شبكة ذي قار
عـاجـل










لا يختلف عاقلان حول حاجة أمتنا الملحة للمقاومة سبيلا وسلاحا استراتيجيا لصد الحملات الاستعمارية المتعاقبة عليها المتجددة والقديمة. فصد مشاريع الاحتلال الجاثمة على صدور شعبنا العربي في فلسطين والأحواز العربية والعراق أولوية قصوى يعجز بدونها الفعل والعقل العربيان المقاومان على تحقيق هدف طرد الاستعمار والتحرر القومي.

وليس في التركيز على المقاومة في عدد من ساحات الوطن العربي استهانة بالمقاومة في بقية الساحات، لأن ذلك حتما خطأ فادح تعادل تبعاته السلبية خطر الترويج لإمكانية تحقيق التغيير بغير المقاومة الشاملة.

وفي هذا المقال، سنخص المقاومة الأحوازية بتسليط الأضواء عليها لعدد من العوامل أهمها في اعتقادنا أن :

1- مظلمة الأحواز العربية لم تحظ لحد اليوم بالاهتمام الكافي ولم تشغل الحيز الجديرة به عربيا سواء رسميا أو شعبيا وعلى مختلف الأصعدة قانونية وسياسية وثقافية وإعلامية وغيرها.

2- تنامي خطر العداء الإيراني الفارسي للأمة العربية واستمرار تصاعد استهتار نظام ولاية الفقيه بالأمن القومي العربي وتآمره عليه، كلها مؤشرات عدوانية ذات آثار كارثية على الوجود العربي، وتتماهى شكلا ومضمونا مع الخطر الصهيوني بل تتفوق عليه وتتجاوزه حدة وحقدا وثارات، وتزيد عليه بمخدر الورقة الدينية، ما يحتم التصدي العربي الحازم الشجاع الفوري.

3- البديهي أن تكون الأحواز العربية المقاومة الرافضة للاحتلال الإيراني والمتصدية للمشروع الفارسي الاستيطاني التوسعي مهد وأد نظام الملالي وكسر شوكته بحكم موقعها الاستراتيجي المتقدم وثقلها الكبير في المعادلات والموازنات الاقتصادية الإيرانية.

فالأحواز العربية قطر عربي يعاني الاحتلال الإيراني منذ عام 1925، ويتعرض لأبشع الممارسات والجرائم الإرهابية يسلطها المحتل الفارسي وسط صمت عربي ودولي يرقى أو يتجاوز مرتبة التواطئ، ومن أهم تلك الممارسات إنكار احتلالها وإيغال قوات الاحتلال في التنكيل بالأحوازيين والتضييق عليهم من خلال سوء الخدمات وانعدامها أغلب الأحيان، وأيضا عبر المحاكمات الجائرة والإعدامات اليومية والمطاردة والتشريد والتهجير ناهيك عن سياسات طمس معالم الهوية العربية الأصيلة للأحواز واستبدالها بأخرى فارسية دخيلة وهجينة عليها، بالإضافة لسياسات التفريس والتغيير الديموغرافي بإغراق الساحة الأحوازية بمغتصيين فرس وغيرهم.

ومن الطبيعي أن يجابه الاحتلال الفارسي للأحواز -كأي احتلال في التاريخ - للرفض والمطاردة والاستهداف من قبل ضحاياه، وهو ما يعني ببساطة شديدة مقاومته وصده لحين تحقيق التحرير الناجز.

ولكن، يتوجب التشديد على خصوصية المقاومة الأحوازية للاستعمار الإيراني وصد خطر المشروع الفارسي الصفوي بقيادة نظام ولاية الفقيه.

فتلك الخصوصية تتناسب مع خصوصية العدو الإيراني وطبيعته وأخطاره ومراميه، فالمقاومة الأحوازية ليست مجرد مقاومة عادية في الزمان وخاصة المكان، فهي غير محصورة في فعلها على حدود رقعتها الجغرافية، والمؤكد أيضا أن قطافها وخراجها لن ينعكس على الداخل الأحوازي فحسب.

فعطفا على حكمنا على تطور العداء الإيراني الفارسي للعرب والخطر الذي باتت تشكله منظومة الملالي على مستقبلهم ومصيرهم برمته، واستنادا إلى التغول الفارسي على حسابهم وتمططهم واستحواذهم فعليا على زمام الأمور في أربعة أقطار ذات ثقل قومي معتبر هي العراق وسورية واليمن ولبنان زيادة على احتلال الأحواز العربية، وتسليما منا بوجوب الإسراع بوقف هذا النزيف بلا تردد، وإدراكا للأدوار الوظيفية التي أوكلت للفرس من طرف القوى الاستعمارية والدوائر الصهيونية، فإن التعامل مع المقاومة الأحوازية لا يستقيم البتة إذا لم ينطلق ويتمحور حول اعتبارها مثابة تحرر قومي مهمة ومصيرية.

فنجاح العرب في دحر العدوان الفارسي مشروط بمدى تنبههم لعوائد احتضان الفعل الأحوازي المقاوم ودعمه بشتى السبل. وتبني المطالب التحررية والعمل الكفاحي المسلح لشعبنا في الأحواز، سيصعد ولا ريب وتيرة المقاومة واستهداف العدو الفارسي ما سيؤدي حتما لإضعافه وجره للانكفاء للداخل الإيراني.

وإن مجرد استمرار المقاومة الأحوازية في نشاطها ضد العدو الفارسي سيعجزه عن التفكير في التوغل غربا أي إلى عمق الجسم العربي.

كما أن تحرر الأحواز بانتصار المقاومة الأحوازية، سيفاقم أزمات إيران الداخلية وخاصة الاقتصادية إذ سيجردها من مخزون هائل من الثروات الأحوازية التي تنفقها لتصدير مخططاتها الشعوبية العنصرية للعرب ولإغراقهم في أتون الاقتتال الداخلي طائفيا ومذهبيا بعد تهرئة النسيج المجتمعي العربي وبث سائر سموم الفرقة فيه.

هذا، ولا بد من عدم الاقتصار على دعم المقاومة الأحوازية، بل يجب الانفتاح على القوميات غير الفارسية التي تخوض معارك تحررية من ربق الاستعمار الفارسي العنصري الاستيطاني لما لذلك من عوائد جمة ستكبح جماح الشهوة التوسعية الإيرانية.

فهل يتلقف العرب مجددا هذه الحقائق؟





الجمعة ٢٣ صفر ١٤٤٠ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٢ / تشرين الثاني / ٢٠١٨ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أنيس الهمامي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة