شبكة ذي قار
عـاجـل










تعرف الشّعوب والأمم مراحل متقلّبة من حياتها، وتختلف طبيعة ذلك التّقلّب ومستوياته حسب الظّروف الذّاتيّة والموضوعيّة من جهة، كما تتأثّر حتما بمنسوب المناعة والحصانة لتلك الشّعوب أو الأمم من جهة أخرى، كما تفعل الأجواء المحيطة وطبيعة العلاقات السّائدة فعلها.

وتمرّ كلّ الأمم والشّعوب في مسارها وفي وجودها بمراحل هبوط وصعود ومراحل أخرى تتّسم بالخمول أو ما يشبه الاستقرار وهو ما يمكن مثلا ألاّ يكون مرفوقا بأداء وفعل حضاريّ أو علميّ لافت ومهمّ تنتجه تلك الأمّة، ولكنّها تستمرّ في الحياة بصورة طبيعيّة لا هزّات عنيفة تتخلّلها ولا تهديدات جدّية وعميقة تتقاذفها.

وفي العادة، لا يتمّ تناول حياة الشّعوب والأمم إلاّ في حالتين اثنتين متناقضتين متنافرتين تنافرا شديدا، وهما إمّا مرحلة الهبوط الحادّ أو مرحلة الرّقيّ والإبداع وبلوغ وسائل القوّة ودرجاتها العليا، وغالبا ما تكون المقاييس المعتمدة للتّقييم هي المقاييس العسكريّة والاقتصاديّة والتّقنيّة العلميّة والثّقافيّة الحضاريّة.

ولقد تلازم التّأريخ لحياة الشّعوب والأمم والحضارات الكبرى والامبراطوريّات العملاقة سواء في انتكاساتها المدوّية أو في نجاحها الباهر واقترنت بشخصيّات فريدة وزعامات مخصوصة ومثابات وعناوين راعية وضالعة في تلك المسيرة ومسهمة فيها إسهاما كبيرا ومتقدّما.

ولئن كان بديهيّا أنّ إفراد شخص أو مجموعة أشخاص بامتلاك قدرات خارقة وفارقة تقود في النّهاية إلى اعتبارها مرجع ذلك الفعل هبوطا أو صعودا، أمر لا يستوي ولا يمكن التّلسيم به والرّكون ولا الطّمأنينة إليه، حيث يعجز العمل وللمجهود الفرديّ مهما أوتي من إمكانات وملكات عن ذلك، عن نيابة أمّة أو شعب في نحت مسيرته أو أن يستحوذ على القدر الأكبر من مجهوداته، إلاّ أنّ الواقع يثبت ويحدثنا عن رجالات وقادة ومفكرين غيّروا مسارات شعوبهم وأممهم، وأسهموا فيها بنصيب الأسد، وبالقدر نفسه، تغصّ الشّواهد بأدوار زعماء وقادة آخرين في التّسبّب في انهيارات امبراطوريّات عظيمة أو حتّى إنهاء دول قويّة ما كانت التّخمينات تذهب قطّ لإمكانيّة انتهائها. وفي الحقيقة، يجب أن يكون التّنسيب في مثل هذه الأمور قائما وألاّ يسقط من الأذهان تماما، فنقول إنّ كثيرا من القادة ساهموا بقدر كبير في طبع مسيرة دولهم أو أممهم، لكن بالتّوازي مع ذلك يجب الإقرار أيضا أنّهم في فعلهم ذاك، استفادوا من مجهود جماعيّ متفرّق كأن يحاطوا بنخبة من المساعدين الشّجعان والحازمين والمخلصين، وأن يٌدفعوا بإرادة شعبيّة ومنظومة مجتمعيّة متكاملة تساعدهم على البروز والتّألّق - ويشمل هذا الحكم هنا حالتي الصّعود والهبوط - وبالتّالي نجد أنفسنا مضطرّين للتّسليم بمحوريّة دور أولئك القادة مع التّسليم أيضا بتوفّرهم على ممهّدات تساعدهم على احتلال مكانة مركزيّة في وسم الأحداث والتّأثير فيها وتوجيهها وتسييرها وبالتّالي الخلاص بها إلى نتائج بعينها يكون للتّاريخ كلمته الفصل حولها فيما بعد تقييما وحكما وفصلا وبتّا.

لقد عرفت أمّتنا العربيّة في تاريخها الطّويل وخلال مسيرتها الممتدّة والضّاربة في التّاريخ، عددا مهمّا جدا من القيادات والرّجالات الذين طبعوا حياتها في فترات عدّة، فلا يمكن مثلا إنكار أهمّية ما تبوّأه حمّورابي أو نبوخذ نصر أو بلقيس أو زانوبيا أو حنبعل القرطاجنيّ أو حتّى علّيسة بصرف النّظر عن البعد الأسطوريّ في مسيرتها، كما لا يمكن بالقدر ذاته إنكار أدوار الأنبياء والرّسل وإن كان بٌعْد الوحي الإلهيّ يسهّل لهم التّفرّد والرّيادة في إحداث تغيير شامل وجذريّ سواء في حياة شعوبهم أو في حياة الإنسانيّة فيما بعد، وأيضا وعلى سبيل الذّكر لا يجوز أن نغبط عددا من القادة الأفذاذ حقّهم أمثال صلاح الدّين الأيّوبيّ أو من سبقه أو من لحقه.

هذا ولقد عرفت أمّتنا في عصرها الرّاهن أيضا رجالات وقادة ومفكّرين عباقرة كان لهم دورهم وإسهامهم الطّلائعيّ في تأثيث دعائم مناعة الأمّة وتسطير سبل انتزاع حقوقها المغتصبة واسترجاع مكانتها بين الأمم بما يليق بدورها وتاريخها.

وإنّه ليضيق المجال حقّا بتعداد هؤلاء الرّجالات الأبرار الذين نذروا حياتهم لصنع أمجاد الأمّة وضمان واقع أفضل للعرب جميعا ومنهم على سبيل الذّكر لا الحصر الفيلسوف والمفكّر العربيّ القوميّ ميشيل عفلق والزّعيم القوميّ جمال عبد النّاصر وشهيد الحجّ الأكبر صدّام حسين، ناهيك عن فيالق شهداء الأمّة العربيّة في ساحاتها كافّة وقد ارتقوا من أجل تحرير أراضيهم من ربق الاستعمار.

وإنّه لا يخفى على أحد، أنّ الأمّة العربيّة تعرف منعطفا خطيرا غير مسبوق ولا ذي نظير، وأنّ هذا المنعطف ابتدأ بزلزال غزو العراق من قبل أمريكا وحلفائها عام 2003، وإنّ ملابسات الغزو وتبعاته وما تولّد عنه وكذلك رهاناته وغاياته معروفة للجميع ليس أقلّها اجتثاث العروبة وتشظية الوطن العربيّ وتفتيته لإمارات متناحرة مبعثرة قائمة على أسس طائفيّة وعرقيّة وإثنيّة ومذهبيّة.

ولقد أدّى غزو العراق لتواتر الفواجع وتسارع المحن وتصاعد مستويات تكالب الأعداء على الأمة العربيّة فانفجرت كلّ زوايا ديار العرب وسال دمهم وأهدرته القوى الاستعماريّة وولغ فيه الأجوار وحتّى أبناء الأمّة الخونة المرتدّين العملاء.

ولقد كان منتظرا أن يكون إسقاط العراق وتقسيمه بعد تدميره وتخريبه بالكامل ومن ثمّ إنهاء دوره الحضاريّ والقوميّ والعسكريّ في المعادلة العربيّة بوّابة لاستعباد العرب وبسط السّيطرة المطلقة عليهم فيسهل ترسيم خرائط ما سمّي بالشّرق الأوسط الجديد وتنفيذها ثمّ إعلان الوصول فعليّا لإحلال النّظام العالميّ الجديد بما يعنيه ذلك من مدلولات وتحوّلات واستتباعات.

وفي الواقع، فلقد ظلّ هذا الحلم الامبرياليّ الذي قادته الولايات المتّحدة كرافعة لواء الحكومة السّريّة التي تحكم العالم، بعيد المنال لحدّ الآن رغم المساعي الحثيثة لتكريسه والوصول إليه.

لا مجال هنا للتّشكيك في فشل الأمريكان في حلمهم ذاك، ولا مجال للمخاتلة أو التردّد في إرجاع سبب ذلك الفشل المدوّي لحقيقة هي أثبت من كلّ محاولات حجبها والتّعتيم عليها أو التّقليل منها أو حتّى إنكارها وهو فعل يأتيه من ركبوا دبّابات الغزاة وباعوا ضمائرهم واختاروا ترديد روايات أسيادهم واجترار أكاذيبهم، تلك الحقيقة السّاطعة والقائمة والماثلة أمام أعين دهاقنة الغزو هي أنّ المقاومة العراقيّة هي التي أجهضت وأفشلت وعوّقت الفلاح في ترجمة تلك الأحلام إلى واقع، ولا يجب ههنا التّردّد لبرهة في الإصداح قويّا بأنّ تلك المقاومة هي مقاومة وطنيّة وقوميّة إسلاميّة لا غبار عليها، ولكنّها في الأساس وفي نواتها الصّلبة وعمودها الفقريّ إنّما هي مقاومة بقيادة حزب البعث العربيّ الاشتراكيّ وقوّات الجيش العراقيّ الباسل بإسناد ودعم من جماهير الشّعب العراقيّ الذين لم يستقبلوا الغزاة بالزّهور ولم تنطلي عليهم روايات الأعداء ولم تسحق جهاز المناعة والحصانة الفكريّة والثّقافيّة والوطنيّة والقوميّة والرّوحيّة والعقائديّة ولم تطمس فيهم مخزونهم الأخلاقيّ ومنظومتهم القِيميّة الحرب النّفسيّة الهوجاء التي شنّها الأعداء والتي بدأت منذ زمن طويل.

وعليه، وبناء على ما تقدّم، واستنادا لكون صمود المقاومة العراقيّة في وجه أعتى منظومات التّخريب والتّدمير والتّخريب وبقائها رغم محن الاجتثاث والقتل على الهويّة والملاحقة والاستنزاف الشّامل، هو أهمّ منجزات الأمّة وأعلى أسفار أدائها البطوليّ وأشدّ مراحلها ثباتا وإحدى ألمع وأنصع علامات ومقوّمات رسالتها الخالدة النّاضحة بمعاني الفداء والقتال نيابة على الإنسانيّة برمّتها ذلك أنّها تقارع أشدّ الامبراطوريّات شرّا وخطرا وعنجهيّة وغطرسة، وتحارب صلفها ومكائدها للسّيطرة على العالم وحمله قسرا للانصياع لإملاءاتها وشروطها وتعاليمها الشّيطانيّة القائمة على الجور والظّلم ومحو القيم الخيّرة كالعدل والمساواة واحترام الآخر وعدم الاستقواء على المستضعفين، فإنّه من البداهة بمكان الخلاص إلى أنّ رجالا بملكات خارقة للعادة ومتجاوزة لطاقات البشر العاديّة بأشواط وأشواط هم من خطّطوا وبرعوا في قيادة هذا السّفر الخالد من الملاحم الإنسانيّة ذات الجذر العربيّ الرّساليّ الانقلابيّ، وسيكون أشدّ بداهة أن يتبادر بلا تردّد ودونما تخمين اسم الرّفيق القائد عزّة إبراهيم الأمين العامّ لحزب البعث العربيّ الاشتراكيّ فيحضر بقوّة وفرادة متأكّدتين في أذهان الجميع، وسيثبت اسمه إذن بمدلولاته ومعانيه ورَمزيّته ليحتلّ أعلى المراتب فوق المراتب العٌلى التي يتقلّدها في مسؤوليّاته الجسيمة وبالغة التّعقيد التي يمارسها واقعا، ولترتقي قيادته لمرتبة الضّرورة التّاريخيّة.

فلماذا إذن غدت قيادة الرّفيق المناضل عزّة إبراهيم ضرورة تاريخيّة؟
لنّتفق ممّا تقدّم، على أنّ الصّراع الدّائر رحاه في المنطقة العربيّة اليوم ( أي منذ غزو العراق ) هو حدث القرنين معا، القرن العشرين والقرن الحادي والعشرين، حيث لا يمكن بحال من الأحوال تقديم الحربين العالميّتين من حيث النّتائج المأساويّة ولا الخسائر في الأرواح أو العتاد وخاصّة التّداعيات الكارثيّة على المستوى الحضاريّ والثّقافيّ والأخلاقيّ على ما تبع العدوان الثّلاثيني على العراق وتواصله لأزيد من ثلاثين عاما بالتّمام والكمال أي منذ تسعينات القرن الماضي لحدّ الآن، ولنتّفق أنّ الاختلال الرّهيب والتّفاوت الخرافيّ في الإمكانات كافّة بين المعتدين والغزاة الطّغاة البغاة وبين المعتدى عليه ( العراق لوحده ) لم يشهد له التّاريخ البشريّ مثيلا.

ولنتّفق بالقدر ذاته، على أنّ بقاء العراق للآن بمعنى عدم محوه من على البسيطة يعدّ معجزة حقيقيّة بكلّ المقاييس رغم أنّنا في عصر لا يعترف بالمعجزات، وعلينا بالتّالي أن نعترف أنّ من قاد وراد جهة الصّدّ والذّود والدّفاع عن العراق والحيلولة دون تفسيخه إنّما هم بشر ليسوا كغيرهم من البشر حيث لا مجال عندهم لليأس والقعود والاستسلام والتّسليم ولا يقبلون الضّيم ولا يرتضون الذّلّ والمهانة ولا يرومون العيش إلاّ أحرارا كراما شامخين واقفين مرفوعي الرّؤوس.

ولقد كان الرّفيق المناضل عزّة إبراهيم أحد أبرز مهندسي ملاحم الصّمود الذي يشمل أبعادا وطنيّة وقوميّة تحرّريّة بحكم موقعه في الحزب وفي الدّولة العراقيّة معا.

لقد كان الرّفيق القائد عزّة إبراهيم من صانعي أمجاد القادسيّة التي صدّ فيها العراق بقيادة حزب البعث العدوان الإيرانيّ الفارسيّ الصّفويّ الخمينيّ الغادر، ثمّ التّصدّي الحازم والشّجاع للعدوان الامبرياليّ الثّلاثينيّ، وكان ظهير الرّفيق القائد الشّهيد صدّام حسين وهو الذي كانت قيادته للدّولة والحزب وللأمّة العربيّة بدورها قيادية تاريخيّة ولا ريب، وكان له نعم المعين والنّاصح الأمين. كما كان بالقدر ذاته شريك الرّفيق القائد شهيد الحجّ الأكبر صدّام حسين وبقيّة القادة العظام الأفذاذ الآخرين الذين إمّا استشهدوا أو اعتقلوا أو توفّاهم الأجل، في التّخطيط العبقريّ لمقاومة العدوان الشّيطانيّ الآثم على العراق حيث كانوا جميعهم على قدر من الذّكاء الوقّاد والواقعيّة الصّارمة بحيث كانوا يدركون أنّه لا مجال لحسم المواجهة العسكريّة مع الأمريكان وحلفائهم بالطّرق التّقليديّة، بينما كانوا يعلمون يقينا أنّ الحلّ الأمثل هو في استنزافهم واستدراجهم للحرب الشّعبيّة وتوريطهم وسحبهم لوحل المستنقع الميدانيّ فيحرموا من تفوّقهم التّقنيّ والعسكريّ فتصيدهم آلة المقاومة حيث المواجهة وجها لوجه.

ولا غرو في القول إنّ التّخطيط البارع للمقاومة كاف لتنزيل قيادة هؤلاء الرّجال منزلة الضّرورة التّاريخيّة، ولكن يتعمّق الأمر ويزداد الاستحقاق حينما يسحب على الرّفيق القائد عزّة إبراهيم ليرتقي للمرتبة التي لا يمكن أن ينازعه فيها أحد سوى رفيق دربه القائد شهيد الحجّ الأكبر صدّام حسين.

هي قيادة بمرتبة الضّرورة التّاريخيّة إذن، وذلك لجمعه بين الصّفات التّالي ذكرها والتي يندر توفّرها في رجل واحد وهي :

1- ثراء التّجربة النّضاليّة والسّياسيّة والخبرة الواسعة بعالم السّياسة والنّضال بدفّتيه الإيجابيّة والسّلبيّة ناهيك عن المعرفة والإلمام الدّقيق بخبايا الأمور ودقائقها سواء عربيّا أو إقليميّا أو دوليّا.

2- نقاء السّيرة ورفعة السّمعة والنّزاهة والإخلاص والحسّ الوطنيّ والقوميّ العالي وهي الخصال التي يشهد له بها الجميع سواء من العراقيّين أو جماهير الأمّة أو القادة والزّعماء في العالم.

3- الصّدقيّة العالية والصّرامة الشّديدة في اتّخاذ القرار، ما يمنح القرار بعدين مهمّين وهما ضرورة التّنفيذ السّريع لمن يشملهم، وثقة الجميع فيه سواء المعنيّين به مباشرة أو من يشملهم فيما بعد من الجماهير.

4- الحنكة والعبقريّة في وضع الخطط والبرامج الاستراتيجيّة والقدرة على تكييفها وتطبيقها بمرونة منقطعة النّظير عبر تكتيكات محكمة يتمّ تصريفها والتّحكّم فيها بدقّة فائقة لتلافي أكبر قدر من الخسائر والمجهودات.

5- رباطة الجأش والشّجاعة والصّبر على الأذى والثّبات بوجه المحن والإرادة الصّلبة التي لا تلين ولا تنكسر رغم نوائب الدّهر ومهما اشتدّت الضّربات.

6- منسوب خرافيّ من الإيمان بالله وبحقّ الأمّة في استرجاع مكانتها بين الأمم وانتزاع حقوقها من مغتصبيها وبعدالة قضاياها.

7- نكران الذّات والتّواضع لرفاقه ولعموم جماهير الأمّة والتّسامي فوق الصّغائر والتّرفّع عن ملذّات الحياة الزّائفة والزّهد في مفاخر السّلطة والتّسلّط، وهو ما يتّضح في ما يحظى به من ثقة غير عاديّة من رفاقه ومحبّيه ومتابعيه وعموم الجماهير العربيّة وأحرار العالم.

ويبقى أهمّ دعائم ومسوّغات الارتقاء بواجبات قيادة الرّفيق القائد المناضل عزّة إبراهيم بلا استثناء هو نجاحه في :

أ- ضمان استمراريّة الحزب وتماسكه وصلابته وحفاظه على وحدة عقيدته الفكريّة والتّنظيميّة والثّبات على خطّه النّضاليّ العامّ وتعزيز منهاجه الاستراتيجيّ العامّ وتطويره وملاءمته مع الظّروف والتّطوّرات في العراق والوطن العربيّ والمحيط الإقليميّ والفضاء العالميّ، رغم الأهوال التي تعرّض لها الحزب من ضرب دولته القاعدة وإسقاط حكمه الوطنيّ وتقتيل نصف قيادته التّاريخيّة على رأسهم الأمين العامّ وقائد الحزب الرّفيق القائد شهيد الحجّ الأكبر صدّام حسين وكوكبة رفاقه وأسر وتشريد بقيّة أعضاء القيادة واجتثاث الحزب وحظره وملاحقته وتجريمه ومحاربة أعضائه ومناضليه وكوادره ناهيك عن التّشويه والتّبشيع والحرب النّفسيّة والإعلاميّة الكونيّة المفتوحة عليه.

ب- ضمان بقاء المقاومة العراقيّة وتنظيم صفوفها ورصّها وتحشيد طاقاتها بعد اغتيال مهندسها والمشرف عليها الرّفيق القائد صدّام حسين، وسنّ الخطط والبرامج الميدانيّة وابتداع المناهج التي أثمرت طرد المحتلّ الأمريكيّ أواخر عام 2011. ولعلّ من أبرز مظاهر العبقريّة النّادرة والاستثنائيّة التي يتمتّع بها الرّفيق القائد عزّة إبراهيم، وفي إطار عنايته الشّديدة بالمقاومة، ومن خلال ما أسلفنا ذكره من ثراء التّجربة والمعرفة الواسعة بطريقة تفكير العقول الاستراتيجيّة للأعداء، النّجاح الفارق والمبهر في توقية المقاومة من فخّ داعش الإرهابيّ الذي أدخله الأمريكان والفرس والصّهاينة للعراق بغية الإجهاز على المقاومة نهائيّا، وهو ما عدّ أكبر مقلب وأخطر حيلة خصّت بها المقاومة.

ت- التّشبّث بمنهج المقاومة، وملاحقة العمليّة السّياسيّة المخابراتيّة القذرة والمتهالكة في العراق، ومطاردة بيادق المحتلّ الإيرانيّ للعراق.

ث- رفض كلّ المناورات السّياسيّة وعدم الإذعان للمساومات والصّفقات والبرامج والأجندات الإقليميّة والدّوليّة التي لا يكون طرد المحتلّين وبيادقهم وإنهاء الاحتلال وعمليّته السّياسيّة المغشوشة في العراق هدفها وغايتها.

ج- الوفاء والانضباط الصّارم للعقيدة القوميّة العربيّة، واتّخاذ المصلحة القوميّة العربيّة الاستراتيجيّة العليا مثابة ومرجعا لكلّ خطوة ولأيّ قرار. فرغم الانشغال والانكباب على النّضال والمقاومة والجهاد في قٌطر العراق، ظلّ الرّفيق القائد عزّة إبراهيم باعتباره ذلك الثّوريّ القوميّ العربيّ الطّلائعيّ الرّياديّ الانقلابيّ الرّساليّ، متابعا لأدقّ التّفاصيل في الوطن العربيّ، فيرسم الخطط ويضع الحلول لكلّ مشاكل الأمّة ويعرضها على الجماهير والحكّام على حدّ سواء، فلم يقعده أمر العراق على خطورته ودقّته ومأساويّته، عن الاهتمام بالأمّة وقضاياها.

د- الحرص الفائق على التّواصل مع جماهير العراق والأمّة ومع رفاق البعث، سواء من خلال خطبه أو حواراته الصّحفيّة أو رسائله المكتوبة، واعتماد نهج المصارحة والمكاشفة بعيدا عن الطّرق الملتوية التي تميّز العمل السّياسيّ والدّيبلوماسيّ عادة.

ز- الجمع بين المقاومة المسلّحة والمقاومة السّياسيّة والدّيبلوماسيّة إيمانا منه أنّ عمل المقاومة يحتاج لنجاحه إلى فعل سياسيّ وديبلوماسيّ يسنده، وهو ما يترجم على الأرض بتخاطبه سواء بطريقة مباشرة أو عبر وساطات وموفدين، مع كثير من القادة والمنظّمات وغيرهم.

ر- حظّه على كسر التّعتيم الإعلاميّ على الحزب والمقاومة وتوجيهه باستغلال الفضاءات المتوفّرة كافّة لبسط معضلة العراق، وعرض حقوق الأمّة والدّفاع عنها، وهو ما يتجلّى في بعث فيلق للإعلام المجاهد تمكّن رغم بساطة قدراته على محاصرة الافتراءات والحملات الدّعائيّة المغرضة وتوضيح الحقائق لا على المستوى العربيّ بل والدّوليّ أيضا.

إنّ كلّ ما تقدّم لا يعدّ غيضا من فيض مسوّغات الإقرار بأنّ قيادة الرّفيق القائد المناضل عزّة إبراهيم الأمين العامّ لحزب البعث العربيّ الاشتراكيّ والقائد العلى للجهاد والتّحرير، هي ضرورة تاريخيّة بامتياز، ولكن، رغم ذلك فإنّها ستظلّ عاجزة لوحدها على إيفاء الرّجل حقّه، ولكن يكفيه فخرا ويكفي العرب فخرا به وبقيادته أنّه نجح في قيادة المقاومة العراقيّة للحفاظ على العراق موحّدا وإفشال مخطّطات التّقسيم وما سينجرّ عنه من ويلات مضاعفة للعرب جميعا، كما أنّه كان الرّائد الفذّ في فضح الأجندا الفارسيّة الإيرانيّة الصّفويّة واستباق مخطّطات التّوغّل العنصريّ والشّعوبيّ لإيران في الوطن العربيّ باعتماد سلاح الطّائفيّة لإغراق الأمّة في صراعات دامية ومفتوحة ستزيد من إذهاب ما تبقّى من ريحها، كما وبيّن عرى التّحالف الوثيق بين الفرس والصّهاينة وشدّد عليهم حتّى لا ينخدع العرب بتلك الجعجعة الإعلاميّة الدّائرة حول عداء مزعوم بين الطّرفين.

أوليست قيادة تارخيّة بل وأكثر، تلك التي يبرز فيها عقل استراتيحيّ وقّاد وشعلة نضال ومقاومة لا تخمد ولا تتراجع، ويتلألأ فيها نجم فكر واسع محيط بأدقّ التّفاصيل في أمّة كأمّتنا وقد بلغت مبالغ خرافيّة من التّخلّف الشّامل والانحدار الكلّي وانسداد الآفاق التّام، فيهديها سبل الخلاص ويرشدها لطوق النّجاة ويعبّد لها الطّريق للحرّية والتّحرّر والانعتاق؟

وهل من أمّة ادلهمّت عليها الخطوب واشتدّت، وكاد يجرفها ذلك المنعطف الخطير غير المسبوق، طلع من ظهرانيها مخلّص ناصح وقائد متواضع عامل ساع مكافح منافح مقاوم لبقائها وعزّها وعزّتها ومناعتها، كما هو حال أمّتنا وقائدها بلا منازع الرّفيق القائد المقاوم عزّة إبرهيم الأمين العامّ لحزب البعث العربيّ الاشتراكيّ والقائد الأعلى للجهاد والتّحرير؟


أنيس الهمّامي
نبض العروبة المجاهدة للثّقافة والإعلام
تونس في  ١٢ / نيســان / ٢٠١٨





الثلاثاء ١ شعبــان ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٧ / نيســان / ٢٠١٨ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أنيس الهمّامي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة