شبكة ذي قار
عـاجـل










بات معروفا للقاصي والداني أن غزو العراق بما شكله من جريمة امبريالية مركبة شديدة الفظاعة استهدفت الأمة العربية قاطبة وتوجهت مباشرة لإحدى أهم منصاتها القومية الحامية لمشروع العربي النهضوي الساعي لتحقيق أهداف العرب في الوحدة والتحرر والانعتاق الاجتماعي وبسط سيطرتهم على ثرواتهم ومقدراتهم بما يخدم مصالحهم دون وصاية خارجية بأي شكل من الأشكال.

وكان الاستهداف متوجها في جملة ما توجه إليه إلى النظام الوطني العراقي بقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي لما أبداه من استيعاب دقيق للمصلحة القومية العربية الاستراتيجية العليا ومقتضياتها، ولما عبر عنه في سياسته وبرامجه وتوجهاته كافة من عزم وتصميم على الدفاع على راية العروبة مهما غلت التضحيات.

وعليه، فمن الطبيعي أن آثار الغزو وإن شملت العراق جميعه أرضا وشعبا ومقدرات وثروات ونظاما وجيشا وتاريخا وحضارات، فإنه أخطرها على الإطلاق خص به حزب البعث العربي الاشتراكي فكان من أول قوانين الحاكم المدني المجرم بول بريمر قانون اجتثاث البعث وحل الجيش العراقي الباسل.

لقد كان قانون الاجتثاث معبرا عن فلسفته وأهدافه ومراميه ورهاناته من عنوانه واسمه الذي تم انتقاؤه باعتناء كبير وبدقة بلا نظير.

كان قانون الاجتثاث هادفا لاقتلاع البعث فكرا وعقيدة وتنظيما وتاريخا ومشروعا نضاليا جملة وتفصيلا، وكان الاجتثاث ماديا بشريا ومعنويا، فعمد المجتثون والسابحون في أفلاكهم فيما بعد، إلى تشويه البعث وشيطنته وتبشيعه وتصويره خطرا لا مناص من تلافيه بكل السبل وذلك للتنفير منه وقطع أي حواضن شعبية أو دعم جماهيري عنه.

ولكن، ورغم الامكانيات الهائلة التي توفر عليها دهاقنة الغزاة والمجتثين، فلقد فشل الاجتثاث باعتراف العالم أجمع بل وباعتراف مشرعي هذا القانون الفاشي السادي، وتكسر على ظهر صخرة صمود البعث وثبات قيادته وكوادره ومناضليه ومبدئيتهم وتمسكهم برسالتهم الخالدة وتشبثهم بمواصلة الدفاع عن الأمة والأرض العربيتين.

ولكن، ورغم ذلك لا يزال هذا القانون المتخلف قائما، ما يجعل من مواجهته واجبا لا يقدم عليه واجب، وضرورة قومية عربية لا تنازل عنها.

فما هي سبل مواجهة اجتثاث البعث اليوم؟

إن أهم شروط مقاومة الاجتثاث اليوم هي حتما مضاعفة البعث والبعثيين لملحمة الصمود الأسطوري بوجه ماكينة الاجتثاث وأدواته ونصوصه ومواده وما تفرع عنه، فبالصمود والمقاومة تنثني كل مؤامرات استهداف البعث، وبهما تنحسر آثاره وفي المقابل تقل خسائر البعث على جميع المستويات، وإن هذين الشرطين محوريان بل وعلى قدر فائق وفارق من الأهمية، حيث أن الغزاة خصوا البعث بهذا القانون بعد دراسة أدق التفاصيل لا المتعلقة بالحزب فحسب بل وبالسيكولوجية العربية برمتها سياسيا وثقافيا واجتماعيا وحضاريا وغير ذلك، وهم بالتالي كانوا يعولون على عوامل الوقت والإحباط ونتائج الحروب النفسية والعسكرية معا، عساهم يظفرون بما خططوا له.

هذا، ولا تتوقف أعمدة مواجهة الاجتثاث عند هذين الشرطين، بل تتعداهما على أهميتهما لكشف مخطط الاجتثاث ورهاناته وأعلاها تقويض أي أرضية فكرية وثقافية وسياسية عربية من شأنها الذود عن الوجود العربي واسترجاع حقوق الأمة المسلوبة، ففضح الاجتثاث وتعرية دسائسه وما ينطوي عليه من تهديد جدي وخطير للمصير العربي مرحليا واستراتيجيا، لأنه يمهد لتفسيخ العروبة وتقسيم الوطن العربي مجددا وتشريد العرب وتذبيحهم وبإبادتهم.

وإن كشف الاجتثاث، مع مقاومته والتصدي له، يعانق أعلى درجات المردودية ويؤتي عصارة أكله بطرق البعث ورجالاته لجميع الوسائل الكفيلة بالتضييق على المجتثين وبيادقهم وأعوانهم.

ومن أهم تلك الوسائل والسبل حتما نفاذ البعث والبعثيين لكل الفضاءات التي ظلت ممنوعة وكذلك طرق مختلف الأبواب التي بقيت موصدة بفعل الاجتثاث، ومن ذلك التسرب للرأي العام الدولي سيما في معاقل المعتدين والغزاة الطغاة. ولعل سنة المؤتمرات التي دأب البعث على تنظيمها أو المشاركة فيها أو حتى الحضور فيها عبر بعض مناضليه، داخل دول غربية في أمريكا وأوروبا وغيرها، سنة حميدة ولا ريب وتنبئ على جهوزية البعث وتحفزه لجميع ما من شأنه أن يقوض الاجتثاث ويجهض مآرب معديه.

وإن هذا النفاذ للرأي العام الدولي، يفضي بالضرورة لوجوب التعكز على الجانب الإعلامي لأهميته ولكونه أحد أهم الأسلحة في الحروب الحديثة، حيث لا يمكن حسم أي معركة بدون أن يكون الإعلام دعيمة من دعائمها الأهم.

فاستغلال المنابر والفضاءات الإعلامية مهما بدت بسيطة أو محدودة الانتشار أمر فارق ولا ريب، إذ يمكن ذلك من بسط الحقائق التي يتفنن المجتثون في إخفائها وقلبها، كما يمكن استغلال الإعلام لتوثيق الانتهاكات المرتكبة من طرف المجتثين وأزلامهم وعملائهم، وهو ما يشكل اعتداء صارخا على جميع الحقوق المنصوص عليها والمكفولة للإنسان في المطلق بصرف النظر عن توجهاته وقناعاته ورؤاه ومبادئه وغير ذلك. وبالقدر ذاته، يجب التوسل بالعمل الديبلوماسي الشعبي البديل عن الديبلوماسية الرسمية، لتوضيح كم الجرائم المخزية التي ارتكبت تحت عنوان الاجتثاث بحق البعث والبعثيين والمتعاطفين معه.

وباجتماع هذه الدعائم، يمكن استخدام الورقة القضائية وهي من أغلى الورقات القادرة على هدم الاجتثاث واجتثاثه هو.

هذا، ويظل انتشار البعثيين بين الجماهير وتوعيتهم وتثقيفم وإعدادهم وتوضيح ما طمسه الأعداء في الداخل والخارج، أحد أقوى السبل الكفيلة بمقاومة اجتثاث البعث بما هو اجتثاث للعروبة قاطبة، وهو ما سيسرع من وأد مخطط الأعداء.





الاربعاء ٢٥ رمضــان ١٤٤٠ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٩ / أيــار / ٢٠١٩ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أنيس الهمامي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة