شبكة ذي قار
عـاجـل











حياة الشعوب ومستقبل اجيالها يصنعه الأمل والعمل الدؤوب والتضحيات الجسام.وروح العراق مفعمة بتقديس الحياة التي تجسدها إرادة شبابه الحديدية ، وعزيمته الوثابة نحو مستقبل زاهر ينسجم مع عمقه الحضاري وارثه الزاخر بالمنجزات.وأديم أرض العراق معطونة بدماء زكية طاهرة بذلت من اجل ديمومة الحياة فيه ، فأنها أرض لا تنبت إلا سنابل الحضارة والسلام و الوحدة الوطنية التي اكدها امتزاج الدماء شرقاً و غربا شمالاً و جنوب في موزاييك اجتماعي و سياسي و ثقافي و عرقي ليؤكد وحدة هذا القطر العربي رغم كل ما يفتعله المستعمر خائباً لإشاعة غيابها.تلك الدماء الزكية التي تعبر عن ارادة قوية لا تتوانى عن بذل اقصى التضحيات من اجل ان تديم الحياة وتصنع مستقبلها للاجيال القادمة ، وتعيد مسيرة الشعب الحضارية الحية التي تمازج في عطائه خلالها مع شعوب الارض فأغناها واغتنى منها.

لم يشهد العراق في عهد الحكم الوطني قبل عام ٢٠٠٣ كما في كل عهود الحكم التي تتالت منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة عام ١٩٢١ م جدليات الهوية مطلقاً، فهو قطر عربي يستمد عروبته من وحي فكرة الريادة والمواطنة والمساهمة الفاعلة في بناء الوطن، لا من فكرة عرقية معينة و لا من جدلية الهويات الدينية.فهو وطن تتجسد فيه كل الأديان والعديد من الاعراق في منتج حضاري بهيّ.هو وطن فكرة كبيرة تتسامى في عنفوانها لتحلق راية العراق في ألوانها الزاهية و معناها الموغل في الإباء أن ( الله أكبر ) ..

هو وطن غزله نول البعث ليجسد عقيدته الداعية لوحدة امة العرب، وحقها في التحرر من كل اشكال الاطماع و الهيمنة الاجنبية ، وتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية لابنائها ، فقدمه للعالم في ثوب قشيب من المنجزات الحضارية التي تتسم بالبعد القومي والتي شملت كل الاصعدة حتى تقدم على اغلب الاقطار العربية في العديد من المجالات وخرج من مقاييس دول العالم الثالث في الانجازات التربوية والصحية ، فاصبح لا يضاهي جماله إلا ذاته، فهو العراق الفريد المتفرد في ملامحه والعنصر الحيوي الفاعل في كيمياء الوطن العربي من المحيط الى الخليج ..

ولعل المشهد الماثل الآن في العراق الذي فرضته ظروف الغزو و العدوان عبر التحالف الشيطاني بين أمريكا التي تتشدق بقيم الإنسانية في كذب بواح و إيران التي تتدثر بثوب الدين و نصرة القدس في اسوء أكذوبة ، هو مشهد لا يتسق مع البنية الفكرية و النشأة الوطنية الفطرية للمواطن العراقي الذي تربى علي قيم البعث الخالدة و عايش تجربته العملية الفعلية في عراق ثورة البعث المجيدة و بالتالي فأن مقاومته الشعبية ضد الاحتلال و إحتجاجاته عبر المسيرات السلمية ما انقطعت منذ أن وطئت أقدام الغزاة أرض العراق و دخلت معهم أجداث و أبدان ممتلئة و منتفخة بكل الصفات التي تعبر عن الخزي و العار من خيانة للوطن و لقيم العراق أرض الحضارة، ليضعوه علي قارعة طريق المشروع الإيراني الصفوي الحاقد عبر اعتلائهم سدة حكمه بعد ان حملتهم إليه دبابات الغازي الأمريكي.

هؤلاء هم مشروع سرطاني يحاول ان ينخر خائباً في جسم العراق، و لكن ظل الترياق حاضراً فها هو المارد ينتفض لينتصر للحياة وها هي قيم العراقي الأصيل تقارع ادوات هذا السرطان من طائفية ، وفساد ، وتبعية ، ومشروع تقسيمي وتنتصر عليها ، فكانت ثورة الشباب العراقي الباسل لتجدد الق العراق ارضاً و شعباً عبر ثورة سلمية عاتية هي خير تعبير عن ارادة الحياة الصلبة لدى شعبه حتى اصبح الشهيد الذي يرتقي الى السماء فيها دافعاً الى المزيد من الثوار الجدد في طريقهم من اجل صناعة الحياة لكل الامة.

لقد جعلت هذه الثورة الكثير من رموز الفساد يسارعون إلي محباتها و محاولة احتوائها عبر ارسال رسائل كاذبة بأنهم يقفون مع مشروعيتها ، ظناً من هؤلاء قاصري الفهم لطبيعة تكوين الإنسان العراقي انهم قادرون على تضليله.ذلك الانسان الذي يتميز بانه واعٍ بالفطرة ، و الذي بذلت ثورة البعث فيه كل الإمكانيات ليبقى متطهراً من أدران الطائفية و العنصرية و الأنوية عبر مسيرة عملاقة تطابقت فيها الشعارات مع الأفعال، فلم يكن لدى العراقي خلالها أي شعور يميزه عن أخيه العراقي غير التفاوت في قدرات التعبير عن حب هذا الوطن والتفاني في خدمته.

فكان العراقي على الدوام صانع للحياة في الوقت الذي يقدم فيه اغلى التضحيات من اجل بقاء شعلتها متقدة بما فيها استعداده ليكون مشروع استشهاد في سبيل الدفاع عن حياض هذا الوطن و مشروعه الحضاري، و أن يكون منارة لكل الامة في نزوعها نحو الوحدة والتقدم و في ذلك كان يتنافس المتنافسون دون التفكير في كسب مادي شخصي او ابراز لطائفة معينة او عنصر او شريحة مجتمعية كما هو واقع الحال اليوم ..

و حينما أدركت هذه العصابة التي تحتمي في المنطقة الخضراء بجدية هذه الثورة التي رفضت الواقع السياسي المشوه الذي فرضه الاحتلالين الامريكي والايراني و اضحت تنادي بإعادة الوضع إلي الحالة الوطنية وتخليصه من الانحدار إلى الحالة الصفرية في ظل عصابات تجعل الوطن برمته في قبضة الدولة الصفوية ، خرجت ربائب طهران من بعض العمائم التي كانت حتى وقت قريب تدعوا العراقيين وأتباعها " للاصلاح " والخروج في مظاهرات مناهضة للحكومة وللجماعات السياسية المدعومة من إيران.فإذا بها تنقلب على الثوار و تغتالهم عبر عصاباتها الإجرامية مما يؤكد بأن مواقفها المعلنة ما هي إلا مسرحيات سيئة الإخراج أريد بها التضليل بالتوافق مع الفاعلين الرئيسيين.و قد بدأت تتكشف هذه المواقف جراء رفض المتظاهرين السلميين لكل المرشحين الواحد تلو الاخر لكونهم مرشحي جهات موغلة في تبعيتها لإيران.

لذا فاليوم هناك خيار واحد للخونة من قاطني المنطقة الخضراء، هو الاستجابة لمطالب الثوار و ترك العراق ..
و من اراد أن يبقى فيه عليه أن يكون على استعداد تام لتقبل تبعات بقائه ..
سيحقد الثوار على الموت أن نال منكم مقتلاً قبل القصاص ..
فلا مكان لكم في وطن يقوده صناع الحياة من الشباب وفي المقدمة شهيدهم.

جعفر عثمان علي
اريتريا
٧ / ٣ / ٢٠٢٠ م





الاثنين ١٤ رجــب ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٩ / أذار / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب مكتب الثقافة والاعلام القومي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة