شبكة ذي قار
عـاجـل










أعلن مدير شركة هواوي ريتشارد هو، رسمياً طرح نظام التشغيل الجديد "أو إس" الذي تعمل عليه الشركة منذ سنوات، ليحلّ محلّ نظام تشغيل الشركات الأميركية، ليفاجئ به الولايات المتحدة ورئيسها الذي قرّر منع شركات بلاده من التعامل مع الشركات الصينية في مجال تقنية المعلومات بحجة التجسس الاقتصادي، فامتثلت شركتا غوغل وآبل لأوامر الحكومة الأميركية، فتم منع "هواوي" من استخدام نظام "اندرويد" وخدماته و"أبل ستور"، على الرغم من أنها ساهمت بشكل واسع في انتشار "غوغل"، وخصوصاً في السوق الصينية وآسيا لاتساع مبيعاتها للتلفون الذكي فيها. تحركت "هواوي" بسرعة فائقة أمام العقوبات الأميركية، وهي تهيئ هذا النظام منذ سنوات، تحسباً لتدهور العلاقات بينها وبين الشركاء الأميركيين، ولعل هذه الشركة هي المثل الأبرز على الحرب الاقتصادية التي تخوضها الولايات المتحدة ضد الصين، للحفاظ على الهيمنة العالمية، كما كتب المحافظون الجدد في برنامجهم ( قبل غزو العراق )، من أجل قرنٍ أميركي ( الحادي والعشرين ) لهيمنة الولايات المتحدة على العالم. ومن الطبيعي أن يشكك الجانب الأميركي (والغربي) بالقدرات الصينية، وطرحها حلولاً مقابل العقوبات، لكن الصين انطلقت منذ زمن، كما قطاراتها الجديدة فائقة السرعة التي أبهرت بها العالم، وأولها الولايات المتحدة، للصدارة الاقتصادية. وعلى الأغلب، فإن آمال المحافظين الجدد، مهندسي غزو العراق وتدميره، بشأن استمرار الهيمنة الأميركية في العالم ستخيب، فقد أوردت الصحافة الأميركية أخيراً ما جرى من حديث بين الرئيسين الأميركيين، الحالي دونالد ترامب والسابق جيمي كارتر، بشأن العلاقات الأميركية ـ الصينية. قال كارتر: تخافون من تقدّم الصين علينا؟ أنا متفق معكم، فهل تعرفون لماذا ستتفوق الصين علينا وتتجاوزنا؟ لقد قمت بتطبيع العلاقات الدبلوماسية مع بكين 1979. ومنذ ذلك الحين، هل تعرفون كم حرباً خاضتها الصين مع أي كان؟ ولا مرة، ونحن بقينا في حربٍ على الدوام. الولايات المتحدة، يستطرد كارتر، هي الدولة المولعة بالقتال، الدولة الأكثر عدائية في تاريخ العالم، لأنها تريد فرض قيمها على بقية دول العالم. بينما تستثمر الصين مواردها في مشاريع، من السكك الحديد والقطارات فائقة السرعة، بدل إنفاقها في الميدان العسكري، كم كيلومتراً من السكك الحديد نملك في هذا البلد؟ لقد بذّرنا ثلاثة آلاف مليار دولار في مصاريف عسكرية، بينما لم تصرف الصين دولاراً واحداً على الحرب. لو استعملنا هذه المليارات على البنية التحتية الأميركية، كان سيصير لدينا طرق معتنى بها، بما فيه الكفاية، ونظام تعليمي جيد، مثل نظام تعليم كوريا الجنوبية أو هونغ كونغ.

هكذا تكلم جيمي كارتر عن بلده الذي يستمر في الحروب، وكلفه غزو العراق أكثر من ستة تريليونات دولار سرّعت في تراجع اقتصاده وعجز ميزانيته. وتشكل مصاريفه نسبة 45% من إجمالي المصاريف العسكرية في العالم، وهي البلد الوحيد الذي يملك 725 قاعدة عسكرية في الخارج، تتطلب مليارات الدولارات سنوياً. بينما تسير الصين، بسرعة قطاراتها، نحو الصدارة الاقتصادية. إذ أحدث نموّها طبقة متوسطة، تصل إلى مجموع سكان أوروبا وسكان الولايات المتحدة من 350 مليون نسمة، أفرزها الانتعاش الاقتصادي والتطور الاقتصادي المتسارع. وستتقدم الصين اقتصادياً، بهذه الطبقة العاملة المنتجة، وبما تخفيه وتعلنه من مشاريع ضخمة لمواجهة الولايات المتحدة وعقوباتها وحربها الاقتصادية، وأيضاً بشركة هواوي، وما طرحته من بديلٍ لمنتجات شركات تقنية المعلومات الأميركية دليل على المسيرة الاقتصادية الصينية على الطريق الذي سيوصلها إلى مقدمة اقتصاديات دول العالم بعد عقود، وذلك مما تقر به المعاهد الاقتصادية الرصينة.

إن بلداً تآكلت بنيته التحتية منذ عقود، وغير قادر على الإصلاحات التحتية، لن تفيده نيات  دونالد ترامب الحسنة في إعادة أمجاده، بدليل تفاقم العجز التجاري، وعدم انخفاضه، ووصول الدين إلى 891 ملياراً، وعجز الميزانية إلى 779 ملياراً، والدين الفيدرالي إلى 22,175 مليار، والدين الخاص إلى 73000 مليار.

ستنتزع الصين، بمشاريعها المستقبلية الضخمة، مثل مشروع طريق الحرير، وغيره مما تسمّى الدول الصاعدة التي تخصّص ميزانيات ضخمة للبنى التحتية لبلدانها، لا للحروب، موقع الصدارة في الاقتصاد العالمي بعد بضعة عقود، وستنكفئ الولايات المتحدة التي أزهقت حروبها مئات آلاف الضحايا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، ودمرت العراق، وذهبت باقتصاده إلى الركود والأزمات المالية التي لن يتعافى منها حسب كل المؤشرات الاقتصادية. وقد صرّح وزير الدفاع الأميركي إبان غزو العراق ديك تشيني، بأن هذا الغزو ودوره فيه سيشار إليه كأحد أهم تواريخ الولايات المتحدة، لكنه نسي، هو وبقية المحافظين الجدد، مهندسي الغزو الذين قدروا حرب العراق بخمسين ملياراً سيسترجعونها من استيلائهم على نفطه، قد كلفت خزينة الدولة أكثر من ستة تريليونات، وهي بعد لم تنته.





الثلاثاء ٨ شــوال ١٤٤٠ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١١ / حـزيران / ٢٠١٩ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ولاء سعيد السامرائي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة