شبكة ذي قار
عـاجـل










إِنَّ الحملة الايمانية تعتبر حدث تاريخي عظيم فى تاريخ العراق والامة العربية بأكملها ، كما انه تحول نوعي بين العلمانية والدين ، وأثبت الرفيق الشهيد صدام حسين بأن القرآن بحد ذاته أساس العلم ، ولا يوجد كتاب آخر مثله ، واشار الى قوله تعالى : قُلْ لَئِنْ أجْتَمَعَتِ أَلْإِنْسَ وَاَلْجنُّ عَلى أَنْ يَأتُنَ بِمِثْلِ هذا أَلْقُرْآنْ لا يَأتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرَا – سورة الاسراء آية ٨٨ ، لِأَنَّ القرآن نظم الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية ، ولم يبقى شيئاً فى حياة الفرد والمجتمع لم يعالجه ، لذلك أعتبر الرفيق الشهيد القرآن مصدر الحكم والقوانين ، كما أن من خلال الحملة الايمانية يستطيع الفرد أن يقوي العلاقة مع جميع ألاديان السماوية وكتبها لان جاء ذكره فى القرآن وأعتبر التعايش معهم حق طبيعي لجميع الاديان .

كما أن فكرة الحملة الايمانية لم تاتي إعتباطاً ، مثل ما تفكر بعض الاحزاب أو ألدول العنصرية أو طائفية والدول الغربية وأذيالهم من الخونة والمجرمين ، بل أتت هذه الفكرة من روح الامة العربية الاصيلة منبعثة من أصل الرسالة الخالدة التي رفعها حزب البعث العربي الاشتراكي منذ تاسيسها ولحد الان ، لان شعار الحزب هو ( أُمَةٌ عَرَبِيَةٌ وَاحِدَة .... ذَاتُ رِسَالَة خَالِدَة ) إِنَّ أتيان فكرة الحملة الايمانية جاءت من هذا الشعار مستنداً على قوله تعالى : إِنَّ هذِهِ أُمَتَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ – سورة الةانبياء ، آية ٩٢ ، كما جاءت فى سورة أُخرى : وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتَكُمْ أُمَةً وَاحِدَةً وأَنَا رَبُكُم فأتَقُونْ - سورة المؤمنون – آية ٥٢ ، بما أن فكرة البعث بالاساس جاءت من القرآن الكريم وهي الرسالة الخالدة ، وهنا الرسالة الخالدة تعني بالقرآن الكريم .

وبما ان الامة العربية أمة اصيلة ، و وطنهم مهد الحضارات الانسانية ، وإن جميع الاديان السماوية جاءت منها وهو كذلك مهد الانبياء ، مستنداً على قوله تعالى : كنتم خير امة اخرجت للناس تامرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله – سورة آل عمران – آية ١١٠ ، كل ذلك أدى الى تبلور فكرة الحملة الايمانية بغض النظرعن علمانية فكرة البعث ، وأعلنت رسمياً فى منتصف شهر حزيران ١٩٩٣م

وكلف الرفيق المناضل شيخ المجاهدين الرفيق عزة ابراهيم بالاشراف على ذلك المشروع العظيم ، إنه آن ذاك نائب رئيس مجلس قيادة الثورة ، علماً بأن قبل اعلان الحملة كتب الرفيق الشهيد عبارة الله اكبر على علم العراقي فى ٢٢ / كانون الثاني / ١٩٩١ ، وأصبح هذا تمهيداً لإِعلان الحملة الايمانية عام ١٩٩٣م . علماً بان هذه الحملة سببت ضغوطاً كبيرة على الرفيق الشهيد صدام حسين داخلياً وخارجياً ، ولكن بفضل الارادة القوية والحكمة وحنكة القيادة إستطاعوا ان يتغلبون على جميع العقبات وتنفيذ الحملة بصورة جيدة ، وكانت الاستجابة من قبل أبناء الشعب العراقي الغيارى والامة العربية استجابة ايجابية ، رغم اطلاق كثير من الاشاعات مغرضة لفشلها ولكن دون جدوى وإن كل تلك المحاولات ضربت عرض الحائط .

أن الرفيق الشهيد صدام حسين – رحمه الله – أدرك متأخراً أهمية ألعقيدة الاسلامية كعنصر توحيد ومواجهة للمشروعين الامريكي والصهيوني ، لذلك أُطلِقَ الحملة الايمانية فى أواخر أيامه وكتب عبارة الله اكبر على العلم العراقي بدمه ، وأسس لمقاومة عربية واسلامية شرسة فى مواجهة الاحتلال الامريكي ومخططاته ومن يتعاونون معها .

وهنا برز دور الايمان فى تقوية أواصر الصلة لمبادئ البعث ، لان المبادئ بدون ايمان لايعني شيئاً ، وإذا نتصفح التاريخ نرى صفحات مشرقة للاسلام ، فكانت الفتوحات الاسلامية للشعوب الاخرى هي عبارة عن بداية مرحلة جديدة فى البناء الفكري الحضاري الشمولي ، والحقيقة هو ان الفتوحات كانت تستمد قوتها ليس من القوة العسكرية التي اصبحت عليها الدولة العربية الاسلامية فى حينها ، وانما كانت الفتوحات تستمد قوتها من القوة الاعتقادية ( الايمان بمشروعية دين الاسلام ) التي كان يتمتع بها العرب المسلمين والتي استطاعت ان تحقق النصر على اعتقادات الاسطورة والخرافة والتخلف التي كانت تنبني عليها عقلية الشعوب الاخرى ، حيث أدت تلك القوة الاعتقادية ( الايمان ) الى عجز الحكام عن مجابهتها لافتقادهم لقوة الايمان تضاهيها ، بينما استجابت الشعوب الاخرى الى صدقيتها وانخرطوا الى دين الاسلام وتبنيهم لمبادئه . حيث كانت تلك الامم تفتقد الى الاهلية فى تحمل مسؤولية الرسالات السماوية والتي تفردت بها الامة العربية دون غيرها ، وهو ما أكدته الحقيقة التاريخية حيث كانت الارض العربية مهبط لكل الرسالات السماوية التي تعتنقها أغلب شعوب العالم اليوم .

لذلك فكر الرفيق الشهيد صدام حسين والقيادة السياسية لحزب البعث العربي الاشتراكي بضرورة المزاوجة بين قوة الفكر ومنطق القوة وهي معادلة قدمها فكر البعث فى نظرية عربية ثورية تجاوزت الصراع الديني بين الشعوب الى النضال من أجل التحرر من الاستعمار والهيمنة والاستغلال واحترام الامم والشعوب الاخرى والتعامل معها على اساس الاحترام المتبادل ، لذلك انطلق البعث فى هذه النظرة الفكرية الناضجة من قناعة مبدئية . لذلك أعلنت قيادة حزب البعث العربي الاشتراكي فى العراق عن الحملة الايمانية .

إِنَّ الدلالات والدواعي كلها تؤشر على أن الحملة الايمانية من ارض العراق هو لكونه الموطن الاول لاب الانبياء ( إبراهيم الخليل ) الذي ولد فى مدينة أُور احد مدن العراق القديم ، وعليه فإن العراق له الشرعية التاريخية لقيادة كل الاديان فى العالم ، كما ان هذا تأكيداً لموقف حزب البعث العربي الاشتراكي من المسألة الدينية بأعتباره حزباً علمانياً مؤمناً وليس ملحداً كما يظن أعداء الحزب والامة العربية .

دلالة أخرى هي بأن مفهوم الايمان فى فكر حزب البعث العربي الاشتراكي يتجاوز الحالة الطائفية فى الامة ، لان الايمان بالله لايقتصر على المسلمين فقط من أبناء الامة العربية بل يشمل كل ابناء الامة العربية مهما كانت اعتقاداتهم بالرسالات السماوية .

إن قيادة حزب البعث العربي الاشتراكي أدرك منذ تاسيسه بان هناك قصور من قِبَلْ بعض من الحكام العرب ، وأمام هذا القصور فى الاداء السياسي والنضالي كان لابد لقيادة حزب البعث ان تنتخي لتطلعات الامة العربية فى التحرر والانعتاق والنهوض .

عند اعلان الحملة الايمانية احتوى الحزب الظاهرة الطائفية ، وتساوى فيها كل الطوائف المؤمنة بالله مع احترام كل الاعتقادات الدينية ، كما اعلن حزب البعث على مبداء تعزيز ايمان الفرد بالقيم النبيلة التي تقوم عليها الديانات الاخرى ، إن بروز حركات دينية مختلفة فى العالم نتيجة تطور المجتمعات البشرية ادى الى اعادة نظر حزب البعث بموضوع انقاذ الامة العربية من خطر الحركات الدينية السلفية التي برزت بين شعوب العالم ، لذلك سعى حزب البعث الى اعلان الحملة الايمانية والتي رَأَتْ فيها كل تلك الحركات خطراً حقيقياً تهددها الحركات السلفية الاخرى ، كما ان انطلاق الحملة الايمانية انطلاق لنمط قيادي فقهي جديد يمتلك الاهلية الفقهية والعلمية والاخلاقية ، لتلك الحملة الايمانية ليس تكتيكاً مرحلياً بالنسبة لحزب البعث ، بل كان استراتيجا وتحولاً نوعياً فى حياة الحزب ، وبهذا استطاعت قيادة الحزب أن توازن بين العلم والدين ، الذي يقوى إيمان المنتمين الى حزب البعث حسب الظرف الذي يمر به ، لان إيمان أحد مرتكزات الاساسية لمبادئ حزب البعث ، وبهذا اصبح حزباً متكاملاً نظرياً وعملياً أمام الامة العربية فى تحمل كافة المسؤليات التي تقع على عاتقه لانقاذ الامة العربية من مخلفات العهود السابقة والحكم الاستعمارى ، وكانت مادة دسمة لتثقيف أبناء الامة بجميع اديانه واعتقاداته ، كما انه دفعة كبيرة لتقوية الايمان لدى الفرد والجماعة ، واعطاء مفاهيم جديدة لهم وانقاذهم من الخرافات السابقة التي كانوا ينشرونها أعداء الامة العربية والاسلام ، وبهذا بداء عصر جديد ومشرق لحزب البعث العربي الاشتراكي ، وكان لامعاً بين جميع الاحزاب العاملة فى الوطن العربي ، ويبقى هذا الحزب العملاق قوة للاجيال القادمة كما كانت قوية ، بفضل الله وقيادته الحكيمة الى تحقيق النصر النهائي وتطهير العراق والامة العربية من رجس الاستعمار والمحتلين واذيالهم الخائبين .





الاربعاء ١٩ شعبــان ١٤٤٠ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٤ / نيســان / ٢٠١٩ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أ.د. أَبولهيب نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة