شبكة ذي قار
عـاجـل










في إطار مشاورات تجريها قيادة التنظيم السوري لحزب البعث العربي الاشتراكي، مع القوى الأساسية في الساحة السورية، وقوى أخرى واعدة تتمتع بالرؤية والعزيمة الرافضة للاستسلام والخضوع للألعاب الدولية كمقرر لمصير الوطن، يسعى حزبنا، مع عموم الحركة الوطنية السورية إلى بلورة مشروع رؤية تصلح لأن تشكل معالم للطريق والمسارات التي ستفرض إيقاعها على حركة النضال الوطني، ومن خلال تواصل اللقاءات والمشاورات مع سائر القوى لتكوين صورة موحدة أو متقاربة، ستنعكس ايجابياً على نضالنا في المرحلة المقبلة.

إن عمق المأزق الذي وضع النظام نفسه فيه ومعه مقدرات الوطن في حضيض من تداخل الخنادق، والمصالح الأجنبية المتناقضة، بدرجة تحمل على التقدير أن أزمة النظام عميقة، بل وأعمق مما يعتقده بعض المراقبون، وكان النظام يهدف من فتح الأبواب أمام التدخل الأجنبي هو إنقاذه من السقوط والتهاوي على يد القوى الشعبية، ولكن مع اكتضاض الساحة بالمتدخلين الأجانب، ولكل مصالحة المتناقضة مع بعضها، ومن البديهي أنها سوف لن تقدم على عملية الإنقاذ هذه بتكاليفها السياسية والمالية والبشرية، دون منهج سياسي وقانوني واضح، يضمن عدم خسارتها لمصالحها، ولوجودها المادي ونفوذها الواقعي. حتى غدت جميع الأطراف أقوى من نظام الأسرة يقف أمامها عارياً من تأييد الشعب، والقوى السياسية الفاعلة، حتى أضحت الأسرة ورئيسها العقبة الأساسية للتطور والانتقال إلى مرحلة جديدة.

ومن جهة أخرى، يبدو بوضوح أن فرص النظام في طرح خط سياسي مقبول يتفهم المشكلات السورية بعمقها الحقيقي، والقدرة على وضع الحلول الناجعة لها، ضئيلة ومستبعدة، فالثقة أولاً مفقودة بين النظام والشعب، والحياة السياسية تفتقر لأبسط مقدمات البدء بعملية شاملة للإصلاح السياسي والاقتصادي وصولاً إلى نظام ديمقراطي والحرية، نعتقد أن أبرز أسسه :

ــ دستور يضمن الانتقال السلمي للسلطة.
ــ الوحدة الوطنية السورية بأفقها العريض ( الأرض، السكان، الاقتصاد، الثقافة ).
ــ الأسس المادية لحياة سياسية تعددية قائمة على تقبل الآخر.
ــ استئصال الفساد بوصفه إحدى المعوقات الأساسية للتنمية.
ــ استبعاد لدور الأجهزة المخابراتية في المجتمع.

ففي سوريا لا يوجد الواقع نظام بالمعنى السياسي والدستوري الدقيق، ولم يكن مثل هذا النظام موجوداً منذ أمد بعيد، بل هناك نظام أسرة حاكمة، ترسخ خلال عقود طويلة ديماغوجي أستخدم كافة السبل الغير قانونية والشعارات الوطنية والقومية والتقدمية بل وحتى التمسح بالدين والطائفية، وتمكن من تأسيس شبكة معقدة من المصالح الانتهازية الغير قائمة على أساس اجتماعي وقانوني، وأحاط نفسه بنفسه بسياج أمني استخباراتي، وأن يتخلى عن هذا النهج الذي أبقاه في السلطة طيلة 48 عاماً، هو احتمال بعيد جداً، فمرتكزات النظام التي ما برح يرددها لليوم ويعرضها لا تنطوي حتى على أبسط شروط ينبغي توفرها في برنامج يهدف إلى النهوض ببلد يلفه الخراب الشامل في كافة مرافقه، وسياسة الاعتماد على الخارج في التخريب والتدمير ممكنة، ولكن في الإعمار وإعادة بناء البلاد مستحيلة، فالوجود الأجنبي هو استثمار سياسي / اقتصادي / استراتيجي، وليس تبرعات أو أعمال خيرية.

مالعمل ....؟

الوجود الأجنبي الداعم لنظام الأسرة موجود أو مسكوت عنه بموجب معطيات سياسية، ومن طبيعة المعطيات السياسية أنها مؤقتة وليست خالدة أبد الدهر، ويوماً ما ستضطر هذه القوى للانسحاب لأن الخسائر في بقاؤها مكلف ( سياسياً واقتصادياً ) فتعمد للرحيل وفق المنطق السياسي. نعم ... في غضون هذه المهلة سيتمكن نظام الأسرة، أن يعيد ترميم الشبيحة والشبكة العنكبوتية من المرتزقة ( الأمن والاستخبارات، والمخابرات .. الخ ) ومحترفي القتل لأنها ستكون المعين الوحيد له للوقوف أمام الشعب الغاضب.

إذن النظام الأسري لا يستطيع أن يغير مسلكه، وهو مسلك سار عليه نحو نصف قرن من الزمن، حتى أضحى سمته الجوهرية ، ولهذا تحديداً مسكوت عليه من القوى الدولية، وعلى جرائمه، الحياة والديمقراطية ترياق معاد للأسرة الأسدية، إن الحديث عن هذه المفاهيم هي لتزجية الوقت ليس إلا وسرعان ما ستعود الدورة من جديد ..طغيان ..رفض ..قمع .. لأن النظام بتركيبته وطبيعته عاجز أن ينتج غيرها، والنظام الأسري لا يعول بشروى نقير على "القوى السياسية" التي تقف معه تقليدياً، وليست أكثر من ديكور في محاولة بائسة لإعطاء المشهد أصباغ باهتة. ولأنها لم تكن ذات أهمية يوماً وسوف لن تكون ..فالاحتمالية الأكبر هي أن يعود ليواجه الشعب وذات الخيارات الصعبة، ربما بسيناريو مختلف شكلاً، ولكن بذات المضمون والإيقاع والنتائج ..

القوى الوطنية السورية مطالبة دون إبطاء، وضع مشاريع تضمن القدر الأدنى، من العوامل والقواسم المشتركة، مشاريع تتكامل فيما بينها، لتلتقي في أهداف رئيسية، وقبل كل شيئ تصورات سياسية واضحة ومختصرة فالشيطان يكمن في التفاصيل، ولا يبالغن طرف ببرنامجه، فما نريده هو الوطن واحداً موحداً، والحرية للجميع ودستوراً يصلح لأن يعيش في ظله بشر في القرن الواحد والعشرين .

ثمة أمر نراه ضرورياً، هو أن يقود الحوار الهادف، إلى تطوير الأفكار ومنحها المزيد من النضج، وأن يخوضه الجميع ثنائياً أو جمعياً بهدف التوصل إلى قناعات مشتركة، تصلح للتطوير إلى خطط مشتركة وعمل سياسي جماعي، وليكن في علم الجميع أن ثقافة الحزب الواحد أو الحركة الواحدة انتهت إلى غير رجعة، بسبب تعقد الحياة السياسية والاجتماعية، ومتطلبات العمل السياسي بمراتبه القيادية، ونحن في سوريا أول من عانينا من عقد " قائد المسيرة "، لأنه وببساطة أمر ينطوي على إلغاء فقرات مهمة في العمل السياسي، ويحيلها إلى ماكنة .

المسيرة سوف لن تتوقف ... والشعب يمتلك الإرادة لأن يرفض الطغيان بأساليب شتى مهما كانت وراءه من قوى .. نحن كبعثيين ومع كل قوى شعبنا من قوى وحركات وأحزاب وشخصيات سنقف جميعا تحت لافتة واحدة ... الحرية ...!

دمشق٢٤ / تشرين الثاني / ٢٠١٨





الاحد ٢٤ ربيع الاول ١٤٤٠ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٢ / كانون الاول / ٢٠١٨ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب حزب البعث العربي الاشتراكي - قيادة التنظيم السوري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة