شبكة ذي قار
عـاجـل










المدخل :

خلط المفاهيم سياسة متعمدة .. تأتي في إطار سياسة خلط الأوراق .

التشويش لم يأتِ من هذا التساؤل , إنما سبقه تشويش آخر مرحلي يفيد بأن الداخل الإيراني محكوم بصراعات ( الصقور والحمائم ) ، فمن يريد الحمائم عليه أن يتعامل معهم وينتظر إلى أن تميل كفتهم وبالتالي سيغيرون من سلوكهم الإيراني الإجرامي تجاه شعوبهم وتجاه جيرانهم .. ومن يريد أن يعدل سلوك الصقور بالترويض وبالعقوبات ،عليه هو الآخر ، أن ينتظر تغيير هذا السلوك العدواني بوسائل الاحتواء الذي يستغرق زمنًا طويلاً لا يتناسب والأسلوب الإيراني الذي ( يشتري الزمن ) ويمارس ( التسويف ) و ( المراوغة ) حتى تكتمل لدى النظام الفارسي ( القدرات ) المعرفية والمالية ، التي يستطيع من خلالها وضع الخارج ، أمام سياسة الأمر الواقع ، وذلك بتثبيت وتمكين الحصول خلسة على تقنيات تزيد من وتائر تخصيب اليورانيوم بفترة وجيزة ومختصرة وزيادة قدرات أنظمة الصواريخ الباليستية التي يعتبرها النظام ( لغة التفاوض ) المستقبلية !! .

الاختيار بين الحمائم والصقور .. تلك اللعبة الفارسية الكبرى ، التي استمرت سنينًا طوالاً ، الآن قد سقطت بامتياز ، وكان سقوطها مدويًا نتيجة لكونها لعبة فاضحة ولأن فعل الشارع الإيراني المذهل قد عراها وأسقط كل أوراق النظام الفارسي - الصفوي بما فيها أوراق التوت !! .

الآن .. ظهر بديل اللعبة المستهلكة آنفة الذكر ، الدولة الإيرانية دولتان .. دولة ( قومية ) و دولة ( ثورية - إسلامية ) ، كما يقول الصحفي الفارسي " أمير طاهري " ترديدًا لما قاله سابقًا شيخ الدبلوماسية اليهودي الماكر " هنري كيسنجر " .. هل ( أن إيران (دولة قومية ذات المصالح والمخاوف والتطلعات الطبيعية على غرار أي دولة قومية أخرى على سطح الأرض) ؟ ، أم أن إيران ( الثورة – الإسلامية ) ذات الأحلام غير الرشيدة والطموحات غير العقلانية ، كما هي الحال لدى الثورات كافة ) ؟ .. هذا القول هو لكاتب الشرق الأوسط الفارسي " أمير طاهري " .. ويضيف في مقالته في هذا اليوم 10/03/2018 ( وتعني هذه الازدواجية أن إيران في حالة عجز مستمرة تمنعها من صياغة سياسة واحدة ومتماسكة إزاء أي قضية كانت داخلية أو إقليمية أو دولية ، وذلك بسبب التضارب المفزع بين مصالح وطموحات الإيرانيين ) - الدولتان !! .

وهنا ، يبدو أنه بات يعزف على إيقاع ، أن إيران نتيجة لازدواجيتها باتت عاجزة عن صياغة سياستها الخارجية .. وهذا نوع من الإيهام ، لأن إيران قد صاغت سياستها الخارجية الاستراتيجية منذ عام 1979 وهو عام مجيء خميني من باريس إلى رأس السلطة - حيث فتح النار على أمريكا للتلميع ، وفتح النار على العراق لتأكيد الثورية المزعومة - واستمرت عليها بشكل مراحل وكانت تعتمد ( التقية ) إعلاميًا وسياسيًا وميدانيًا حتى بلغت في الظرف الراهن مرحلة اللعب على المكشوف وأفرغت نياتها الخبيثة علنًا وأهدافها التوسعية دون خجل أو خوف أو وجل .. كما رتبت ، بصياغة خبيثة وبارعة في الخداع ، سياسة مفاوضاتها حول الملف النووي الإيراني ( 5+1 ) وتمكنت من استدراج دول الاتحاد الأوربي إلى شباكها المخادعة إضافة إلى تعاون إدارة ( أوباما ) الفاضح مع طهران .. فكيف أن ازدواجية السياسة الإيرانية تضعها في حالة عجز مستمرة تمنعها من صياغة سياسة واحدة ومتماسكة إزاء أي قضية كانت داخلية أو إقليمية أو دولية ؟! .

فالدولة ( القومية ) مطالبها معروفة وقد تكون عالية السقف متوازنة أو( شوفينية ) الاتجاه ، أما الدولة ( الدينية – المذهبية ) فهي الدولة التي تصوغ سياستها الخارجية في ضوء طموحاتها وأهدافها ( الأممية ) ، التي ترمي إلى تطويع محيطها القريب والتأثير في محيطها البعيد ، كالكيان الصهيوني ونظام الدولة الـ( ثيوقراطية ) الإيراني .

ولعبة الاختيار هذه التي جاءت بديلاً عن لعبة الحمائم والصقور المكشوفة والمفضوحة ، لتضع سياسات العالم الخارجية في دائرة التشويش في مسألة التعامل .. وهل تتعامل دول العالم ، ومنها على وجه التحديد ، الدول الأوربية ممثلة بالاتحاد الأوربي ، الذي يلهث وراء ( حفنة ) من الدولارات الفارسية على حساب أمنه وأمن منطقة الشرق الأوسط .. مع دولة ( قومية إيرانية ) أم يتعامل مع ( ثورة- إسلامية ) ؟! .

هذه اللعبة ، تخلط المفاهيم فيها ، كما تخلط الغايات وتتغافل عن تحديد الوسائل ، التي تتبعها الدولة الإيرانية .. والحقيقة أن إيران ( دولة قومية ) تتمثل بهيكلية نظامها ودستورها ومؤسساتها السياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية والعسكرية والاستخباراتية والآيديولوجية .. أما أدوات هذه الدولة القومية التي تستخدمها في سياستها الخارجية ذات الطابع العسكري - الاستخباراتي ، فهي ( الأداة المذهبية ) مصحوبة بجيش من الميليشيات المسلحة والمؤدلجة .. وذلك ، لأن الدولة القومية الفارسية تستثمر ( واقع ) المحيط القريب استثمارًا مذهبيًا وعرقيًا خالصًا لأهداف سياستها الخارجية .

إذن .. ليس هناك دولتين في إيران ( دولة قومية ) و( دولة دينية ) أو ( ثورة – إسلامية ) ، إنما هما دولة واحدة قومية عنصرية يتسلط عليها العنصر الفارسي ويضطهد من خلالها الشعوب الإيرانية ، ويستخدم الأداة المذهبية للوصول إلى أهداف الدولة القومية في التمدد والتوسع الخارجي .

" أمير طاهري " هذا الفارسي ، هو في حقيقته أداة إعلامية تستخدمها بملمس ناعم الاستخبارات الفارسية بعد زرعه في الإعلام العربي ( جريدة الشرق الأوسط ) ، كما زرعت مثله على رأس تحرير القدس العربي من قبل ، وروضت وزرعت رموز إعلامية وفكرية عربية في المؤتمر القومي العربي ، لتخدم السياسة - الاستراتيجية للدولة ( القومية الفارسية ) .

والواضح .. هو أن هرم ( الدولة القومية ) الثيوقراطية الفارسية يتربع عليه ( ديكتاتور ) يجمع بين سلطتين : سلطة دنيوية وسلطة ( دينية – مذهبية ) ، وليس لأحد في تشكيلة الهرم من سلطة تعترض أو سلطة تمتنع أو سلطة تحاور ولا سلطة في رسم السياسات ، عدا السياسة التي يأمر بها الديكتاتور الولي الفقيه ، في حين هو ( رجل الدولة القومية الفارسية الأول ) ، مطلق الصلاحيات .. لذا فإن القادة الفرس السياسيون والعسكريون والإعلاميون ، كلهم يصرحون ويتكلمون بلغة واحدة ومنهج واحد يمليه عليهم ( علي خامنئي ) !! .

فرئيس الجمهورية هو مراسل ينقل القرارات ويقوم بتنفيذها ، وأعضاء البرلمان مراسلون أيضًا والوزراء والسفراء وباقي الذين يتبوؤن المسؤولية هم مأمورون تنفيذيون ليس لديهم الصلاحيات وليس هم صناع القرار .. لا أحد يصنع القرار في إيران سوى الديكتاتور الذي يسمونه ( المرشد الأعلى ) .. وما يظهر هنا وهناك من تصريحات قد يراها البعض مجرد تصريحات فردية ، ولكنها تصريحات منبعها مطبخ إعلامي واحد قريب من المرشد الأعلى يديره مستشارون تابعون له ، وتوزع التصريحات كردود أفعال على وفق حالة تقاسم الأدوار ، ولا يبتعدون كثيرًا عن فلسفة ( الحمائم والصقور ) في المطبخ الواحد !! .

هي في حقيقتها تقسيم للأدوار على المستوى السياسي والإعلامي والعسكري يعمل على صياغتها المستشارون وبقرار من رجل الدولة القومية الفارسية " علي خامنئي " !! .

إيران الفارسية تعمل كدولة قومية ، وإن أهدافها القومية المرسومة هي توسعية مدعومة بمشروع الشرق الأوسط الكبير ، فهي تتحرك سياسيًا وعسكريًا برفاهية واضحة ، تهدد المنطقة والعالم ببرنامج صواريخها .. أما مسألة ( الدين – المذهب ) فهو أداة بيد الدولة الفارسية .. حتى الأداة هذه فهي في وضع التسخير المقرف ، الذي لا يعطي اعتبار لجوهر الدين أو المذهب ، الذي لا يعني شيئًا أمام المطامع ( القومية ) للدولة الفارسية .

يتوجب إدراك المغزى من طرح المفاهيم وتسويقها بصورة الخلط .. خلط الأوراق وإظهار النظام الإيراني يقوده فارسي لا أحد يستطيع أن يغلبه لا في المفاوضات حول السجادة الفارسية ولا في المفاوضات حول الملف النووي الإيراني .. فمتى تستيقظ إدارة الشرق الأوسط من سباتها وتنظف بيتها من الدخلاء والأفاعي الفارسية المسمومة ؟! .





الاثنين ٢٥ جمادي الثانية ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٢ / أذار / ٢٠١٨ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الرفيق الدكتور أبو الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة