شبكة ذي قار
عـاجـل










تحل علينا في 17 / 04 / 2019 الذكرى الحادية والثلاثون لتحرير الفاو من دنس العدو الإيراني، وهي الذكرى التي أجبرت المجرم الخميني الصفوي على وقف إطلاق النار وإنهاء حربه الغادرة الآثمة على العراق طيلة ثماني سنوات من 1980 إلى 1988، والتي دفعته للاعتراف بالهزيمة المٌرّة القاسية التي تكبدتها جحافل جنده فاضطر مكرها صاغرا على اعتبار قراره بمثابة تجرعه للسم الزعاف.

فلقد دام احتلال الفرس لشبه جزيرة الفاو سنتين كاملتين، وكانوا يعولون عليها من خلال سيطرتهم ويولونها أولوية استراتيجية قصوى نظرا لاعتبارهم ونظرتهم لها على أنها ستكون بوابتهم لاحتلال العراق واستباحته، وأيضا لتحقيق المخططات الإيرانية الفارسية الصفوية الخمينية والتي تنص عليها منظومة ولاية الفقيه من جهة، والتي هي انضباط للأدوار التي كلف بها الخميني من طرف الدوائر الامبريالية والصهيونية العالمية وجوهرها العمل على ضرب التجربة العراقية القومية ومنع المسيرة التنموية العملاقة التي انطلق في نحت معالمها النظام الوطني بقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي من جهة أخرى.

إلا أنه ورغم ما حظي به الفرس وعدوانهم الغادر على العراق من دعم غربي وامبريالي وصهيوني موثق خاصة ضمن فضيحة إيران غايت وغيرها، فإن النظام الوطني العراقي بقيادة حزب البعث وشعب العراق وجيشه الباسل قد تمكنوا من كسر شوكة المعتدين ولقنوهم درسا بليغا أحيى في نفوس المتطرّفين الفرس ذكريات جراحات غائرة وعمقوا مركب نقصهم الحضاري المزمن تجاه العرب عامة والعراق خاصة، ما دفعهم للانكفاء للداخل الإيراني والانزواء والانصراف لتضميد جراحهم تلك وترميم نفسيتهم المنهارة.

ولقد تمكن العراق شعبا ونظاما وجيشا من تحقيق النصر المظفر بفضل التضحيات الجسام التي قدمها على مذبح حرية العراق وعروبته ووحدته وسلامة أراضيه، وكان للإيمان الهائل بالله والتوكل عليه والانضباط الصارم للعقيدة القومية وللمصلحة العربية الاستراتيجية العليا، ولتوفر الإلمام الشامل بتفكير العدو الإيراني وبعقيدة ولاية الفقيه ومخططاتها ومهامها وأدوارها الوظيفية المتناسقة والمتماهية والمكلمة والداعمة والخادمة للمشروع الصهيوني، والإدراك الواسع للطبيعة الاحتلالية التوسعية الاستيطانية الشعوبية العنصرية لمنظومة الملالي وهي المنظومة القومية الفارسية العنصرية المتطرفة المغلفة بالدين وبالمتاجرة باحتكار المذهب وغير ذلك مما بات معلوما لأصغر شبل عربي سيما من حيث منسوب الثارات وحجم الأحقاد على العرب والعراق، الدور الأهم وعامل الحسم المتقدم في إلحاق الهزيمة بجيش الخميني وفي قبر أحلامه ومن ثم استرجاع الفاو ودحر العدوان الإيراني الفارسي الصفوي الغاشم.

وإننا وإذ نستذكر هذا التاريخ الوضاء من صفحات أمتنا المشرق، فإننا لا نروم منه الركون للماضي والهروب إليه والتفصي من مسؤوليات الفعل في الحاضر والتأسيس للمستقبل كما ينبغي وكما يليق بالأمة العربية رغم ما ترسف تحته من دمار وخراب وانحطاط وجزر قومي محيّر ورغم تصاعد استهدافها وتكالب الأعداء مختلفين عليها عابثين بمقدراتها مستبيحين لثرواتها مهددين جديا لمصيرها من الأساس.

فبالرجوع لوضعنا العربي الراهن وانطلاقا من العراق ذاته، وبالنظر إلى شرقه حيث الحواز العربية المحتلة، ثم إلى غربه في سورية وفلسطين، وإلى جنوبه حيث شبه الجزيرة العربية، وصولا إلى فلسطين فالشطر الإفريقي من وطننا العربي العزيز، فإننا سنجد العرب محاطين بأخطار شتى وبتهديدات مركّبة وشاملة، ولكننا سنوقن أن أعلى الأخطار المحدقة بالوجود العربي هو الخطر الإيراني الفارسي الذي يوغل في تمزيق النسيج المجتمعي العربي ويهدد بتقويض أركان العروبة واجتثاثها فعليا لما يتوفر عليه من مرتكزات لا يتوفر عليها غيره من أقطاب الأعداء الآخرين، وذلك لاشتراكه مع العرب في حدود طبيعية ممتدة لعشرا مئات الكيلومترات أرضا وبحرا، ولتنفّله بورقة الطائفيّة والمذهبيّة بفعل ادعاء منظومة ولاية الفقيه الحاكمة في إيران الشرّ والرّذيلة دفاعها عن المذهب الشيعي والذي هو في الواقع تجييره لصالح التشيع الصفوي بمدلولاته ومآربه وغاياته القومية الموغلة في التطرف بعيدا عن الشعارات والمظهر والعمائم والعباءات وغير ذلك من المظاهر البراقة الكاذبة العفنة، ومن أخطرها على الإطلاق جرائمه الإرهابية المتلاحقة بحق العرب جميعا سيما في العراق والأحواز العربية وسورية واليمن، حيث تشن إيران الفارسية حربا لا هوادة فيها على كل ما هو عربي بشرا وحجرا وشجرا، تاريخا ومقدرات، وتستحث الخطى لطمس معالم العروبة أينما تنفذت وتمددت، بالتزامن مع حروب الإبادة العرقة المفتوحة والعاملة على تشريد العرب وتهجيرهم ونفيهم لتهيئة الظروف لإنجاح سياسية التغيير الديموغرافي العنصرية لتعقيد المأساة العربية وانتقاما من العرب وأهلها.

وإزاء هذه الظروف المأساوية والخطوب المدلهمة، فإن العرب مطالبون فوريا وبلا مماطلة أو تسويف بضرورة التصدي الحازم المسؤول لهذا الخطر الزاحف ولهذا الطاعون والسرطان المستشري في الجسد العربي المنهك، وخوض مختلف أشكال الصد والمقاومة للتمدد الإيراني الفارسي وعدم الاتكال على من يعتقدون واهمين أنهم حلفاء أو أعوان، ليكون التعويل على الجماهير العربية حصرا، بعد تعبئتها وتهيئتها جيدا لهذه المنازلة القومية العربية المصيرية الفارقة والمحددة للمستقبل والوجود العربيين.

وليعلم العرب إن صدقوا في ادعاءاتهم وعزمهم على الوقوف بوجه الاعتداء الإيراني المفتوح على أمتنا، أن عليهم سبر اغوار ملحمة تحرير الفاو قبل 31 عاما، واستلهام الدروس والعبر منها، وذلك بالتمحيص والتدقيق في العوامل المؤدية لصنع ذلك النصر الكبير وإن تجاهلوه أو أنكروه.

وعليهم في تلك الأثناء الوقوف على دلالات حسم معركة الفاو في غضون 35 ساعة فقط رغم الفوارق الواسعة بين امكانيات العدو الإيراني الفارسي والعراق وقتها.

وليدركوا يقينا أن الإرادة والإخلاص للأمة والرفض المطلق للتسليم بواقع الحال وعدم التخاذل والتهاون وعدم الرضوخ للانتهاكات وخاصة للمقاييس والمعادلات الفنية، وليتيقنوا أن التصميم والإيمان بالله أولا ثم بالنفس ثانيا ثم بالحقوق والحرمات العربية ثالثا، سبيلهم الوحيد للنجاح والفلاح وتجاوز مكائد الفرس ورهاناتهم ومخططاتهم في التمدد والتوغل داخل الجسد العربي لتركيع العرب والتنكيل بهم وابتلاع خيراتهم واجتثاثهم من الأساس.

فهل يفعلها العرب؟
وهل يتعظون من واقعة الفاو الخالدة؟ وهل يهتدون للاسترشاد بدروسها وعِبرها ومعانيها؟





الجمعة ١٤ شعبــان ١٤٤٠ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٩ / نيســان / ٢٠١٩ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أنيس الهمامي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة