الميزة الأهم لثورة ١٧- ٣٠ تموز البعثية الوطنية التحررية الاشتراكية عام ١٩٦٨ هي النضج الثوري، المؤسس على تجارب البعث وقوى الأمة الحية، وانطلاقها من مسارات مرسومة واستراتيجيات محددة وخطط تكتيكية محددة في الخطوط العامة العريضة على الأقل، إن لم نقل في تفاصيل ما كان الثوار وثورتهم المجيدة يطمحون إلى إنجازه، وحيث إننا هنا في وارد التنوير وإضاءة اشراقات ما نعرفه وعايشناه من إيجابيات تحققت على الأرض، ولا يهمنا التوقف والاستدارة إلى طروحات أعداء تقليديين ومتجددين للثورة ورجالها، قبل إسقاط التجربة العربية العراقية الرائدة بقوة النار والحديد بحرب كونية سنة ٢٠٠٣، أو بعدها بديمومة العدوان الغاشم لدول الاحتلال، وتداخلات وافرازات حقبة الاحتلال الإجرامية الظلامية خاصة ونحن نحتفل بالذكرى الحادية والخمسين للثورة المجيدة، فإننا سنركز في مقالاتنا على إيجابيات الثورة روحاً وتطبيقاً ومن أول ما نعتبره سمة تاريخية لثورة تموز المباركة، هي أنها ثورة باسلة استمدت أنفاسها وشكلت كينونتها وصيرورتها من عقيدة حزب البعث العربي الاشتراكي السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ورؤاها الثورية المنبثقة من علم وبحث وتمحيص وتجارب حلوة ومرة لكيفية التعاطي مع ممكنات وضرورات تغيير الواقع العراقي، كجزء من الواقع العربي الذي يحمل كل عوامل التنوع والتشابه من تخلف وجهل وفقر وأمية واختراق للأمن الوطني والقومي، وسلب للخيرات والثروات.
ثورة ١٧ -٣٠ تموز عام ١٩٦٨ عمل ثوري جسور منظم، يستند على عقيدة الأمة الوحدوية التقدمية الاشتراكية التحررية، وتستمد كل توجهاتها وخططها ومفردات التغيير لخدمة الإنسان والوطن، تتفاعل بعمق عضوي وحيوية متواصلة مع تراث الأمة وحضارتها وإيمانها بكل تعبيراته التي حباها بها الله سبحانه، كانت الثورة عملاً علمياً جماعياً سمته الأهم أنه أبيض بلا دماء، بما لهذا النقاء من دلالات الانتقال بالعراق وعلاقات قواه الوطنية إلى مرحلة جديدة تدين الدم والدموية، وتفتح الطريق أمام الشعب وكل قواه الخيرة بالانتماء للثورة والتغييرات الثورية المخطط لها من قبل قيادة حزب البعث العربي الاشتراكي.
