شبكة ذي قار
عـاجـل










لا يعلن العداوة بين إيران وأمريكا إلا من هم موظفون في مشروع غزو العراق واحتلاله.

هذه حقيقة يلمسها المتابعون لقنوات الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة.

فالإدارة الأمريكية بدءا برئيسها وانتهاء بقنواتها الإعلامية قد تنتقد إيران وقد تعلن عن عدم ارتياح وقد تلغي صفقة أو صفقات معها، إلا أنها لا تعلن العداوة وما يتبعها وينمو من بطنها، وبعد كل عملية جر حبل بين الطرفين تسارع أمريكا لإعلان هتك سترها وعريها الفاضح أمام إيران.

وفي الأجواء التي سبقت غزو العراق، كانت إيران متفردة في موقفها من فكرة غزو العراق حتى ظن البعض أنها تقف ضد الغزو غير أنها كانت كانت هي الدولة المجاورة الوحيدة التي ضخت بعد الغزو وإبانه بقوات نظامية اسمها فيلق بدر تابعة لفيلق القدس الإيراني وأخرى تابعة للحرس الثوري فضلا عن الأحزاب والتشكيلات المليشياوية التي أعدتها إيران سلفا لهكذا قدر سيواجهه العراق بما لا يمكن أن يتركه باحث أو محلل عاقل وموضوعي للصدفة، بل لا بد أن يكون بتنسيق مسبق مع الإدارة الأمريكية والبريطانية وبتفاهمات تفصيلية.

هذا التنسيق يمتد في أقل تقدير إلى أيام مشكلة الكويت والعاصفة الكونية على العراق التي أطلقتها أمريكا وانتهت بعاصفة متممة إيرانية وأطلق عليها اسم الانتفاضة الشعبانية، هذا إذا إردنا تجاوز الحرب التي شنتها إيران على العراق باعتبارها ذات أهداف احتلالية واضحة ولا تحتاج الغى تأويلات أو تفسيرات.

وإذا إستحضرنا عوامل العداء التاريخية التي تضمرها وتتعاطى بها أمريكا وبريطانيا بشكل خاص ضد العرب عموما والعراق خصوصا لسببين أساسيين هما إقدام العراق على تأميم النفط عام 1972 وإنهاء السيطرة الاحتكارية على هذه الثروة العربية إنهاء تاما والموقف الثابت للعراق من قضية اغتصاب فلسطين والاعتراف بدويلة الكيان الصهيوني، وحاولنا ببساطة متناهية تحديد دولة ونظام يعاون أمريكا وبريطانيا والصهيونية على إسقاط النظام العراقي والتخلص من التأميم ومن الموقف المؤذي لمخططات إقامة كيان صهيوني آمن مستقر فان أمريكا ستكون أمامها خيارات تحددها الطبيعة العامة للأنظمة المجاورة للعراق واهتماماتها الخارجية ونزعاتها ونوع العقيدة التي تقوم عليها.

بكلمات أخرى، فإن من يريد قتل إنسان بواسطة إنسان آخر فإن صاحب الرغبة سيبحث عن رجل قاتل ولا يضيع وقته بصناعة قاتل عبر عملية تحويل رجل يخاف الله ويحرم القتل الغى قاتل.
أمريكا وبريطانيا اتخذتا من النظام الإيراني خيارا لا منافس له لقتل العراق وشعبه لأنهما تعرفان إنه نظام قاتل ويقوم على نزعات وعقيدة توسعية عدوانية وتحركه نزعات وثقافات دموية.

ومن هنا نشأت الصلة العضوية بين إيران والامبريالية والصهيونية.
فكلاهما يريد قتل النظام الوطني العراقي والتخلص من حزب البعث العربي الاشتراكي الذي صار وجعا في رقبة الامبريالية والصهيونية.

ولقد التقت إرادة الامبريالية والصهيونية مع إرادة إيران الساعية لزعامة أممية تتعكز على كهنوت مذهبها والمتطلعة لتصدير عقيدتها المتسترة بالدين وبهذا الكهنوت المجرم.

وإذا وضعنا علاقة القاتل بالنيابة أو المساعد على القتل بالشراكة كحقيقة مطلقة في تأصيل العلاقة بين الامبريالية والصهيونية وبين إيران وألقينا حزمة ضوء على جانب آخر من جوانب الصلة الاستراتيجية، فاننا سنكون إزاء شاخص آخر هو العلاقة أو المقاربة القائمة بين العقيدة الصهيونية التي جعلت من الدين ( قومية ) وبين العقيدة الخمينية المسماة ولاية الفقيه التي جعلت من المذهب ( عقيدة أممية ) وكلا العقيدتان تقومان على قاعدة سلب الأرض وإقامة كيانات امبراطورية على حساب العرب. وكلا العقيدتان توسعيتان عدوانيتان متوحشتان وكلاهما لا تمتلكان ساحة طمع وساحة أهداف توسعية احتلالية غير الأرض العربية.

ببساطة متناهية، إيران هي القاتل الذي استأجرته أمريكا لممارسة وظيفة قتل العراق والعراقيين قبل الغزو مقابل أن تكون إيران ( القاتل ) هي اليد الطولى في منظومات احتلال العراق.
وما زال العراق لم يمت ومازال العراقيون يمارسون الحياة والرفض والمقاومة وبالتالي فإن الشراكة الإيرانية الأمريكية لن تتعرض إلى أي ضرر لا من أمريكا ولا من إيران.

وما التهويش الإعلامي إلا جزء لا يتجزأ من خطة الشراكة التي تقتضي أن يكون الدور الإيراني في العراق متراوحا بين السرية والعلنية المحدودة التي يعبر عنها الجانب الإيراني بطريقة توحي بأنه غير متدخل في العراق وأن سلطة ما بعد الغزو هي سلطة مستقلة تدير بلدا مستقلا، فيما تحرص أمريكا هي الأخرى على أن لا تظهر لإيران قوة حضور ونفوذ في العراق تطغي على نفوذ وحضور الولايات المتحدة الأمريكية بل أن تبقى إيران في موضع الموظف لا غير.

أميركا لم تسلم العراق لإيران عام 2011 بل سلمته عمليا عام 2003 وما حصل عام 2011 هو الإفصاح عن كامل الصفقة بعد أن صار البقاء الأمريكي في العراق ذا كلفة باهضة فأوكلت أميركا الأمر برمته لشريكها محترف القتل إيران.

كما أن العودة إلى تشريح تشكيلة مجلس الحكم الذي أسسه الحاكم المدني الأمريكي للعراق بول بريمر ليكون بداية تدشين ما عرف بالعملية السياسية تظهر بوضوح تام لا لبس فيه أن الاحزاب والقوى والمليشيات الإيرانية قد شكلت الغالبية المطلقة والتي تصل الىغ أكثر من 80 بالمئة من عناصر المجلس. وأصرت أمريكا توافقا مع إيران على تسليم رئاسة الوزراء والوزارات السيادية والحاكمة طيلة الخمسة عشر سنة المنصرمة إلى حزب الدعوة الإيراني وشركائه ممن هم إما تبرعمات من حزب الدعوة أو ذيول له.

كما أن الجزء المهمش من السلطة من غير أرباب إيران لا يتم إشراكه إلا بموافقة ومباركة إيران وبعد أن يقدم المهمشون فروض الطاعة للولي الفقيه الفارسي.

هذه بعض ملامح منظورة ومسموعة من قبل الجميع تبين أن الولايات المتحدة الأمريكية قد تعاقدت مع إيران قبل غزو العراق وأشركتها في سلطة الاحتلال ثم فوضت لها الأمر كله أو جله ولم تبقي لنفسها غير الإشراف بعد عام 2011.

إيران وأمريكا على اتفاق تام في كل مجريات أحداث المنطقة، وإيران تتوسع وتتنفذ في الأرض العربية بعلم وموافقة أمريكا واللعبة التي تطفح أحيانا مسرحيا هي للضحك على ذقون من تحتاج أمريكا للضحك على ذقونهم وخداع من تريد خداعهم وابتزاز من تريد ابتزازهم ونهب ثرواتهم تحت ذريعة حمايتهم من الغول الإيراني الذي هو غول من قصب في حقيقة الأمر.

وغزو العراق ما كان ليحصل لولا رغبة إيران وشرطها المسبق لتكون العصا التي تجلد ظهر العرب إلى جانب الكيان الصهيوني.

وعملية الابتزاز الأمريكي تتطلب تصوير إيران بمظهر القوة وأن تمارس إيران أنماطا من العدوان والتهديد لكي ينبري مجرد التفكير في الاستغناء عن الحارس الأمريكي ضربا من الانتحار، وليلعب دوره المرسوم ويستلم المليارات.





الثلاثاء ٢ ذو الحجــة ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٤ / أب / ٢٠١٨ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة