شبكة ذي قار
عـاجـل










۞ التوافق الاستراتيجي بين أمريكا وإيران قائم على التخادم الثنائي .

۞ إيران خرقت هذا التوافق ، وتمددت على حساب مصالح أمريكا عميقًا .

۞ إيران باتت بنظر أمريكا خطرًا داهمًا على مصالحها الحيوية وأمنها القومي .

۞ تقليم أظافر إيران هدفًا مركزيًا .. وإبقاءها بعبعًا مستقبليًا لتصريف الأسلحة .

تعتقد إيران الواهمة بأنها تستطيع أن تضع الامبريالية الرأسمالية الأمريكية في موضع الاحراج والابتزاز السياسي والاستراتيجي وهي أضعف ، بمعايير القوة ، من بعوضة ، أو أن تضع أمريكا في إطار سياسة الأمر الواقع ، وهي تمضي بسياسة لا واقعية تنتهي حتمًا بالانتحار .

وتعتقد أمريكا إن ولاية ( أوباما ) قد خذلتها وداست على مصالحها الحيوية حين شجعت إيران وغضت النظر عن تجاوزاتها لخطوط التعامل التوافقي ، التي أوصلتها إلى حدود بعض دول أمريكا اللاتينية وبعض دول القارة الأفريقية ، وإلى أفغانستان ، ومكنتها من الهيمنة على بعض دول المشرق العربي وتهديد باقي دول المنطقة بالاجتياح .. فهي تتخادم كأداة لتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الكبير ، ولكنها في الوقت ذاته تنفذ مشروع امبراطوريتها البائدة بطريقة التمدد والتوسع بصورة ( موازية ) ، وتحت أنظار الطرف الأمريكي الامبريالي ، والذي حدث أن إيران وهي تنفذ مشروع الشرق الأوسط الكبير ، وهو مشروع أمريكي صهيوني بامتياز ، عكفت على تنفذ مشروعها الفارسي الذي بات يأكل من جرف المصالح الأمريكية ويتجاوز الخطوط المسموح بها للتخادم إلى حد ابتلاع الشرق سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا وتغيير أنماط البناء وهياكل النظم ديمغرافيًا عن طريق القوة ..

وهنا أدرك الأغبياء أن المشروع الفارسي قد ابتعد كثيراً عن مقاييس التوافق أو التخادم الاستراتيجي بينهما ، فأمريكا لوحدها لا تستطيع أن تنفذ مشروعها في المنطقة ، وإيران لوحدها لا تستطيع أن تحقق مشروعها الفارسي المجوسي ، وبتوافقهما حصل التخريب والتدمير والانتهاك والتشريد لملايين البشر .. هنا نود أن نتسائل في ضوء ما تقدم :

-  هل أن أمريكا تريد الآن أن تصحح ما خربته وهدمته في العراق والمنطقة ؟ ، الجواب : كلا ، لا تصحيح رغم الاعترافات بالأخطاء الاستراتيجية القاتلة التي ارتكبتها أمريكا بحق العراق .. إنما تريد أن تعيد كفة الميزان التي أخلتْ به إيران بتخطيط خبيث ، وتمنع إيران من التجاوز وعبور الخطوط غير المسموح لها .. وهذا ما يسمونه تقليم أظافر إيران .. بطريقة الخنق الاقتصادي والمالي والنفطي وليس الحرب .. وعلى هذا الأساس أعلن الطرفان أنهما ليسا في معرض شن الحرب ، إنما يتصارعان على الغنيمة .

إيران قد قَطَعَتْ الواقع الجيو - سياسي الإقليمي وفصلته ديمغرافيًا ، وهذا ما أرادته أمريكا والكيان الصهيوني ، غير أن إيران تجاوزت على المصالح الحيوية الأمريكية من جهة ، وتطاولت على المصالح الدولية بتهديدها للملاحة والتجارة بإغلاق المضائق والخلجان والبحار وتطويرها الصواريخ البالستية وتسليحها المفرط .. وهذا ما لا تريده أمريكا ولا العالم ، لماذا ؟ ، لأن إيران - بحسب المنظور الأمريكي - تريد أن تكون ندًا لأمريكا أو قوة موازية تزاحمها في المنطقة الحيوية التي أحكم عليها مبدأ ( كارتر ) المدمج بمبدأ ( ريغان ) الشهير ، طالما أن أمريكا تُعِدُ لشرق أوسطِ مسيطر عليه بإحكام ، تمهيدًا لمعالجة وضع الصين وروسيا وكوريا الشمالية والهند .

-  هل أن من مصلحة أمريكا إعلان الحرب على إيران لمجرد إزاحة نظام إرهابي دموي متخلف ؟ ، كلا ، هنالك وسائل أخرى تؤدي إلى الهدف ذاته إذا أصر النظام الإيراني على عدوانيته التي تنتهك الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي ، وهي الحصار الشامل والردع الكامل وتجفيف منابع التمويل حتى يواجه نظام الملالي واقعًا صارمًا لا يستطيع تحمله ، عندها سيتجرع ( علي خامنئي ) سم الرضوخ لسياسة الأمر الواقع ، كما فرض النظام الوطني في العراق هذه السياسة وأ رغم (خميني ) على تجرع السم الزعاف بقبول قرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار يوم 8/08/1988.

-  ولكن السؤال الذي يبرز هنا ، هل أن من مصلحة أمريكا أن تأتي بنظام معتدل وجاهز ومقبول ممثلاً بتنظيم ( مجاهدي خلق ) الذي تلتف حوله القوى الوطنية الإيرانية لاستلام الحكم في البلاد ؟ ، الجواب كلا ، لأن أمريكا لا تستفيد من هذا النظام إنما تريد نظام الملالي بعد أن تهذب سلوكه بأن لا يتجاوز على استحقاقات أمريكا وأصدقاء أمريكا ، وإبقائه في الوقت نفسه ( ذئبًا ) مخيفًا للقطعان ، إذا جاز التعبير ، من أجل إبقاء المنطقة متوترة وعلى طبق ساخن حتى يكتمل مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي تدخل في جغرافيته السياسية كل من تركيا وإيران ، والعودة ثانية إلى السياسة - الاستراتيجية القديمة التي تسمى إشعال حرائق الغابات حول المجال الحيوي الروسي لمنع روسيا الاتحادية من النهوض وإعادة تشكيلها لتمارس دورًا في حرب باردة قادمة !! .

-  ما يهمنا بالدرجة الأساس هو العراق ، فكيف ينتهي به الحال إذا قلّمت أمريكا اظافر إيران ، وهي عازمة على ذلك ، ووضع نظام الملالي وراء حدودها الطبيعية الدولية ؟ ، كيف ينتهي مصير كوادر الإرهاب الإيراني ونفوذه في العراق أثناء وبعد تقليم أظافر هذا النظام ؟ ، فالنظام يعول على عناصره الإرهابية وبعض فصائله المسلحة في ( صراع القوى وعض الأصابع ولي الأذرع ) في العراق ؟ .

-  فحدود الخطر القادم أدركها النظام الإيراني ، سواء كانت هذه الحدود خارجية أم داخلية ، فيما يبقى هامش المناورة والمراوغة والصراع يأخذ نصيبه بـ( عض الأصابع ولي الأذرع والتخريب ) يقوم به وكلاء إيران على التخوم .. ولكن إذا ضعف الرأس ضعفت الأطراف ولاذت بالفرار على طريقتها الخاصة بإيجاد الذرائع .. الخدم والمرتزقة يفرون ولا يقاتلون لأنهم ليسوا أصحاب قضية .

-  أمريكا تريد إبعاد النظام الإيراني عن العراق وإبقاءه سيفًا مسلطًا على دول الخليج العربي لتصريف ما تنتجه بمليارات الدولارات مصانع الأسلحة الأمريكية - صفقة أسلحة أمريكية حديثة أُبرمت الآن بثمانية مليارات دولار مع المملكة العربية السعودية - ، وكل هذا التمهيد لما يسمى بـ( صفقة العصر ) بعد وضع العرب أمام سياسة الأمر الواقع الذي يقر التطبيع مع الكيان الصهيوني !! .

-  لا خيار للنظام الإيراني .. فالشعوب الإيرانية تتآكل اجتماعيًا واقتصاديًا وقيميًا ، والتومان يتدهور والتضخم بلغ أكثر من 40% والبطالة باتت عبئًا مخيفًا يزيد من زخم الاحتجاجات والتظاهرات والعصيان المدني في المدن الإيرانية ، وخواء المؤسسات الإيرانية بعد هروب الرساميل وإغلاق الشركات المحلية والدولية ورحيلها عن إيران ، وتزايد العزلة بابتعاد روسيا والصين ابتعادًا واضحًا وجليًا ، وموانئ العالم البحرية والجوية ما عادت تستقبل الطائرات ولا السفن التجارية الإيرانية ، وانخفضت صادرات النفط إلى أقل بكثير من 500 ألف برميل يومياً وتراجع الناتج القومي الاجمالي الإيراني 9% وتقلص الاقتصاد بصورة عامة 9,8% بحسب تقرير صندوق النقد الدولي .. فيما توقف دفع الرواتب للموظفين وازدادت نقاط التفتيش في الشوارع وارتفع معدل تسريح العاملين في الشركات ، وازداد معدل الفقر والجريمة والتهتك الأخلاقي ، الأمر الذي يجعل النظام الإيراني بين المطرقة الأمريكية والإقليمية والعالمية وبين سندان الشعوب الإيرانية الغاضبة على النظام وتريد التخلص منه بأي وسيلة .

-  لا يملك النظام الإيراني تمويلاً لوكلاءه ويعمل على إجبارهم على الاستثمار بأبشع وأخس حقول الاستثمار وهي الاتجار بالمخدرات وبالأعضاء البشرية وبالسطو والأتاوات وتهريب النفط والدولارات ونقل العملات المزيفة ونشرها واستبدالها ..

واقع العراق هذا قد دخل دائرة الضوء والكشف الميداني ، ولا أحد يفلت من رصده لا أشخاص ولا بنوك ولا مصارف أهلية لتبييض الأموال ولا أي مؤسسة نقدية أو استثمارية في العراق .

-  أمريكا تريد العراق أن لا تقوده ميليشيات إيران ولا رجالاتها .. إنها تريد أن تنزع سلاح الميليشيات الطائفية وتدمج عناصرها في هياكل الدولة ، كما تريد أن تعيد النظر بالدستور لتعديله بما يضمن مصلحة أمريكا وبقاءها دولة محتلة  وعلى أساس يغاير ما كرسته أحزاب العملية السياسية ومصالح إيران ونفوذها .

-  وكما أن الشارع الإيراني يغلي ، فإن الشارع العراقي الوطني يغلي هو الآخر ، والانفجار قادم إذا لم يتراجع النظام الإيراني إلى داخل حدوده ويلتفت إلى مشكلات شعوبه المقموعة والمظلومة ، وكذلك الحال بالنسبة للشعب العراقي ، الذي انهكته إيران وأحزابها وميليشياتها طيلة ستة عشر عامًا من الاحتلال .. فإيران أمام خيارين لا ثالث لهما ، إما الرجوع سلوكاً وتصرفاً نحو الواقعية خلف حدودها الإقليمية تحت ذريعة المحافظة على ( الثورة الإسلامية ) الفاشلة ، وهذا الذي سيحصل حيث سيتجرع خامنئي السم الزعاف ، وإما أن نظام طهران سيواجه زخم جماهير الشعوب الإيرانية الكاسح لمقراته وأوكاره .

-  وأخيراً ، هل يعترف نظام الملالي أن الأيديولوجيا المذهبية الفارسية التشيعية قد فشلت في إيران وفي خارجها ؟ ، وهل يضمن النظام أنه سيبقى لكي يحقق خيالاً طوباوياً اسمه ( الامبراطورية الفارسية البائدة ) ؟! .

-  الأمريكيون يبحثون عن مصالحهم بتكريس ما يجدونه يتلائم مع أهدافهم ، وليسوا معنيين بتحقيق أهداف سياسات دول أُخرى أو رحمة بشعوب أُخرى .. إنها المصالح الحيوية والأمن القومي ، طالما اجتمعا ليؤكدا على المستوى الاستراتيجي ، نفوذ وسطوة الامبريالية الأمريكية التي لا تعرف صديقًا دائمًا ولا عدوًا دائمًا ولا حتى مصالح دائمة !! .





الاحد ٢٢ رمضــان ١٤٤٠ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٦ / أيــار / ٢٠١٩ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الرفيق الدكتور أبو الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة