنانيين الذين ينتابهم الهلع من هذا الوباء ، يدفعون ثمن السياسةالاستشفائية للمنظومةالسلطوية التي تعاقبت على الحكم على مدى العقود.فعندما يُهمل النظام الاستشفائي الرسمي وتتحول المستشفيات الحكومية بغالبيتها الى مايشبه المستوصفات ، تبرز الصورة التي وقف الرأي العام عليها، وهذا الاهمال لم يوفر مستشفى رفيق الحريري الذي اريد له ان يكون مستشفى جامعياً وان يكون من اهم مستشفيات الشرق الاوسط ، وفي هذا الوقت الحرج برزت الحاجة اليه وتم تجهيزه باقل مما هو مطلوب.وحال تعامل الحكم والحكومة مع هذا الملف الحيوي لايختلف كثيراً عن المقاربات السلطوية لملفات حيوية اخري ومنها الملف الاقتصادي بتفريعاته المالية والنقدية وتداعياته على الامن الحياتي والمعيشي ،وقس على ذلك الملفات السياسية، بحيث تأتي المعالجات ارتجالية وقصيرة النظر، مما يجعل مايسمى حلاً او معالجة ، كالجرح الذي يختم على زغل كما معالجات الازمة المالية.واذاكانت الخطورة التي تهدد سلامة المواطنين يجب ان تبقى فوق السجال السياسي ،لان الفقراء يموتون اولاً وحمايتهم واجب وطني وشعبي وسياسي ، الا ان هذا لايعني ان لاتحمل السلطة مسؤولية التقصير، واذا ماقامت بخطوات اجرائية فهذا واجبها وحق المواطنين عليها ، ولهذا فإنها تتحمل المسؤولية عن تقصيرها في الاعلان والاجراءات الوقائية.لقد رفعت الانتفاضة منذ انطلاقتها مطلب توفير حزمة الضمانات الاسياسية ومنها الحق بالحماية الصحية ، وهي لم ترفعه عرضاً ، بل استناداً الى تشخيص موضوعي للواقع السياسي ، حيث ان المنظومة السلطوية التي حكمت على قواعد المحاصصة الطائفية اوصلت البلد الى حال من الخواء السياسي ،افقد لبنان مناعته الوطنية والتي لم تكن بحاجةلواقعة الكورونا لاثبات هذه الهشاشية في البنية الوطنية ، بل هي مجرد دليل اضافي الى ماهو موجود ، وهذا مايعطي للانتفاضة مصداقية اضافية وهي التي عبرت بصدق عما يرنو اليه الشعب ، وهنا تكمن اهمية استمرارها و اعادةالنبض لشارعها بكل ميادينه وساحاته وصولاً لاسقاط هذه السلطة واستعادة الوظيفة الاسياسية للدولة باعتبارها دولة رعاية اجتماعية ، تستبق الازمات وتضع الحلول لها ولا تفاجأ بها كما حصل مع حكومة سمت نفسها حكومة الاختصاصيين فإذ بها تغرق نفسها بلجان الاختصاصيين




الثلاثاء ٢٢ رجــب ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٧ / أذار / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب المحرر السياسي لطليعة لبنان نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة