شبكة ذي قار
عـاجـل










بداية يستغرب المراقبون انه على غير العادة في تاريخ الأحزاب الشيوعية في البلدان العربية في مواقفهم تقسيم شعوب الأمة العربية التي كانوا يرون فيها بسخرية منظرهم السوفيتي السابق سوسلوف أنها " امة في مرحلة التكوين" .


جاء البيان الأخير الصادر من بيروت بتاريخ 20/21 حزيران 2019 ليفضح النفاق السياسي لهم بالظهور بمسمى جديد عنوانه [ لقاء الأحزاب الشيوعية العربية]، وهو إقرار عروبي جديد ،لا سابقة له في مسميات الأنشطة الشيوعية السابقة ، فجأة باتت من خلال هذا البيان " أحزاب شيوعية عربية" تعترف بذلك المسمى لأول مرة.


هذه الأحزاب بكل مسمياتها ذات المناحي القطرية وحتى الفئوية، التي اجتمعت بكل تناقضاتها ببيروت هذا الأسبوع، يجمعها رابط وهاجس معين هو الاستجابة لما تريده سلطة ولاية الفقيه بطهران وفرع ولايته ببيروت ، لإصدار بيان سياسي، حملت جل فقراته عبارات تشم منها الموقف الانتهازي وعمى المواقف وانعدام البصيرة وتجاهل مسببات وجوهر الظروف التي تمر بها عامة البلدان العربية ، وخاصة المشرق العربي، وما البيان في مجمل تفاصيله وسرده الممل الا لمجرد الاستهلاك المحلي.


وبدلا من مراجعة شجاعة لنقد موقف الشيوعيين العرب أنفسهم وتخاذلهم من قضايا النضال العربي وخاصة في أقطار سوريا والعراق ولبنان، وما الحق بهم في هذا اللقاء من ملاحق وزوائد [ حزيبات شيوعية جديدة كارتونية في البحرين والكويت]، نجد أن هاجس البيان بمجمله يحمل مزايدة لفظية فارغة من القضية الفلسطينية حيث احتل مؤتمر المنامة الأخير مساحة كبيرة من البيان، وكأن قضية مشروع صفقة القرن اكتشاف لهم ليفضحوه كما فضح أسلافهم البلاشفة الروس قبل قرابة قرن اتفاقيات سايكس بيكو. يقينا إن هناك فرق كبير بين بلاشفة لينين ومناشفة حميد مجيد وأيتام خالد بكداش وشراذم الحزبين الشيوعيين في فلسطين والأردن وما آل إليه وضع الحزب الشيوعي اللبناني، وما التحق بهم من شيوعي البحرين والكويت في هذا الاجتماع ببيروت.


لا فرق البتة بين بيانات المؤتمر القومي العربي لصاحبة معن بشور وبطانته وبيان الأحزاب الشيوعية العربية، فكلاهما يعقد تحت حماية مليشيات حزب الله اللبناني، ومن كواليسه وخيمته تملى على فقرات البيان المعلن عن ذلك اللقاء ما تريده طهران تحديدا.


إن تغافل جرائم النظام الإيراني في تمزيق بلدان عربية يحضر منها ثلاث أحزاب شيوعية هي: العراقي والسوري واللبناني، وكأن الهاجس الوحيد لهم في ثنايا هذا البيان هو الدفاع بالوكالة عن مواقف إيران ودورها، والحديث عن مظلوميتها أمام الامبريالية والشيطان الأكبر، وهم يعلمون حق العلم والمعرفة إن إيران باتت تفرض نفوذها واستبداد مليشيات الحرس الثوري على أربعة بلدان عربية بمطلق التصرف تدمرها وتعيث بها المليشيات الطائفية الإرهابية.


وقد بلغت عصابة شيوعية قادها حميد مجيد موسى ورائد فهمي وجاسم الحلفي أن أصبح الحزب الشيوعي العراقي احد أحصنة طروادة في غزو واحتلال العراق وانتهى ليكون احد دكاكين سرايا السلام وبطانة من بطانات الفساد لمقتده الصدر في العراق .


إن البيان الصادر عن هذا اللقاء يتباكى على النازحين العرب، مركزا على الفلسطينيين، بدموع التماسيح ، في الوقت الذي تجاهل مأساة الملايين من نازحي العراق وسوريا ، وتجاهل سبب مأساتهم كما تجاهل استمرار احتلال العراق والنفوذ الإيراني بموافقة ضمنية صريحة من قيادة حزب شيوعي عراقي يجلس في مقدمة الحاضرين بلقاء بيروت الأخير. ولولا تخلصهم من بطانتهم الشيوعية الكردية الانفصالية المعروفة لما تجرأ هذا اللقاء الشيوعي ان يسمي نفسه هذه المرة [ لقاء الأحزاب الشيوعية العربية] .


لا ندخل في تفاصيل ديباجة البيان المعلن ومقدمته وكثير من فقراته الخالية من أي مضمون فكري أو نضالي، لكونها باتت كليشيات وعبارات من لغة الخشب الذي أكلته السوسة والأرضة، وقد عفا الله عليها والزمن، وهي تكرار ممجوج لما قراناه في مثل هذه المناسبات منذ قرابة ستة عقود.


فالرأسمالية التي تلفظ أنفاسها، حسب البيانات الشيوعية، وسقوط الاستعمار القديم - الجديد يجري تجاهلهما هذه المرة، بتغيير اللافتة المضللة بتكرار مصطلحات " النيوليبرالية" وما يسمى "السياسات النيولبيرالية"، التي أتاحت لبعض الشيوعيين العرب التواجد في المنطقة الخضراء والجلوس مع الأمريكيين وحتى الإسرائيليين، ومنهم من يباركون سلطات الغزو والاحتلال، ويمارسون الديمقراطية المضللة بالتحالف مع اعتي القوى الظلامية والاسلاموية، على حساب حقوق الكادحين والمعدمين وملايين المشردين ؛ بل إن الفخر بات ديدنهم وهم يجلسون ليل نهار مع قوى الاحتلال لبلدانهم وفي مقدمتهم قادة إيران ووكلائها في المنطقة .


لقد تكررت عبارة نقد إدارة ترامب من خلال الدفاع عن فنزويلا وإيران لغاية في نفس اليعاقبة الجدد الذين يتناسون أن يد الاحتلال الأمريكي ليست وحدها تعمل في المنطقة فهناك حلفاءه، وبسكوت روسيا والصين، كلها تنال من استقلال اكثر البلدان العربية خاصة التي حضرت منها تلك الأحزاب الشيوعية في هذا اللقاء.


إن مربط الفرس في هذا البيان لا يحتاج إلى مبررات تضمينه ما ورد فيه على حساب تغييب قضايا اخرى، هي الأهم والأجدى في التناول . أما الإدانة من مثل: ( تدين الأحزاب الشيوعية العربية الاعتداءات والحروب والاحتلال والعقوبات التي تمارسها الولايات المتحدة والكيان الصهيوني وتركيا وحلفائهم ضد كل شعوب المنطقة، وتدعو الأحزاب إلى وقف فوريّ للحرب التدميريّة في اليمن، والاحتلال التركي لشمال سوريا. ويدين المجتمعون استمرار الاحتلال الإسرائيلي لمرتفعات الجولان السورية، ويعبّرون عن إدانتهم الشديدة لقرار الإدارة الأميركية الأخير بالاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان العربي السوري، والتمهيد لقرارات مماثلة حول الضفة الغربية.).


أين دور إيران في جميع تلك الحالات التي أشارت إليها تلك الفقرة من الإدانة المفصلة وفق مقاسات ومتطلبات الخطاب الإيراني وواجهاته الطائفية والمذهبية ومتطلبات المصالح المتشابكة به.


وفي هذه الفقرة ومثيلاتها تظهر المواقف الازدواجية والانتقائية في نص البيان : ( وفي هذا الإطار نرفض كل أشكال العقوبات التي تفرضها الإدارة الأميركية على العديد من دول منطقتنا والتي تتسبب بأزمات اقتصادية تدفع ثمنها وتتحمل أعباءها شعوب المنطقة، وندعو إلى إلغاء هذه العقوبات فوراً، كما ترفض النهج الأمريكي في اصطناع الأعداء الموهومين، وتدين سياسة واشنطن في التهديد وإثارة الحروب والنزاعات بهدف خلق وزعزعة أمن واستقرار المنطقة، وتحشيداتها العسكرية والتلويح بالحرب على إيران إثر الحصار الاقتصادي المفروض عليها. وتهدد هذه التطورات بإشعال حرب أخرى في المنطقة ستكون لها نتائج كارثية على السلم والاستقرار في المنطقة والعالم، وستكون شعوب المنطقة الضحية الأولى والرئيسية لها، وتفاقم من معاناتها وتجلب لها المزيد من الخراب والدمار. وإذ تدين أحزابنا الشيوعية هذا التصعيد من جانب الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، فإنها تدعو إلى إطلاق مبادرات شعبية وسياسية، يُدعى للمساهمة فيها أوسع طيف من قوى اليسار والقوى الوطنية والديمقراطية في المنطقة وفي العالم من اجل نزع فتيل الحرب ورفع العقوبات مع تأكيدنا على حق شعوب المنطقة بأن تختار أنظمتها السياسية وفق إرادتها الحرة من دون تدخلات خارجية ) .


إن قوى اليسار وعديد القوى الثورية والمقاومة في وطننا العربي تتجاهلها تلك الأحزاب الشيوعية العربية ولطالما وئدت الجبهات الوطنية التي يسعى الى تشكيلها على المستوى الوطني والقومي ، ظل الشيوعيون العرب بسياسة النأي بالنفس يعرقلون مبادراتها وانجازها. حيث تعاني فصائل حركة التحرر الوطني والقومي العربية في اكثر من بلد عربي من حصار وملاحقات مليشيات إيران وأذرعها المسلحة التي باتت كلاب حراسة لحماية الاحتلال الأمريكي والنفوذ الفارسي، وأضحى الحرس الثوري الإيراني وتوابعه ومنها أحزاب شيوعية عربية هو الظهير الساند لقوى الإرهاب والدواعش في المنطقة ، تلك الحقيقة يتجاهلها الرفاق العرب وخاصة الحزب الشيوعي اللبناني والسوري، حلفاء حزب الله اللبناني الذي بات بحد ذاته فصيلا من فصائل القمع والإرهاب يقف بالضد من تطلعات الشعب العربي السوري واليمني .


وما عدا الموقف المستحق من التضامن مع الحزب الشيوعي السوداني ودوره الوطني في قيادة الانتفاضة السودانية ضد نظام عمر البشير وتحالفه الصادق مع فصائل قوى الحرية والتغيير في السودان، فان القضية العراقية التي تجاهلها بيان الأحزاب الشيوعية العربية الجديد وقد اختزلت معاناة شعب العراق وما تتعرض له قواه الوطنية والكلفة البشرية الضخمة من مئات الألوف من الشهداء والمعتقلين وملايين المشردين والنازحين داخل وخارج العراق وعشرات الألوف من المجتبين والمفصولين من وظائفهم، ونسيان أؤلئك الأسرى والمقاومين والمعتقلين السياسيين من أحرار العراق، ومنع مئات الألوف من الكادحين والفقراء والمعدمين من العودة إلى بيوتهم مزارعهم وأرزاقهم ووظائفهم، وما يواجهونه من قمع واستبداد من حلفاء الحزب الشيوعي العراقي أبرزها عمليات التطهير الديموغرافي الذي تقوم به إيران واذرعها في العراق، وفي مقدمتهم سرايا السلام ، فقد اختزل البيان كل هذه المأساة الوطنية العراقية بهذه الفقرة البائسة للتضامن مع حزب حميد مجيد وبطانته، وهم مرتزقة الغزو والاحتلال وهم حلفاء القوى الظلامية المتحالفون في "سائرون" مع مقتده الصدر.


وإن ما يسمى القوى المدنية الديمقراطية ، المنوه عنهم في بيان الأحزاب الشيوعية العربية ، هم جزء أساسي من ديكور العملية السياسية الفاسدة، التي تستهدف أحرار العراق والعمل على تصفيتهم ومطاردة القوى الوطنية والقومية والإسلامية في العراق، وما هذه الفقرة البائسة في الدفاع عنهم، إلا من سياق ذر الرماد في العيون. ولن تنطلي تلك العبارات على احد من أبناء الشعب العراقي : ( وتعبّر الأحزاب المشاركة في اللقاء عن تضامنها مع نضال الحزب الشيوعي العراقي والقوى المدنية الديمقراطية ضد نظام المحاصصة والطائفية السياسية والفساد، والتصدي للإرهاب والتطرف، من اجل إنقاذ البلاد من الأزمة العامة البنيوية التي تعصف بها، والفشل في بناء الدولة وإدارتها، والتوجهات الليبرالية للسياسة الاقتصادية والتدخلات الخارجية، والسير على طريق التغيير والإصلاح وبناء الدولة المدنية الديمقراطية، دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية. وتدين الأحزاب المشاركة الاعتداءات الجبانة التي تعرضت لها مقرات الحزب الشيوعي في الناصرية والبصرة مؤخراً في محاولة بائسة لعرقلة مسيرته والحد من تنامي نفوذه الجماهيري ).


إن تلك المقرات المعتدى عليها في الناصرية والبصرة المنوه عنها في البيان ، تشكل حادثتين من ملايين الحوادث من الاعتداءات على كل ممتلكات الدولة العراقية ومساكن وبيوت وأرزاق الوطنيين العراقيين الذين تستهدفهم سلطات بغداد التي يتمثل بها حزب حميد مجيد ورائد فهمي ومن يسمون أنفسهم نفاقا التيار الوطني الديمقراطي.


ان حركة اليسار التقدمي في العراق في الوقت الذي تدعو الى لقاء حقيقي ونضالي لجميع فصائل حركة التحرر الوطني والقومي في بلدان الوطن العربي إذ تأسف لهذا الانحدار في المواقف والمساومة على المبادئ والمواقف النضالية التي يجب ان ينتفض من اجلها الشيوعيون العرب للتخلص من عار الإذلال الذي لحق بهم بسبب مواقف قادتهم من بقايا ذيول الأممية الشيوعية والستالينية المنقرضة ولا بد من التطلع إلى مبادرات تنهي هذه المواقف الظرفية والانعزالية التي لازالت مجموعات من الأحزاب الشيوعية ببعض الأقطار العربية لم تخرج من عزلتها والتفتح على متغيرات القوى المناضلة في الوطن العربي.


وان غدا لناظره قريب.

ملحق للاطلاع : البيان الختامي لـ "لقاء الأحزاب الشيوعية العربية" بيروت، 20 و21 حزيران 2019

 البيان الختامي

لقاء الأحزاب الشيوعية العربية

بيروت، 20 و21 حزيران 2019



تجتمع الأحزاب الشيوعية العربية في بيروت في ظل تطورات هامة وخطيرة على المستويين الدولي والإقليمي، حيث تندفع الولايات المتحدة الأميركية في هجمتها على شعوب ودول العالم بهدف الحفاظ على موقعها كشرطي للعالم، حيث فرضت سطوتها طوال العقود الثلاثة الماضية بقيادة العالم في إطار الأحادية القطبية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي والمنظومة الاشتراكية. لكنّها ما لبثت أن وجدت نفسها في حالة تراجع مع تقدم الدول الصاعدة على المستوى الدولي كما على مستوى كل إقليم، وتحديداً الصين وروسيا ودول أخرى لتفرض موازين قوى جديدة وترسي معادلة العالم المتعدد الأقطاب في السنوات القليلة الأخيرة، وهذا ما يتيح لشعوب العالم هامشاً أوسع للتغيير والتقدم داخل كل بلد. دخلت الرأسمالية في أزمتها الحالية منذ العام 2008 مع دخولها في حالة الركود، وتفاقم ديونها ومشكلاتها الاقتصادية والاجتماعية، ما يعكس عمق أزمة الرأسمالية العالمية. وفي الفترة نفسها استطاعت الدول الأخرى تكريس مكانتها السياسية والاقتصادية والعسكرية لتبدأ مرحلة تاريخية جديدة سمتها التراجع الأميركي والانتقال إلى العالم المتعدد الأقطاب. وفي هذه الظروف، برز مجدداً الصراع داخل الكتلة الرأسمالية بين التيار النيوليبرالي والتيار اليميني المتطرف الآخذ في التقدم من خلال الحركات الشعبوية والقوى القومية والعنصرية والفاشية سواء في أميركا أو في أوروبا. ومع وصول "ترامب" إلى رئاسة الولايات المتحدة الأميركية، تكرست سيطرة التيار اليميني المتطرف مع ما يعنيه ذلك من اللجوء إلى سياسات جديدة تزداد فيها العدوانية والحروب، وترتفع العنصرية والكراهية، وتعود السياسات الحمائية وتلجأ معها الولايات المتحدة إلى استخدام العقوبات والحصار والتهويل والتدخلات العسكرية وصولاً إلى الحروب لتحقيق غاياتها السياسية على حساب شعوب ودول العالم، ويشكّل التهويل والتحضير للحرب على إيران وفنزويلا وغيرها من دول العالم مثالاً على هذه السياسات العدوانية.

إن التطور الأخطر الذي يواجه منطقتنا الآن هو مشروع "صفقة القرن" التي تقترحها الإدارة الأميركية من أجل تصفية القضية الفلسطينية وإنهاء كافة حقوق الشعب الفلسطيني من حقّه في تقرير المصير وإقامة دولته الوطنية المستقلة وحق العودة للاجئين. وتأتي في هذا السياق "الورشة الاقتصادية" في البحرين لتشكل خطوة أولى في هذا المشروع الذي لا يخدم إلا العدو الصهيوني على حساب الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة. وفي هذا الإطار، تدفع الولايات المتحدة إلى إعادة تعريف مفهوم "اللاجئ" من أجل إلغاء حق العودة عبر حرمان أولاد الفلسطينيين في الخارج من تصنيف اللاجئ ما سيؤدي إلى إلغاء حق العودة وتخفيض عدد الفلسطينيين المشمولين بهذا الحق من عدة ملايين إلى بضعة عشرات الآلاف من المسنّين. كما تقترح توطين اللاجئين في دول الشتات مقابل تعويضات مالية، وتقضم أراضي الضفة الغربية لمصلحة المستوطنين وتقوم بعمليات تبادل أراضي وقص ولصق من أجل تكريس هيمنة العدو على كل أرض فلطسين التاريخية. وفي الوقت نفسه، يؤدي قرار الولايات المتحدة بوقف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) المسؤولة عن دعم اللاجئين الفلسطينيين، إلى إعاقة عملها وحرمان الشعب الفلسطيني في المخيمات من حقوقهم الأساسية في الصحة والتعليم، ويشكّل مكوناً إضافياً في سياق ضرب حق العودة وتوطينهم خاصةً في بلدان الجوار. ويستمر العدوان الصهيوني ضد الفلسطينيين حيث تتوسع المستوطنات والحصار والاعتداءات على قطاع غزة وسط دعم كامل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والناتو. ويشكل قانون "يهودية الدولة" خطوة خطيرة باتجاه حرمان المواطنين العرب من حقوقهم وتهدد مستقبلهم ووجودهم عبر موجات جديدة من التهجير القسري خارج أراضيهم. ويشكل القانون حلقةً أخرى من سياسات التمييز والأبارتهايد الذي تمارسه ضد الفلسطينيين. تدين الأحزاب الشيوعية العربية بعمق وبشدّة عقد هذه "الورشة" في البحرين وتعتبر مشاركة أي دولة أو مؤسسة عربية في مؤتمر المنامة- البحرين شكلاً من أشكال التطبيع، وتدعو إلى مواجهة شاملة لمشروع صفقة القرن والمشروع الأميركي في المنطقة على كل المستويات وبكافة الوسائل، وترفض الدعم المستمر الذي توفرّه الولايات المتحدة وحلفائها والأنظمة التابعة لها للعدو الصهيوني، والخطوات التي اتخذتها لناحية نقل السفارات إلى مدينة القدس وهو ما يشكّل انقضاضاً على ما تبقى من حقوق للشعب الفلسطيني. وتدعو الأحزاب الشيوعية العربية، جامعة الدول العربية والأنظمة العربية التي تقيم علاقات دبلوماسية أو تجارية أو أي علاقات تطبيعية الى مراجعة سياساتها والاستجابة لنبض الشارع العربي في وقف استحقاقات كل هذه العلاقات، ووقف التطبيع مع الكيان الصهيوني.

كما تدين الأحزاب الشيوعية العربية الاعتداءات والحروب والاحتلال والعقوبات التي تمارسها الولايات المتحدة والكيان الصهيوني وتركيا وحلفائهم ضد كل شعوب المنطقة وتدعو الأحزاب إلى وقف فوريّ للحرب التدميريّة في اليمن، والاحتلال التركي لشمال سوريا. ويدين المجتمعون استمرار الاحتلال الإسرائيلي لمرتفعات الجولان السورية، وبعبّرون عن ادانتهم الشديدة لقرار الإدارة الأميركية الأخير بالاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان العربي السوري، والتمهيد لقرارات مماثلة حول الضفة الغربية. وتدعم الأحزاب الشيوعية حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس، وحق العودة لجميع اللاجئين وتشدد على ضرورة إنهاء الانقسام لمواجهة الاحتلال الاسرائيلي والمشروع الأميركي. كما ندعم حق كافة شعوب المنطقة في مقاومة الاحتلال والاعتداءات والدفاع عن نفسها، وحق الشعوب في تقرير مصيرها. وتدعم الأحزاب الحل السياسي للأزمة السورية الذي يضمن الحقوق السياسية لكل شعبها، في إطار دولة علمانية ديمقراطية ودحر المجموعات الإرهابية وتحرير أراضيها، وانسحاب كل قوى الاحتلال والتدخل منها. وفي هذا الإطار نرفض كل أشكال العقوبات التي تفرضها الإدارة الأميركية على العديد من دول منطقتنا والتي تتسبب بأزمات اقتصادية تدفع ثمنها وتتحمل أعباءها شعوب المنطقة، وندعو إلى إلغاء هذه العقوبات فوراً، كما ترفض النهج الأمريكي في اصطناع الأعداء الموهومين، وتدين سياسة واشنطن في التهديد وإثارة الحروب والنزاعات بهدف خلق وزعزعة أمن واستقرار المنطقة، وتحشيداتها العسكرية والتلويح بالحرب على إيران إثر الحصار الاقتصادي المفروض عليها. وتهدد هذه التطورات بإشعال حرب أخرى في المنطقة ستكون لها نتائج كارثية على السلم والاستقرار في المنطقة والعالم، وستكون شعوب المنطقة الضحية الاولى والرئيسية لها، وتفاقم من معاناتها وتجلب لها المزيد من الخراب والدمار. واذ تدين احزابنا الشيوعية هذا التصعيد من جانب الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، فانها تدعو الى اطلاق مبادرات شعبية وسياسية، يُدعى للمساهمة فيها أوسع طيف من قوى اليسار والقوى الوطنية والديمقراطية في المنطقة وفي العالم من اجل نزع فتيل الحرب ورفع العقوبات مع تأكيدنا على حق شعوب المنطقة بأن تختار انظمتها السياسية وفق ارادتها الحرة من دون تدخلات خارجية. وتدعم الأحزاب الشيوعية المبادرة الرامية إلى تعزيز التنسيق السياسي بين فلسطين وسوريا ولبنان لإطلاق مبادرة دولية ضد الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية والعربية.

كما تدين الأحزاب المشاركة الاحتلال الاسرائيلي للأراضي اللبنانية في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والغجر والخروقات والاعتداءات البرية والجوية والبحرية ومحاولات السيطرة على ثروته النفطية مؤيدة حق الشعب اللبناني في مقاومة الاحتلال ومواحهة التهديدات والضغوط السياسية والاقتصادية.

لقد عانت منطقتنا، والعالم أيضاً، من الجرائم التي تمارسها الجماعات الإرهابية المتسترة بالدين، من قتل وغزوات وتفجيرات وصولاً إلى السيطرة على مساحات واسعة من دولنا، وشكلت أدوات لقوى إقليمية ودولية في إطار مشروع تفتيت دول المنطقة. تدعو الأحزاب الشيوعية العربية إلى مواجهة هذه الجماعات ودحرها نهائياً وتحرير المناطق التي تسيطر عليها، والعمل على العلاج الجذري للمشكلات الاجتماعية المولدة للإرهاب ما يؤدي إلى تجفيف منابعه.

لقد أدت الأجندة النيوليبرالية لحكومات المنطقة إلى زيادة الاستغلال الطبقي والبطالة والجوع والفساد والنهب المنظّم للمقدرات الاقتصادية وإفقار شعوب دولنا. كما وضعت اتفاقيات التجارة الحرة والخصخصة وسياسات حكومات المنطقة الهادفة إلى حماية الأرباح اللامحدودة لرأس المال، والقائمة على الريع على حساب القطاعات المنتجة، ضغوطاً هائلة على المكاسب الاجتماعية وحقوق الطبقة العاملة في المنطقة.

إنّ تداعيات الحرب في المنطقة، وكذلك تداعيات الفقر والبطالة، تتجلى في موجات الهجرة حيث يموت في البحر المتوسط الآلاف من اللاجئين سنوياً نتيجة رفض الدول الأوروبية استقبالهم. كذلك تشكل الهجرة البينية بين دول المنطقة والنزوح الداخلي ظاهرة اجتماعية كبيرة حيث فاقت الأعداد عشرات ملايين اللاجئين من العراق وليبيا وسوريا واليمن بالإضافة إلى اللاجئين الفسطينيين حيث يعيش كل هؤلاء في ظروف غير إنسانية مزرية.

وتعبر شعوب المنطقة الآن عن معاناتها وألمها بسبب الإفقار والاستغلال والفساد والاستبداد وانسداد أفق التنمية، فتنتفض ضد حكوماتها وأنظمتها من أجل حقوقها. وتشكل انتفاضة الشعب السوداني مثالاً مهماً عن هذه النضالات من أجل التحرر ومن أجل العدالة الاجتماعية. كما تبرز الحركات الشعبية في لبنان والجزائر والعراق والأردن وتونس والمغرب، لتشكّل تعبيراً عن الأزمة السياسية والاجتماعية القائمة في مختلف دول هذه المنطقة. تلعب قوى اليسار دوراً مهماً في هذه الانتفاضات، وتحديداً الحزب الشيوعي السوداني الذي يلعب دوراً أساسياً في الانتفاضة الشعبية السودانية. تعبر الأحزاب الشيوعية عن تضامنها ودعمها لهذه الحراكات الاجتماعية التي تقع في قلب النضال من أجل التقدم والتغيير في المنطقة، ونحيي بشكل أساسي نضالات الشعب السوداني وندعو إلى الإفراج الفوري عن كافة المعتقلين السياسيين في سجون النظام، ونحذّر من القمع الوحشي لهذه الحراكات التقدمية الشجاعة، وندين الانقلاب العسكري الذي أزاح الطاغية البشير ليكرّس مكانه نفس الرموز الأمنيين للنظام البائد في محاولة التفافية لإجهاض التغيير الذي قامت من أجله ثورة الشعب السوداني، لذلك تدعم الأحزاب الشيوعية العربية استكمال الثورة الشعبية في السودان وصولاً إلى مجلس انتقالي مدني من أجل تحقيق الدولة المدنية الديمقراطية. وفي هذا الإطار، ندين المجزرة الوحشية التي اتخذ قرارها المجلس العسكري ونفذتها قوات الدعم السريع خلال فضّ الاعتصام، وندعو إلى تحقيق من قبل المؤسسات الدولية ومحاكمة المرتكبين والاقتصاص منهم.

وتعلن الأحزاب الشيوعية العربية عن تضامنها مع الحراك الشعبي في الأردن وأهدافه من أجل إحداث إصلاحات سياسية واقتصادية والتنصل من نهج التبعية الاقتصادية للمؤسسات النقدية الدولية، وتطالب بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين على خلفية هذه الاحداث. ويدعم المجتمعون نضال الشعب المصري وقواه الوطنية الديمقراطية وفي القلب منها قوى اليسار من أجل إلغاء كافة القيود والقوانين التي تخنق الحياة السياسية وتحاصر نشاط الأحزاب وكافة المنظمات الجماهيرية، مما يكرس هيمنة الصوت الواحد. كما يساندون نضالها من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد والاحتكار، ومواجهة الغلاء الفاحش وعمليات الخصخصة والسياسات النيولبيرالية المنحازة للرأسمالية الكبيرة والتي تزيد الفقراء فقراً، وتعبئة طاقات الشعب المصري في مواجهة محاولات الإلحاق والتبعية التي تدمر أي إمكانية لتقدم البلاد. وتؤيد الأحزاب المشاركة عمل الحراك الشعبي والحزب الشيوعي اللبناني ونضالهما من أجل الدولة العلمانية الديمقراطية المقاومة في لبنان بوجه النظام المذهبي الريعي الذي أفقر الشعب اللبناني وراكم الديون والهدر والفساد وعمق الفروقات الطبقية، وشكل مصدراً لعدم الاستقرار السياسي والأمني طوال العقود الماضية. وتتضامن الأحزاب الشيوعية العربية مع نضال القوى التقدمية والديمقراطية والوطنية في الكويت من أجل تحقيق الانفراج السياسي والتصدي للتضييق على الحريات العامة ومجابهة النهج النيوليبرالي في السياسات الاقتصادية ومواجهة الضغوط على نهج السياسة الخارجية الكويتية. وتعبّر الاحزاب المشاركة في اللقاء عن تضامنها مع نضال الحزب الشيوعي العراقي والقوى المدنية الديمقراطية ضد نظام المحاصصة والطائفية السياسية والفساد، والتصدي للارهاب والتطرف، من اجل انقاذ البلاد من الأزمة العامة البنيوية التي تعصف بها، والفشل في بناء الدولة وإدارتها، والتوجهات الليبرالية للسياسة الاقتصادية والتدخلات الخارجية، والسير على طريق التغيير والاصلاح وبناء الدولة المدنية الديمقراطية، دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية. وتدين الاحزاب المشاركة الاعتداءات الجبانة التي تعرضت لها مقرات الحزب الشيوعي في الناصرية والبصرة مؤخراً في محاولة بائسة لعرقلة مسيرته والحد من تنامي نفوذه الجماهيري.

إن أمن واستقرار العالم لا يمكن أن يتحقق إلا بمواجهة طموحات التوسع والسيطرة الامبريالية، وآخرها الهجمة المتجددة على دول وشعوب أميركا اللاتينية وعلى رأسها فنزويلا. وتعبر أحزاب اللقاء عن رفضها لمحاولات تغيير النظام بالقوة من قبل الولايات المتّحدة وحلفائها، ودعمها للشعب الفنزويلي في معركته الوطنية من أجل السيادة الوطنية واستكمال أهداف الثورة البوليفارية. كما تتضامن الأحزاب الشيوعية العربية مع كوبا ضد الحصار الأميركي الجائر المستمر عليها، وتحيي دورها في دعم شعوب أميركا اللاتينية في نضالها ضد الامبريالية.

الشيوعيون مطالبون اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، باستنهاض حركة التحرر الوطنية العربية وتجديدها من أجل صياغة مشروع مواجهة ضد الاحتلال والتدخلات والعقوبات من أجل استكمال مهام التحرر الوطني والتغيير السياسي والاجتماعي ضد الاستغلال والهيمنة والقمع والاستبداد. تدعو الأحزاب الشيوعية العربية المجتمعة في بيروت إلى توحيد الجهود والطاقات من أجل مواجهة شاملة لمشاريع التفتيت والتجزئة والسيطرة والاحتلال، ومن أجل توحيد الصفوف دفاعاً عن القضية الفلسطينية، ومن أجل التغيير السياسي الوطني والديمقراطي والاجتماعي في منطقتنا العربية نحو أنظمة مدنية ديمقراطية، على طريق الاشتراكية.



الأحزاب الحاضرة: الحزب الشيوعي اللبناني – الحزب الشيوعي السوري الموحد – الحزب الشيوعي العراقي – الحزب الشيوعي الأردني – حزب الشعب الفلسطيني – الحركة التقدمية الكويتية – المنبر التقدمي البحرين – حزب التقدم والاشتراكية المغربي – الحزب الشيوعي المصري – الحزب الشيوعي السوداني.





الجمعة ٢٥ شــوال ١٤٤٠ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٨ / حـزيران / ٢٠١٩ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ا.د. عبد الكاظم العبودي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة