شبكة ذي قار
عـاجـل










بعد مؤتمر ميشيغين الذي عقد قبل حوالي شهرين، تخطو طلائع العراق والأمة وأبناؤها البررة خطوة عملاقة متجددة تسعى من ورائها لمتابعة مخاطبة الرأي العام الأمريكي حول الوضع في العراق من مختلف زواياه وخاصة تنامي خطر الاحتلال الإيراني الفارسي ودعمه المتواتر للعملية السياسية التخريبية في بلاد ما بين النهرين.

فلقد بات جليا لجميع الأحرار لا في الوطن العربي فحسب بل وعلى صعيد العالم برمته، مدى انهيار الوضع في العراق وفظاعة مستوى التخريب الممنهج الذي ترزح تحته أرض الرافدين، حيث عم الفساد وفاق كل المستويات المتوقعة وغير المتوقعة، وتعاظم خطر التهجير القسري للعراقيين وترهيبهم وتقتيلهم على الهوية ووفق مقاييس عنصرية وطائفية مقيتة موغلة في الانحطاط المركب، ناهيك عن جرائم التغيير الديموغرافي التي لا تهدأ وتأتي لتواصل حصد ما أبقته حروب الإبادة العرقية المفتوحة والتي شنتها أحزاب إيران وميليشياتها وفيالقها العسكرية على العراقيين بلا هوادة في كل ربوع البلاد، كما بات العالم مدركا يقينا للفضائح المدوية التي تطبع عمل حفنة الحثالات الجاثمة على صدور العراقيين والعابثين بحاضرهم ومستقبلهم فضلا عن التلاعب المخزي بموروثهم الفكري ومخزونهم الحضاري المتفرد.

ولقد بلغت الأوضاع في العراق حدودا مفزعة من التقهقر الذي طال الاقتصاد والأمن والخدمات الأساسية والتعليم والبنى التحتية والزراعة والري وغيرها، وهو الأمر الذي لم يعد مسموحا معه السكوت أو حتى الاكتفاء بالطرق التقليدية للتعامل معه.

وهذا ما أدركته النخب العراقية الأصيلة صاحبة الانتماء الأصيل للعراق ولعروبته وتاريخه وحضاراته، والواعية بما يتوجب عليها من أدوار ومهام لنجدة بلاد ما بين النهرين وشعبها، فانتخت لنداء الواجب، ولبت صرخات حمورابي ونبوخذ نصر والفاتح صلاح الدين، وانتصرت لتاريخ الكندي والكرخي والخوارزمي وبن سيناء وبن الهيثم، واستحضرت شجاعة فرسان القادسية وإيمانهم وبسالتهم، واستنجدت بمروءة جلجامش وسرجون الأكدي وبطولاتهما، وتسلحت بعزة المتنبي وأبو فراس الحمداني وآلاف المبدعين الخالدين الآخرين كالجاحظ والفارابي والموصلي وما أكثر نظرائهم، وعقدت العزم على التصدي الحازم للحرب الضروس التي تشنها منظومة ولاية الفقيه المتخلفة والمسكونة بعداء تاريخي للعراق وأهله لا ينقطع، ولسياسات الملالي الإجرامية القائمة على نزعة الثارات والأحقاد الشعوبية المتوارثة، فقررت هذه الطليعة المناضلة طرق جميع الأبواب وسلك مختلف الدروب هازئة بوعورتها وبمطباتها وعقباتها وصعابها، كلفها ذلك ما كلفها.

ولقد تفتقت قريحة هذه الكوكبة المناضلة المتعلقة بنخيل بلاد الرافدين الباسق، والوفية لماء دجلة والفرات، عن بادرة اقتحامية فريدة، تمثلت بوجوب نقل مأساة العراق وعرضها على الرأي العام الدولي سيما في البلدان التي شكلت أضلاع الحلف الآثم الذي استهدف العراق منذ عقود، وتورط في تدمير بناه وتخريب مكتسباته وتمزيق شعبه ومحو موروثه الفكري والحضاري والعلمي والثقافي والبطولي التاريخي والقومي، فكانت الولايات المتحدة باعتبارها رأس الحربة في استهداف العراق، منطلق هذه الوثبة النضالية المبهرة، لتمثل ميشيغن أولى منصات الانطلاق ثم لتليها واشنطن بكل ثقلها ومغازيها.

نعم.. نجحت هذه النخبة المؤمنة في تتويج مجهودات سنين طوال، وصلت فيها الليل بالنهار تفكيرا وتخطيطا وتنسيقا وتمحيصا واتصالات وترتيبات، لتتمكن في النهاية من الولوج للضمير الجمعي رويدا رويدا، لتكسر أطواق الاجتثاث، وتمزق أسيجة الحصار، ولتخترق حواجز الإقصاء، ولتحدث شرخا واسعا في منظومة التبشيع والشيطنة التي استهدفت قوى العراق الحية وعلى رأسها المقاومة العراقية الباسلة التي يقودها حزب البعث العربي الاشتراكي ويشرف عليها ويرسم خططها الاستراتيجية وتكتيكاتها كافة، وآثرت الاتصال المباشر، ووجها لوجه مع الشعب الأمريكي حتى تتضح عنده الصورة بعيدا عن دواليب التلفيقات المخابراتية والسياسات الأمريكية المخاتلة والكاذبة.

مؤتمر واشنطن في 13 آذار، هو مراكمة على مؤتمر ميشيغين، وستكون مخرجاته وتأثيراته أقوى ولا ريب، وسيكون فاتحة لمؤتمرات أخرى في أماكن مختلفة داخل أمريكا نفسها وخارجها، وحتما ستكون كلها مؤتمرات وملتقيات محورها الأساس والمفصلي هو فضح خطر الاحتلال الإيراني للعراق ومخلفاته فائقة السوء وكارثية التداعيات.

إن هذا المؤتمر، لهو محطة أخرى تدلل على مدى نباهة قيادة المقاومة العراقية ودقة حساباتها، والتي لم تغفل شاردة ولا واردة إلا وخططت لها ودققت فيها ومحصتها، فركزت على الكفاح المسلح والجهاد لما اقتضى الأمر ذلك، ومازجت بين المقاومة العسكرية والعمل السياسي متى انفتحت أبواب السياسة، ثم عبرت للمرحلة الديبلوماسية إيذانا منها وبشرى بقرب الخلاص ودنو موعد النصر الكبير.

إن مؤتمر واشنطن في 13 آذار - مارس 2019 القادم، لن يكون مجرد حدث عادي، ولا تاريخا هامشيا، بل لن يكون العراق قبله كالعراق بعده، ولن تكون كذلك إيران ولا مخططاتها العدوانية ولا سياساتها التوسعية في العراق والأمة جمعاء. وهو مؤتمر سيؤرخ لعهد جديد ستكون أولى إرهاصاته تخلص العراق من السرطان الإيراني وجميع أورامه الخبيثة وانحسار الأطماع الفارسية وانكفاء الصفويين لداخل الهضبة الإيرانية.

وإن مؤتمر واشنطن، منجز كبير جديد ينضاف لرصيد المقاومة العراقية الباسلة، وهو حلقة نضالية سياسية ديبلوماسية عبقرية ما كانت تخطر على بال أحد من العرب ولا حتى من غير العرب.

وإن دلائل نجاح هذا المؤتمر وبشائره ظاهرة جلية للعيان، ولعل من أهمها أن مؤتمر واشنطن مكمل لمؤتمر ميشيغن ومراكمة عليه، وأن انعقاده بعد شهرين فقط منه يحدّث عن التخطيط المحكم من جهة وعن العزيمة الفولاذية للقائمين عليه والمؤثثين له من جهة أخرى، ولأن أهدافه المعلنة ( ولا أهداف خفية له أصلاً ) تعكس بل وتستجيب لتطلعات شعب العراق وجماهير الأمة العربية لخلاصها من الخطر الفارسي المتربص بها، وهي التي ضاقت ذرعا برعونة ملالي إيران وجرائمهم الطائفية ومخططاتهم الاحتلالية التوسعية الاستيطانية الشعوبية العنصرية.

ويبقى أهم عناوين النجاح المنتظر للمؤتمر، هو هذه الهيستيريا والهلع اللذان طغيا طغيانا هائلا على ردود فعل إيران وميليشياتها وذبابها الالكتروني على هذا المؤتمر حتى قبيل انعقاده، حيث حضر فحيح الأفاعي بالمستوى المعهود نفسه وأكثر، ولكن علت نسبة التشنج بشكل مثير، وغلبت عليه مسحة الانكسار والتشاؤم في قرارة أنفس طهران وعملائها. فلقد حضرت كالعادة متلازمة ( المؤتمر بعثي، ويشرف عليه بعثيون )، ليظهر التصميم اليائس لإيران ونغولها على تخويف العراقيين من البعث والبعثيين، غير مدركين لاطراد شعبية البعث في الشارع العراقي حتى لتصل لأعلى بكثير من شعبيته زمن الحكم والتمكين.

إننا لا نخجل، ولا يجب علينا أن نفعل، إذا ما رفعنا الصوت قويا، بأن هذا المؤتمر هو فعل بعثي بامتياز، شأنه شأن المؤتمر الذي سبقه، وأن على أعداء الأمة وخاصة الفرس أن ينتظروا مزيدا من المفاجآت والمباغتة البعثية، كما أن على أحرار الأمة وماجداتها أن ينتظروا من البعث ما يسرهم.

فالبعث، وبعد سنوات طوال من الاستهداف والشيطنة والافتراء والحصار والاجتثاث والحظر والتقتيل والتنكيل، يعود أقوى من ذي قبل، أكثر صلابة تنظيمية، وأقوى شكيمة، وأصلب إرادة، كما وعد قائده الرفيق عزة إبراهيم في خطابه للجماهير بمناسبة الذكرى 71 لتأسيس الحزب، ويقود مرحلة جديدة من إدارة الصراع، وينحت طريقا آخر للخلاص، ويرسم خارطة التحرر من الاحتلال الإيراني ليتمكن العراقيون من تطبيب جراحاتهم وترميم ما أفسده الطغاة، ليعاودوا معانقة سلم المجد كما دأبهم على مر العصور.

وها هم رفاق البعث ومناضلوه وجنوده المخلصون، يكتبون سفرا جديدا من تاريخ العراق والأمة، بعيدا عن الصبيانيات والإنشائيات، وبعيدا عن القعود والاستسلام والخنوع.
كل الموفقية لرجال البعث الغيارى وحلفائهم في القوى الوطنية العراقية في مؤتمرهم مؤتمر واشنطن 13 آذار - مارس 2019.

وليخسأ الفرس وعملاؤهم وبيادقهم.





الثلاثاء ٢٨ جمادي الثانية ١٤٤٠ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٥ / أذار / ٢٠١٩ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أنيس الهمامي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة