شبكة ذي قار
عـاجـل










بكثير من القلق، فوجئ اللبنانيون مؤخراً وخاصة الشباب منهم بقرار المؤسسة العامة للإسكان وقف قبول أي طلب لقرض سكني جديد حتى إشعار آخر.

ويأتي في مقدمة هؤلاء ما لا يقل عن ستة آلاف لبناني ولبنانية يعتمدون سنوياً على القروض السكنية بهدف الزواج أو تملك عقار للسكن،
ويزيد من قلق هؤلاء ليس التأخر في مشاريعهم العائلية والاجتماعية وحسب، وإنما ما تم تسريبه من أخبار شبه موثوقة تتحدث عن قيام عدد لا يستهان به من "الميسورين" اللبنانيين بالحصول على قروض كبيرة ميسرة مدعومة تحت بند القروض السكنية بهدف استثمارها وتوظيفها في مشاريعهم الخاصة وهذا ما أشار إليه تصريحاً وتوصيفاً إلى الرأي العام، المحامي والناشط السياسي والاجتماعي واصف الحركة مؤخراً عبر كتاب رسمي وجهه إلى حاكم مصرف لبنان طالباً منه الحصول على معلومات محددة تتناول أزمة قروض الإسكان المدعومة واختفائها من التداول بموجب عقود وهمية أو صورية، على ما يبدو، إفاد منها كثيرون طوال الأعوام 2016، 2017، 2018، متسائلاً عن الآليات المتبعة في منح هذه القروض وكيفية الإفادة منها والكشف عن البنوك والمصارف التي احتفظت بالكوتا المخصصة لقروض الإسكان المدعومة ولم تطرحها للعامة.

ولأن ما تقدم بشكل فضيحة مالية موصوفة ألحقت الأذى بالاف العائلات اللبنانية المستورة التي تنتظر الحصول على قرض سكني مدعوم كما تقر القوانين المعمول بها،
فإن المحامي الحركة تقدم في كتابه إلى حاكم مصرف لبنان مطالباً بالكشف عن آليات الموافقة التي اعتمدت من أجل إعطاء هذه القروض وهل حقق المصرف المركزي بما تقدم، وما هي نتائج التحقيقات في هذا الخصوص.

غير أن ما زاد في الطين بلة إزاء ذلك، هو المقترح الذي تقدمت به إحدى الكتل النيابية الكبرى، لتحويله قانوناً بهدف إلى تسهيل وتسييل بيع آلاف الوحدات السكنية التي بنتها الشركات العقارية والمصارف والمجمدة حتى هذه اللحظة وذلك بقيام الدولة بتقديم الدعم الكامل لفوائد هذه القروض، الأمر الذي استفز الأوساط العمالية ولجان الدفاع عن المستأجرين القدامى بشكل خاص، حيث لم يخف رئيس الاتحاد العمالي العام ملاحظاته وتساؤلاته حول ماهية الهدف من إعطاء قروض مدعومة تصل إلى ثمانماية ألف دولار أميركي، بينما يتم التجاهل الكلي لتسهيل القروض لذوي الدخل المحدود والموظفين الصغار بما لا يتجاوز المائتي ألف دولار، وكأن المطلوب هو تقديم التسهيلات مجتمعة للميسورين،وحجبها عن "المستورين" وهذا ما يشكل افتئاتاً على الطبقة العاملة اللبنانية وحقها في السكن والعيش الكريم.

أما المستأجرون القدامى فاتهموا الجهات السياسية التي تقف وراء مقترح القانون الجديد، بأن غايتها الأساسية هي الوقوف مع مصالح تجار العقارات وأن ما تم ذكره في مقترح القانون، حول التطرق إلى المستأجرين القدامى تحت مسمى "الخاضعين للقانون الصادر بتاريخ 28/2/2017 ليس سوى "ضحك على الذقون" إذ أن أي مستأجر قديم قد وصل إلى مرحلة أرذل العمر من الحياة، وكيف يستفيد من قرض مدته عشرون عاماً، وأنه كان الأولى بالمقترح إدخال هؤلاء رغم كبر سنهم، في مجال الحق بالاستحصال على قرض مع تعهد بإيجاد من يتكفل بالقيام مقام صاحب القرض للتسديد في حال العجز أم الوفاة.

إلى كل ذلك، ومع الحديث السياسي المتلاحق حول تشكيل الحكومة اللبنانية العتيدة وما يحكى عن استحداث لوزارات جديدة فيها، ولأن قضية السكن في لبنان تحولت إلى قضية اجتماعية وطنية،

وان المطلوب من هذه الحكومة إعادة النظر أولاً بأول بالسياسة الإسكانية المعمول بها في لبنان.

وما يعتريها من ثغرات افسحت في المجال لتوظيف القروض السكنية المدعومة في غير ما هي خصصت له فحجبت عن العديد من ذوي الدخل المحدود من اللبنانيين.وان الف باء هذا التوجه يكمن في إعادة استحداث وزارة الإسكان التي تم الاستغناء عنها في العام 2000 وإشراك كافة القطاعات النقابية والعمالية والهندسية والمالية في رسم سياستها الإسكانية الجديدة التي يجب أن تلامس مصالح الطبقة الوسطى اللبنانية، أن بقي في لبنان طبقة وسطى، والطبقات الاجتماعية الأكثر فقراً وحاجة وتوفر للشباب اللبناني فرص البقاء على أرض آبائهم وأجدادهم بدل الإحباط واليأس واللجوء إلى الهجرة القسرية في بلاد الله الواسعة.

لقد كفى اللبنانيين ما يواجهونه اليوم من أزمات ومصائب اجتماعية جراء عدم الحسم الجدي لقضية الأجور القديمة التي يسير على جلجلة نارها وبأقدام عارية، كل من المؤجرين والمستأجرين القدامى معاً، ولقد آن للبنان أن يحدد لنفسه سياسية إسكانية جديدة تحقق له الأمن الاجتماعي الذي هو جزء لا يتجزأ من الأمن الوطني العام، فهل من يتحرك!





الاحد ٩ ذو القعــدة ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٢ / تمــوز / ٢٠١٨ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نبيل الزعبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة