شبكة ذي قار
عـاجـل










استغلت إيران وضع العراق بشكل خاص كممر لنقل الأموال المهربة بالعملات الصعبة في ما يسمى صفقات بورصة أو " مبيعات البنك المركزي العراقي" للعملات الصعبة التي كانت تستنزف ما متوسطه 350 إلى 600 مليون دولار يوميا في مبيعات المزادات للعملات الصعبة المستنزفة من البنك المركزي العراقي، مقابل الشراء الكاذب بتمرير أطنان من العملة الورقية العراقية المزورة التي كانت تطبع في لبنان ومطابع طهران لتبدل عبر حسابات بنكية لبنانية وعراقية وأردنية وحتى اسرائيلية، تعمل بواجهات عدة في عمليات استنزاف تصدير مليارات الدولارات من العراق إلى الخارج وخاصة لبنان وطهران.

كان أحمد ألجلبي مؤسس المؤتمر الوطني العراقي وزعيمه،أول من كشف رسميا تلك الصفقات، مما كلفه حياته حيث تم قتله مسموما مساء 3 تشرين الثاني / نوفمبر 2015 بعد ستة ساعات من شربه القهوة في بيت إبراهيم الجعفري الذي كان يفاوضه لثنيه عن طرح الموضوع في مجلس النواب وفضح الموضوع. ،وفور إعلان نبأ وفاة احمد ألجلبي، توالت التفسيرات الرابطة بين حالة وفاته المفاجئة مع ما كان يوشك على كشفه من تفاصيل حول ما اسماها " عصابات الدولار" التي حذر ألجلبي من مغبة التغاضي عن نشاطاتها في آخر لقاءاته المتلفزة التي باتت تقلق الإيرانيين وعملائهم في العراق.

وفي تلك المقابلة التي أجراها قبل شهر من وفاته، قال ألجلبي : ( إن الحملة الإعلامية ضده والتهديدات التي تعرض لها لن تمنعانه من [الوصول إلى مكامن الفساد وفضح العصابات] التي استأثرت بثروات الشعب، خاصاً بالذكر "عصابات الدولار"، وكان يقصد بهم [ بعض المتنفذين الموالين لنوري المالكي رئيس الحكومة السابق في البنك المركزي العراقي وبعض البنوك الأهلية] ) ، حسبما ورد في تلك المقابلة : ( الذين ربحوا أموالاً طائلة من خلال شرائهم الدولار بأسعار زهيدة، وتهريب مئات المليارات من الدولارات خارج البلاد، جنوا خلال ثلاثة أعوام 10 تريليون و880 مليار دينار عراقي على الأقل وفق الكشوفات التي وضع ألجلبي يده عليها وسلم نسخ منها إلى اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي ) .

كما كشفت اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب العراقي، أن 80 % من 312 مليار دولار باعها البنك المركزي خلال 12 عاماً، تم تهريبها إلى الخارج. وأوضح برهان المعموري عضو تلك اللجنة : ( أن المشاركين بمزاد بيع العملة، من مصارف وشركات، هدفهم الحصول على العملة الصعبة بسعر أقل؛ ليتم تهريبها خارج العراق، بعد تقديم مستندات تجارية مزورة ) . وأضاف المعموري ( إن سياسة البنك المركزي أدت إلى هدر كبير بالعملة الصعبة التي تدخل البلد نتيجة بيع النفط ) .ولفت المعموري ( إلى أن احتياطي البنك المركزي انخفض إلى أقل من 50 مليار دولار نتيجة هذه السياسة ) .

رغم كل المحاذير كان البنك المركزي العراقي يبيع إلى المصارف والشركات العراقية الدولار الأمريكي بسعر 1180 دينار مقابل الدولار الواحد، في حين يبلغ سعره بالأسواق ما يقارب 1300 دينار.

بعد وفاة احمد ألجلبي ظلت اللجنة المالية في البرلمان العراقي تثرثر ولا تفعل شيئا رغم ادعاءها : ( وتؤكد امتلاكها وثائق تضم شخصيات وجهات وشركات تقوم بعملية "غسل أموال" ) ، مبينة : ( إن البنك المركزي لم يتخذ أي إجراء تجاه هذه المصارف، إلا بعد الكشف عنها عبر جريدة ( المدى ) ) .

تقدر اللجنة المالية حجم الأموال المسربة إلى الخارج منذ 2006 بنحو 200 مليار دولار، مشيرة إلى تورط مصارف وشركات بهذه العمليات عبر 4 دول وبعدها تذهب تلك الأموال إلى جهات مجهولة. يقال ذلك رغم أن الجميع يعرف إن تلك الجهة المجهولة كانت إيران لا غيرها، حسب مئات الشهادات والأدلة على ذلك بدورها كشفت لجنة النزاهة البرلمانية، ( عن تعرضها لضغوطات سياسية لإيقاف التحقيقات بشأن عمليات غسل الأموال ) ، أكدت : ( أنها تحصل على ملفات الفساد عن طريق ( الفايبر ) بواسطة الموظفين والمواطنين بعد التعطيل المتعمد من قبل بعض مؤسسات الدولة ) .

صرح مسعود حيدر، عضو اللجنة المالية للبرلمان لـجريدة "المدى" : ( هناك الكثير من الوثائق الرسمية التي اطلعنا عليها كانت تعود للبنك المركزي وتتضمن تفاصيل حسابات بعض البنوك الأهلية التي منها مصارف الشرق الأوسط والهدى و أربيل ) . ويعلّق النائب عن كتلة التغيير الكردستانية عن دور هذه المصارف وأدائها قائلا : ( هذه المصارف كانت دكاكين، وليست مصارف أهلية، وكانت تعمل في مزاد العملة فقط ) . ويتابع عضو اللجنة المالية حديثه قائلا ا : ( إن إيرادات النفط العراقية منذ عام 2006 إلى 2014 بلغت 551 مليار دولار ) ، مبينا إن ( أكثر من 312 مليار دولار، من هذا المبلغ، تم تحويله خارج العراق تضاف إليه عمليات الاستيراد الحكومي التي تقدر بـ 115 مليار دولار طيلة السنوات الماضية ) .وأكد مسعود حيدر إن ( اللجنة المالية في مجلس النواب تمتلك ملفات واسعة ومفصلة عن عمليات غسل الأموال ) . ولفت إلى أن ( اللجنة المالية توصلت، من خلال هذه الوثائق والملفات التي حصلت عليها، إلى وجود اكبر عمليات تهريب للأموال طيلة السنوات الماضية التي تصل إلى أكثر من 200 مليار دولار ) .

ويتهم النائب الكردي ( مافيات منظمة تقف وراء عمليات غسل الأموال التي حصلت وتحصل للمال العراقي ) ، لافتا إلى أن ( الأموال تحول إلى الأردن وتركيا ولبنان والإمارات ) ، موضحا بأن ( هناك مبالغ كبيرة يتم تحويلها على شكل 20 دفعة، ثم بعد ذلك تختفي ) . ويقول عضو اللجنة المالية إن ( إدارة عمليات غسل الأموال كانت تتم باسم شركات وشخصيات وهمية ) ، مضيفا ( نتوقع ارتباطها بالمجاميع الإرهابية ) . ويؤكد إن ( اللجنة المالية تمتلك هذه الوثائق التي تتحدث عن تحركات هذه الشركات في البنك المركزي وداخل العراق وخارجه وسيتم الكشف عنها ) .

ويؤكد النائب مسعود حيدر إن ( البنك المركزي لم يتخذ أي إجراء تجاه هذه المصارف والشركات التي اثبت البنك ذاته مخالفتها إلى أن تمت إثارة الموضوع من قبل رئيس اللجنة أحمد ألجلبي ) ، مطالبا البنك المركزي ( بأخذ إجراءات صارمة على المصارف الأهلية ) . وكان البنك المركزي قد أقرّ، بالوثائق التي تناولتها مؤسسة المدى بشأن العملة الصعبة، لافتا إلى اتخاذه الإجراءات القانونية كافة بحق المصارف والشركات المخالفة بهذا الشأن. وبيّن البنك إن إجراءاته تضمنت إقامة دعاوى قضائية وفرض غرامات مالية كبيرة. قبلها أكدت لجنة النزاهة إن ( رئيس اللجنة المالية احمد ألجلبي سلّمها وثائق وطالبها بإجراء تحقيقات بشأن ملفات غسل الأموال ) ، مشيرة ( إلى أنها استجابت للطلب وبدأت بإجراء بعض التحقيقات ) .

يقول عادل نوري، المتحدث باسم لجنة النزاهة البرلمانية، إن ( لجنتنا حددت موعداً أولياً مع النائب أحمد ألجلبي قبل وفاته لمناقشة الملفات التي أرسلها ) ، مبيناً إن ( الموعد كان مقرراً أن يتم ً الثلاثاء قبل وفاته ) . وأضاف نوري، في تصريح لـ ( المدى ) ، ( إن "وفاة ألجلبي ألغت اللقاء مع لجنة النزاهة ) . ولفت إلى أن لجنة ( النزاهة البرلمانية استضافت مدير عمليات غسل الأموال في البنك المركزي الذي زوّدها بأرقام مخيفة تؤكد وجود عمليات غسل أموال". وأضاف المتحدث باسم اللجنة البرلمانية قائلا "هناك الكثير من الأمور كان من المفترض مناقشتها مع ألجلبي ،منها تشريع قوانين صارمة لمعالجة عمليات غسل الأموال وكذلك أسماء الشخصيات والشركات التي كانت تدير هذه العمليات". وتابع عادل نوري أن ( لجنة النزاهة حصلت على ملفات خطيرة تتحدث عن عمليات سرقة للمال العام وغسل أموال من خلال قيام بعض المصارف باعتماد أوراق مزوّرة للتلاعب بهذه الأموال وتهريبها خارج العراق ) . وكشف المتحدث باسم النزاهة البرلمانية إن ( أعضاء اللجنة يتعرضون إلى ضغوطات سياسية لإيقاف الكشف عن بعض الملفات المتضمنة عمليات غسل للأموال"، لكنه شدد على أن ( اللجنة مستمرة بفضح هذه الجهات مهما كلفها ذلك ) .

ويلفت عادل نوري إلى أن ( بعض مؤسسات الدولة كانت تعطل بطرق معينة تزويدنا بالملفات التي كنا نحتاجها لكن هناك ملفات عديدة تصل إلينا عن طريق ( الفايبر ) بواسطة موظفين ومواطنين"، مؤكداً "البدء بجمعها والتأكد من صحتها ومن ثم فتح التحقيقات بها ) .

رغم كل ذلك الدور الخياني القذر الذي لعبه احمد ألجلبي في التعاون مع الولايات المتحدة وإيران ضد العراق وكان سببا في وصول تلك المجموعات الشيعية المرتبطة وعملاء إيران إلى سدة الحكم بعد 2003احتلال العراق ، وكان حلمه في أن يحكم العراق، فحاربته إيران بضراوة في البداية؛ لأنه حسب موقفها منه يعتبر " صناعة أمريكية " فأعاقته من الوصول لمنصب رئيس الوزراء بتواطؤ أميركي واضح ومكشوف.

ولاحقاً وعندما اكتشف احمد ألجلبي أن أوراق اللعبة الداخلية في العراق أصبحت بالكامل بيد إيران خطب ودها وحاول استمالتها للوصول لبعض من أحلامه السياسية "العريضة" ، لكنه عاد واكتشف أن إيران لا تثق إلا بأدواتها التي تصنعها بنفسها، فانكفأ الرجل على نفسه واستسلم للقدر الإيراني. وحال اكتشافه عمليات التهريب الواسعة واستنزاف العملات الصعبة وتوجيهها نحو إيران لوح بفضحها والكشف عن المسئولين عنها فاصطدم بمعارضتها له وصولا إلى قرار تصفيته مسموما في عملية اغتيال مدبرة ومخططة، لكون الرجل لم يكن يعاني من أية أمراض أو عوارض صحية، ولذا سارعت عائلته إلى تكليف المعهد الطبي الأمريكي في نيويورك بتشخيص سبب الوفاة خاصة بعد أن سارعت الحكومة العراقية للقول في بيان رسمي ( إن سبب الوفاة هو نوبة قلبية ) . ولكن التقرير الأمريكي الذي سلم لابنته تمارا ألجلبي أشار إلى أن ( سبب الوفاة هو تناوله جرعة من السم دست له في القهوة قبل وفاته بست ساعات والتي أدت إلى مضاعفات وتخثر الدم الشديد ثم السكتة الدماغية ومن ثم السكتة القلبية والوفاة مباشرة ) . أما الجهات الرسمية العراقية والأمنية التي تسلمت نسخة من التقرير الأمريكي قامت بالتعتيم عليه ولم تتخذ أي إجراء جدي للتحقيق في الجريمة؛ بل على العكس أقفلت الملف واعتبرت الموت وفاة طبيعية حسب البيان الرسمي وحسب بيان رئيس مجلس النواب سليم الجبوري.

"عصابات الدولار"، ليست سرا، وليست عصابات مجهولة الأشخاص والمؤسسات والجهات الدولية التي تقف خلفها، فقد شخصها احمد ألجلبي بالأسماء والوقائع في تقاريره المقدمة إلى اللجنة البرلمانية التي كان يترأسها، كما أفصح عنها للصحافة في مقابلات تلفزية مسجلة. ولا يحتاج الإنسان إلى ذكاء خارق بأنه كان يقصد إيران وأدواتها في العراق وفي مقدمتهم نوري المالكي وعصاباته.

من ضمن تصريحات أحمد ألجلبي، رئيس اللجنة المالية في البرلمان العراقي ، في لقاء متلفز قبل وفاته ، أن ( العراق حصل على 551 مليار دولار من بيع النفط للفترة من 2006 إلى 2014، خصصت منها 115 مليار دولار لواردات رسمية، فيما تولى البنك المركزي بيع 312 مليار دولار للبنوك الأهلية ضمن مزاد بيع العملة ) .

نشر موقع سومر التفاصيل التالية عن تلك الوثائق تحت عنوان : [ألجلبي يفضح اثنين من أخطر سارقي أموال العراق قبل رحيله]، هما مدير مصرف الهدى ( حمد ياسر الموسوي ) ومدير مصرف الشرق الأوسط ( علي محمد غلام ) . حيث يشير احمد ألجلبي في الكتاب الذي بعثه إلى لجنة النزاهة تحت عنوان [المخالفات والفساد في مزاد العملة] بتاريخ 11 تشرين الأول 2015، ( نرفق لكم وثائق عن نتائج البحث الذي قامت به اللجنة المالية حول مزاد العملة، ونذكر احد البنوك [ بنك الهدى]، كمثل على المخالفات والجرائم التي ترتكب من قبل مجموعة من البنوك وأصحابها في مزاد العملة الأجنبية ) . والوثائق هي ( وثيقة مشتريات بنك الهدى من البنك المركزي بالدولار التي تبين الأشخاص والشركات التي اشترى باسمها الدولار من البنك المركزي لغرض الاستيراد، ووثيقة من مسجل الشركات تبين إن معظم هذه الشركات غير مسجلة لدى مسجل الشركات، ما يشير إلى أن هناك مخالفات وتزويرا في هذه العملية، ووثيقة مسجل الشركات تبين مؤسسي [شركة الطيب للتحويل المالي]، ومنهم السيد حمد ياسر، وهو الشخص الذي يدير [بنك الهدى] ويملك أسهما فيه ) .

يشير احمد ألجلبي إلى أنه ( عندما حول البنك المركزي مشتريات بنك الهدى من الدولار إلى مراسل بنك الهدى في الأردن بنك الإسكان الأردني طلب بنك الهدى من بنك الإسكان تسجيل هذه الأموال لحساب ثلاث شركات هي : أ‌- الطيب للتحويل المالي. ب‌- شركة عراقنا للتحويل المالي. ت‌- شركة المهج للتحويل المالي، وذلك حسب كشف حساب بنك الهدى لدى بنك الإسكان الذي حصلت عليه لجنتنا دون أن يكون هناك ذكر لأي من هذه الشركات عند شراء الدولار ) .

وأضاف احمد ألجلبي : ( يتضح من أعلاه إن السيد حمد ياسر محسن ( حمد الموسوي ) قام بشراء الدولار من البنك المركزي بوثائق مزورة وحوّلها لشركة يملكها ويتصرف بها بشكل كامل ) .

ووضح ألجلبي أن ( بنك الهدى قام بتحويل مبلغ 6.455.660.368 [ستة مليارات واربعمئة وخمسة وخمسين مليونا وستين ألفا وثلاثمائة وثمانية وستين دولارا] إلى حسابه في بنك الإسكان الأردني خلال سنوات 2012- 2013- 2014 والجزء الأول من سنة 2015، وحوّل من هذا المبلغ 5.787.999.397 ( خمسة مليارات وسبعمائة وسبعة وثمانين مليونا وتسعمائة وتسعة وتسعين ألفا وثلاثمائة وسبعة وتسعين دولارا ) إلى شركة الطيب في حسابها لدى بنك الإسكان الأردني، وقامت شركة الطيب بدورها بتحويل مبلغ 5.704.158.578 ( خمسة مليارات وسبعمائة وأربعة ملايين ومائة وثمانية وخمسين ألفا وخمسمائة وثمانية وسبعين دولارا ) إلى حساب شركة الكمال للصرافة في الأردن وهي شركة صرافة عادية التي قامت بدورها بتحويل هذه الأموال إلى مستفيدين، لا نعلم من هم، ولا نعلم كيف استخدموا هذه الأموال التي هي ثمن بيع النفط ملك الشعب العراقي ) . وطلب احمد ألجلبي في كتابه من هيئة النزاهة التحقيق في هذا الأمر، مقترحا أن ( تحصل هيئة النزاهة على نسخ من برقيات الـSwift التي أرسلها بنك الهدى إلى بنك الإسكان والبرقيات التي أرسلتها شركة الطيب إلى شركة الكمال في الأردن، وإذا وجدت هيئة النزاهة مانعا من مخاطبة هذه الشركات، لأنها شركات خاصة، فإنها تستطيع ذلك عن طريق البنك المركزي الذي يخوله القانون الحصول على كافة المعلومات عن حسابات البنوك العراقية في الخارج وعلى حسابات شركات التحويل المالي كذلك ) .

وأكد احمد ألجلبي أن اللجنة المالية البرلمانية ( حاولت لفترة طويلة الحصول على معلومات عن هذه الحسابات من البنك المركزي ولم توفق في الحصول على معلومات دقيقة، فإما جوبهت بعدم الرد او تزويدها بمعلومات كاذبة من شركات التحويل المالي ) ..
وبين أنه ( كمثال على ذلك أجاب البنك المركزي على طلبنا المعلومات حول حركة حساب شركة المهج للتحويل المالي لدى شركة الراوي للصرافة في الأردن، أجابنا البنك المركزي، وضمن جوابه برسائل من شركة الراوي وشركة المهج يقولون فيها أن ليس هناك تعاملا بينهم خلال سنة 2014، بينما حصلنا على جدول يبين أن هنالك على الأقل 53 معاملة بينهم مجموعها يبلغ 547.395.000 ( خمسمائة وسبعة وأربعين مليونا وثلاثمائة وخمسة وتسعين ألف دولار ) . ويلفت احمد ألجلبي إلى أن ( هناك معلومات تفصيلية لدينا حول تعاملات مصرف الشرق الأوسط لسنة 2012، حيث يتضح أن أصحاب الأسهم في المصرف وهم عائلة علي محمد غلام هم الذين استحوذوا على أسهم هذا المصرف عن طريق تحقيق الأرباح في مزاد العملة الأجنبية، واستعملوا شركة الندى للتحويل المالي التي يملكونها حسب شهادة مسجل الشركات للقيام بعمليات مشابهة لما ذكرناه أعلاه، وهناك أيضا أدلة على ان مصرف أربيل في سنة 2014 قام بعمليات مشابهة مع مصارف وشركات تحويل مالي عراقية وشركات صرافة في الأردن والامارت العربية المتحدة وتركيا ) .

منذ أن تسلم احمد ألجلبي رئاسة اللجنة المالية في البرلمان العراقي ركز على جمع المعلومات التي نشرها، وقد أربكت متابعاته الدقيقة الجميع لما تضمنته من أرقام فساد ضخمة، ركز بصورة ملفتة للنظر على قضايا الفساد المالي في الدولة العراقية، وتحديداً على فساد البنك المركزي وسياساته المالية التي وصفها بأنها كانت كارثية على الاقتصاد العراقي، وعلى الاحتياطي من العملة الصعبة، وبخاصة في الفترة من عام 2006 حتى أواخر حكم المالكي عام 2014.

وفي القضية التي أقامها على البنك المركزي العراقي قال احمد ألجلبي في إحدى جلسات القضية ( البنك المركزي باع من خلال مزاد العملة في الفترة ما بين 2006- 2014 ما قيمته 312 ملياراً و750 مليوناً و598 ألف دولار أي ما يعادل 57% من مجموع واردات النفط البالغة 551 ملياراً و749 مليوناً و957 ألفاً و142 دولاراً ) .

وقبل وفاته بشهر، قال احمد ألجلبي في تصريحات له لوسائل إعلام عراقية وعالمية : ( إن الحملة الإعلامية ضده والتهديدات التي تعرض لها لن تمنعانه من 'الوصول إلى مكامن الفساد وفضح العصابات التي استأثرت بثروات الشعب، خاصاً بالذكر [عصابات الدولار] ) ، وكان يقصد بهم بعض المتنفذين الموالين لنوري المالكي في البنك المركزي العراقي، وبعض البنوك الخاصة ، حسبما ورد في المقابلة، والذين ربحوا أموالاً طائلة من خلال شرائهم الدولار بأسعار زهيدة وتهريب مئات المليارات من الدولارات خارج البلاد، حيث جنوا خلال ثلاثة أعوام 10 تريليون و880 مليار دينار عراقي وذلك وفق الكشوفات التي وضع يده عليها وسلم نسخا منها إلى اللجنة المالية في مجلس النواب.

كما وضع احمد ألجلبي يديه على وثائق تدين فساد [عصابة الدولار] التي هي عصابة تابعة لنوري المالكي، حيث كشفت وثائق سربها احمد ألجلبي قبل وفاته ( أن حمد ياسر محسن، المرشح عن ائتلاف دولة القانون بالتسلسل 122 قام بشراء الدولار من البنك المركزي بوثائق مزورة وحوّلها لشركة يملكها ويتصرف بها بشكل كامل ) . وكشفت تلك الوثائق أيضاً ( أن بنك الهدى قام بتحويل مبلغ ستة مليارات وأربعمائة وخمسة وخمسين مليوناً وستين ألفاً وثلاثمائة وثمانية وستين دولاراً إلى حسابه في أحد البنوك في دولة عربية خلال الأعوام 2012 – و2013 و 2014 والجزء الأول من سنة 2015 وحوّل من هذا المبلغ خمسة مليارات و778 مليون و99 ألف و397 دولاراً، إلى شركة " الطيب " في حسابها لدى البنك المشار إليه، وقامت شركة "الطيب" بدورها بتحويل مبلغ 578.158.704.5 إلى حساب شركة صرافة محلية في تلك الدولة و التي قامت بدورها بتحويل هذه الأموال إلى مستفيدين مجهولين ) .

يعتقد كثيرون أن هذا الملف هو الذي تسبب في قتل احمد ألجلبي وتصفيته، مغدورا بالسم، والذي ربما كاد أن [يقتل] هوشيار زيباري وزير المالية، الذي تفاجأ بحملة منظمة عليه لسحب الثقة منه في البرلمان، بعد أن بدأ بمتابعة ملفات احمد ألجلبي. ووفق وسائل إعلام عراقية فقد كشف زيباري خلال تلك الفترة عن قيام شخص بإخراج أكثر من 6 مليارات دولار من العراق لحساب خاص به في أحد البنوك العربية. وقال زيباري إن لديه وثائق تثبت قيام هذا الشخص بإخراج 6 مليارات و455 مليون دولار.
والمعلومات تشير إلى أن الشخص المعني، هو احد التجار المقربين من نوري المالكي. وتشير المعلومات إلى أن الشخص الذي قصده زيباري يمكن أن يكون حمد الموسوي، حيث أثيرت حوله شكوك بهذا الصدد سابقاً. كما أن الشخص الذي ركز عليه احمد ألجلبي في حملته في فضح الفساد في تعاملات البنك المركزي العراقي هو حمد الموسوي وارتباطاته بلجنة مزاد البنك المركزي .

فحسب موقع سومر نيوز في 11 / 11 / 2015 : هناك تفاصيل عن علاقة [غامضة ومثيرة] بين حمد الموسوي ولجنة مزاد البنك المركزي ( كشفت مصادر مسئولة في البنك المركزي العراقي، عن ما وصفته [علاقة مشبوهة] بين حمد ياسر الموسوي، مدير مصرف الهدى التجاري من جهة، والبنك المركزي ولجنة المزاد فيه من جهة اخرى. وحسب المصادر لـ ( سومر نيوز ) ، إن ( حمد الموسوي أعلن يوم 4 تشرين الثاني / نوفمبر 2015 ، عن فتحه أبواب المصرف لغاية الساعة 8 مساء لتسلم العملة العراقية وتسليم فوري للعملة الصعبة في عمان عبر صرافة الماسة وصرافة بغداد في العاصمة الأردنية، وبسعر متدني قياساً بسعر الصرف ذلك اليوم ) . وأضافت المصادر إن ( هذه العملية المشبوهة أربكت سوق بيع العملة، وانعكست سلبا على أوضاع التجار الذين يعملون على استقرار السوق وسعر صرف الدينار العراقي ) ، مشيرة إلى أن العملية ( مغالطة تعتبر للقياسات المتعامل بها وفق تعليمات البنك المركزي العراقي ) . وأوضحت إن ( هذا الحدث أثار شكوكا حول إدارة البنك المركزي ولجنة المزاد العلني فيه والتي لم تمنع مصرف الهدى من دخول المزاد العلني اليومي، وضمنت حصته بشكل مستمر بعدم استبعاده عن المزاد إلا ما ندر"، لافتة إلى أن ( لجنة مزاد البنك المركزي تعطي أفضلية واضحة لمصرف الهدى، لم يحظَ بها أي مصرف عراقي آخر ) .

وأشارت المصادر إلى أن ( حمد الموسوي يطلع بشكل شبه يومي على أسرار المركزي وتعليماته الخاصة ) ، موضحة أن ( بعض المسئولين في البنك يقومون بتسريبها لصاحب مصرف الهدى حمد الموسوي ) . ولفتت المصادر أيضا إلى أن : ( اجتماعا مشبوها جمع حمد الموسوي، برفقة ابو رامي، صاحب مكتب صرافة بغداد ، مع لجنة المزاد في المركزي العراقي، والتي أبلغت الرجلين بكتاب عاجل سيردهما من محافظ البنك، وان عليهما تنفيذ التعليمات الواردة فيه ) ، مؤكدة أنها ( وثقت هذا الاجتماع بالصورة والصوت وإنها ستكشف عنه لاحقا ) .

يشار في هذا الصدد إلى أن احمد ألجلبي رئيس اللجنة المالية البرلمانية عمل قبل وفاته، على فضح مدير مصرف الهدى حمد الموسوي ووصفه بـ ( أخطر سارق للأموال العراقية ) . وكشف مصدر نيابي مسئول لـ ( سومر نيوز ) ، ، ( عن شراء مصرف الهدى مبلغاً قدره يزيد عن خمسة مليارات دولار من البنك المركزي بفواتير [مزورة] وبأسماء أشخاص "متوفين حديثاً" ) .

وقد رد بيان البنك المركزي العراقي بجملة إجراءات شكلية ولفظية لإسكات حملة احمد ألجلبي وفضحه لوكلاء إيران، وفي مقدمتهم نوري المالكي والبنوك التي تورطت بكبرى الصفقات في تحويلات العملة وتهريبها .

والجدير بالذكر، أن بيان البنك المركزي العراقي يأتي بعد يومين من نشر وثائق رسمية من اللجنة المالية في البرلمان العراقي عن عمليات تهريب منظمة لمليارات الدولارات جرت عبر مزاد بيع العملة الصعبة لعدد من المصارف والشركات المالية بين 2006 و2014 ، حينما كان نوري المالكي رئيسا للوزراء. تضمنت إحدى الوثائق بتاريخ 8 أكتوبر / تشرين الأول الماضي، والموجهة من اللجنة المالية في البرلمان العراقي إلى رئيس "هيئة النزاهة" قيام بنك الهدى -وهو مصرف محلي- بشراء العملة الصعبة من البنك المركزي للأعوام 2012، 2013، 2014 باستخدام وثائق مزورة, وقد جرى تحويل نحو 6.5 مليارات دولار إلى بنوك وشركات في الأردن.

اضطر البنك المركزي العراقي إلى الإعلان انه : ( بدأ التحقيق في وثائق تورد أسماء بنك الإسكان وشركتي الكمال والراوي للصرافة في الأردن ضمن ملف تهريب بنك الهدى لــ 6,5 مليار دولار ) و ( عن اتخاذه سلسلة إجراءات قانونية بحق المصارف والزبائن المخالفين للتعليمات الخاصة بمزاد بيع العملة الصعبة ما بين عامي 2012 و2014، خلال ترؤس نوري المالكي الحكومة السابقة ) . وقال البنك في بيان ( من بين تلك الإجراءات، إقامة الدعاوى لدى المحاكم العراقية، إضافة إلى فرض غرامات مالية كبيرة ويجري تحصيلها حاليا"، مشيرًا إلى أن "فرق تدقيق البنك مستمرة بالعمل بهذا المجال مع التنسيق وإعلام الجهات القضائية المختصة بالمخالفات أو بقيم المبالغ المتحصلة لهذا الغرض ) .

والحقيقة التي لا يمكن تغطيتها هي أن إيران تواجه مصاعب كبيرة في الحصول على الدولار، بعد تطبيق العقوبات الأميركية عليها، وحرمانها من استخدام هذه العملة في تعاملاتها الدولية؛ لذلك تقوم الإستراتيجية الإيرانية على ضخ عملة عراقية مزيفة، بكميات كبيرة، إلى أسواق العراق، والدفع باتجاه زيادة الطلب على الدولار الأميركي، من قبل متعاملين محليين.

وما لم يتمكن العراق من التصدي لعمليات تهريب الدينار العراقي المزيف إلى داخل أراضيه، فإن هذه الإستراتيجية الإيرانية ستؤدي إلى إجبار البنك المركزي العراقي، على ضخ كميات مضاعفة من الدولار إلى أسواق البلاد، للحفاظ على قيمة العملة المحلية، ما يتيح سيولة دولارية أكبر، يمكن لاحقا تهريبها إلى إيران، لتوفير حاجتها من العملة الأميركية.

انتهى القسم الثاني ويتبعه القسم الثالث وللمقالة مراجع وإحالات وهوامش





الاثنين ٢٨ شــوال ١٤٤٠ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠١ / تمــوز / ٢٠١٩ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ا.د. عبد الكاظم العبودي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة