شبكة ذي قار
عـاجـل










على الرغم من أن هناك أحداثا وملاحم جرت في بقعة معينة من الوطن العربي ، لكن امتد اشعاؤها ليضيء لنا على امتداد الوطن الكبير ، إما لأنها كانت دفاعا عن وجود ومصالح ومستقبل الأمة وبجهد مشترك ، أو أدت في نتائجها وانعكاساتها إلى حماية المصلحة القومية وتعميق التلاحم العربي فصارت معالم وأياما مشرقة في تاريخنا العربي نستلهم منها القيم والدروس ونتزود من تفصيلات مجرياتها بشحنات من العزم وتجدد فينا روح الوفاء والإقدام والتضحيات في معاركنا الراهنة في مواجهتنا لأعداء الأمة من قوى الشر والعدوان حماية لمصالح الأمة وخياراتها ودورها الرسالي الانساني.

برنامج أيام مشرقة في التاريخ العربي المعاصر يسلط الضوء على هذه الأحداث ويتناول بعدها القومي وتأثيراتها ودورها في التلاحم النضالي بين أبناء العروبة. من هذه الأيام الخالدة في تاريخنا العربي المعاصر:

ثورة 17 تموز المجيدة في العراق.
في صبيحة مثل هذا اليوم من العام 1968م استيقظ العراقيون والعرب والعالم وقد اشرقت على حياتهم شمس تمدهم بخيوط امل جديد وتبشرهم بمستقبل افضل. كانت تلك نسائم الحرية والعمل التي بثها البعث في الامة بسواعد كوكبة مؤمنة كرست كل حياتها ( جهدها وفكرها ) من اجل الامة العربية.

لقد كانت ثورة تموز التي فجرها البعث ينبوعا من العطاء والبذل في حياة الامة ووعدا صادقا من رجال مؤمنين بربهم وشعبهم وامتهم نحو مراق جديدة في خدمة ابناء

العراق والامة العربية وتاسيس قاعدة لنهضة عربية تسهم في كبح شهوة اعداء الامة من الاستعماريين والمستغلين والفاسدين والحاقدين واعوانهم الذين عاثوا فسادا ووقفوا حجر عثرة في وجه مقتضيات الحياة الكريمة لأمة العرب سنين طوالا. فما كان من رجال البعث وقادته الا التصدي الشجاع لذلك التدهور المريع في حياة العراقيين والعرب الذي كانت قوى الشر من امبرياليين وصهاينة وادواتهم تجرهم اليه جرا بعد ان زرعت الكيان الصهيوني في قلب الوطن وتهيأت لها من عوامل الوقوف في وجه الوحدة العربية كأكبر معرقل لخططهم لابقاء الامة العربية حبيسة الضعف ما يكفي لاخضاع العرب وعرقلة طموحهم في السير نحو حياة آمنة ومستقبل كريم.

وبالمقارنة مع ما كان يعيشه العراق والامة العربية من اوضاع سيئة على كل المستويات قبل ثورة تموز المجيدة يحق لنا ان نقول ان ثورة البعث في العراق قد انقذت فعلا العراقيين والعرب عندما قطعت تلك السلسلة من التدهور بثورة تتغذى من معين الايمان والوفاء البعثي.

وبنظرة سريعة يتكشف لنا عمق الدور الهائل الذي نهضت به ثورة تموز في نفض غبار الضعف والاستكانة الذي زرعه الاستعمار وقوى الشر وخيم في ارض العرب وجثم على كاهل ابنائها بسبب تراكم الكوارث والنكسات وتداعياتها من احباط نفسي وعجز عن الفعل وظلم اقتصادي نتج عن واقع حال العربي قبل تموز1968م فعراقيا تمظهر في ابرز صوره:

*/ جعل العراق وكرا للتجسس والمؤآمرات على العراقيين والامة العربية.
*/ نهب خيرات البلاد وحرم العراقيين من التمتع بثروتهم النفطية وادامة التخلف في العلاقات الاجتماعية وفي التعليم والصحة والصناعة والبنية التحتية وابقائه في ظروف البيئة المتعايشة مع التخلف.

*/ الحرص على صرف الانسان العراقي بعيدا عن تمثل عمقه الحضاري ودور العراق التاريخي في الحضارة والتطور وابعاده عن التطلع الى دوره الانساني. اما على مستوى الانسان العربي فقد كانت اهم الملامح السائدة:

1/ التآمر على اول وحدة عربية كان البعث من اهم صناعها واكبر المضحين من اجلها .
2/ العمل باستمرار في نهج التفتيت والتجزئة وتكريس الكيانات القطرية القائمة على النقيض من الوحدة وتغذية الروح والنعرات القطرية.
3/ المحاولات الدؤوبة لتوطين الهزيمة في الانسان العربي واستغلال نتائج النكسة في حزيران 1967م لتكريس الهوان والروح الانهزامية في ابناء العروبة وتثبيط هممهم وتخذيلهم.

اذن والحالة هذه فان قرار البعث بثورة تقطع ذلك التدحرج المريع في حياة العراقيين وابناء الامة العربية كان استجابة لمطلوبات وطنية وقومية وانسانية من ناحية ، وكان من ناحية اخرى خطوة اقتضتها ضرورات تخطي معطيات تلك المرحلة السيئة.

وانتشل البعث بثورته المجيدة في تموز العراقيين خاصة والانسان العربي بشكل عام من بين ركام الخنوع والتدهور ، ومد لهم بساط الامل والعمل والطموح فاشرأبت اعناقهم نحو العلا وأحيا فيهم روح الاجداد وسمو الرسالة الكبرى التي حملوها الى البشرية فاشرقت الدنيا بنور الحق بسواعدهم وايمانهم العميق وعزائمهم القوية على كل الخليقة. وقد افسحت الثورة للحياة كل مناحيها وفتحت الابواب مشرعة واعتبرت ان أولى مهماتها في احياء الدور الرسالي للامة هي خلق اهم الادوات الموصلة الى بداية صحيحة وجدية لهذه الرحلة وهو الانسان العربي الجديد .

وفي اطار الرؤية والمنهج الاستراتيجي للبعث فان امر انتشال العراق والامة ووضع ارجلهما على عتبة الطريق الصحيح كان في الحقيقة يمثل بل وينذر بمعركة كبيرة بكل المقاييس ستخوضها الامبريالية والصهيونية مع هكذا منحى وطموح الى نهضة هو امر غير مشروع بالنسبة للعرب. وكان لابد من اعداد العدة والعتاد اللازم لهذه المعركة الضارية مع قوى الاستعمار والشر وادواتها المحلية والاقليمية والدولية . وكما توقع قادة الثورة وتحسبوا بدأت الحرب على الثورة الوليدة منذ البداية وهي طرية العود وتوالت المؤامرات عليها تارة من داخل العراق واخرى من محيطه وثالثة من بعد . وكان لابد من الدفاع عن مشروع النهضة والتحدي والصمود في وجه تلك السلسلة المتواصلة من التآمر فاعدت الثورة للمعركة أدواتها الضرورية وفي المقدمة من ذلك الانسان العراقي اداة الثورة وغايتها فكان مشروع النهضة بالانسان اولا والسمو بروحه وافكاره وطموحاته المشروعة في التقدم واخذ فرصته بين الامم ( الانسان المؤمن بحقه وبدوره الحياة ).

ومع كل صمود يبديه العراق بقيادة البعث ومع كل تقدم يحققه كانت المؤآمرات تزداد حدة وشراسة وتتطور ادوات المعركة ضده ولكن كل ذلك صنع من البعث والعراق قوة متينة وقاعدة للتحرر ليس للعراق بل للعرب واصبح العراق في عهد البعث قلعة للحرية وسندا لكل الثوار المطالبين بحقوقهم المشروعة في الحياة الكريمة وحظي بحب واحترام وتقدير كل الخيرين في العالم.

ولانهم عاشوا الحياة الكريمة وشاهدوا الانجازات الكبرى في التنمية والبناء وولوج أفاق التطور في كل المجالات ولما رأوا من صدق واخلاص في قادة الثورة فقد التحم العراقيون بالعرب الشرفاء والخيرين في العالم في وجه المؤامرة على العراق الامر الذي دفع كل اعداء الانسانية تجميع كل ما لديهم من حقد وآلة تدمير وبقسوة لم يشهد التاريخ مثيلا لها فحطموا كل ما بنته الثورة من منجزات وخسر العرب والخيرون في العالم كما العراقيين خسارة جسيمة بتدمير تلك القاعدة العملاقة.

وصحيح ان تضحيات العراقيين في هذه الحرب الظالمة كانت باهظة في الارواح والدماء والممتلكات بملايين الشهداء والمعوقين والايتام والارامل واللاجئين والنازحين . ولكن حلف الاعداء ايضا تكبد خسائر فادحة بعشرات الآلاف من القتلى والجرحى والمعوقين النفسيين وتالفي الذاكرة والمجانين علاوة على الخسارة المالية المقدرة بترليونات الدولارات وهي خسارة ستظل هما ثقيلا على صدورهم سنين طوالا مهما كابروا وتنكروا .

اذن المعركة ضد البعث ومشروعه الحضاري لم تتوقف نتائجها المباشرة وغير المباشرة على البعث وثورته ومؤسساته فقط . بل كانت كارثة على مجمل المعانى السامية والقيم النبيلة التي تحتاجها البشرية جمعاء لتعيش حياة طبيعية. ويعيش العرب اليوم جنبا الى جنب مع العراقيين البؤس الذي نتج عن تخاذلهم في الدفاع عن عراق الثورة بل تآمرهم لاسقاط السلطة الوطنية في العراق . فاستعمرت العديد من اقطارهم واهينت كرامتهم وقيمهم واختلت مقومات امنهم تلك التي كان ينتخي البعثيون دفاعا عنها.

طريق العودة :
لا شك اننا وفي ظل هذه المعاناة التي يعيشها العرب اليوم نتيجة الموقف الخاطئ في معركة كانت مصيرية بالنسبة لهم ، فانهم بحاجة ملحة الى استدارة كاملة عن تلك المواقف الخاطئة وسلوك طريق العودة عن الهاوية وشروط هذه العودة:

*/ الاعتراف بالواقع الخطير الذي تمر به الامة العربية نتيجة غياب النظرة القومية في العلاقات العربية الدولية والاقليمية منذ الاختلال الذي احدثته الحرب العدوانية على العراق.

*/ الاقرار بفشل المعالجات القائمة على النظرة القطرية والمنفردة لقضايا الامة وبالتالي الحاجة الماسة الى ضرورة معالجة المشكلات التي تواجه الاقطار العربية بموقف جماعي ووفق نظرة قومية.

*/ التأكيد بان الاحتلال الاميركي الفارسي للعراق هو اساس البلوى التي عمت وطننا الكبير وان مفتاح استعادة الحرية للاجزاء المحتلة من الوطن العربي هو تحرير العراق من الاحتلالين ووضع حضوره وثقله وامكاناته المادية والبشرية وقواه المناضلة وعلى رأسها البعث المناضل في قلب ميدان المعركة القومية.

*/ ضرورة ان يعي الشباب بان الطريق المفضي الى وحدة النضال العربي طريق واحد وهو خوض نضال الوحدة والاستعداد للتضحية من اجل وجود الامة وسلامتها تلك التضحية التي كان البعث رائدها عندما قدم امثلة ما سبقه بها من احد في العصر الحديث وسجل في قائمة الشرف والفخر قوافل من قادته وكوادره يتقدمهم شهيد الحج الاكبر ورفاقه الميامين.

*/ الوقوف الصريح والدعم الكامل لمعركة تحرير العراق وتطهيره من دنس الاحتلال الفارسي التي تتصدى لها فصائل المقاومة العراقية الباسلة والبعث المجاهد بقيادة الرفيق المجاهد عزة ابراهيم الامين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي.

*/ على شباب الامة تبين ان التجربة وعبر الاثنتين وسبعين سنة الماضية قد اثبتت ان حزب البعث العربي الاشتراكي هو الحزب السياسي المؤهل على امتداد الوطن العربي

لربط النظرية بالعمل وهو الاقدر على قراءة مطالب الامة وهو الاكثر استعدادا للتضحية من اجل بناء نموذج وطني وفق منظور قومي وانساني صادق ولو على مساحة قطر واحد.

فليكن الشباب العربي هو صاحب المبادرة في استنهاض وتوفيرعوامل وشروط الوحدة التي تنقذ امتنا وتمكنها من الدفاع عن وجودها وبقائها. انها مهمة جيل هذه المرحلة الحرجة من ابناء الامة العربية ان يتوحدوا في وجه قوى الشر والعدوان والاستعمار الجديد الذي توحد لسلب الامة وجودها ومقدراتها وطموحها واهدافها في الوحدة والحرية والاشتراكية.

النصرفي ذكرى ثورة تموز للبعث العظيم والتحية لقيادته المناضلة ومقاومته الباسلة والمجد لشهدائه الاكرمين





الخميس ١٦ ذو القعــدة ١٤٤٠ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٨ / تمــوز / ٢٠١٩ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب مكتب الثقافة والاعلام القومي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة