شبكة ذي قار
عـاجـل










الاخوة والرفاق ممثلي الأحزاب والقوى الوطنية اللبنانية والهيئات النقابية
الأخوة والرفاق ممثلي فصائل الثورة الفلسطينية
الرفيقات والرفاق، الحضور الكريم

في كل مرة نلتقي أحياء للثلاثية التي نتظلل بهالتها، نجد أنفسنا أكثر انشداداً، إلى ما تنطوي كل واحدة منها على رمزية اعتبارية ، من إعلان انطلاق ثورة فلسطين إلى مشهدية استشهاد القائد صدام حسين والى ضم يوم الشهيد البعثي في لبنان إلى صدر هاتين المناسبتين.

قبل خمسة وخمسين عاماً، فُتحت بوابة التاريخ العربي أمام قادم إليها من أمة طال مخاضها عشرون عاماً ، حتى رأت مولودها الجديد ينطق في مهده ،ها أنا آتٍ إليك يا فلسطين على صهوة بندقية.

وقبل ثلاثة عشر عاماً، رنت الأنظار إلى مشهدية قلما وقفت البشرية على مثيلٍ لها، يوم وقف إنسان وفي أشد اللحظات حراجةًمعلناً وصيته الواجبة التنفيذ وقال قبل النطق بالشهادتين ،أوصيكم بفلسطين وعاشت فلسطين حرة عربية عاشت الأمة العربية.

وأن يختار هذا اليوم، يوماً للشهيد البعثي في لبنان، فلأن الشهداء أكرم منا جميعاً، وأفضل تكريم أن يكون يومهم ليس كسائر الأيام بل يوم التمييز بدلالاته النضالية، وهل هناك دلالات أهم من دلالة بدء الكفاح المسلح لتحرير فلسطين، ودلالة تجاوز الذات الإنسانية نحو الانصهار في الذات الوطنية للشعب والذات القومية للأمة.

أن نلتقي إحياءً لذكرى هذه الثلاثية التي تباعدت في امداءاتها الزمنية والتقت في يوم واحد ،فلأن ثورة فلسطين لا تجد نفسها إلا في حاضنتها القومية، وشخصية القائد الشهيد صدام حسين لم تجد نفسها واقفةً إلا على أرضية قضية فلسطين وهكذا هم شهداء البعث الذين هم شهداء فلسطين كما شهداء فلسطين هم شهداء الأمة.

إن مرور خمسة عقود ونصف على انطلاق الكفاح المسلح، لم يخمد جذوةالثورة الفلسطينية رغم ما تعرضت وتتعرض له من عدوان وتآمر وتخريب واستثمار سياسي رخيص لها ، بل بقيت مستمرة وتعبر عن نفسها كل مرةٍ بطلةٍجديدة وآخرها انتفاضتها المتواصلة.ومرور ثلاثة عشر عاماً على استشهاد القائد صدام حسين، لم يخمد جذوة المقاومة ولم يطفء نارها، بل بقيت شعلتها متوهجة، وهي كما أثمرت اندحاراً لقوات الاحتلال الأميركي ،فإنها تنتج اليوم ثورة شعبية عارمة ضد الاحتلال الإيراني وكل تغوله في مناحي الحياة العراقية.

ان قوافل الشهداء من البعث وكل القوى التي انخرطت وتنخرط في مواجهة قوى الاحتلال الأجنبي وأنظمة القمع والاستبداد يتواصل مرورها عبر محطاتها الكثيرة ،ومعركة الطيبة هي واحدة منها.ففي مثل يوم الاحتفاء بهذه الثلاثية منذ خمسة وخمسين سطر علي وعبد الله وفلاح شرف الدين ملحمة بطولية على تخوم فلسطين ، ثم اعادت إنتاج نفسها بعد عشرة أشهر في ملحمة كفركلا مع قائدها المناضل أبو علي حلاوي، وهما شكلتا محطتين عبرهما قطار الفعل الوطني المقاوم للاحتلال الصهيوني منذ انطلاقة الثورة في ال٦٥ومن معطى مقدماته، كانت استمراريته ،التي أثمرت تحريراً ناجزاً.

أيها الرفاق والرفيقات، أيها الأخوة والأخوات
إن المناسبة بعناوينها الثلاثة والتي نحييها اليوم، تتميز عن سابقاتها لأنها تعبر الزمن ،على وقع أحداث وتطورات هامة تعيشها أمتنا العربية في أكثر من ساحة،
إنه وقع انتفاضة جماهير فلسطين المتواصلة، والرفض الفلسطيني الشامل لما يسمى بصفقة القرن وهذه فرصة لتوفير أرضية سياسية لإعادة تموضع كافة القوى الوطنية الفلسطينية والمقاومة في إطار تمثيلي واحد اكتسب شرعية وطنية وعربية ودولية بتضحيات امتدت على مدى عقود ، وهي شرعية منظمة التحرير الفلسطينية وعلى الجميع أن ينضووا تحت لوائها بعيداً عن الفئويات القاتلة.

إنه وقع انتفاضة جماهير العراق ضد منظومة الفساد السياسي والإداري والاقتصادي وراعيها الإقليمي المتمثل بالنظام الإيراني، الذي امعن تخريباً من جراء تغوله في الواقع العراقي وسعيه لجعل العراق جرماً يدور في الفلك الإيراني.وأن تأخذ انتفاضة العراق بعدها الوطني من خلال إطلاقها شعار "إيران برا برا"، بغداد حرة حرة ،فهذا تأكيد أن شعب العراق بدأ يكتب الصفحة الثانية من مقاومته ضد محتليه التي بدأت بمقاومة الاحتلال الأميركي وتستمر اليوم في مواجهة المحتل الإيراني بكل أشكاله وتعبيراته.

إنه وقع انتفاضة شعب لبنان ضد منظومة سلطوية أدى فسادها السياسي والاقتصادي والمالي إلى جعل البلد يقف على حافة الانهيار الشامل.

هذه الانتفاضة تدخل العام الجديد بذات الإصرار على تحميل الكل السلطوي مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع، وهي إذ استطاعت أن تسقط رهان السلطة على تعب الجماهير ووهن ارادتها، فإنها استطاعت ايضاًان تحقق الإسقاط الأخلاقي لهذه المنظومة وهذه مقدمة لابد منها للإسقاط السياسي من خلال جعل قضايا الفساد المتعدد الأشكال في كافة مؤسسات المرفق العام واليآت الحكم قضية رأي عام ،وهذا ما لم يشهده لبنان منذ تأسست دولته لمئة سنة خلت.

إننا ننظر بأملٍ كبير لهذا الحراك الشعبي الذي تختلج به ساحتا لبنان والعراق، وهما إذ انطلقا في وقت واحد تقريباً، فلأن الأوضاع التي تشكلت في ظلها معطيات الانتفاضة هي متشابهة.ووجه التشابه ان البلدين يعانيان من أداء سلطة فاسدة ونهمةٍ

في سرقة المال العام وفي ارتهان لمواقع دولية وإقليمية في تحديد الخيارات السياسية ولو كان على حساب المصالح الوطنية للشعب.

إن الأهمية التي ينطوي عليها بُعد الحراك في لبنان والعراق وقبله في السودان واستمراريته في الجزائر، هو أنه أعاد الاعتبار للشارع العربي وحركة جماهيره في مواجهة نظم القمع والاستبداد والفساد، وأهميته تكمن ايضاً في كونه يجري في وقت تتعرض فيه الأمة العربية لهجوم عدواني دولي وإقليمي متعدد المواقع والمشارب لفرض أطباق على الواقع القومي من الشرق عبر المشروع الإيراني المجبول بالحقد الشعوبي ضد العروبة ومن الشمال عبر الدور التركي بعد تمادي تدخله في الشؤون العربية وتهديده الواضح والخطير للأمن القومي العربي بدءاً بسوريا ووصولاً إلى ليبيا.ان هذين الدورين باتا يبرران بعضهما بعضاًعلى حساب مصالح الأمة والأمن القومي العربي وهما إذ يتمددان تحت مظلة تفاهم دولي بركنيه الأميركي والروسي، فإن العدو الصهيوني يبرز كمستفيد أكبر من النتائج التي تترتب على تغول هذه الأدوار الإقليمية والدولية في الواقع العربي، وهذا ما يعطي أهمية مضافة لانتفاضات الجماهير العربية، انطلاقاً من إداركها ان الاستلاب الاجتماعي الذي عانت وتعاني منه، ليس إلا انعكاساً لحالة الاستلاب القومي، وهنا ترتبط ارتباطاً جدلياً قضية التحرر الاجتماعي بقضية التحرير الوطني، ولا يمكن للشعب أن يحقق أمناً اجتماعياً واقتصادياً ومعيشياً أن لم يحقق كل الشروط للأزمة لأمنه الوطني وهذا هو المدخل الصحيح للتغيير الشامل.

أيها الأخوة والأخوات، أيها الرفاق والرفيقات
إننا ونحن نقف على أبواب مرحلة جديدة من الصراع السياسي والاجتماعي في لبنان، نقول وليسمعنا الجميع، أن التثقيل الاقتصادي والاجتماعي للواقع اللبناني كما التثقيل السياسي هما اللذان أوصلا الوضع إلى مستوى الانفجار المعبر عنه بمشهدية الانتفاضةالتي وحدت الشرائح الشعبية على مضمون خطاب وطني عابر للطوائف والمناطق.

وإذا كان البعض يطلق على هذه الانتفاضة توصيف "الثورة"، فهذا التوصيف ينحصر في المفتاح المفصلي الكامن في الخطاب الوطني والذي لو قيض له أن يفتح الباب على مصراعيه للدخول إلى دار المواطنة، لوصلت الانتفاضة مستوى الثورة الكاملة الأوصاف لأنها حينئذٍ تكون قد فتحت الطريق لنقل لبنان من نظام المحاصصة إلى نظام المواطنة، ومن حكم منظومة الفساد إلى منظومة حكم الشفافية والحوكمة وحكم تطبيق معايير المساءلة والمحاسبة على الجميع بعيداً عن أية انتقائية، وكلن يعني كلن ، ونحن إذ نشدد على أن يبقى الضغط في الشارع قائماً وبالتعبيرات الديموقراطية فلأننا :

١ - نريد تأكيد حضور الدولة في كل المجالات والميادين، وأن تكون دولة رعاية وحماية اجتماعية، وليس دولة أمنية، أو دولة تتجاذبها قوى المحاصصة الطائفية.نريد دولة تكون صاحبة الحق الحصري في جعل الشرعية خيمة يتظلل بها الجميع، على قاعدة المساواة في المواطنة وفرض سيادة القانون.

٢ - نريد إسقاط النظام الطائفي وإقامة النظام الوطني الديموقراطي الذي تحكمه قواعد الفصل بين السلطات وتأكيد استقلالية السلطة القضائية بعيداً عن أية وصاية سياسية عليها.

٣ - نريد المصرف المركزي مؤسسة رقابية على المصارف الخاصة وليس محابياً لها ،وهي التي تحولت إلى لوبي يتحكم بالسياسة الاقتصادية وحمايةمصالح هذا القطاع على حساب مصالح الشعب الذي يدفع ظلماً تكاليف السياسة الاقتصادية وانعكاساتها الاجتماعيةللمنظومة السلطوية التي حمت الاقتصاد الريعي وخربت مقومات الاقتصاد الوطني الإنتاجي.

٤ - لأننا مع نظامٍ ضريبي عادل لتغذية واردات المالية العامة، لكن ليس على الطريقة العشوائية المعمول لها، والتي تحمل صغار المكلفين العبء الأكبر من الواردات الضريبية، فيما يبقى كبار المكلفين وحيتان المال يمارسون سياسة التهرب الضريبي ووضع يدهم على الاملاك العمومية والتمادي في نهب وسرقة المال العام.

إن تحقيق هذه العناوين الإصلاحية، لا يمكن أن يحصل في ظل سلطة تعيد إنتاج نفسها وأن تحت مسميات مختلفة، سواء سميت حكومة اللون الواحد أو المتعددة الألوان.أن هذا السلوك الحكومي لا يقارب المطالب التي رفعتها الجماهير في الساحات والميادين في مواجهة سلطة تشكلت استناداً قانون انتخابي هو الأسوأ ،وبالتالي لا يمكنها أن تحقق اصلاحاً لانه يناقض طبيعتها ،و لأن فاقد الشيء لا يعطيه.ولهذا فإن المدخل الفعلي لتحقيق الإصلاح الجدي هو بأحداث اختراق في بنية النظام السياسي ،وهذا لن يتم إلا بإعادة تكوين السلطة عبر الغاء الطائفية السياسية بدءاً من قانون انتخابي وطني وعادل وخارج القيد الطائفي، وهذا هو التشريع الأهم الذي يجب أن يتحقق كأولوية ،وإلا بدون ذلك فإن الدوران يبقى ضمن الحلقة المفرغة.

على هذا الأساس، نطالب بسن قانون انتخابي يكون من أولويات خطوات الحكومة ،لكن ليست تلك التي رافقتها التباسات التكليف والتأليف ،وهذا ليس لكونها تجاوزت الأصول الدستورية وحسب، بل لأن عملية التكليف والتأليف أن لم تأخذ المعطى الجديد الذي أفرزته الانتفاضة بعين الاعتبارفي إعادة تكوينها شكلاً وبرنامجاً ،فهذا سيكون التفافاً على الحقوق الشعبية المشروعة، ولهذا نرى أن التشكيل الحكومي تكليفاً وتأليفاً يجب أن يكون مستنداً إلى عملية سياسية جديدة تحاكي الانتفاضة بمشروعية مطالبها، وإلا فإنها لن تنال الثقة الشعبيةوستسقط في الشارع كما أسقطت سابقتها ومن هو على شاكلتها

أيها الرفاق والرفيقات، أيها الأخوة والأخوة
إن الشعب الذي انتفض على وقع اختلاجات البطون الخائرة والإجراءات الضريبية الجائرة، وعلى وقع الالام والأوجاع والموت على أبواب المستشفيات والتسرب المدرسي وانعدام فرص العمل والسكن، والفساد المستشري وتوفير الملاذات الآمنة للفاسدين وملاحقة كاشفي عمليات التزوير والاختلاس، ان هذا الشعب لن يرجع إلى الوراء من حيث وصل، وهو إذ يقف على أرضية موقف وطني و يتظاهر في الشوارع ويعتصم في الميادين، فلأنه يريد أن يعيش حياة حرة كريمة، ولهذا بات التغيير ضرورة، والشعب لم يعد لديه ما يخسره، لأنه خسر كل شيء ولم يعد يمتلك إلا إرادته وإصراره على إنتاج نظام سياسي جديد، تتوفر فيه كل شروط الأمان الاجتماعي والوطني مروراً بمرحلة انتقالية ،ولأجل ذلك ندعو لاستمرار الضغط السلمي من خلال الشارع ،لفرض معطى المرحلة الانتقالية، التي تنقل البلاد من نظام المحاصصة إلى نظام المواطنة،وعليه لتتوحد كافة قوى التغيير الوطني بمختلف طيفها السياسي والنقابي والاجتماعي لتأمين الرافعة السياسية لرؤيتها البرنامجية وجعلها قاعدة الارتكاز في برنامج وآليات الحكم.

في هذه المناسبة التي نوجه فيها التحية للانتفاضة الشعبية التي بدأت بكتابة مسيرة سياسية جديدة منذ انطلاقتها في السابع عشر من تشرين الأول ،والتي أفصحت عن نفسها في سياق النضال الجماهيري للتغيير ، وكان لتضحيات الشهداء الفضل الأساس في تحقيق الامتلاء التعبوي الذي انفجر طوفاناً شعبياً

على منظومة الحكم الفاسدة، في هذه المناسبة نقول :
نعم للحراك الشعبي بتعبيراته الديموقراطية في لبنان وكل ساحات الوطن العربي.
نعم للدولة المدنية الديموقراطية ولا للدولة الأمنية وحكم منظومات الفساد.
نعم لوحدة وطنية فلسطينية على قاعدة برنامج مقاوم متوجه نحو التحرير.
لا لصفقة القرن ولدعاة التطبيع ومروجيه من النظام الرسمي العربي.
لا للصهينة والأمركة ولاللتفريس والتتريك ،ولا للقواعد الأجنبية على الأرض العربية.

تحية لشهداء البعث في يوم تكريمهم، وتحية لكل الشهداء الذين سقطوا دفاعاً عن قضية لبنان الوطنية بما هي قضية تحرير وعدالة اجتماعية وديموقراطية حياة سياسية،
تحية لشهيد الحج الأكبر، شهيد البعث والعراق والأمة، الرفيق القائد صدام حسين وكل رفاقه الشهداء الذين سقطوا وهم يواجهون أعداء الامة المتعددي المواقع والمشارب.
تحية للانتفاضة الشعبية في العراق ولشهدائها و الشفاء للجرحى، والحرية للمعتقلين.
تحية لثورة فلسطين ومطلق رصاصتها الأولى القائد الشهيد ياسر عرفات ولشهدائها الذين رووا أرض فلسطين بدمائهم الذكية.
تحية لكم على مشاركتنا هذه الاحتفالية، وسنبقى على عهدنا، عهد الوفاء للشهداء، عهد الوفاء للقضية التي استشهد لأجلها المناضلون ، مرددين بصوت عال، من بغداد إلى بيروت، أمة واحدة مابتموت، ومن ساحة الشهداء إلى ساحة التحرير ستنتصر ارادة التغيير.

عشتم ، عاش لبنان ،عاش العراق ، عاشت فلسطين، عاشت الأمة العربية ،والسلام عليكم.

المحامي حسن بيان
رئيس حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي
في ٦ / ١ / ٢٠٢٠





الاثنين ١٠ جمادي الاولى ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٦ / كانون الثاني / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة