شبكة ذي قار
عـاجـل










يبدو ان مشاهد دبلوماسية البلطجة الأمريكية لن تتوقف مع الرئيس ترامب وممثلته في الأمم المتحدة نيكي هالي .فبعد تصريح نقل السفارة الى القدس المحتلة وما تبعه من اجماع دولي رافض له في الجمعية العمومية ، طلبت الولايات المتحدة يوم السبت السادس من يناير عقد أجتماع لمجلس الأمن لمناقشة الأحتجاجات الشعبية في ايران والتي خرجت في 80 مدينة الأسبوع الماضي. ليقف امامها سفراء روسيا والصين وفرنسا بالمرصاد يذكروها بأن دور مجلس الأمن لا علاقه له بنقاش مظاهرات داخلية وبأن هذا أجتماع مضر ومخرب، وقول السفير الروسي فاسيلي نبنيزيا ان الحقيقة وراء هذا الأجتماع هو ان الولايات المتحدة تريد المس بالأتفاق النووي المبرم عام 2015 والذي تعاديه الأدارة الحالية ، او كما قال السفير الفرنسي فرانسوا دولاتر من ان هذه التظاهرات هي شأن داخلي لا يهدد السلام والأمن الدوليين. ويجانب سفيرا روسيا وفرنسا الصواب في جوابهما فمثل هذه الأحداث لا تناقش في مجلس الأمن ومن ثم فهي شأن داخلي .فهل ان الولايات المتحدة تجهل هذا الأمر ؟ أم ان ذهابها الى مجلس الأمن هو تأكيد لتصريحات الحكومة الأيرانية حول تظاهرات مدعومة من الخارج ومن الولايات المتحدة بالذات؟ ومع سبق الأصرار في النهج ، أقر الكونغرس باغلبية 415 صوتا مقابل صوتين دعم التظاهرات والأحتجاجات في ايران.

ما يحدث اليوم بين ايران والولايات المتحدة هو أستمرارية سجال يمتد منذ عقود لعل اهمه موضوع الملف النووي، يستمر على نفس الوتيرة رئيس بعد رئيس وأدارة تلو الأخرى. فقد انشغل الأعلام الأمريكي والغربي وأشغل العالم بالتهديدات اللفظية والأعلامية ضد أيران أكثر من عقد، حتى وصل الحد بالرئيس الروسي بوتين القول قبل سنوات ان الحرب على ايران قادمة ولم يبقى الا ان نعرف اليوم الذي ستعلن فيه.وبدل ان تعلن الولايات المتحدة الحرب على ايران عقدت هي والدول الغربية صفقة معها رتبت ملفها النووي وطريقه تطوره لعشر سنوات مقابل اعادة 300 مليار دولار للخزينة الأيرانية محفوظة في البنوك الأمريكية.وتلى هذا الأتفاق عقد مع شركة توتال النفطية الفرنسية في تموز الماضي يصل الى 4٫8 مليار دولار وصفته الصحافة الفرنسية بالعقد التاريخي، تستثمر توتال بموجبه مبلغ 2 مليار دولار في البنى التحتية لصناعة الغاز والنفط رغم العقوبات الأمريكية. لكن امر العلاقه الجيدة لا يقتصر على أيران والولايات المتحدة وأوربا بل يشمل الكيان الصهيوني الذي تربطه بايران علاقات تجارية أوسع. بحسب مجلة لوبوان، نقلا عن صحيفه يديعوت احرنوت فأن هناك ما لا يقل عن 200 شركة اسرائيلية تتعامل مع ايران مباشرة او عبر دول اوربية وخاصة فيما يتعلق بالتكنولوجيا الحساسة والطاقة وتطوير الصناعة النووية وبعض هذه الصفقات تتم بموافقة رئيس الوزراء الصهيوني نتياهو منها شركة الوت كومنكيشن التي لا ترغب بالكشف عن ذلك بسبب سرية هذه المعلومات . كما ان ايران نفسها لها سوق تجاري ضخم مع حكومة الأحتلال في فلسطين اذ ان اهم تجارة لها تصل الى اكثر من ملياريين دولار من تجارة الفستق والكاجو والمرمر . وتورد الصحيفة الأسرائيلية عن رئيس جمعية الصداقة للعرب الأسرائيليين يهوا ميري :انه حتى مع أقسى التصريحات بين البلدين فأن التجارة مزدهرة وان العلاقه مع الزملاء الأيرانيين ممتازة. “.

ومنذ توقيع الأتفاق النووي كف الأعلام الغربي عن الكلام عن ايران وعمائمها وعن اسلامها السياسي ، بل انه بدأ يمتدحها ويبرز حضارتها على صفاتحه الأولى : مجلة لوبوان الفرنسية ، فارس حضارة رائعة، فارس : نهضة حضارة . ليس ذلك فحسب فأن لأيران اليوم وبفضل عقدها مع توتال 12 قناة تلفزيونية تشاهد من فرنسا منها دينية في حين لا تتوقف هذه المجلات والصحف عن نشر الأسلاموفوبيا ضدالفرنسيين من أصول عربية ومسلمة. بينما تم غزو العراق الذي لا يمتلك سلاحا نوويا ولا اسلحة دمار شامل كما أدعت الولايات المتحدة .

لقد أظهر احتلال العراق بشكل واضح لا لبس فيه التحالف الأستراتيجي بين الولايات المتحدة وايران والكيان الصهيوني ورغبة هذا الثلاثي في تدمير العراق: فامريكا لا تملك عمائم ومرجعيات مثل السيستاني يصدرون فتوى بعدم قتال قوات الأحتلال ولا مليشيات تنشر الفتنة الطائفية والقتل على الهوية وتصبح الذراع اليمنى لوجودها ، كما أظهر هذا التحالف عداء ايران للأمة العربية من خلال مشروعها الفارسي للهيمنة على المنطقة فهي لم تدخل العراق على اساس انها تمثل الأسلام بل كل هدفها تحقيق مشروعها القومي واحتلال العراق والخليج العربي والتمدد حتى البحر المتوسط وأعادة مجد حضارة فارس. أن التحالف الأستراتيجي بين بلدين لا ينفي وجود خلافات ومناوشات بين الحين والآخر وهو امر عادي. فالخلافات موجودة حتى بين افضل الحلفاء كما بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني فحينما يتعرض الأمن القومي الأمريكي الى مساس من قبل دولة الكيان، لا تتوانى الولايات المتحدة من تعنيف الحليف والقيام بأجراءات رسمية ضده، بدليل اهانة وعدم أستقبال نتن ياهو من قبل الرئيس الأمريكي السابق اوباما وتسريح مدير مكتبه ايمانويل رام الضابط في الجيش الأسرائيلي في حرب الخليج والذي زاد من تدخلاته الى الحد الذي أستددعى اقالته من منصبة وتسريب انزعاج اوباما من نتياهو مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عمدا في باريس، وحبس وادانه جواسيس صهاينة ورفض الولايات المتحدة أطلاق سراحهم رغم الضغوط من أعلى المستويات.

ان هذه “الحرب الأعلامية” ضد ايران تحولت في الحقيقة الى حملة دعائية لنظام الملالي تخدم سلطته في الداخل ضد الجماهير المنتفضة والرافضة له وفي الدول العربية المجاورة التي يتمدد فيها تحت سمع وابصار الشيطان الأكبر كما في العراق وسوريه واليمن ولبنان. ورغم ذلك لم تزل حكومات عربية واحزاب وقوى سياسية تعتبر ايران محور وقوة مقاومة ولا ترى فيها مشروعا قوميا مناهضا للعرب يتكاتف مع الولايات المتحدة واسرائيل لتدمير منطقتنا وخاصة العراق منذ غزوه الى يومنا هذا.فالأعلام الغربي يتكلم كثيرا عن ابو بكر البغدادي لكنه لا يرى قاسم سليماني آمر الحرس الثوري الذي يصول ويجول يقتل من يشاء ويهجر من يشاء مع مليشاته الطائفية في طول العراق وعرضه.

لذا لا يمكن رؤية قرار الكونغرس بالتصويت بالأغلبية لدعم التظاهرات وأحتجاجات الشعب الأيراني الا دعما شكليا جوهره تشويه هذه الأحتجاجات وأعطاء دفعة قوية للنظام يمكنها من قمعها بحجة مساعدات اطراف خارجية.ومن يدعي غير ذلك عليه ان يكشف الدعم الذي قدمته الولايات المتحدة للمعارضة الأيرانية. وهل سيصل هذا الدعم الى ما وصل اليه مع المعارضة العراقية التي حصلت مع اقرار قانون تحرير العراق الصادر في اوكتوبر 2002، على 99 مليون دولار وعلى معسكرات تدريب للمرتزقة في دول اوربا الشرقية وشمال العراق وأذاعة في بلغاريه.هل ستقوم امريكا باحتلال أيران لنصرة هذه المعارضة ام انها فقط تريد تشويه المظاهرات وأيقافها مع وصول رئيس جديد في البيت الأبيض له مهمات تنفيذ الأجندة التالية في خطط استعمار العراق والمنطقة.





الجمعة ١٦ جمادي الاولى ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٢ / شبــاط / ٢٠١٨ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ولاء سعيد السامرائي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة