شبكة ذي قار
عـاجـل










( التاجر قد لا يفهم في السياسة ، ولكن العكس صحيح يا حسين شبكشي )

دعونا نفصل لك الأمر ، وإياك أن تخلط كالمبتدئ ، مفاهيم التجارة وتقارن بمفاهيم السياسة الاستراتيجية للدولة من جهة ، وبين مفاهيم التجارة والمفاهيم العقائدية ، التي لا تفهم منها شيئاً .. مقالتك في الشرق الأوسط يوم 5/08/2018 العدد (14495) :

- التاريخ والجغرافيا يثبتان أن الكويت كانت جزءً من العراق .. وهذه حقيقة جغرافية وتاريخية مقرّة من كل الأنظمة التي مرت على العراق حتى عام 2003 .. وإنها ليست عقيدة حزب البعث العربي الاشتراكي التي تعلن بصدق أن العرب أمة واحدة ورسالتها خالدة عبر العصور .

- عقائدية حزب البعث لا علاقة لها بمتطلبات الجيو - سياسة للدولة ، أي دولة ، فالحزب لعلمك لا يتبنى وحدة العرب عن طريق القوة ، إنما يتبناها عن طريق الإقتناع الشعبي بضرورتها بما في ذلك إقتناع القيادات العربية الحاكمة - إذا كانت مؤمنة حقاً بالوحدة .. وكما تعلم إن معظم الأنظمة العربية لا تؤمن بالوحدة العربية ، فهي أنظمة تتمسك بالقطرية ، فأضعفت قضية فلسطين وشتت قواها ، وضيعت قضية الجزر العربية الثلاث في الخليج العربي ، وضيعت الأسكندرون والجولان السوريتان ، وضيعت سبته ومليليه المغربيتان ، وهددت بضعفها وتخاذلها وتواطؤها الأمن القومي العربي ، وحين ساهمت بإسقاط النظام الوطني في العراق تدفق القيح الفارسي وقاذورات إيران الطائفية الصفوية نحو المدن العربية ومنها على وجه الخصوص مدن المشرق ومدن الخليج العربي ، وباتت إيران تهدد بتغيير مضاجع أسرة أنظمة الحكم في هذه المنطقة .. أليس كذلك يا حسين شبكشي ؟ .

- والأنظمة العربية تتشبث وتتبجح بحماية الأجنبي الأمريكي والبريطاني والفرنسي وغيرهم.. ولكن عالم السياسة يا حسين يا شبكشي يختلف عن عالم التجارة التي ربما أنت بارع فيها ، إذ سرعان ما حلت المتغيرات في أبعادها الاستراتيجية إقليمياً ودولياً ، وجاءت مرحلة ( حَلبْ ) البترودلار إلى آخر برميل نفط .. هل فهمت ذلك أيها الشاطر ؟! .

- عراق البعث وعقيدته يؤمنان بوحدة الأمة ، ليس عن طريق الإلصاق والضم ، ولكن عن طريق وحدة الواقع الشعبي والتكامل الاقتصادي والعسكري لكي تتشكل قاعدة أساسية للوحدة القومية التي لا يهددها أحد من جيرانها ( إيران وتركيا ) والأجنبي الطامع والكيان الصهيوني الغاصب .. كما أن الوحدة تمنع وتكبح جماح أي تهديد خارجي ، بقواها الذاتية المتكاملة ، وليس من خلال استجداء الأجنبي بمعاهدات الحماية ، التي لها ثمنها المهين على أمن ( القطر ) العربي وعلى ( الأمن القومي ) العربي .. هل فهمت هذا أيها الشاطر حسن ؟! .

- دخل العراق الكويت ( لحماية أمنه الوطني فقط ) وليس لضم الكويت ، لأن خيوط العدوان على العراق قد اكتملت حشودها في الخليج وغيره ، بعد أن أغرقت الكويت السوق العالمية بنفط الخليج وباتت الأسعار دون الـ(9) دولارات للبرمل الواحد ، وإن العراق كان قد انتهى من خوض حرب شرسة لـ( حماية أمنه الوطني ) و( أمن الخليج العربي ) ، طيلة ثمان سنوات مع أخطر أعداء العراق والأمة العربية وهم الفرس المجوس الذين يمتد حقدهم على العرب والمسلمين منذ ألف وأربعمائة عام .

- ودخول الكويت كان لمنع تعرض جنوب العراق - البصرة والفاو ورأس البيشه وموانئ العراق الجنوبية ، للاحتلال الأنكلو - أميركي ، والعقيدة القتالية للعراق تجيز الخروج من أجل حماية العراق ( دفاعاً عن النفس ) .. فالخروج ليس دائمياً بمعنى الضم ، ولا يشكل احتلالاً لأرض عربية أو أجنبية أبداً .. إنه فعل يسمى في علم السياسة - الجغرافية ، الدفاع في العمق ، بمعنى الخروج إلى الحيز الذي يجيز الدفاع عن الأمن الوطني حيال عدوان وشيك وجدي .. وهذا الخروج ليس دائمياً ولا يشكل احتلالاً لأرض عربية .. ولكن ، اسأل : حسني مبارك واسأل عما قاله الملك حسين الراحل واسأل عما قاله الراحل سعد العبد الله وشيخ الكويت .. لماذا أصروا جميعاً على توظيف وتحريض الجامعة العربية على تدويل القضية لمنع العراق من الانسحاب من الكويت في الأسبوع الأول ، بعد تأديب القيادة الكويتية على فعلتها المشينة بقبول تحريضات أمريكا وبريطانيا وعملائهما في المنطقة و( العمل التأديبي هذا كان خاطئاً ) .. ثم اسأل السفير الأمريكي في الكويت وما قاله لسعد العبد الله الراحل ؟ ، قال له : لا تخافوا ، لن ندع صدام ينسحب ، سنبيد جيوشه وندمر العراق بعد احتلاله .. عندئذٍ اغلقوا على العراق طريق الرجعة وبات أمام خيارين : إما البقاء في خارج أرضه ليضم الكويت وهي أرض عراقية ، والقتال عليها ، وإما القتال حتى آخر جندي ، ومن ذلك يستدل أن محاصرة العراق عسكرياً واقتصادياً وتدويل القضية بسلسلة من القرارات الأممية التي لم ير العالم مثيلاً لها عبر التاريخ هو في حقيقته تخطيط أمريكي - بريطاني صهيوني إيراني بمعونة عربية !! .

- العراق انسحب بعد بضعة أشهر ولكن غدرْ التحالف ( الأنكلو - أميركي ) كان قد نفذ طريق الموت - من المطلاع ، وهو حدود القضاء الكويتي ، حتى صفوان - فيما تدفقت ثلاث ألوية من الحرس الإيراني بلباس مدني على مدن الجنوب لتعيث فيها قتلاً ونهباً وفساداً كما يحصل الآن في عموم العراق .

- فلو كانت الأنظمة العربية تتمسك بمبدأ عدم تدويل الأزمة والعمل على حلها في البيت العربي وتضع جدولاً لانسحاب القوات العراقية المنظم بعد انتهاء مهامها ، لما حدث الذي حدث - فالمشكلة تكمن في الأنظمة التي تعاني الآن الأمرين أيها الشاطر حسن من الفرس وهم يتمددون ومن الأميركان وهم يحلبون .. فماذا تراه ؟ ، هل هي تجارة أم شطارة أم سياسة استراتيجية ؟! .

- منذ متى والأنظمة العربية ، التي تتحدث عنها تحترم الأمن القومي العربي ؟ ، حين سكتت على ابتلاع إيران للجزر العربية الثلاث في الخليج العربي منذ أربعين عاماً .. وسكتت على تأمر قطر على السعودية ولبنان وسوريا والعراق وليبيا .. وهل أطلعت يا حسن الشاطر على حظور ( بن جبر آل ثاني ) ؟ ، حين كان وزيراً لخارجية قطر ونائبها الأول في غرفة عمليات حلف شمال الأطلسي ( الناتو )، يشارك الجنرالات الأوربيين خططهم لضرب دولة عربية هي ليبيا وتدميرها وإسقاط نظامها الوطني ، كيف سمح الناتو لمثل هذا الشخص لحضور تخطيطات الحرب قبل اندلاعها ؟ ، هل شفعت له زوجته اليهودية المرتبطة بمومس الموساد ( تسيبي ليفني ) وزيرة الخارجية الإسرائيلية الأسبق ؟ .. وهل شفعت رئيسة مكتب ( موزه ) والدة أمير قطر تميم ، التي هي إبنة الحاج قاسم سليماني بتدوير الإرهاب من دولة إلى دولة ، وقطر عضو في مجلس التعاون الخليجي ؟ ، وهل شفعت مسقط للسياسة المكوكية بين طهران وتل أبيب وواشنطن لترطيب أجواء السمسرة أيها الشاطر ؟ .. إياك أن تتحدث عن الأمن القومي العربي !! .

على أي حال ، لا تتجنى على عقيدة البعث ، فهي عقيدة أمة وليست عقيدة أنظمة لا تعرف الكرامة القومية !! .





الخميس ٢٧ ذو القعــدة ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٩ / أب / ٢٠١٨ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الرفيق الدكتور أبو الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة