شبكة ذي قار
عـاجـل










تقام الوحدة الجغرافية الانصهارية بين الدول، ويعلن عنها وعن أسبابها ومسوغاتها وأهدافها، لكننا لم نسمع عن وحدة اندماجية انصهارية بين إيران والعراق وسوريا ولبنان مثلاً، ولا نجد عاملاً مشتركاً واحداً موضوعياً يؤهل قيام هكذا وحدة.

لا نرى قط كيف تتوحد إيران وهي دولة مستقلة، بغض النظر عن رأينا بها، مع دولة محتلة كالعراق.

العراق منذ ٢٠٠٣ م دخلت عليه جيوش وشركات ومخابرات كل دول العالم تقريباً، ومحتل رسمياً من قبل الولايات المتحدة الأمريكية سياسياً وعسكرياً واقتصادياً :

سياسياً، عبر العملية السياسية التي أسسها بريمر في نيسان ٢٠٠٣ م، وتوظيف عملاء إيرانيين فيها لا يتعدى فهمه ووصفه على أنه شراكة في الاحتلال ليس إلا.

عسكرياً، حتى هذه اللحظة يوجد في العراق قواعد تنتشر في عدة محافظات وعشرات الآلاف من الجنود.

اقتصادياً، واردات النفط العراقي تسلمها الجهات التي تشتري إلى بنك أمريكي، والإدارة الأمريكية تحول للحكومة العميلة ما تطلبه من دولارات، يقوم البنك المركزي ببيعها ليسدد رواتب الموظفين والمتقاعدين بالدينار العراقي.

إن دخول الأحزاب الإيرانية والتي دخلت العراق عام ٢٠٠٣ بعد الغزو من إيران وكذلك المليشيات لا تفهم قط إلا كمشاركة إيرانية في الغزو، وفي تكريس نتائجه، وإن استلام أحزاب التشيع الإيراني هذه وميليشياتها لزمام الأمر في العراق لا يفهم قط إلا على أنه جزء لا يتجزأ من شراكة الاحتلال وضلوع إيراني في رسم مشهد الحال العراقي بعد غزوه واحتلاله.

قيام وحدة بين إيران والعراق اندماجية أو تشكيل محور لا يفهم، ولا تعريف له إلا على أنه منتج احتلالي، وليس له قوائم جغرافية ولا سياسية ولا اقتصادية طبيعية من الطراز الذي يعول عليه ويعتمد في بناء الوحدة.

أما سوريا فقد حصلت فيها ثورة شعبية عارمة ضد النظام، فلجأ النظام الأسدي في سوريا للاستعانة بطهران في قمع الشعب الثائر، ومع الدخول الإيراني النظامي والميليشياوي والمعزز بالاستعانة بالمليشيات الإيرانية التي تم تأسيسها في زمن الاحتلال في العراق، دخلت روسيا وأميركا وتركيا والكيان الصهيوني في الحرب الإجرامية التي شنها النظام السوري ضد شعب سوريا، ومثل هذه البيئة لا تحتمل وحدة اندماجية، سورية تعبر حدود العراق لتنام في سرير الولي الفقيه الفارسي.

الحال في لبنان معروف، وأوصافه السياسية والاقتصادية والجغرافية أيضاً لا يمكن أن تستوعب وحدة اندماجية، لا مع سوريا ولا مع العراق وصولاً إلى طهران البعيدة.

إذن، لا قوائم مشتركة قط تؤسس لوحدة بين ولاية الفقيه والأقطار العربية الثلاث، بل إنه لا توجد قوائم لعلاقة محور من أي نوع كان :

إيران لا تمتلك أموال لتدعم اقتصاد المحور أو دولة وحدة، أيا كان عنوانها، وحتى لو امتلكت فالعرق وحقائق التاريخ تنبئنا أن الدولة التي تخرج من حدودها لأغراض استعمارية لا تنفق ولا تهب ولا تمنح بل تنهب.

إيران لا تمتلك صناعة متينة تشبع حاجات السوق والإنسان في العراق وسوريا ولبنان مثلاً وإن امتلكت فهي بضاعة خائبة رديئة ناتجة عن امتيازات لشركات دول رديئة، فلماذا تندمج أو تتمحور مع بعض العرب؟

إيران ليست مستقرة كألمانيا أو اليابان أو جنوب أفريقيا ليكون لأية دولة شراكة معها ذات قيمة وثمن حقيقي، فلماذا يتمحور معها المالكي والعامري والسيستاني وبشار ونصر الله؟

من يستطيع أن يدلنا على مشتركات مقنعة لإقامة محور أو وحدة اندماجية، غير الطائفية التي هي فتنة وعامل تمزيق للأرض وللإنسان ولا يستفيد منها أي شعب عربي ولا تستثمرها إلا غايات مشروع التوسع الإيراني الفارسي على حساب العرب؟

إن الاندماج والتمحور مع إيران إن هو إلا احتلال إيراني لبلادنا تحت ستار ديني مذهبي مخادع مزيف كاذب.





الاربعاء ٤ جمادي الثانية ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٩ / كانون الثاني / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة