شبكة ذي قار
عـاجـل










الحضور الكريم،
أيتها الأخوات والأخوة
أيها الرفاق والأصدقاء
في هذه المناسبة، العزيزة على قلوب البعثيين، مناسبة حلول الذكرى الواحدة والسبعين لتأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي، والتاسعة والأربعين لانطلاقة جبهة التحرير العربية، نوجه سلاماً إلى فلسطين، إلى شهدائها، إلى أسراها، إلى انتفاضتها إلى أقصاها وقيامتها، إلى مسيرة العودة الكبرى. نوجه سلاماً إلى عراق العروبة، إلى شهدائه، إلى أسراه، إلى مقاومته، إلى انتفاضة شعبه. نوجه سلاماً إلى كل حاضرة عربية يقاوم أهلها الاحتلال والاستلاب والقمع والاستبداد.

في هذه المناسبة التي يطوي البعث فيها عقده السابع، نقف وإياكم لنستحضر المعاني والدلالات التي دفعت كوكبة من المناضلين العرب لتأسيس الحركة التاريخية وإطلاقها من غوطة دمشقية كان أريجها يفوح في عموم بلاد الشام، يوم تفتحت شرايين الأرض فيها، وسرى في عروقها أحمر قاني سقى الزرع وأشبع الضرع، فأخرج إلى الحياة شجرة امتدت غصونها على مساحة الوطن العربي الكبير، غارسة بذورها في تربة هذا الوطن، التي أنبتت البعث الشبيه لذاته حيثما تفتحت براعم الحياة في أرض العروبة في كل حواضرها وبواديها.

وهنا نقول للرفاق المؤسسين، الذين التأموا لنيف وسبعين عاماً، لإعلان ميلاد حزب الثورة العربية، أنه الوقت الذي تنزف فيه معظم الأقطار العربية دماً، وتتعرَّض للدمار. و البعض يذرف دمعاً على ما يجري، فنحن لا نذرفه ، وهذا ليس لأن الدمع جفَّ في المآقي، بل لأن الأوطان لا تتحرر من الاحتلال بالبكاء، والشعوب لا تستعيد حريتها بالعويل والنحيب، والاستبداد لا يسقط بكتابة الأحجية والدعاء.

إن الأوطان تتحرر من الاستعمار والصهيونية، والشعوب تستعيد حريتها، والاستبداد يسقط بطرق باب الحرية باليد المضرَّجة بالدماء، مستحضرين قول شوقي: وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق.

نعم هذا هو سبيل الحرية، فللحرية في فلسطين ثمن، وللحرية في العراق ثمن، وللحرية في كل رحاب الوطن العربي الكبير ثمن. وهذا الثمن يجب أن يُدفع، والأمة العربية المفطورة على الكرم مفطورة على البذل والسخاء والتضحية. إن هذه الأثمان تدفع يومياً في فلسطين بتلقائية الاندفاع النضالي الجماهيري، وقوافل الشهداء تروي الأرض الطيبة بالدماء الزكية، وآخرها شهداء مسيرة العودة الكبرى. والأمة التي تدفع الأثمان في فلسطين عبر تضحيات أبنائها، دفعتها وتدفعها في العراق، وقد بلغ عدد شهدائه الملايين وشهداء البعث فاق المئة وستين ألفاً ودرتهم شهيد الحج الأكبر الرفيق القائد صدام حسين. ولهذا قال الأمين العام للحزب الرفيق المناضل عزة إبراهيم، لقد أوقفنا العد بالنسبة لشهداء الحزب، لأن تضحياتنا ثمن ندفعه لطرد الاحتلال وحماية العراق ووحدته وعروبته، ولأن المسيرة المعمدة بدم الشهداء هي مسيرة مستمرة طالما بقي الاحتلالين الأميركي والإيراني جاثمين على صدر العراق، وطالما بقيت القوى الطائفية والمذهبية وقوى التكفير الديني والترهيب السياسي والاجتماعي تعبث بأمن العراق وأمن أبنائه ووحدة نسيجه المجتمعي والوطني.

واليوم وفي هذه المناسبة، مناسبة ذكرى تأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي، وانطلاقة جبهة التحرير العربية نقول بأن الأمة التي أنبثق هذا الحزب من رحمها إنما تواجه اليوم تحديات كثيرة، منها ما هو قديم ومنها ما هو مستجد، والتحديات بقديمها وجديدها هدفها إبقاء الأمة العربية مكبلة بقيود الاحتلال والاستلاب والاستبداد والتخلف والتجزئة، وأسيرة الارتهان لمواقع التقرير في الخارج. وعليه فإن لاخلاص لها إلا بإعادة الاعتبار للمشروع الوحدوي والذي حمل لواءه البعث منذ تأسيسه وما يزال.

من هنا نؤكد ونشدد، بأن تحقيق أهداف الأمة التي لخصها الحزب في ثلاثية الوحدة والحرية والاشتراكية، هي سبيل الخلاص للأمة وهي إن اجتمعت عليها قوى العدوان، فلأن ما تنطوي عليه من معطيات ذاتية رسالية، وما تمتلكه من مكامن قوة يجعلها دائمة التأهب لانبعاث متجدد وإثبات وجود من خلال فعلها النضالي عبر امتشاقها سلاحي الموقف والبندقية. ألم يقل القائد المؤسس الرفيق ميشيل عفلق، ( أمتي موجودة حيث يحمل أبناؤها السلاح )؟ وها هي قد أثبتت ذلك في فلسطين والعراق ولبنان يوم انطلق فعل مقاوم للاحتلال وشكل حاضنة للثورة الفلسطينية يوم ضاقت مساحات الاحتضان العربي لها.

إن حزب البعث العربي الاشتراكي، حزب الوحدة والحرية والاشتراكية، حزب الرسالة الخالدة، أعطى القضية القومية ببعديها التحريري والوحدوي أهمية في سياق مسيرته النضالية، حتى ذهب البعض إلى وصف خطابه بالخشبي.

وإذا كان يقصد بالخشبي الصلابة، فنقول لهؤلاء إن خطابنا لفلسطين والعراق وكل أرض عربية محتلة هو خشبي بصلابته، لأن التحديات التي تواجهها الأمة، والأخطار المحدقة بالأمن القومي العربي، لا تواجه بخطاب مائع بل تواجه بخطاب فكري واضح الأبعاد، وبساعد صلب صلابة الفولاذ.

وهذا الخطاب الصلب الذي نطرح عناوينه على المستوى القومي نطرحه بنفس الصلابة على مستوى مشاريع التغيير في البنى السياسية للنظم القائمة وخاصة تلك التي تديرها المنظومات الأمنية وقوى المحاصصة الطائفية وحيتان المال ونظم التوريث السياسي والعائلي.

فالحزب الذي يطرح الوحدة وتحرير الأرض، على مستوى الأولويات في النضال القومي، يضع قضية التغيير الوطني الديموقراطي في سلم أولوياته أيضاً، وعلى قاعدة أن النضال القومي التحرري لا يستقيم إلا بإعطاء مضمونه السياسي والاجتماعي بعداً وطنياً تقدمياً لأجل بناء مجتمع المواطنة، في دولة مدنية تنتظم الحياة فيها على أساس المساواة بين أبنائها في الحقوق والواجبات، وبما يتطلب إقامة نظام الفصل بين السلطات، وتحقيق العدالة الاجتماعية على أساس تكافؤ الفرص.

وعلى أساس هذه المبادئ العامة، كنا وسنبقى في لبنان منخرطين في ورشة العمل النضالي والسياسي لإقامة النظام الوطني الديموقراطي الذي يسقط نظام الطائفية السياسية التي جعلت البلد أسير الانشطار العامودي، وعطلت نظام المساءلة والمحاسبة، وحولت اللبنانيين إلى رعايا هويات طائفية بدل أن يكونوا مواطنين في دولة يحكمها القانون وقواعد الانتظام العام التي نص عليها الدستور.

أيتها الأخوات والأخوة
إن الحزب الذي طرح آلية للتغيير الوطني الديموقراطي استناداً إلى بنود مشروعه السياسي من أجل لبنان عربي ديموقراطي وأعاد استحضاره في مشروع رؤيته الوطنية للانتخابات النيابية، يعيد التأكيد عليه والتمسك به أكثر من أي وقت مضى، وهو لا يترك فرصة ومناسبة إلا وسيوظف معطياتها لأجل تأمين أوسع التفاف سياسي وشعبي حوله، وضمن هذا السياق ينخرط الحزب في العملية الانتخابية مع اقتناعه بأن القانون النافذ الذي تنتظم العملية الانتخابية على أساسه، هو قانون لا تنعكس من خلال تطبيق أحكامه حقيقة التمثيل الشعبي.

هذا القانون الذي شوه النسبية، وافتقر إلى وحدة المعايير، ورسم حدود الدوائر بحدود مصالح واضعيه، لا بد من تغييره وإلا تعديله وعلى قاعدة النسبية الشاملة للبنان ضمن دائرة انتخابية واحدة وخارج القيد الطائفي، وتخفيض سن الاقتراع وفرض قيود شديدة على الإنفاق الانتخابي.

إن الحزب الذي قرر الانخراط في العملية الانتخابية، وشارك بفعاليه في كل المقدمات التي أفرزت لوائح وطنية، بعضها ضم رفاقاً مناضلين وأخرى تماهى معها دون المشاركة ترشحاً (ترشيحاً)، سيبقى محكوماً بالموقف المعارض للقوى السلطوية وقوى المحاصصة الطائفية بكل عناوينها، إدراكاً منه بأن الكل السلطوي مشارك في الفساد وهدر المال العام، والكل مشارك في تثبيت نظام المحاصصة الطائفية وإعادة إنتاج النظام لنفسه وإن بآليات القانون الانتخابي الجديد.

إن الحزب وبغض النظر عن النتائج التي ستفرزها العملية الانتخابية، لا يعتبر أن معركته السياسية التي يخوضها بإنخراطه في العملية الانتخابية، منعزلة ومنفصلة عن مسار نضاله العام لإحداث التغيير الوطني الديموقراطي عبر العمل النضالي الدؤوب، والمتواصل، استناداً إلى توسيع مروحة العلاقات الوطنية والسياسية لأجل تفعيل العمل الوطني والارتقاء به إلى المستوى المؤسساتي، انطلاقاً من توحيد مفردات الخطاب السياسي الوطني، وإيلاء الحراك الشعبي أهمية باعتباره السبيل الذي يمكن الحركة الشعبية من ممارسة الرقابة والمحاسبة على الأداء السلطوي، ولأجل إعادة الاعتبار لمؤسسات الدولة الشرعية وتفعيل هيئات الرقابة، ووضع حد لكل أشكال الانتهاك للحريات العامة، ومنها حرية التظاهر والتعبير وإبداء الرأي.

أيها الرفاق، أيها الأخوة والأصدقاء
إن حزبنا، حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي، في هذه المناسبة المجيدة، مناسبة ذكرى تأسيس البعث، وانطلاقة جبهة التحرير العربية، فإنما نحييها هذا العام وقد فارقنا رفيق عزيز مناضل واكب مسيرة الحزب منذ عقد الخمسينيات وكان دائماً في صف الشرعية الحزبية، إنه الرفيق المرحوم الدكتور عبد المجيد الرافعي، نائب لأمين العام للحزب، ونحن سنبقى على خط المبادئ التي حكمت سلوكه النضالي وأدائه التنظيمي، مجددين العهد أن نبقى على خط الوفاء للشهداء، شهداء الحزب والأمة، وعلى رأسهم الشهيد القائد صدام حسين، وأوفياء لقادة الحزب المؤسسين، وعلى رأسهم الرفيق القائد المؤسس الأستاذ ميشل عفلق.

وباسم كل الرفاق نوجه التحية للرفيق القائد عزة إبراهيم الأمين العام للحزب، والقائد الأعلى لجبهة الجهاد والتحرير، الذي يقود معركة تحرير العراق وإعادة توحيده، وحمايته هويته العربية، والعهد على مواصلة النضال لمواجهة أعداء الأمة المتعددي المشارب والمواقع، والذين يناصبونها العداء جهارة ومداورة، ويحتلون أرضها سواء تمثل ذلك بالاحتلال الصهيوني، وكل محاولات التطبيع مع الكيان الغاصب، كما الاحتلال الإيراني وتغوله في العمق القومي. وأخيراً الاحتلال التركي، ورعاة هؤلاء من الغرب والشرق الدوليين، وحيث لا تستقيم الحياة لهذه الأمة إلا بتحريرها من كل أشكال الاحتلالات، وإسقاط النظم الرجعية ونظم الاستبداد والقمع ومصادرة الحريات.

تحية لكم، وتحية لفلسطين وانتفاضتها وشهدائها.
وللعراق ومقاومته،
ولقوى الحراك الشعبي المشدودة إلى عناوين القضية القومية، وقضايا التغيير الوطني الديموقراطي، في نضالها الجماهيري الذي تعرض للاختراق والتشويه،
وتحية إلى الأحواز وانتفاضة شعبها وتحية إلى كل قوى التحرر في العالم التي تقف بجانب قضايانا القومية والوطنية.
عشتم، عاش لبنان، عاشت الأمة العربية، عاش البعث، عاشت جبهة التحرير العربية.

المحامي حسن بيان
رئيس حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي
في  ٦ / نيســان / ٢٠١٨





الاثنين ٢٣ رجــب ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٩ / نيســان / ٢٠١٨ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة