شبكة ذي قار
عـاجـل











ترتبط الصين وإيران بعلاقات وثيقة منذ القدم، حيث كانت إيران عقدة مواصلات لطريق الحرير المؤدي من الصين الى اوروبا عبر البحر الابيض المتوسط، اضافة الى الطريق المؤدي الى الموانئ الايرانية المطلة على بحر العرب.ورغم العلاقات الوثيقة بينهما، الا انه لم يكن للصين تأثير فعال على حكومات طهران.

رغم هذه العلاقات الاقتصادية بين البلدين، جاء رد فعل الصين على مقتل المجرم قائد فيلق القدس الايراني قاسم سليماني ومرافقيه في كانون الثاني ٢٠٢٠ شاحبا ومعبرا عن رغبة الصين في الاحتفاظ بعلاقات متوازنة مع دول الشرق الاوسط والبقاء فيها من اجل ادوار أكبر خصوصا وإنها باشرت منذ فترة بإعادة انشاء طريق الحرير الجديد المعروف رسميا باسم "مبادرة الحزام والطريق"، والذي يربط الصين مع دول اوروبا مباشرة مرورا بالعراق وسوريا، بعد ظهور النفط والغاز شرق البحر الابيض المتوسط.ومما لا شك فيه ان عدداً من الدول الاوروبية تؤيد إنشاء هذا الطريق لغرض زيادة الاستثمارات الصينية فيها، وبالتالي نهضة تلك البلدان اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا.لكن هناك بلدان اوروبية اخرى بالإضافة الى اميركا كانت قد عبرت عن قلقها ازاء هذا المشروع.

جاء مقتل سليماني بعد مشاركة إيران بمناورات بحرية مع روسيا والصين.تركزت المناورات ظاهريا على تدريب قوات الدول الثلاث على الاعمال والتحركات الملاحية المشتركة، ولكنها كانت في الواقع لاستعراض القوة والتعاون الجاري بين البلدان الثلاث لمواجهة التحديات والمخاطر البحرية.وعلى الرغم من ذلك أكد الناطق الرسمي بوزارة الدفاع الصينية انه ليس للمناورات علاقة بالأوضاع الجارية في المنطقة.وبعد مقتل سليماني طالب وزير الخارجية الصيني إيران والولايات المتحدة بضرورة ضبط النفس وتهدئة الاوضاع منعا من حصول تطورات غير مرغوب فيها عالميا.كما اكدت الصين انها ستلعب دورا بنّاءاً في المنطقة وإنها اشارت بحذر الى ان عملية مقتل سليماني غير مقبولة.اما روسيا فقد شجبت الضربة الجوية وادانت مقتل سليماني.وهنا يأتي السؤال المهم : ما الذي تريد الصين تحقيقه من تعزيز اواصر العلاقة مع إيران؟

تهدف سياسة الصين في الشرق الاوسط الى الحد من الخلافات وزيادة الاستقرار من اجل الحصول على دعم كبير "لمبادرة الحزام والطريق" المذكورة، وبالتالي تأمين الترسانة الاقتصادية التي ستدعم التنمية والتطور في المنطقة.وتعرف الصين ان إيران ستلعب دورا مهما في المبادرة المذكورة وهذا ما يريد الرئيس الصيني ضمانه في فترة حكمه.يبرز دور إيران في مبادرة طريق الحرير كونها عقدة مواصلات رئيسية اعتماداً على موقعها الاستراتيجي الذي يتيح المجال لربط الصين بدول الشرق الاوسط، ومنها الى افريقيا واوروبا.اما العنصر الثاني الذي يعطي إيران اهمية كبرى لدى الصين هو مضيق هرمز، الممر البحري الذي يستوعب خُمس واردات العالم من النفط الخام.

من جانب آخر ترى الصين ان حالة الغليان والتوتر في الشرق الاوسط تؤثر تأثيرا مباشراً عليها، حيث ان تصعيد الصراع في المنطقة سيقود الى استقطاب المتطرفين من شعب الإيغور في الصين ويشجعهم على الذهاب الى سوريا والعراق وغيرها.وبالتالي فان عودتهم سيولد مخاوف لدى حكومة الصين بسبب اكتسابهم خبرات قتالية وافكار لا تمت الى السياسات والثقافات الصينية بصلة، مما يجعلهم مصدر خطر مستقبلاً.

جاء رد الصين على مقتل سليماني هامشيا وشاحبا، كما ورد اعلاه، وهذا مؤشر يفيد بان الصين لن تؤيد انسحاب الولايات المتحدة من الشرق الاوسط ولا تريد ان تكون بديلا لها او لأي قوة اخرى في المنطقة.كما انها لا تملك القوة لكبح جماح طموحات إيران في الشرق الاوسط، او لنقل انها لا ترغب باي مواجهة سواء مع إيران او غيرها.ان دورها الحالي هو منع التصعيد بكافة الوسائل لغرض تأمين مصالحها وحسب.ويرى محللون انه لو كان للصين تأثير على إيران لمنعتها من ضرب منشآت النفط في السعودية.في الحقيقة ان الصين تريد بقاء الازمة بين إيران والولايات المتحدة من اجل ابقائهم مشغولين بعيدا عن الحرب التجارية معهم، وابعاد القوات الاميركية بعيدا عن بحر الصين ولو الى حين.

السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو : آخذين بما تقدم، ما هو المطلوب من القوى الوطنية العراقية الرافضة للعملية السياسية المقيتة القائمة حايا عمله في الوقت الراهن؟





السبت ١٢ رجــب ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٧ / أذار / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عماد عبد الكريم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة