شبكة ذي قار
عـاجـل











۞ الجديد لا يعني المديات البعيدة لهذه الاستراتيجية .

۞ الجديد لا يعني الثابت في الاستراتيجية.

۞ الجديد يعني المتغير في المدى القصير لهذه الاستراتيجية.

 

هل طرأت على الاستراتيجية الأمريكية ، بعد تعديل بعض بنودها عام ٢٠٠٦ ، متغيرات أملتها تراكمات أحداث سياسية وأمنية من حقبة بوش الأب والابن وأوباما والراهن دونالد ترمب في ولايته الأولى ؟.

أحياناً ، يأتي الجديد في شكل مقترح من أحد أركان الإدارة الأمريكية ، أو أحد خبرائها في دوائر التفكير الاستراتيجي ، ومن سياسيين ومفكرين استراتيجيين يرون أن ( مقتضيات المصلحة الحيوية الأمريكية تستوجب الأخذ بمقترحاتهم ) ، والأمر مطروح لمدى القدرة على الموائمة بين النهج العام وبين اقحام المقترحات على خط التفاعل ، على وفق الظروف والمتغيرات الآنية ذات الدلالات التي تؤشر نمطاً معيناً قد يصب في المصلحة الأمريكية.

 

ملف تقسيم العراق مثلاً ، هو ملف ثابت ومتغير في آن واحد تبعاً لمعطيات واقع الصراع - فكلما كان الواقع قوياً رافضاً للملف تراجع الملف إلى الرفوف ، والعكس صحيح تماماً في ضوء معطيات الرفض الذي يعكسه الواقع بصرامة -.

 

كان رئيس مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي ( ليزلي غيلب ) - وهو ليس من المحافظين الجدد - قد اقترح قبل عام ٢٠٠٣ مقترحاً مفصلاً تحت عنوان ( حل الثلاث – دول ) أساسه الاستراتيجي تقسيم العراق من أجل ما يسمى ( تقوية الأكراد - تقوية الشيعة - إضعاف السنّة ).وتقسيم ساحة العراق الجيو - سياسية المهمة يتبعه تقسيم الساحة السعودية جيو – سياسياً ، لتتساقط تباعاً ساحات الخليج العربي من جهة ، ودول المشرق العربي من جهة ثانية ، وهو مقترح صهيوني بمشورة بريطانية.

 

إن صناع قرارات إدارة ( جورج بوش ) ومن له نفوذ وتأثير في تلك الإدارة وضعوا فكرة :

- احتلال العراق.

- ايجاد حلول للقضية الفلسطينية.

- معالجة الأزمة الديمغرافية الاسرائيلية الحادة.

 

- وتكريس ( اللااستقرار والفوضى كحاجة ضرورية لضمان استفراد الولايات المتحدة الأمريكية بمركز الدولة العظمى الوحيدة على أساس العقيدة الاستباقية في الفعل الخارجي ، لإشاعة الخوف والتخويف لحشد الرأي العام الأمريكي ، من خلال توأمة ( الإرهاب والسنة ) وتوأمة ( الإرهاب والوهابية ) ، واعتبار الشيعة الحليف ، والأخذ بالاعتبار أن اليهود سيصبحون أقلية في غضون بضع عقود ، الأمر الذي يؤدي إلى منع قيام دولة يهودية ).

 

كل ما تقدم ، وفي اطاره الاستراتيجي يتطلب كما يرى ( ليزلي غيلب ) أن يكون أحد أهم أركان استراتيجية أمريكا في المنطقة هو ( اللااستقرار ) والفوضى وإشعال نيران الحروب ، وقد أخذت إدارة بوش الابن عام ٢٠٠٢ وإدارات أمريكية أخرى لاحقة بهذا المرتكز الأساس للاستراتيجية الأمريكية في المنطقة على وجه الخصوص ، فالأهداف التي رسمتها إدارة بوش الابن هي في طبيعتها مترابطة تأخذ مجريات الأحداث تعاقبها الزمني والمرحلي ، فاحتلال العراق علم ٢٠٠٣ جاء في ظل تكريس استراتيجية ( اللااستقرار ) والفوضى.وتوغل إيران في العراق والمنطقة جاء في ظل الاستراتيجية الأمريكية وارتياح ( إسرائيل ) من ما تسميه بالحروب العربية - الاسرائيلية منذ عام ١٩٧٣ وتقسيم المقاومة الوطنية الفلسطينية على أساس القوى الإسلاموية ( حماس - والجهاد الإسلامي - وحزب الله - وحزب الأخوان المسلمين - وحزب الدعوة ) ، التي أضعفت نضال الشعب الفلسطيني بفعل الأداة الطائفية الفارسية والتكفيرية.

 

الاستقرار واللااستقرار في الاستراتيجية الأمريكية :

الاستقرار كانَ يُعَدُ الركيزة الأساسية للسياسة الأمريكية ، تبعاً لطبيعة النظم السياسية في الشرق الأوسط ، التي تعتبرها الإدارة الأمريكية عامل استقرار في المنطقة بغض النظر عن طبيعتها ، ما دام الاستقرار يحقق المصالح النفطية والاستراتيجية الأمريكية المهمة ، فيما بات اللااستقرار يمثل في المرحلة الراهنة الأداة المهمة والركيزة الأساس في هذه الاستراتيجية لتغيير أوضاع معينة أو عرقلة واقع معين ومنعه من التطور لضمان المصالح الأمريكية ، ولكن الهدف من كل هذا هو ضمان الأمن الإسرائيلي وإنهاء القضية الفلسطينية التي بدأت خطواتها باحتلال العراق وإسقاط نظامه الوطني.

 

ويشكل ( اللااستقرار ) في الاستراتيجية الأمريكية الراهنة مدخلاً للتعرض للأنظمة العربية في المنطقة تحت عنوان الإصلاحات والديمقراطية وحقوق الإنسان ، والهدف هو شرذمة المنطقة وليس إصلاحها وديمقرطتها ، إنما بات اللااستقرار مفهوماً للتشرذم والتفتيت من أجل وضع ثروات دول المنطقة النغطية تحت الوصاية الأمريكية وإرغامها على القبول بتصفية القضية الفلسطينية بطريقة ( المقايضة ) أو من خلال ما يسمى الواقع غير القادرين على تحمله أو تغييره.

 

تعتمد الإدارة الأمريكية في استراتيجيتها المرتبطة بمحاربة الإرهاب على مبدأ ( اللااستقرار ) والفوضى واقتناص التناقضات من أجل شرذمة دول المنطقة ، ولا يكترث ، في الحسابات الأمريكية ، جزء من صناع القرار بانعدام الثقة بسياساتها ، فيما يناور الجزء الآخر على مسألة تكريس الثقة وتعويل الشعوب على السياسة الأمريكية ، بانتظار أن تفرز هذا النهج ردود أفعال متطرفة تتغذى عليها سياسة محاربة الإرهاب المركزية ، وكل ذلك يرتبط بدائرة الخوف الذي يعزز الشد في الداخل الأمريكي.

 

وعلى هذا الأساس فإن ( محاربة الإرهاب ) هو الخط العام للاستراتيجية الأمريكية ، ويمثل ( العدو الدائم ) الجديد بدلاً من العدو الدائم القديم ممثلاً بالاتحاد السوفياتي الذي سقط نهاية عام ١٩٨٩.

 

إن تعديل جزء من الاستراتيجية الأمريكية يعطي الانطباع بأن الحرب وشيكة في المناطق الحساسة ومنها منطقة الشرق الأوسط ، وإن تخفيض التوتر بتخفيض القوات يعطي الانطباع أيضاً بأن الحرب بعيدة ، وإن احتلال العراق في الحسابات الأمريكية يُعَدُ الخطوة المهمة في مضمار التحولات الجذرية في المنطقة ، واللعب بـ ( مناقلة ) القوات لتغيير أنماط السياسات الإقليمية وغيرها قد يكون إخراجاً جديداً لسياسات قديمة ، فالسياسات تصنع في الولايات المتحدة ليس فقط في الغرف المغلقة لثلاثي ( البيت الأبيض – البنتاغون - ومجلس الأمن القومي - والخزانة الأمريكية ) ، إنما أيضاً عبر مراكز الفكر التي تبرز الأفكار والمقترحات والسينايوات التي تلامس مفترقات التعقيدات القائمة عند نطبيق الاستراتيجية الأمريكية قريبة المدى على أرض الواقع المتحرك ، الذي من الصعب حصره في إطار التوقعات.

 

مناقلات في القوات تحركها السياسة الأمريكية :

أولاً - أعلنت الولايات المتحدة سحب قواتها من سوريا ، ثم بعد حين ليس بعيداً ، تراجعت وأكدت عزمها على تخفيض قواتها خشية من فراغ القوة ، ثم عززت بعد ذلك قاعدتها في أربيل وقاعدتها في عين الأسد ونشرت قوات في السعودية ، الأمر الذي دفع مراكز التفكير إلى تحليل الموقف بأنه تحول باتجاه الفعل العسكري .. فيما كان الساسة الأمريكيون يشيرون سابقاً إلى عدم اكتراث السياسة الأمريكية بالشرق الأوسط وهي باتجاه الاستدارة نحو العمق الآسيوي لمواجهة الصين وكوريا الشمالية !!.

 

ثانياً - أعلنت أمريكا تعزيز قواتها في العراق بسحب بعض قواتها من شرق الفرات ، والنتيجة بعد ذلك هي تعزيز وجودها في قاعدتها في منطقة التنف على الحدود العراقية السورية الأردنية ، ثم جاء تعزيز القوات إلى القاعدة الأمريكية في عين الأسد في العراق وهي أكبر قاعدة من أربع قواعد استراتيجية ذات تكامل عملياتي فاعل في العراق.

 

ثالثاً - انتشار وحدات من قاعدتها في أربيل على مقربة من جبل حمرين ومناطق محاذية قريبة من الحدود العراقية الإيرانية.

 

رابعاً - القوات الأمريكية في العراق قد حددت عناصر القوة والنفوذ الإيرانية على مستوى مخازن السلاح وقواعد القوات ومقار التحشدات ومركز السيطرة والقيادات الخارجة عن سلطة الدولة استعداداً لإجهاضها إن تطلب الأمر ذلك في حال تعرض المصالح الأمريكية في العراق - جاء ذلك على لسان وزير الخارجية ووزير الدفاع ووكيله – وهي مصالح ( نفطية واستراتيجية ) على وجه التحديد.

 

خامساً - التهديد الإيراني بالإنابة في العراق لا قيمة له لسببين ، أولهما : يقظة الشعب العراقي العظيم بكل أطيافه التي اجهضت المشروع الإيراني من أساسه ، لأن مركب الشعب العراقي قد غادر السواقي الطائفية والإثنية الضيقة التي حُشِرَ فيها منذ عام ٢٠٠٣ على وجه الخصوص ، ومنذ عقود وعقود من السنين ، وثانيهما : إن العالم لم يعد يطيق التوسع الإيراني وتهديد مصالحه بالجملة حتى وأن تعاون النظام الفارسي لتهديم المنطقة وتدمير بناها التحتية إلى ( حدود معينة ) لا تشكل خطراً داهماً على المصالح الأمريكية الحيوية وعلى الأمن الإسرائيلي.

 

فليعلم السعوديون كم هو عظيم دور النظام الوطني الذي قاد الجيش العراقي الباسل وقواه الوطنية وأوقف الاجتياح الفارسي وهو في ذروة اندفاعته الطائفية نحو العراق والسعودية ودول الخليج العربي ، وكم هي عظيمة المقاومة الوطنية العراقي الباسلة حين أوقفت وعالجت الطاعون الطائفي قبل أن يعبر الحدود الى السعودية والكويت وباقي دول المشرق العربي ، حيث تكبد جيش العراق أكثر من مليون شهيد وتكبدت المقاومة الوطنية العراقية أكثر من نصف مليون شهيد ، فهل يفكر السعوديون بأن النظام الوطني الذي قاد الجيش وقاد المقاومة الوطنية ضد الاحتلال الفارسي دفاعاً عن العراق ودفاعاً عن السعودية والكويت على وجه الخصوص وهما في ذروة ضعفهما ؟ ، ومع ذلك نرى السعوديون يغضون النظر عما يكتبه كتابهم في الشرق الأوسط من إساءات مقصودة يتعمدون بمناسبة وغير مناسبه الطعن بنظام العراق الوطني.

 

المقاومة العراقية الباسلة مستمرة بأوجه مختلفة تناضل وتجاهد من أجل طرد النفوذ الإيراني من العراق ومنعه من عبور الحدود ، الأمر الذي أكسب الجماهير وجهاً كاسحاً في إفشال مخطط تقسيم العراق وعبور التقسيم إلى ساحات أُخرى عربية بمعول الطائفية الإيرانية ، فهل تدرك دول الخليج العربي معنى الدفاع في العمق استراتيجياً ؟.

 

ومن هنا ، فإن صفحة النفوذ الإيراني في العراق والمنطقة على وشك أن تطوى ، وبطيها بات الشعب العراقي على مفترق طرق خطير عليه أن يتوجس خطورته من وجود ألغام فارسية وألغام أمريكية وإسرائيلية وبريطانية وعثمانية وحتى عربية ، تراقب كلها عن كثب خطوات هذا العملاق الذي نهض في العراق يطالب باسترجاع وطنه المسروق وثرواته المنهوبة وحقوقه المسحوقة ، يطالب بحريته وانعتاقه وبوطن حقيقي يحمل هويته الوطنية والقومية التي لا بديل لها في حياته !!.





الاربعاء ٥ جمادي الاولى ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠١ / كانون الثاني / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الرفيق الدكتور أبو الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة