شبكة ذي قار
عـاجـل










الخميني طرح قناعته بولاية الفقيه عندما كان في النجف وأصدر كتيب بعدة أجزاء تحت عنوان الدولة الإسلامية أو ولاية الفقيه ، وكان للمراجع في حينه موقف من طرحه هذا وخاصة الراحل العلامة الخوئي الذي قال يوما  {{  هذا الرجل ويعني الخميني ان تملك سيكون مؤذيا للدين ولشعبه   }}  وبعد نحو عشر سنوات من تبنيه لنظرية ولاية الفقيه والدعوة لإقامة نظام الجمهورية الإسلامية في إيران { وفقا" للألية التي وضعتها المخابرات الامريكية البريطانية والدور الذي لعبته فرنسا في استبدال النظام الإيراني من الشاهنشاهي الى الجمهوري الذي يقوده الملالي وفقا للألية التي وضعها مستشار الامن القومي الأمريكي الأسبق بريجنسكي من اجل انهاك الدب الأبيض وتفكيك الاتحاد السوفياتي لتكون أمريكا القوة المنفردة والمنفلتة لتحقيق أهدافها ومصالحها ، بعد سرقت الثورة الشعبية عام ١٩٧٩ التي قامت بها الشعوب التي تتواجد على الأرض الإيراني التي تعاني من الظلم والتهميش والانتهاك لحقوقها كالعرب الاحوازيين والبلوش والكرد والتركمان والاذاريين .. الخ  } على أساس تلك النظرية وتولّيه الحكم فيها بصفته ولياً للفقيه - الحاكم المطلق - لكن لم يكن الشكل الدستوري للحكومة أو الولاية مبلوراً بشكل واضح ومفصّل بعد ، فأوكل الخميني إلى مجلس من الخبراء أن يعدّ دستوراً للجمهورية الإسلامية على أن يراعي الهدف المركزي للولاية الفقهية – تصدير الثورة الإسلامية لتحقيق الحلم الصفوي الجديد بانبعاث الإمبراطورية الفارسية التي تمكن الفرس من إشاعة مفاهيمهم وافكارهم وتضليلهم في العقول التي سلبت هويتها - قام ذلك المجلس بعد دراسة وبحث ونقاش دام أشهراً عدة بوضع دستور جديد يقوم على نظرية ولاية الفقيه ، ويشابه الدستور الإيراني لعام ١٩٠٦، ولكنه يستبدل الملك رئيساً للجمهورية ينتخب مباشرة من الشعب ، فيما يمنح المرجع الديني الأعلى منصب الولي الفقيه كأعلى سلطة دستورية في البلاد ، ويحتّم على رئيس الجمهورية أن يأخذ تزكية وموافقة من الإمام  {{   الإمام - في المصطلح الشيعي يعني زعيم العالمين ، ولا يمكن إطلاق لقب الإمام على غير ألاثني عشر المنصوص عليهم ، وأنّ الشيعة لم يلقّبوا أحداً بالإمام في تاريخهم ، العلامة العارف السيّد محمد حسين الحسيني الطهراني رحمه الله يظلّ بارزاً من بين هذه المواقف ، حيث يتحدّث بشيء من الاهتمام بهذا الموضوع في كتابَيه (  معرفة الإمام : ١٦٦ ـ ٢٠٣ ؛ وولاية الفقيه في حكومة الإسلام  )  ويذكر قصّةً لجماعة من المؤمنين أصفياء النفوس التقوا قبل سنوات بالإمام الحسين عليه السلام في عالم الرؤيا ، وأنّ الإمام الحسين أوصاهم بأن لا يسمّوا الخميني إماماً   }}   ، وإلا فلن يصبح شرعياً ولن يستطيع ممارسة مهامه ، ولاية الفقيه تطورت بمرور الزمن إذا كانت نظرية ولاية الفقيه العامة قد قال بها بعض الفقهاء الذين سبقوا الخميني ك ( المحقق النراقي ، وآية الله العظمى محمد حسن النجفي ، صاحب كتاب جواهر الكلام وحسين البروجردي  ) ، فإنّ توسيع صلاحيات الفقيه من الولاية العامة إلى الولاية المطلقة هو ما تميّز به الخميني كما كان يُعتبر الوحيد القائل بالشرعية الإلهية المباشرة ، وأول فقيه يتعامل مع مفهوم الدولة بصفتها مؤسسة حيث يرى الخميني أنّ ولاية الفقهاء المطلقة هي الولاية نفسها التي أعطاها الله إلى نبيّه الكريم صل الله عليه واله والأئمة الاطهار عليهم السلام ، وهي من أهم الأحكام الإلهية ومتقدمة على جميع الأحكام الإلهية ، ولا تتقيد صلاحياتها في إطار هذه الأحكام فالحكومة واحدة من الأحكام الأولية وهي مقدمة على الأحكام الفرعية حتى الصلاة والصوم والحج ، وتستطيع الحكومة أن تلغي من جانب واحد الاتفاقيات الشرعية التي تعقدها مع الأمة إذا رأت أنها مخالفة لمصالح الإسلام أو الدولة كما تستطيع أن تقف أمام أي أمر عبادي أو غير عبادي يخالف المصالح العامة ، وللحكومة صلاحيات أوسع من ذلك ، بناءً على ذلك فإنّ الولي الفقيه يستطيع أن يحكم على ضوء مصلحة النظام ، بصورة أوسع من دائرة الشرع ، ولكن ضمن أهداف الدين وهذه الأحكام ليست فقط واجبة الاتّباع والإطاعة ، وإنّما هي مقدمة على جميع الأحكام الشرعية الفرعية ، إذا تزاحمت معها إذ يستطيع الولي الفقيه المطلق أن يلغي القانون عندما يرى أنّ ذلك من مصلحة الإسلام والمسلمين ، وخاصة في الحالات غير المنصوص عليها في الدستور ، وذلك باعتبار أنّ القانون الواقعي هو قانون الإسلام الذي لم ينقضه الفقيه الولي وبناء عليه فأوامر الولي الفقيه تعتبر في حكم القانون ، وهي مقدمة عليه في حالات التعارض الظاهري معه ، وتتميّز نظرية الخميني الولاية المطلقة للفقيه بمفهوم جديد عن الفقه يقوم على مراعاة الفقيه لمصالح الحكومة والمجتمع ، والأخذ بالاعتبار دور الزمان والمكان في الاجتهاد ، والقدرة على حل مشاكل العالم السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية والاجتماعية وبالتالي القدرة على هداية المجتمع الإسلامي الكبير وحتى المجتمعات غير الإسلامية ، فالفقه في رؤيته هو نظرية الإدارة الكاملة للإنسان والمجتمع لقد كان الخميني يعتقد بأنّ الحكومة في نظر المجتهد الواقعي هي الفلسفة العلمية للفقه في جميع مناحي الحياة الإنسانية وأنها الجانب العملي من الفقه الذي يتولّى معالجة سائر المشاكل الاجتماعية والسياسية والعسكرية والثقافية وأنّ الفقه هو النظرية الواقعية والكاملة لإدارة الإنسان والمجتمع من المهد إلى اللحد ، كما كان الخميني يعتقد بأنّ النظام الإسلامي المرتكز على ولاية الفقيه المطلقة والذي يشترط الفقه والعدالة في الولي الفقيه ، لا يمكن أن يعرف الاستبداد والدكتاتورية لوجود شرط العدالة ، فالفقيه متى ما جنح صوب الاستبداد والديكتاتورية فإنه يسقط تلقائياً وبصورة مباشرة  {{   ومن هذا المنطلق طالب الرئيس الإيراني الأسبق رفسنجاني والمجتهد كروبي واخرين كأبنة رفسنجاني طالبو خامنئي بالتنحي عن منصب المرشد ، كما ان هتاف الشعوب الإيراني بتظاهراتهم بسقوط الدكتاتور تنطلق من هذا النص الذي الزم نفسه خميني ومن يخلفه في هذه المسؤولية   }}   ونظراً لاتّصاف الولي الفقيه بالفقه واعتماده على استشارة الخبراء ، فإنّ نسبة الخطأ تقل إلى أقصى حد وخميني كان يعتقد أنّه بما أنّ الولي الفقيه هو خليفة الإمام المعصوم ، وبما أنه يتمتع برعاية خاصة من الإمام المهدي ويتكفّل بمهمة هداية الأمة ، فإنّ درجة الحفظ والسلامة للنظام ترتفع إلى حدّها الأقصى تحت ظل ولاية الفقيه المطلقة ، يقول الخميني في هذا الصدد  {{   لا معنى لمفهوم الاستبداد والأنانية والإضرار بالناس في اتّخاذ القرارات ، في الولاية الإسلامية النابعة من القيم ، إذ إنّ العدالة بالمعنى الخاص من شروط الولاية ، والولاية توأم العدالة ، وإنّ الحاكم الإسلامي يفقد شرط العدالة ويعزل من منصبه إذا ارتكب أدنى مخالفة أو عمل خارج إطار الأوامر والنواهي الإسلامية ، أو قام بأدنى ظلم وانحراف ، أو أهمل مسؤولياته أو شيئاً منها ، إنّ هذا المنهج الذي يؤمّن خير الإنسانية ويحفظ القيم ومصالح المجتمع ، لا يوجد في أي نظام حكومي في الدنيا ، أو في أي نظام للرقابة الشعبية  {{  وبهذا أيضا يظهر النفاق السياسي والادعاء الديني بالرغم من جملة الانتهاكات التي حصلت وتحصل في بنية المؤسسة الحاكمة في ايران   }} 



يتبع بالحلقة الثانية





الجمعة ٦ جمادي الثانية ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٣١ / كانون الثاني / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامـــل عبــــد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة