شبكة ذي قار
عـاجـل










سأضع نص تغريدة هذا الدعي الموسومة على حسابه في الفيس بوك يوم ٣ /٩/٢٠١٩:

((البعث حكمنا أكثر من ثلاثة عقود، ولما رحل ترك وراءه فوضى عارمة، وتخلف مريع، وفساد عريض، فلا الشعارات أثمرت، ولا الأمة توحدت، ولا الرسالة وصلت)) !! انتهى.

سنناقش نص التغريدة أولاً بمضمونها اللغوي والسياسي، فقد يكون ذلك مفيداً في تناول جوانب أخرى ميدانية، ووقائع بعيداً عن فوضى المواقف المتدرج، وردود الأفعال بين ما يأتي ممن لا يجيد كتابة عبارة صحيحة، وبين مدفوع الثمن، وبين حاقد تحركه نوازع ذاتية صرفة، وتقوده عقلية نربو بأنفسنا النزولَ لمستواها.

أولاً: البعث لم يرحل، بل واجه غزواً تقوده الولايات المتحدة وبريطانيا وإيران، إضافة إلى ما يزيد على ثلاثين دولة بجيوشها واقتصاداتها وإعلامها، وبهذا المعنى، فالبعث تعرض للذبح اغتيالاً وبطريقة إجرامية بشعة قذرة، لم يشهد لها تاريخ الدول والشعوب والأمم والأحزاب مثيلاً، والمؤكد أن (ابن توفيق جعله الله غير موفق) يعرف عدد شهداء البعث، ويحفظ أسماءهم وعناوينهم، ويعرف من بقي على قيد الحياة بإرادة الله، وماذا يفعل في العراق المحتل إلى هذه اللحظة. إذاً هذا عميل المخابرات البريطانية الإسلاموي قد جافى الحق والصدق في استخدامه تعبيراً لا يخطئ في استخدامه سياسي مثله.

ثانياً: بما أن البعث قد تعرض لغزو لذبحه ولقضاء عليه كما وصفنا آنفاً فإنه غير مسؤول لا سياسياً ولا شرعياً ولا أخلاقياً عن كل ما قام به الغزاة والمرتزقة الذين سنأتي إلى تحديدهم لاحقاً، ومنهم أسامة وحزبه، الغزو والاحتلال عمل إجرامي وباطل، وهذا الدعي الذي فقد البصر والبصيرة هنا أيضاً سقط سقطة مريعة حين حَمَّل البعث جرائم ارتكبها الغزاة، ونتائج غزوهم للبلاد، وكما جافى الحق والصدق في أولاً، فقد جافى تعاليم الإسلام الحنيف الذي يدعي أنه يمثله في شق طائفي بغيض.

ثالثاً: البعث لم يترك وراءه تخلف، بل ترك شيئين: الأول عراقاً فيه معالم تطور صناعي وزراعي وتعليمي وصحي، وازدهار اقتصادي غير مسبوق، وفيه قصور وفنادق وطرق مواصلات لم تكن موجودة قبل سلطة البعث، وتُكللها كلها سيادة قانون وسلطة دولة ونظام، وأما الشيء الثاني الذي تركه البعث بعد غزو لا مثيل له في تاريخ العالم ضد دولة واحدة، هو آثار سنوات الحصار الأربع عشرة الذي نفذته ذات الدول التي غزت العراق، وكان حزب العميل أسامة مع باقي أطراف الرذيلة شركاء في حصوله وفي إطالة أمده.

هنا أيضاً جافى الإسلاموي أسامة مبادئ وتعاليم الإسلام الحنيف في كونه قد كذب وزوَّر الحقائق التي لا تخفق في رؤيتها إلا عين كاره حاقد صاحب غرض حزبي سياسي ضيق بعيد عن الوطنية وقيم الإسلام الحنيف.

الفساد الذي حصل في دولة البعث وبنطاق ضيق كان سببه تداعيات الحصار، وليس سببه منهج البعث ولا عقيدته الوطنية القومية المؤمنة.

رابعاً: شعارات البعث أثمرت في تحقيق أعظم نهضة تنموية بشرية واقتصادية شهدها العراق والمنطقة برمتها، شعارات البعث أثمرت قرابة أربعة آلاف مصنع وشركة إنتاج عملاقة تنتشر في كل محافظات العراق، وتشمل تصنيع النفط استخراجاً وتصديراً، وتصنيع بتروكيماوي، وصناعة الحديد والصلب، وصناعات غذائية ونسيجية وإنشائية، وبوسع أي مهندس من مهندسي وزارة الدولة العراقية التي قادها البعث ومعه شرفاء وأخيار العراق أن يحدث العالم لأيام عدة بليلها ونهارها عن انجازات البعث في العراق، وشعارات البعث أثمرت في رد عدوان خميني الذي يعرف الدعي أسامة (الآن وبعد ذبح دولتنا الوطنية بقيادة البعث) ماذا يعني عدوان خميني. نحن نراهن إنه الآن يعرف معاني ونتائج قادسية العرب الثانية، حتى أكثر مما يعرفها البعثيون، وشعارات البعث أثمرت في خلق الإنسان العراقي الذي قاتل العدوان الإيراني الصهيوني الامبريالي منذ أمم البعث النفطَ عام ١٩٧٢ وإلى يوم ٩ أبريل ٢٠٠٣، حيث اضطرت أميركا لغزو العراق لتعيد احتكار النفط، ولتحافظ على أمن الكيان الصهيوني، وتتيح لإيران الفاجرة وأحزابها الطائفية من جهة ولحزب الإسلاموي أسامة من جهة أخرى فرصة تسلم سلطة الفساد والفوضى والإرهاب الخانعة الذليلة.

خامساً: لقد توحدت الأمة في قادسية صدام المجيدة -يا فاقد العقل والبصر-كما لو تتوحد من قبل، وتوحدت في علاقات التكامل متعدد الأغراض التي نجحت قيادة الدولة العراقية الوطنية في تأسيس أرضياته ضد كامب ديفيد، مثلاً حيث دافعت عن قدس الإسلام وفلسطين المسلمة، عندما كنت أنت ورفاقك تنامون ملء الجفون مع عشيقاتكم، وتتحسس أنوفكم روائح الخمور والمخدرات في الشوارع الخلفية لعواصم الدول، وتوحدت في تأسيس أكثر من تجمع عربي كانت أغراضه وحدة الأمة وخدمة شعبها بكل أطيافه وفسيفسائه متعدد الألوان التي تنشد عظمة الله سبحانه وتعالى.

ثم لنفترض ولأغراض الجدل العلمي فقط، أن الشعارات البعثية لم توحد .... أولستم أنتم أصحاب شعار الوحدة الإسلامية الذي طرحتموه (ولن نحدد هويته الحقيقية ووصفه الواقعي) قبل تأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي؟ فماذا تحقق من شعاركم المعادي للعروبة حاضنة القرآن، وسيف الفتوحات الإسلامية، وللوحدة العربية التي تبناها البعث لتوافر عوامل تحققها لغةً وحضارةً وثقافةً وتاريخاً وجغرافية؟ إن الذي تحقق من شعاركم هو غزو البلاد العربية واحتلالها، وغزو الجراد الفارسي الطائفي الذي تحالفتم معه ليقتل أهل السنة، اللذين تدعون تمثيلهم في الأنبار وصلاح الدين والموصل وبغداد وكركوك وديالى والبصرة وكربلاء، نعم تحالفتم من أجل أن تصلوا إلى سلطة يحكمها الاحتلال، ولتجمعوا أموال سحت حرام، ليقوم حليفكم بقتل أهلنا في محافظاتهم وينفذ برامجه في التغيير الطبوغرافي والإبادة الطائفية والنزوح والتهجير، فإذا كنتم تتهمون البعث بعدم تحقيق الشعارات، فأنتم لم تخفقوا فقط في تحقيق شعاراتكم بل أثبتم أنكم خونة وعملاء ومزقتم الوطن والشعب بالتعاون مع إيران والصهيونية وحاميتهما أميركا.

سادساً: رسالتنا وصلت، وعدم قدرتك على فهمها لا يعني أنها لم تصل، رسالتنا أمة عربية واحدة، ذات رسالة خالدة، ولو كنت أنت حامل شهادة دكتوراه فلسفة، ولو كنت تعرف المعنى العميق للإسلام، لما وقعت في هذه الحفرة من الوهم وسوء الفهم الذي يعبر عن غباء مفرط تمتلكه، رسالتنا هي حضارة عمرها سبعة آلاف سنة، رسالتنا هي كل رسالات السماء، التي نزلت على أرضنا العربية وحملها كتف العرب وظهرهم، وآخرها رسالة الختم الحنيفة المباركة، رسالة سيدنا محمد بن عبد الله العربي الهاشمي القرشي صلوات الله وسلامه عليه، ولدينا الكثير لنقوله لك هنا، لنُثقفك ولنخيط فمك أنت وحزبك العميل الخائن للعراق وللأمتين العربية والإسلامية في واقعة انضمامه لما سميت (معارضة)، وفي حقيقتها مجموعة جواسيس، جلبت للعراق الغزو والاحتلال والعملية المخابراتية التي سُمِّيت (سياسية) والتي أسسها الاحتلال.

الآن أيها العميل أسامة نقول لك:
نحن حزب علماني لا ندَّعي العصمة، نحن حزب شعب وأمة، أخطأ وأصاب في قضايا وضعية مادية سياسية حياتية.

لكنكم أخطأتم وأجرمتم بحق الله سبحانه، وبحق الإسلام الحنيف الذي تنتسبون له زوراً وبهتاناً، أجرمتم بحق العراق وشعبه، أخطأتم بل أجرمتم بانضمامكم إلى حلف الغزاة وإلى عمليتهم السياسية القذرة، بذريعة مضحكة مبكية هي أنكم تمثلون مصالح أهل السنة، وأنتم في الحقيقة لا تمثلون إلا أنفسكم، لقد كنتم وما زلتم من أسباب العدوان المدمر عليها، نفوساً وبيوتاً وممتلكات ومصير ومستقبل.

ونحن العلمانيون المؤمنون نتحداك أنت وحزبك وشركائك في العمالة أن تأتوا بكلمة أو عبارة أو نص من القرآن المجيد أو من السنة النبوية الشريفة يبيح لكم ويشرعن ما فعلتم وما اقترفت أيديكم وعقولكم المنحرفة المريضة من تعاون مع الغزو ومع عمليته السياسية المجرمة.

ننصحكم بالعودة إلى الله، والاعتراف بخطاياكم وجرائمكم وذنوبكم بحق العراق وشعبه، وبحق الدين وأهله، وليس بوسعكم أن تحققوا هكذا عودة إلا بالانسحاب فوراً من العملية السياسية، والاعتذار لشعب العراق، والالتحاق بمقاومةٍ تُحرره من الاحتلال المركب، ومن العملية السياسية التي جلبت الخراب والفوضى، وهي من سرق مصانعنا وهربها لإيران، ودمر طرقاتنا، وأحرق مزارعنا، وطمر أنهارنا، وزرع الفتن بين أضلعنا.

ونتمنى عليك أن تتذكر أن النفاق والتزوير والكذب والنوم على وسائد الخطيئة والتلفيق لن يجدي نفعاً، ولن يُكسبكم أحداً، ولن يعيد لكم ما خسرتم من احترام وتقدير من أعضائكم المنسحبين من تنظيماتكم وهم بالآلاف، ولا من الشعب الذي يراكم ذيلاً لإيران المجرمة الغازية المحتلة الطائفية، ولأمريكا والصهيونية.

السياسة .... أيها الدَّعي أسامة أفعال ومنتجات، وليست ثرثرة ورهان على أوضاع شاذة مخلوقة بإرادة ويد الأجنبي، وبقي أن نقول لك ولأمثالك: إنكم مع كل الأحزاب والمليشيات التي شاركت بالعملية السياسية الاحتلالية، ومنهم حزب الدعوة الإيراني وفيلق الغدر بدر والمجلس الاعلى للرذيلة الإيرانية وحزب الله العراق، وباقي جوقة الغدر بوطننا وشعبنا، قد التقيتم وعملتم معاً ولا زلتم بترتيب أنتم كحزب إسلاموي تشغلون المرتبة العاشرة في القرار، والأولى في التوظيف القذر لشرعنة العملية السياسية الاحتلالية، وكل ما أنتجته من موت وبؤس وشقاء وآلام وضياع.... وكان أَوْلَى بك قبل كتابة تغريدتك البائسة التي تسعى من ورائها التَّقرب لسيدكم قاسم سليماني أن تتحدث عن مأساة الموصل وجرائم الحشد الصفوي.... عيب عليك إن كنت رجلاً، عيب.





الثلاثاء ١٠ محرم ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٠ / أيلول / ٢٠١٩ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة