شبكة ذي قار
عـاجـل










۞ الأول يغري بالتطاول عليه.

۞ والثاني يلجم ويدفع إلى حساب النتائج الوخيمة.

۞ الانسحاب الأمريكي - وفراغ القوة.

۞ العالم ما عاد يستمع لهراء إيران.

 

أولاً - اعتادت الإدارة الأمريكية على الردع العسكري المحدود و ( الثابت ) ، يصاحبه فرض عقوبات اقتصادية ونفطية ( متصاعدة ) ، والخيار هنا للعقوبات ، إما خيار الردع المحدود ، فهو تجنب الانزلاق إلى حرب مباشرة واحتمال توسعها ، وهذا ما تريده إيران ، لأن الأخيرة ترغب في ردع محدود ولا ترغب في عقوبات متصاعدة ، والهدف مما تريده أيضاً هو خلط الأوراق لكي تلفت أنظار العالم إلى حرائق أُخرى قد تظهر في جنوب لبنان وفي العراق - حماسة قادة الميليشيات الموالية لإيران بسرعة رحيل القوات الأمريكية لملأ فراغ القوة ليسهل العبث الإيراني - وربما تظهر حتى في سوريا واليمن ، الحرائق من هذا النوع تريدها إيران ، وهي ورقتها الأخيرة.

 

وإزاء هذه المفارقات الكائنة بين الردع المحسوب وبين العقوبات الاقتصادية المتصاعدة ، تظهر الحاجة إلى زيادة في منسوب الردع وزيادة في مستوى العقوبات وبما يتناسب ومستوى الرفض الشعبي الإيراني العارم.

 

ثانياً - الانسحاب العسكري الأمريكي وفراغ القوة :

التحولات المتصاعدة في واقع الانتفاضة الجماهيرية المتعاظمة هي في حقيقتها ( نضج في الشروط الذاتية للثورة ) بلغت أعلى درجات الصمود والثبات بحيث غيرت في مجرى ( الشروط الموضوعية ) للسياسات الأمريكية والعالمية ، ولولا هذه الحقيقة الشاخصة لما تغير منسوب التصعيد الأمريكي بضرب موقع الإرهاب في العراق ( قواعد الحشد في القائم وبلد وغيرهما ) ، ولما قتل قاسم سليماني وهو يخطط لقائمة من الإرهاب والتجريف الديمغرافي.

 

إن تغيير آليات الصراع في العمليات لا يعني تغيير الأهداف الاستراتيجية ولا يعني أيضاً أن الدعوة إلى توسيع نطاق الحرب في منطقة مزدحمة ومتشابة في المصالح ، هذا الأمر تدركه أمريكا لأغراض ( الاستنزاف ) وتدركه إيران وتستفيد منه لأغراض ( الاستفزاز ) ، والمعادلة تظل تراوح بين الاستنزاف الأمريكي والاستفزاز الإيراني ، وهي معادلة تنتج ردود أفعال مفاجئة وبروز احتمالات غاية في الخطورة إذا لم يقترب الحسم من أهدافه المرسومة بتجفيف سريع لمصادر الإرهاب أولاً والوصول إلى تحييد قوى الإرهاب وتفكيكها بمختلف الوسائل الممكنة.

 

الإنسحاب العسكري الأمريكي من العراق سيخلف فراغ القوة الرادعة ، والفراغ هذا ستملؤه - إذا تمكنت - عناصر الميليشيات التابعة لإيران وربما ستجد دعماً إيرانياً من منافذ حدودية قريبة من بغداد على وجه الخصوص ، على الرغم من أن الميليشيات الموالية لإيران حصراً قليلة العدد إلا أنها مسلحة تسليحاً أمريكياً وإيرانياً ، والأسلحة الأمريكية حصل عليها إرهابيوا ( داعش ) المدعومون من إيران خلال مخطط ( نوري المالكي ) الذي فتح لهم المعسكرات ومخازن الأسلحة والدروع والآليات والهاونات والراجمات والعتداد والبنوك .. إلخ ) لكي تسقط الموصل والأنبار وصلاح الدين تباعاً ، كما زودتهم إيران بأسلحة صاروخية وذخيرة وعاونتهم بتخزينها في العراق وفي شرق الفرات أيضاً ، فمن الصعب على القوات الأمريكية الانسحاب دون أن يسحب السلاح من الميليشيات ، وهو شرطها الأساس لاستقرار العراق وأمنه وأمن المنطقة برمتها - فمن يريد من الميليشيات الموالية لإيران أن يدافع عن إيران والولي الفقيه فليذهب ويدافع عنها في إيران ليثبتوا كونهم إيرانيون وبنزعهم للسلاح في العراق ليثبتوا أنهم عراقيون .. هذه المعادلة واضحة تقترن بموضوع ( السيادة ) و ( الانسحاب ) و ( فراغ القوة ) !!.

 

ثالثاً - العالم ما عاد يكترث بصراخ طهران :

حدثان مهمان كشفا للعالم طبيعة النظرة إلى العلاقات الكائنة بين أطراف العالم ونظام طهران وهما : مقتل سليماني ، وإسقاط الطائرة الأوكرانية ، فروسيا لم تكترث بمقتل سليماني والصين كذلك وأوربا والمنطقة العربية وغيرها .. أما إسقاط الطائرة الأوكرانية بصاروخ الحرس الإيراني ومحاولات النظام الفاشستي التنصل عن الجريمة ومن ثم الرضوخ للوقائع والحقائق المادية والقانونية ، التي ترتب الكثير من الاعتبارات ، ومنها : عدم اعتبار أجواء وجغرافية النظام الإيراني آمنة ، وفرض العزلة الملاحية على هذا النظام وتكبيده تكاليف سياسية وقانونية ومادية باهظة ، ستنتهي كما انتهت إليه كارثة ( لوكربي ) وبشكل حتمي.

 

ردود الأفعال الإيرانية لا تقوى على الصمود ، وهي تتآكل يوماً بعد آخر ، فليس بوسع إيران أن تلعب دور الند للند حيال قوة عظمى وإزاء دول العالم وقوى المجتمع الدولي ، إنما ستحرك ذيولها في العراق ولبنان وسوريا للاستفزاز والابتزاز ، لأن صاحب القرار الإيراني يدرك جيداً أن لعبة الأذرع الخفية ما عادت تنفع وبات العالم يدرك أن القرار في طهران هو في يد المرشد ( علي خامنئي ) وليس بيد البرلمان ولا في يد ظريف ولا حتى روحاني أو شمخاني أو آقاي خليفة سليماني ، فأي فعل إرهابي في العراق وخارجه مصدره إيران ويتحمل مسؤوليته الحرس الإيراني وآمره علي خامنئي حصراً.

 

النظام الإيراني هو نظام أيديولوجي ، أهم ما يهتم به هو أن يظل أتباعه وأذرعه وذيوله يؤمنون بـ ( قدراته الخارقة ) ، وإذا ضعفت القدرات للعيان أكثر ، وهي ضعيفة ومتهالكة الآن ، وإذا ما تلاشت ( القدسية ) حول المرشد الأعلى ، وهي في الحضيض الآن ، فإن هذا يرعب النظام الإيراني ويزعزع كيانه ويتركه يتخبط في هيستريا الفعل ورد الفعل ، وما إشعال أسوار وبوابة السفارة الأمريكية في بغداد وضرب قاعدة عين الأسد والحرير في العراق وإسقاط الطائرة الكرواتية ، إلا أدلة قاطعة على تلاشي القدرات الحقيقية للنظام الإيراني ، وتلاشي القدرات الاعتبارية ( المقدسة ) لهذا النظام ، وبالتالي سقوطه في لجة الفوضى أو موته سريرياً بات مؤكداً.

 

النظام الإيراني تمرس على الكذب والتضليل والمكابرة والغطرسة الفارغة للوصول إلى أهدافه وتمرير ما يريده في عناد أشبه بعناد ( البغال ) !!.

 

ومع كل هذا ، فإن النظام ، وبالرغم من كل جرائمه ، لم يُخِفْ أحداً وهو يمارس أُسلوب التخويف من ( قدرات ) صاروخية ومن قنبلة نووية من الصعب ولادتها في عالم منتبه للكوارث الإرهابية ، واستراتيجية التخويف هي جزء من سياسة الردع الإيرانية التي لا تقوم على أساس مادي حقيقي يكشفه ميدان الفعل ، والتي لا تخرج عن ( استفزاز ) مقابل ( استنزاف ) ليس باستطاعة إيران مجابهته.

 

في العراق وبصورة عامة وفي محافظات الجنوب التي كانت تعتبر معقلاً ليران ومعقلا لفصائل الحشد الشعبي ، باتت تطالب بخروج إيران ونفوذه السياسي والعسكري من العراق ، الأمر الذي جعل معاقل الحشد الشعبي تتصدع وقواعده تتفكك وعلاقاته تتآكل بفعل الانتفاضة الشعبية العارمة التي ترفض ، رغم القمع الوحشي ، الوجود الإيراني في العراق .. إنها ليست معادلة قوة في عراق معلول وهش ، إنما هي معادلة رفض التدخل الأجنبي ورفض الميليشيات الإيرانية ورفض سلاحها ، وقدرة الانتفاضة السلمية على فرض أسس الوطنية العراقية التي لا تتحمل المراوغة والمساومة أبداً.

 

مقتل النظام الإيراني هو بناؤه للقوة العسكرية العدوانية المفرطة على حساب اقتصاد ضعيف وغير انتاجي بمعنى التصنيع ، وهو اقتصاد يعتمد على مورد النفط ، فضلاً عن عامل أيديولوجية تصدير الثورة .. المعادلة هنا بين التسليح المفرط وبين إهمال الاقتصاد والتنمية والتنمية الاجتماعية ، أما اختلال التوازن في المعادلة بين السلاح والاقتصاد وأيديولوجية تصدير الثورة فقد زعزع أركان الداخل الإيراني ، وزعزع أركان المنطقة بأسرها ، وأنتج قوة شعبية مضاده لنهج ولاية الفقيه في الداخل الإيراني وخارجه .. فالقوة الشعبية الإيرانية ، والقوة الشعبية العراقية والعربية تصر وتؤكد عزمها على لجم القوة الميليشياوية الإيرانية في الخارج والداخل وإعادة الميزان إلى نصابه ، وربما إلى إسقاط النظام الثيوقراطي الفاشيستي في طهران ، وهذه الصورة تكاد أن تكون حتمية معروفة سقط جرائها الاتحاد السوفياتي ، تآكل النظام الإيراني المتسارع مع تصدع أعمدته الهشة في العراق ولبنان وسوريا واليمن سيعجل بصورة مؤكدة من انهيار النظام.

التفكك والانهيار والسقطة الكبرى في طهران مجرد وقت ليس إلا .. فعلى الذين يعولون ويعتمدون على ( قدرات ) النظام في دعمهم ، أن يعيدوا النظر في حساباتهم من جديد لصالح عائلاتهم وعشايرهم ووطنهم قبل فوات الآوان.

 

اللهم أني قد بلغت.





السبت ٢٢ جمادي الاولى ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٨ / كانون الثاني / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الرفيق الدكتور أبو الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة