شبكة ذي قار
عـاجـل










نعتقد إن احتمالات امتلاك إيران للأسلحة النووية قضية تظل قائمة، وهي قضية باتت تشكل واقعا مقلقا في نظر دول الغرب، سواء أفصحت دول الغرب عن ذلك أو اعترفت بالأمر الواقع في كواليس محادثاتها مع النظام الإيراني في تلك المحادثات الماراتونية في كواليس المؤتمرات والمحادثات السرية أو العلنية حيث عاملتها بعض الدول ولو على استحياء ووجل من أنها باتت الدولة النووية الثامنة او التاسعة بعد إسرائيل في النادي النووي العالمي.

وسواء كان مثل ذلك الأمر مقرا ومعترفا به في السر أو العلن بين الأطراف التي تتفاوض مع إيران منذ سنوات، إلا أن القيادة الإيرانية ظلت متمسكة ومتعلمة من الدرس الصهيوني وهي مستمرة بإنكار نيتها صنع السلاح النووي وقد تمسكت بمبدأ "التقية النووية الإيرانية"، وهي مستمرة بدهاء سياسي ودبلوماسي في محاولات إخفاء تلك الحقائق عن العالم وعن أنظار ومتابعات عدة دول ومنها الولايات المتحدة وروسيا وأخيرا ما سمي باتفاقيات ( 5 +1 ) ، حيث جرت وتجري المفاوضات بأمل أمريكي وأوربي الى إيقاف المشروع النووي الإيراني ظاهريا عند حدود معينة أو بذل محاولات احتواء النظام الإيراني والتعاون معه بصيغ عدة والعمل على منحه دورا إقليميا كدولة ذات نفوذ، لها بعض من امتيازات دول النادي النووي وان تكن بأقل من روسيا والولايات المتحدة وبريطانيا.

لكن استمرار طموحات إيران في التوسع والنفوذ والوصول الى امتداد جغرافي وإقليمي لها عبر هيمنها على العراق وسوريا ولبنان واليمن والوصول الى البحر الأبيض المتوسط ومداخل البحر الأحمر والبحر العربي تكون قد تجاوزت عتبة المنع والاحتواء المرسوم لها دوليا، وهي دولة ساعية لفرض أمر واقع الى الوصول نحو تحقيق أهدافها النووية، من هنا لا نتفق مع من يقول عن دراية أو تضليل مقصود من أن البرنامج النووي الإيراني لازال سلمي التوجه وهو برنامج ومشروع محدود الإمكانيات والأهداف ... الخ. .

كما أن أكذوبة إن إيران تكون قد تخلت عن مشروعها النووي العسكري لصنع قنبلة نووية نهائيا في التزامها ضمن بنود الاتفاق النووي بينها وبين الدول الخمسة زائد واحد لم تعد تقنع أحدا حتى أكثر المتعاطفين معها من دول الغرب الأوربي التي تسعى للاستفادة من عائدات استثماراتها وصناعاتها وتجارتها مع إيران .

عودة الى تاريخ إيران النووي منتصف الخمسينيات كما تبين مراحله الحلقة الرابعة من هذه الحلقات ولكن سنركز هنا على فترة منتصف السبعينيات، التي شهدت تصاعدا عسكريا وسياسيا لإيران خلال فترة الشاه وبرزت طموحاته لبناء قوى عسكرية إستراتيجية في منطقة الخليج العربي حتى أطلقت عليه الصحافة والأوساط الدولية بدركي الخليج.

وعندما بدأ شاه إيران ،محمد رضا بهلوي، برنامجا طموحا للطاقة النووية، يتجاوز الاستخدام السلمي نحو التفكير بالتسلح النووي، حينها تسربت تقارير أمنية وسرية تشير الى :
( ... بأن إيران بدأت برنامج أبحاث مصغرا للأسلحة النووية ) . كانت الإدارات الأمريكية ترصد تطورات هذا المشروع وخصوصا بعد سقوط نظام الشاه ووصول نظام خميني وحكمت إيران سلطة ثيوقراطية جديدة كشفت عن تطلعات لها بالانتقال من حال تصدير الثورة الى التمدد والنفوذ شرقا وغربا ، في أفغانستان تارة وتارة نحو العراق والشرق الأدنى والأوسط .

وفيما يلي توثيق لأهم المحطات للرصد وصولا الى حال تفجر أزمة " البرنامج النووي الإيراني" الذي بات يشغل الكثير من دول العالم وخاصة في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي تحول موقفه الأمريكي من حال الاحتواء للمشروع وتحديد تطلعات قادة إيران الى المجاهرة بتدميره وحتى التوجه نحو تفكيكه وإلغاءه سواء بطريقة سلمية من خلال اتفاقيات ملزمة لحكومة إيران او اللجوء الى الحرب والتلويح بالعقوبات الاقتصادية لإجبار النظام الإيراني على القبول بالشروط الأمريكية الجديدة. وكان إعلان الرئيس الأمريكي الانسحاب منفردا من الاتفاقية النووية مع إيران قد شكل وضعا محرجا لكل الأطراف الدولية المرتبطة بإيران وبالمشروع النووي الإيراني ..

اتسع طموح إيران النووي اتسع بعد وصول خميني الى السلطة عام 1979، حيث مارست ايران التقية النووية بنكرانها التفكير بالتسلح العسكري النووي ولكنها عملت على الحصول على التقنيات النووية وعبر أكثر من طريق ، خاصة عبر السوق السوداء. وكان من بين النتائج التي سعت اليها حكومة ايران الخمينية حصول طهران على اليورانيوم الخام من جنوب أفريقيا عام 1984، وفي نهاية هذا العقد أيضا حصلت على أجهزة الطرد المركزي من باكستان.. وفي سنوات سقوط وتفكك الاتحاد السوفياتي كانت شبكات التهريب الخاصة تنقل اليورانيوم والبلوتونيوم الجاهز المسروق من معسكرات الجيش السوفيتي المنحل. ولتغطية طريقة حصولها على اليورانيوم او البلوتونيوم كان عليها السعي وبكل الوسائل والصفقات المعلنة أو السرية لاستئناف بناء محطة بوشهر عام 1995 وتشغيلها تحت إشراف خبراء روس . طموح استمر في البناء والتشييد حتى أقامت مفاعلات نووية في أصفهان وأراك لتخصيب اليورانيوم. وكانت إيران تحاول إخفاء الحقيقية رغم التقارير التي كشفتها وكالات الاستخبارات الدولية والوكالة الدولية للطاقة الذرية عن عمليات تخصيب اليورانيوم.

منذ عام 2002، علمت الاستخبارات الأميركية وكشفت عن وجود اثنتين من المنشآت النووية السرية، وهما منشأة لتخصيب اليورانيوم في نتانز ومحطة لإنتاج الماء الثقيل بالقرب من آراك.وهو ما يشير إلى نقلة نوعية بطبيعة الانتقال بالمشروع إلى أفاق عسكرية واضحة الملامح عندما يتوفر الماء الثقيل والوقود النووي المطلوب للتسلح ولتشغيل المفاعلات النووية.

في آذار / مارس 2003، ظهرت تقارير أخرى تفيد بأن إيران قد تكون أدخلت مواد نووية إلى منشأة التخصيب في نتانز لاختبارها دون إبلاغ الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهو ما يعد انتهاكا لإحدى فقرات المعاهدات الدولية التي تلزم الحكومة الإيرانية بالكشف عنها لخبراء ومفتشي اللجنة الدولية للطاقة الذرية.

أول اتفاق توصلت إليه إيران بشأن برنامجها النووي كان مع الاتحاد الأوروبي عام 2003، لكنه لم يصمد طويلا بسبب مراوغات النظام في طهران، ومحاولات الالتفاف على صلب الاتفاق الذي قضى بوقف تخصيب اليورانيوم وفتح المفاعلات أمام المفتشين.

وفي شباط / فبراير 2004، تم الكشف عن آثار اليورانيوم عالي التخصيب اكتشفه مفتشوا الوكالة الدولية للطاقة الذرية قبل 12 شهرا، في موقعين مختلفين على الأقل، وأن درجة نقاء ما تم اكتشافه يشكل إشارة كافية لخبراء التسلح النووي من إمكانية إيران مستقبلا لإنتاج أسلحة نووية.

وفي آب / أغسطس 2005، رفضت إيران عرض الاتحاد الأوروبي بتقديم حوافز مقابل ضمانات بأنها لن تسعى لامتلاك أسلحة نووية، مما جعل القيادة الإيرانية في حالة تناقض في ما بين ما تعلنه وفي ما كانت تضمره وإصرارها على السير بمخططاتها باستغفال الزيارات التفتيشية لخبراء لجنة الطاقة الدولية..

وفي عام 2006 أعلن الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد نجاح بلاده في تخصيب اليورانيوم. وتسربت معلومات أخرى عن تمكن إيران استخلاص وفصل البلوتونيوم مما أثار حفيظة الشكوك الغربية والدولية بتجاوز المشروع النووي الإيراني الحدود المرسومة له.

في حزيران / يونيو 2006، انضمت الولايات المتحدة وروسيا والصين إلى بريطانيا وفرنسا وألمانيا لتشكيل ما سمي بــ مجموعة الدول الخمس زائد واحد، ( 5+1 ) التي حاولت إقناع إيران بالحد من برنامجها النووي وقبولها الشروط الدولية التي تبقيها ضمن التوجه السلمي لاستخدامات الطاقة الذرية.

في كانون أول / ديسمبر 2006، أقر مجلس الأمن الجولة الأولى من العقوبات ضد إيران. وتم تمديد وفرض العقوبات عليها لعدة مرات ، مع فرض حظر شامل على الأسلحة في حزيران / يونيو 2010.

وفي تشرين أول / نوفمبر 2007، بلغ عدد أجهزة الطرد المركزي التي تعمل على تخصيب اليورانيوم، والتي تم تجميعها في إيران حوالي 3000 جهاز بعد أن كانت بضع مئات فقط في عام 2002 حسب مشاهدات وتقارير خبراء الأمم المتحدة وبانتقال إيران إلى تجميع وصنع أجهزة الطرد المركزي هو إيذان عن حالة تنمية قدراتها الذاتية التي تخدم حلقات من مفاصل مشروع التطوير السري .

في تموز / يوليو 2008، انضمت الولايات المتحدة إلى المحادثات النووية لأول مرة، وتوقفت المفاوضات بين إيران والقوى الدولية الست في نوفمبر 2011.

وفي كانون الثاني / يناير 2012، كشفت الوكالة الدولية للطاقة الذرية : إن إيران تعمل على زيادة خصوبة اليورانيوم ووصلت نسبة تخصيب تتجاوز الاتفاقات المعلنة حيث بلغت إلى 20 في منشأة جبلية بالقرب من فوردو.

وفي تموز / يوليو 2015، وبعد 18 يوما من المفاوضات المكثفة والمتصلبة بين الأطراف وخاصة الموقف الأمريكي والإيراني استخدمت فيها كافة أساليب المناورات السياسية والدبلوماسية وحتى الضغوط والتلويح بالحصار، في كثير من الأحيان، وقعت القوى النووية الدولية الخمس الممثلة في مجلس الأمن كأعضاء دائميين مع إيران اتفاقا تاريخيا يسعى الى الحد من برنامج إيران النووي التسلحي مقابل حصول إيران على إعفاءات مالية وحصولها على عدد من مليارات الدولارات التي كانت محتجزة وتخفيف قيود العقوبات الدولية عليها. وكان للرئيس الأمريكي باراك اوباما دورا كبيرا في انجاز ذلك الاتفاق الذي كان يعتبره واحدا من أهم انجازاته السياسية بعد قرار الانسحاب من العراق بأقل الخسائر، خصوصا أن النظام الإيراني كان حليفا للولايات المتحدة خلال عهد الرئيس الأمريكي بوش عند غزو العراق واحتلاله 2003 ، وكذلك المساهمة في في حماية ظهر القوات الأمريكية المنسحبة من العراق في عهد الرئيس باراك اوباما.

وفي كانون الثاني / يناير 2015 أعلن رئيس الولايات المتحدة آنذاك، باراك اوباما، أن إيران "أوفت بالتزامات رئيسية" في الاتفاق وهكذا كان اوباما عراب الاتفاق والمتعاون السري والعلني مع النظام الإيراني مسلما له تقاليد الأمور في حكم العراق والتدخل في فرض سلطة أعوانه وحكومة طائفية مزدوجة الولاء لإيران وأمريكا في عهدي حكومات نوري المالكي وحيدر العبادي.
يعرف الاتفاق النووي الإيراني بـ"اتفاق لوزان النووي"، وتم التوصل إليه بعدما عقدت إيران والدول الـ6 ( الصين وروسيا وأمريكا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا ) مفاوضات طويلة في الفترة من 26 مارس وحتى 2 أبريل 2015، في مدينة لوزان السويسرية، من أجل التوصل إلى تسوية شاملة تضمن الطابع السلمى للبرنامج النووي الإيراني، وإلغاء جميع العقوبات على إيران بشكل تام، وانتهت تلك المفاوضات بالتوصل إلى بيان مشترك يتضمن تفاهمًا وحلولًا بما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني، يتم انجازها نهاية يونيو 2015.

ورغم الاحتفاء العالمي بالاتفاق النووي مع إيران، والذي وصفته عدة دول من بينها أمريكا بأنه "تاريخي"، إلا أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عبر عن معارضته للاتفاق النووي الإيراني المبرم عام 2015 في عهد سلفه الديمقراطي باراك اوباما، ووصفه بأنه "عار"، والإدارة الأمريكية الحالية توجه انتقادات عديدة لهذا الاتفاق.

في آب / أغسطس 2016، اتهم الرئيس الإيراني، حسن روحاني، دول الغرب بعدم الوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاق نظرا لاستمرار المراقبة الأمريكية على محاولات التسلح الإيراني الطموح وخاصة في المجال الصاروخي والتوسع الملموس لإيران في ظروف العراق وسوريا واليمن.

إن جملة الانتقادات الأمريكية للاتفاق النووي مع إيران من قبل معارضيه تتجلى في:

أولا: والانتقاد الأمريكي الأول للاتفاق النووي الإيراني، موجه إلى ما سمي "بند الغروب"، حيث يعتبر هذا البند "الخلل الأكثر وضوحًا" - بحسب وزير الخارجية الأمريكي السابق ريكس تيلرسون - فالاتفاق الموقع لضمان أن البرنامج النووي الإيراني لا يهدف إلى صنع القنبلة الذرية يتضمن عبارة بالإنجليزية هي "بند الغروب" ( سانسيت كلوز ) ، وتنص على أن بعض القيود التقنية المفروضة على الأنشطة النووية تسقط تدريجيًا اعتبارًا من 2025. واعتبر تيلرسون أن "هذا الأمر لا يؤدى سوى إلى إرجاء المشكلة إلى وقت لاحق"، مضيفًا "يمكننا تقريبا البدء بالعد العكسي للحظة التي سيتمكنون فيها من استئناف قدراتهم النووية"، وبالتالي، فإن واشنطن تطالب بإطالة أمد القيود بشكل دائم".

ثانيا: فيما، ركزت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة نيكى هايلى - في الانتقاد الأمريكي الثاني - حملتها على عمليات التفتيش المقيدة جدًا، مطالبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية المكلفة مراقبة تطبيق الاتفاق، بالقيام بعمليات تفتيش أوسع نطاقًا وأقوى في مواقع عسكرية عدة، معتبره أن إيران قد تكون محتفظة ببرنامج نووي عسكري سرى رغم التقارير الجيدة الصادرة عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إلا أن طهران رفضت فرضية عمليات تفتيش مواقع عسكرية، متهمة واشنطن "بالبحث عن أعذار" لتمزيق النص".

ثالثا: والانتقاد الثالث برز في استخدام نيكى هالى، عبارة "اتفاق فضفاض"، حيث ركزت على إبراز الثغرات المفترضة في الاتفاق، وحجتها هي أنه على غرار المصارف التي يتعين على الدولة تعويمها خلال الأزمة الاقتصادية لأنها كبيرة جدًا، ولأن انهيارها يمكن أن يسقط النظام المالي بأسره، فإن المجموعة الدولية أعدت الاتفاق بشكل يجعل من المتعذر انتقاد طهران حتى بسبب أنشطتها غير النووية، وإلا فإنه ينهار.

وقالت الدبلوماسية، "بنظر المدافعين عن الاتفاق، فإن كل شئ في علاقتنا مع النظام الإيراني أصبح مرتهنا بمسألة الحفاظ على الاتفاق"، كما شككت في مشكلة أخرى في النص الذي تم التفاوض عليه لفترة طويلة، وقالت "سواء ارتكبت إيران انتهاكًا كبيرًا أو صغيرًا، فإن الاتفاق لا ينص سوى على عقاب واحد وهو إعادة فرض العقوبات"، وأضافت "وفى حال إعادة فرض العقوبات، فإن إيران تصبح معفية من كل التزاماتها".

في تشرين أول / أكتوبر2017، أعلن الرئيس الأميركي الجديد ، دونالد ترامب، عن إستراتيجية جديدة بشأن إيران تتضمن فرض عقوبات إضافية وتصاعد الخطاب الأمريكي الى الإعلان عن القلق الأمريكي حول مخاطر المشروع النووي في المنطقة وتجاوزه حدود المحظور منه.

وفي نهاية ابريل / نيسان 2018 أدلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ببيان مفصل عن البرنامج النووي الإيراني.

وكان نتنياهو قال في مؤتمر صحفي عقده في 30 أبريل / نيسان 2018 بمقر وزارة الدفاع الإسرائيلية إن عشرات آلاف الوثائق التي حصلت عليها إسرائيل قبل بضعة أسابيع في "عملية مذهلة" للمخابرات تشكل "دليلا قاطعا على برنامج الأسلحة النووية الذي تخفيه إيران منذ سنوات"، مشيرا إلى أن تلك الوثائق تزن نصف طن.

البيان الذي ألقاه نتانياهو من مقر وزارة الدفاع بعد اجتماع مع المجلس الأمني، لم يكشف فقط عن استمرار طهران؛ بل اعترف: ( لدينا 100 ألف وثيقة تثبت تصنيع إيران للنووي ) . وعرض خلال عرضه المثير نسخا من كل وثائق البرنامج وتفاصيله.

في8 أيار / مايو 2018، أعلن دونالد ترامب الخطوة التي كانت متوقعة بشكل كبير، وقال: "أعلن اليوم أن الولايات المتحدة ستنسحب من الاتفاق النووي الإيراني". كما تتالت الشروط الأمريكية مباشرة اثر إعلان ترامب على إيران من خلال تصريحات هيذر نويرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية بالتأكيد على وجوب وقف إيران بالكامل أنشطتها النووية وذلك بعد إعلان طهران عن خطة لزيادة قدرتها على تخصيب اليورانيوم. وشددت المتحدثة باسم وزارة الخارجية على أن طهران لا يجب أن تكون "قادرة على إنتاج سلاح نووي"..

كما إن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو "كان واضحا" في الخطاب الذي ألقاه بشأن إيران في أيار / مايو، الماضي بعيد قرار الرئيس دونالد ترامب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني، "بقوله إنه على إيران أن توقف تخصيب اليورانيوم وأن لا تسعى أبدا إلى معالجة البلوتونيوم".

ونقلت وكالة أنباء فارس عن نائب الرئيس الإيراني علي أكبر صالحي قوله إن بلاده أبلغت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في رسالة "البدء ببعض الأنشطة". وفيها إشارة إلى إعلان زيادة عدد أجهزة الطرد ما سيسمح بزيادة القدرة على تخصيب اليورانيوم، وبطبيعة الحال أن ذلك سيزيد الضغوط على الأوروبيين لأن هذه المسألة هي في صلب المخاوف بشأن البرنامج النووي الإيراني. ومن جانب آخر اعتبر دبلوماسيون أن احتمالات إنقاذ الاتفاق النووي تبدو ضعيفة.

كانت واشنطن قد طلبت إثر انسحابها في أيار / مايو 2018 من الاتفاق الموقع في 2015، من كافة الدول " تنفيذ ما أسمته " أقوى عقوبات في التاريخ"! تتجلى في الوقف التام لوارداتها من النفط الإيراني بحلول الرابع من تشرين الثاني / نوفمبر إذا رغبت في تفادي العقوبات الأمريكية.

رابعا: وإضافة إلى الاتفاق الذي أقرت الولايات المتحدة حتى الآن بأن إيران تحترمه "تقنيا، ترغب واشنطن في التطرق إلى أنشطة غير نووية تقوم بها إيران وتعتبرها "مسيئة"، حيث قال تيلرسون، "الاتفاق لا يشكل سوى جزء من قضايا عدة يجب أن نعالجها في علاقتنا مع إيران".

واعتبرت الإدارة مرارًا أن الإيرانيين ينتهكون "روحية" الاتفاق الموقع عام 2015 لأن الاتفاق كان هدفه تشجيع الاستقرار والأمن فى المنطقة، والانتقاد الرابع يستهدف البرنامج البالستى الإيراني غير المحظور بموجب الاتفاق رغم أن القرار 2231 الصادر عن مجلس الأمن الدولى الذى صادق بموجبه على الاتفاق، يطالب طهران بعدم تطوير صواريخ أعدت لتحمل رؤوسا نووية.

لقد انطلقت الهواجس التي ترددت في إسرائيل عقب تجربة الصاروخ الإيراني الأخير "خورم شهر" من أنها تشكل خطوة نوعية متقدمة في سياق تطور يفاقم مستوى الخطورة على التفوق التكنولوجي والعسكري الإسرائيلي. أضف إلى ذلك فإن الصاروخ الإيراني الذي يحمل ثلاثة رؤوس؛ بات يشكل تحديًا جديًا لمنظومة الاعتراض الصاروخي الإسرائيلي، والتي ما تزال في مرحلة التطوير من نظام "القبة الحديدية" إلى نظام "العصا السحرية" و"السماء الحمراء" قيد الاختبار في الوقت الراهن.

خامسا: وأخيرًا، عبر الرئيس الأمريكي ترامب، وإدارته عن الأسف لأن التقدم الذي تحقق عبر اتفاق العام 2015 لم يجعل من إيران "جارة" أفضل في الشرق الأوسط، كما أن لائحة الاعتراضات طويلة كما تعددها وزارة الخارجية الأمريكية وهى: "الدعم المادي والمالي للإرهاب"، و"التطرف"، و"مساعدة نظام الرئيس السوري بشار الأسد"، و"فظاعات ضد الشعب السوري"، و"الدور المزعزع للاستقرار فى دول أخرى ( دعم حزب الله في لبنان والمتمردين الحوثيين في اليمن ) ، و"العداء القوى لإسرائيل"، و"التهديدات المتكررة لحرية الملاحة"، و"القرصنة المعلوماتية"، و"انتهاكات حقوق الإنسان"، و"الاعتقال العشوائي لرعايا أجانب"..

لا زالت إيران تسعى للحصول فعليًا على المواد اللازمة لامتلاك السلاح النووي، والعمل على إنتاج الأجهزة الكافية لذلك، والسعي لحيازة السلاح النووي المطلوب، فضلًا عن تطوير قدراتها الصاروخية كجزء من تطوير منظومة السلاح النووي، حيث تصبح التجارب الصاروخية الأخيرة، ومنها الصاروخ "خورم شهر"الذي يمكنه الوصول إلى 2000 كم متر مما يغطي مساحة إسرائيل بأكملها ومسافات كبيرة من أوروبا والشرق الأوسط، خطوات أساسية للوصول إلى هذا الهدف.

نظريًا، حافظت إيران على حقها في امتلاك برنامجها النووي، وبذلك تستطيع أن تستمر في الإعلان للرأي العام الإيراني بأن منشآتها النووية لن تغلق، وأن تخصيب اليورانيوم سيستمر، وأن العقوبات الاقتصادية سوف تُرفع. ومن ثم، تظهر إيران بمظهر المنتصر أمام الشعب الإيراني ، وستبشرهم بنمو اقتصادي سيحسن من مستوى معيشتهم. لكن من الناحية العملية، فإن بنود الاتفاق فرضت قيودًا كثيرة على البرنامج النووي الإيراني لسنوات كثيرة. وعليه، فإن ادعاءات إسرائيل حول أن إيران ستحظى بتطبيع كامل لبرنامجها النووي مع العالم خلال عشر سنوات من الاتفاق، وأنها ستتمكن من تنفيذ كل ما تخطط له هو ادعاء غير صحيح.

2- فرض الاتفاق نظام رقابة مشدد على إيران، فبحسب الاتفاق ظل من حق مراقبي الأمم المتحدة الوصول إلى جميع المنشآت النووية الإيرانية، ولحقول اليورانيوم، وللمستودعات النووية، لمدة تتراوح بين 20-25 سنة. وهنا نقطة إيجابية أخرى؛ وهي أن إيران وافقت على التصديق وتطبيق البروتوكول الإضافي لميثاق منع انتشار الأسلحة النووية، وهو ملحق يسمح لمراقبي الأمم المتحدة بالقيام بزيارات مفاجئة لجميع المنشآت المشكوك أنها تُستخدم لأغراض نووية غير مشروعة. كما ستواجه إيران صعوبات كبيرة أمام تطوير برنامج نووي سري، وإذا حاولت القيام بذلك فإن فرص الكشف عنه ستكون كبيرة.

في عديد المرات ندد ترامب بالاتفاق المبرم في عهد سلفه باراك اوباما لأنه بحسبه لا يشمل برنامج إيران للصواريخ الباليستية أو دورها في الحروب والنزاعات الدامية في عدة دول بمنطقة الشرق الأوسط، وهو متشائم أيضا مما قد يحدث عند انتهاء أجل العمل بالاتفاق النووي في 2025..

لكن خامنئي رفض تماما الدخول في أي مفاوضات جديدة حول برنامج إيران الصاروخي أو أنشطتها في المنطقة ولكنه في نهاية الآمر سيخضع بسبب ثقل العقوبات التي وصفت بأنها" أقوى عقوبات في التاريخ"!.

من جهتها تحاور الدول الأوروبية التي أكدت تمسكها بالاتفاق، إيران لتستمر في التزامها بالاتفاق الذي تعهدت بموجبه بعدم حيازة سلاح نووي. وفي مسارين تتصارع به الإرادات الدولية بين إنكار إيران تسلحها النووي وبين دول لا زالت تأمل في إبقاء الاتفاق النووي مع إيران مع إدخال تعديلات جذرية عليه يبدو أن إرادة ترامب ذاهبة الى نزع المشروع النووي الإيراني من يد قادة طهران ووضعه تحت الرقابة الدولية التامة يرى الكثير من المراقبين انه إعلان بمثابة نزع أية إمكانية لإيران من أن تمتلك سلاحا نوويا مستقبلا. وإذا كانت المفاوضات السرية السابقة وكما يقر قادة إيران من أنهم قاب قوسين أو ادني من امتلاك السلاح النووي فان طريق الولايات المتحدة يشير الى تكرار حالة نزع الأسلحة الكيماوية الليبية في زمن ألقذافي بان تجري إيران بنفسها وبضغط الدول الكبرى على تفكيك الحلقات التسليحية النووية الهامة وتسليم ما تمتلكه من اليورانيوم وخضوعها بشكل كامل الى التفتيش الدولي.

يتبع الحلقة الخامسة





الثلاثاء ١٨ ذو القعــدة ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٣١ / تمــوز / ٢٠١٨ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ا.د. عبد الكاظم العبودي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة