شبكة ذي قار
عـاجـل










المقدمة :

أزمة النظام العربي الرسمي ، هل دخلت مرحلة المعضلة ( Dilemma ) .. كيف الخروج من دواماتها وتداخلاتها وانسداداتها في زمن الهجمة الفارسية – الأمريكية - الصهيونية ؟! .

- الاشكاليات و المعالجات :

- نظام دولي يتبلور إلى أين ؟ :

من نتائج الرصد المؤكد لطبيعة الفعل السياسي الخارجي العربي ، في معظمه ، هو الافتراق بين القرار العربي ونتائجه أصبح ملمحاً أساسياً في العمل العربي المشترك :

- فالعلاقات العربية - العربية ، الاقتصادية والتجارية والثقافية تزداد تراجعاً .

- والقضية الفلسطينية قد انحسرت دولياً ، بحكم الانقسام الجيو - سياسي بين فتح وحماس .. وتزايدت معدلات التجريف والتهويد .. واضطراب العمق العربي الاستراتيجي .

- تعرض العراق وما يزال للاحتلال والتدمير الهائل واسع النطاق ولمخاطر التقسيم والشرذمة ، ومحاولات إبعاده عن محيطه العربي وطمس هويته العربية .

التفسير الراهن للحالة العربية يمكن وضعها في إطار موضوعتين أساسيتين :

الأولى : إن النظام العربي الرسمي لم يعترف بواقعية واضحة وصريحة بأنه غير قادر على النهوض بأعباء الحماية والتنمية القومية المستدامة .. وأن الانقسامات المتكررة بين دول هذا النظام هي نتاج صراع ثانوي في ما بينها ، تبحث كل منها عن مصالحها الذاتية وأمن نظمها القطرية .

الثانية : أن الدول العربية ( القطرية ) ، سمح لها بأن تصبح حقيقة قائمة بذاتها لا مجال لتغييرها أو تحولها نحو كيان الأمة الواحدة ، حيث تكرست هذه الحقيقة على مستوى النظم وكذلك على مستوى ( الشعب ) ، طالما لم يستطع هذا الشعب أن يكسر هذه النمطية المؤقتة والمشروطة ، التي فرضها الخارج منذ عقود !! .

الثالثة : إن الوحدات العربية الحاكمة في صيغ ( نظم ) سياسية ، تعمل على تحقيق :

- أمن نظمها القطرية .

- مصالحها القطرية .

وإذا اقتضى الأمر في ضوء ( 1 و2 ) ، التصادم مع الرابطة العربية القومية ، والمصالح العليا للأمة !! .

المفارقة الأولى في هذا المنحى :

- إن الدولة ( القطرية ) قد عجزت عن تأكيد وجودها أو تسويغ هذا الوجود .

- إن إخفاق النظام العربي الرسمي الراهن ، ولٌد أزمات عربية متكررة .

- إن النظام العربي الرسمي لم يستجب لحقيقة وجود الأمة ، ولم يعترف بأن الدولة ( القطرية ) حقيقة موضوعية مؤقتة ومشروطة بصراع الأمة مع أعدائها ، والتي تستوجب التقارب والتوحد .

- إن الدولة ( القطرية ) ، لم تصنع من الأمة ، أمة منسجمة مع ذاتها ( سياسياً واقتصادياً وأمنياً واجتماعياً ) ، بهدف إنجاز مشروعها العربي للنهضة القومية ، الذي يرتكز على منهج تعليمي واحد ، وقوانين واحدة وتشريعات واحدة .. إلخ .

- الدولة ( القطرية ) ، عززت العشائرية والقبيلية والمذهبية - الطائفية والسياسية - الفئوية ، كما عززت ولاءات أخرى غير قومية ، الأمر الذي ترك ثغرات خطيرة ليس في جدار الأمن القومي العربي فحسب ، إنما في جدار الأمن الوطني ( القطري ) أيضاً !! .

المفارقة الثانية في المقابل لهذا المنحى :

- وجود وعي قومي عربي عميق الجذور لدى الشعب العربي في كل مكان .

- إيمان معظم العرب بهويتهم القومية العربية الجامعة ، هو إيمان راسخ .

- وجود جماهير عربية مستفزة في ردود فعلها ، بسبب من أطروحات متعمدة إقليمية ودولية في شكل أجنده متعارضة ومتداخلة ، تحتاج إلى فرز موضوعي ومعالجات تعتمد على الثوابت الوطنية والقومية .

فقد تصاعد الجدل عند طرح الموقف ، على سبيل المثال ، من مفهوم ( العولمة ) ، وبرزت الروح القومية العربية لتعبر عن ذاتها في محيط قبول حركة التحديث دون إغفال الخصوصيات وعمقها الثقافي .. فقد تكثف الشعور القومي العربي بالانتماء إلى الأمة في اللحظة ، التي اجتاحت طوابير الدبابات الأمريكية شوارع بغداد العروبة ، حيث سيطر الوجوم على العرب من أقصى المغرب العربي حتى المشرق العربي .. ولكن ( أمن النظم ) القطرية كان حائلاً وقامعاً !! .

- الدولة ( القطرية ) ومنذ نشوءها لم تعرف الاستقرار ، إنما تشعر بالقلق والتوتر والعجز عن تأمين وجودها ، الذي يجابه تحديات خطيرة، مما يدفعها إلى تقوية ( أمن نظمها ) على حساب ( الأمن الجماعي ) العربي .. فهي في هذه الحالة يتوجب أن تفتش عن المشتركات :

- هنالك ثمة فضاء استراتيجي يجمع الدول ( القطرية ) ، ويحررها من أسر الشعور المحلي والإقليمي الضاغط :

- الأمن ( القطري ) .. يصل إلى مداه الحيوي في العمق ، وتلك حقيقة ربما تكون غائبة عن صانع القرار .. فمصر ترى في أمنها ( القطري ) ، يمتد من السودان حتى نهاية الجزيرة العربية .. وعبر سيناء نحو بلاد الشام .. ولكن القيادة المصرية .. هل ترى هذا المدى ؟! .

وهكذا الأمن ( القطري ) ينسحب مفهومه الحقيقي من المشرق العربي إلى مغربه العربي ، كحقيقة موضوعية قائمة وشاخصة .. ولكن القيادات ( القطرية ) .. هل ترى هذا المجال الحيوي ؟! .

- الاقتصاد ( القومي ) .. إذا ما حقق تكاملاً ، ستنتشر نشاطاته في دوائر متداخلة مع بعضها في أطار تكاملي جامع له امتدادات تصل إلى آسيا وأوربا وغيرها :

فالثروة العربية .. تعد مصدر توحد للدول العربية :

- الثروة النفطية ، مصدر عظيم لإقامة قاعدة اقتصادية عابرة للحدود القومية.

- الثروة النفطية ، مصدر كبير لإطلاق العمالة العربية في إطار النشاطات الاقتصادية .

- الثروة النفطية ، مصدر مهم من مصادر الاستهلاك والإنتاج الصناعي والزراعي والتكنولوجي وغيره .

- الثروة النفطية ، مصدر متعاظم لاستقبال التكنولوجيا المتطورة وشمولها كافة البلدان ( القطرية ) على أساس وحدة التكامل في العمل والمنهج ، الثروة النفطية مصدر كبير لمنهج التعليم العربي الموحد في الوطن العربي .

- ثروة الغاز الطبيعي والمعادن الأخرى ، والثروة الزراعية العربية الكبرى، مصدرًا للاكتفاء الذاتي وللتصدير .

- ثمة مسوغات في القضايا العامة الكبرى تجعل ( القطري ) يكتسب قوته وشرعيته القطرية من مجاله العربي .. فهل يدرك صاحب القرار أن أمنه وتطور اقتصاده وتنميته تأتي من مجاله العربي ودعمه ؟! .

فالشرعية ( القطرية ) في هذا المنحى هي جزء مهم وضروري من الشرعية العربية !! .

أين هي الإشكالية : ؟!

- إن النظام العربي الرسمي ، يشكل قلب الإشكالية ويتحمل مسؤوليتها ، كما يتحمل الشعب العربي جزء من هذه المسؤولية في إطار ( الوعي بالإشكالية ) ، ليس فقط في حدود السلبي من هذا الشعور ، إنما في نطاق خروج هذا الوعي نحو التعبير والتغيير والرفض والتثوير .

- إن تصحيح الإشكالية يقع ، ليس على عاتق النظام العربي الرسمي فقط ، إنما في الأوسع والأثقل على عاتق الشعب العربي وقواه الوطنية والقومية ، التي تعي الإشكالية وتتفاعل معها ، كما تعي عمق الرابطة القومية - الإسلامية غير القابلة للانفصال أو التراجع ، في حل تلك الإشكالية .

مؤشرات الإشكالية تتحدد بالآتي :

- وجود علاقات تبعية سياسية واقتصادية وأمنية للواقع القطري .

- وجود خلل في توازن القوى في الواقع القطري .

- وجود تدخل أجنبي سافر بصور متنوعة تأخذ شكل ( حماية أمنية ، وقواعد عسكرية ، وإملاءات سياسية .. الخ ) .. يمكن معالجتها بوحدة الموقف العربي ، وتوحيد عناصر قوة الأمة في إطار الدفاع والحماية .

المعالجات :

من أجل معالجة الإشكالية ، يتوجب الاعتراف أولاً بما يلي :

- إن النظام العربي الرسمي غير قادر على النهوض بأعباء الأمة ما دام يفتقر إلى التوازن الموضوعي بين الفعل ( القطري ) والفعل ( القومي ) العربي .

- إن عدم القدرة هذه قد استولد حالات من التصدع والانقسام في الواقع العربي .

- إن النظام العربي الرسمي ، بات غير واقعي من الناحية العملية والموضوعية أمام التحولات الكبرى ، التي تجري في العالم وخاصة بروز الكتل السياسية الدولية والإقليمية .. وليس ثمة طريقة للنهوض بالواقع العربي ، سوى الاعتراف بالتداخل الاستراتيجي السياسي والاقتصادي والأمن العربي .. كما ليس ثمة طريقة ناجعة ، لمجابهة عدم قدرة النظام العربي الرسمي على النهوض بأعباء الأمة ، سوى العمل على وضع استراتيجية بنيوية ( سياسية واقتصادية وأمنية وثقافية وتعليمية ) تتولى صياغة مشروع قومي – عربي - إسلامي للنهوض بالأمة كلها في صيغ التكامل العربي .. وهذا يتطلب تذليل الصعاب أمام المواطن العربي في :

- اشراك قوى الشعب الوطنية في رسم الاستراتيجية موضوع البحث .

- فتح أبواب التنقل بين أقطار الوطن العربي .

- فتح أبواب الاستثمار والتجارة بين أقطار الوطن العربي .

- فسح المجال لانتقال رؤوس الأموال العربية .. والعمالة العربية .

- توحيد العملة في الوطن العربي .

- بناء شبكة سكك الحديد وكهرباء تربط أقطار الوطن العربي .

- وبناء المؤسسات العربية المشتركة . . من أجل تأسيس قاعدة سياسية - اقتصادية وثقافية وأمنية وتعليمية مشتركة ، في ضوء حاجة الأقطار العربية إلى التنمية التكاملية .. تحدد فيما بعد طبيعة العلاقات العربية - العربية ، والعلاقات العربية - الإقليمية والدولية ، على وفق قواعد التعامل الدولي ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة ولوائح حقوق الإنسان ، ومبادئ حسن الجوار وقواعد القانون الدولي .

- مناخ الاستقطاب الدولي .. وعلاقات القوى العظمى ؟ :





الاربعاء ٢٣ شعبــان ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٩ / أيــار / ٢٠١٨ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الرفيق الدكتور أبو الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة