شبكة ذي قار
عـاجـل










ندرك، نحن العراقيين المعارضين والمقاومين لغزو بلدنا واحتلاله أننا الكيان البشري الوحيد أو الأبرز ( ومعنا بعض أحرار الأمة ) الذي يسبح ضد تيار العالم برمته رغم استغلاله للإعلام والديبلوماسية والسياسة ونوافذ الاقتصاد ليتحدث عن عداء تديره أمريكا لإيران دون تقديم واقعة واحدة تثبت صحة ادعائه غير الجعجعة التي لم تنتج طحينا.

نحن لوحدنا نقدم منذ سنوات طويلة وإلى يومنا هذا الأدلة والبراهين والوقائع التي تثبت العكس ونقول بوجود علاقات وطيدة ظاهرة ومستترة بين الولايات المتحدة وبين إيران القديمة زمن الشاه الذي كانت تتفق معنا بعض الدول العربية والأجنبية حول علاقاته الوثيقة وخدماته الجليلة التي يقدمها لأمريكا وللغرب حتى صاروا يسمونه ( شرطي الخليج )، ثم في زمن نظام خميني الذي قلب صيغة الحكم في إيران من دولة مدنية منفتحة وبأنماط علمانية واسعة إلى دولة يقول دستورها إنها ( شيعية ) وقومية فارسية.

نحن لوحدنا، العراقيين الأحرار ومعنا نجباء شعبنا العربي، من يكشف للعالم كل يوم أن السياسة وتطبيقاتها العملية ليست ادعاء ظل يتكرر منذ ما لا يقل عن 70 سنة دون أن تشرق له شمس ولا يطل في ليله قمر اللهم باستثناء وقائع وإجراءات هدفها ذر الرماد في العيون وحصل ويحصل ما يماثلها من أزمات في علاقة أمريكا ببريطانيا أو روسيا أو المانيا على سبيل المثال لا الحصر، ولم تغير تلك الأحداث بأي شكل من الأشكال حقيقة العلاقات الوطيدة بين أمريكا وإيران بل كانت غطاء لفضائح تسليح ولتمرير تخادم مخابراتي ضد العرب عموما والعراق خصوصا.

عندما جمعت الولايات المتحدة الأمريكية كل أوراق تآمرها وعدائها للعراق وشعبه ونظامه الوطني، لم تتوقف عند جعجة الإعلام التي مزقت آذان الكون ولم تتوقف عند إجراءات محدودة ولا حتى عند حرب كونية شنتها ضده بذريعة واهية سخيفة ساذجة سموها إخراج الجيش العراقي من الكويت، ولم تتوقف عند حصار دام أربعة عشر عاما قتل أكثر من 2 مليون من أطفال وشيوخ العراق بأمراض منع الحصار أدويتها وبمجاعة أوقف الحصار خبزها كما لم يحصل في تاريخ العالم من قبل. كان حصارا شل الحياة ودمر الاقتصاد وأضعف القوات المسلحة وقسم البلاد إلى ثلاث مناطق في الجو وعلى الأرض ومنع طيران الطائرات وأوقف بيع النفط ومنع استيراد السلاح والسجائر والدفاتر والأدوية وأقلام الرصاص والقماش والملابس والمجلات والكتب، منع كل شئ يغذي البلاد والعباد حتى هاجرها عدة ملايين هربا من البلاء الذي حل، وتقادمت أسلحة الجيش وظهرت لأول مرة في تاريخ دولة العراق البعثية الوطنية مظاهر تدل على فساد هو نوع من الاستجداء سببه الجوع وتدهور سعر صرف الدينار وتدني القدرة الشرائية. وبعد أن ضعف العراق وشلت أطرافه، جهزت أمريكا حلفا دوليا من عشرات الدول غزته واحتلته وما زالت تعبث به وبمقدراته وتهدد وجوده بالتقسيم ومعها العدو الافتراضي الذي هو إيران!.

أمامنا مثالان كلاهما سمته أمريكا مارقا وشيطانا هما العراق وإيران.

لكن إيران لا يزال نظامها الذي شن حربا ضروس على العراق دامت ثماني سنوات ولم تفلح فكملت أمريكا المشوار بما سمي حرب الخليج الأولى نجح العراق في تقييد نتائجها النهائية ففرض عليه الحصار حتى صار ضعيفا فتم غزوه واحتلاله، قائما رغم ما نسمعه عن عداء أمريكي له منذ عام 1979، كما لم تتصدع قدراته العسكرية، ولا يزال البرنامج النووي الإيراني ساريا ينمو ويزداد اقتدارا في إنتاج أهدافه السلمية والعسكرية، ولم تردع مشاريع ذلك النظام لاحتلال العراق بحماية أمريكية ولا مشاريع توسعه في البلاد العربية الأخرى.

بل إن الأمر والأخس إن لم يكن العجب العجاب أن إيران تشارك أميركا عملياتها العدوانية ضد العرب في معظم أقطار الأمة.

وأخيرا.. ها نحن أمام مسرحية أخرى أوقفت العالم على قدميه مثلها ترامب ليخدع العالم بأنه مختلف عن أوباما في التعاطي مع إيران، هي مسرحية العقوبات على إيران التي أثارت زوابع سياسية وتكهنات اقتصادية تدميرية غير أن ترامب قبل وصول موعد تنفيذ تهديداته بيومين استثنى دولة من العقوبات الأمريكية وسمح لها باستمرار التبادل التجاري مع إيران بما يضمن لها ألا تجوع كما جاع العراق وألا يتدهور اقتصادها وستبقى العمائم المجرمة تحكمها وتبث إجرامها إلى دول الجوار والعالم.

استثناء عدة دول من العقوبات يمنح إيران فرصة شراء البضائع الأمريكية والبريطانية والفرنسية والألمانية كلها دون استثناء من الهند مثلا ويمنحها قدرات التسديد بالدولار عبر تصدير نفطها لتلك الدول، ويمنحها حق استخدام ثروات العراق كلها طالما أن السلطة التي تدير شؤون العراق هي إيرانية تحميها أمريكا.





السبت ٢ ربيع الاول ١٤٤٠ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٠ / تشرين الثاني / ٢٠١٨ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أ.د كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة