شبكة ذي قار
عـاجـل










المدخل : الأمن الإنساني .. وأمن الشعوب في خطر .. السياسات الاستراتيجية للدول الكبرى والعظمى تحتل الأولوية في هذه المرحلة المأزومة بالمصالح الأنانية والمغرضة !! .

على الرغم من أن النظام الإيراني مدان إقليميًا ودوليًا بأنه :

1- نظام دموي وتسلطي وفاشيستي ومنتهك لحقوق الإنسان والشعوب الإيرانية منذ عام 1079 وحتى الوقت الحاضر .

2- نظام يرعى الإرهاب الإقليمي والدولي ويتوسع في تدخلالته الخارجية .

- فإن هذا النظام يتلقى دعمًا أمريكيًا ودعمًا روسيًا ضمنيًا ودعمًا ( صينيًا فرنسيًا - في مجلس الأمن الدولي ) .. تحدد هذا الدعم مواقف هذه الدول من مسألة وجود النظام الإيراني من عدمه ، ومن أهمية تغيير سلوكه الدموي من عدمه ، ومن ضرورة تغييره وبالشكل الذي يضمن الأمن والاستقرار للشعوب الإيرانية من جهة ولشعوب المنطقة والعالم من جهة ثانية .

- في هذا المعنى يتم تغييب المنظمة الدولية ويغيب ميثاقها والقانون الدولي وكافة الاتفاقيات التي تعالج إشكالات التدخل الخارجي وحقوق الإنسان وحقوق الشعوب ، فضلاً عن إشكالات الأمن الإقليمي واستقرار المنطقة والعالم وتنميته المطلوبة .

- والمقصود من ذلك .. هو إبقاء حالة التجاوزات والانتهاكات والتوسعات العسكرية على حساب الدول الأخرى وعلى حساب نظام الأمن الإقليمي الذي هتكته الولايات المتحدة الأمريكية وقوضت أركانه روسيا وإيران ، دون حساب ، لأن أداة العقاب الدولي قد تم تجميدها في ظل استمرار استراتيجية ذات وجهين : هي استراتيجية ( الإرهاب الدولي ) ، التي تعتبر العمود الفقري في الاستراتيجية العظمى للولايات المتحدة الأمريكية لعقود قادمة من جهة ، وحملة ( محاربة الإرهاب الدولي ) من جهة ثانية .

- واللعبة الاستراتيجية المزدوجة هذه قد أدخلت العالم في بيئة الإرهاب ومكافحته وإرغام الدول على إدخال أو تغيير أو تكييف سياساتها وبالشكل الذي تظهر فيه سواء كان ذلك بصيغة أفعال أو ردود أفعال بشأن الأحداث التي تستولدها تلك الاستراتيجية العظمى ، وردود الأفعال المتعددة بشأنها دون أي حساب للشعوب وأمنها واستقرارها .. حيث تمثلت بالآتي :

أولاً- أظهرت أمريكا من خلال الحادي عشر من سبتمبر- أيلول 2001 سياسة استراتيجية أسمتها ( الحرب على الإرهاب ) .. هذه السياسة اشتملت وتداخلت فيها ( دول ) ، كما تداخلت فيها ( مجموعات ) مسلحة غير نظامية تحركها مصادر إستخباراتية .. حددت هذه السياسة أفغانستان والعراق هدفان حربيان فأسقطتهما واحتلتهما ، ولم تتمكن من إسقاط دولاً أخرى ، طالما وصفتها بـ( المارقة ) و( راعية للإرهاب ) مثل إيران وكوريا الشمالية .

ولكن الولايات المتحدة الأمريكية لم تتراجع عن سياستها الاستراتيجية هذه ، إنما استمرت بوجه آخر وهو سياسة ( الاحتواء ) مع النظام الإيراني وقامت بتوظيف النظام لأغراض تفكيك دول منطقة الشرق الأوسط وإعادة تشكيلها بعد تدميرها .

ثانيًا- وبدلاً من ممارسة الدولة الروسية سياسة تقييد إيران لأنها أداة طائفية وعنصرية متعاونة مع خصمها الأمريكي وضد شعوبها وشعوب المنطقة برمتها وقريبة من حدودها .. أقتربت من قيادتها الإرهابية الدموية والمذهبية العنصرية ( خوفًا ) أو ( تحييدًا ) لنزعتها الطائفية ومنع انتشار أصابعها المذهبية في البطن الرخو للدولة الروسية ، التي تضم قرابة ( 50 ) خمسون مليون مسلم - يمكن للنظام الفارسي أن يثير المتاعب في جوف هذا البطن ، وهو نقطة ضعف الاتحاد السوفياتي السابق ، وورثت عنه روسيا الاتحادية هذا الضعف ، ومسألة الشيشان ما زالت عالقة في الأذهان- !! .

ثالثًا- من هذا الباب قبلت روسيا ، ولأغراض براغماتية وليست مبدئية ، التعامل مع إيران ولاعتبارات ( جيو- إستراتيجية ) وبدافع التحييد لاقترابها من حدودها بجعلها دولة عازلة(Buffer State) .. طالما أن الولايات المتحدة الأمريكية تمارس سياسة ( إشعال الحرائق ) في المنطقة العربية لأغراض الشرق الأوسط الكبير، وتنشر قواعدها العسكرية في العمق الآسيوي ، وتعزز إتصالاتها العسكرية مع بعض الدول الآسيوية ، وتخطط لتحويل مركز ثقل القواعد العسكرية الأمريكية من أوربا إلى منطقة آسيا والباسفيك ، وترسم سياسة ( إحتواء ) الصين ، وتزيد من إنفاقاتها العسكرية وتنشر أنظمة الدفاع الصاروخية ( باتريوت ) و( ثاد ) المتطورة على أراضي اليابان وكوريا الجنوبية ، وتسلح بعض الدول الآسيوية ، تحسبًا لأي تصرف أهوج تقوم به كوريا الشمالية وتزعزع الأمن في تركيا .. كل ذلك يضع الدولة الروسية في دائرة التوجس والاهتمامات الاستراتيجية ذات الطابع الأستخباراتي !! .

هذا المشهد الخلفي ، له علاقة برسم السياسات - الاستراتيجية ( نحن هنا نتحدث عن السياسات وليس عن الاستراتيجيات بحد ذاتها ) للدول المعنية .. ولكن على الرغم من كل ذلك ، ورغم التناقضات الكائنة في السلوك السياسي الأمريكي والروسي فإن الإدارة الأمريكية والكرملين الروسي يظهران ( دعمًا) واضحًا للنظام الطائفي العنصري الإرهابي في طهران وهو ينتهك الداخل الإيراني كما ينتهك الخارج بكل الوسائل الممكنة والمتاحة ، التي تتعارض مع القانون الدولي ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة والمُثُلْ والقيم الإنسانية !! .

وقبل الحديث عن مقاربات الدعم الضمني الأمريكي والروسي للنظام الدموي في طهران ، يمكن التطرق إلى ما يلي :

1- إن البديل عن نظام الملالي الطائفي والعنصري في إيران ليس عدوًا لروسيا حتى تخشاه ، كما أنه ليس عدوًا لأمريكا حتى ترتاب منه .. والعالم كله على توافق تام حول البديل التعددي الديمقراطي السلمي المتمثل بحكومة ( مجاهدي خلق ) .

2- ما تخشاه روسيا الاتحادية هو ( تشظي ) الدولة الإيرانية إلى دويلات ( آذرية وكردية وتركمانية وبلوشية وعربية - أحوازية ولوريه ) .. وهذا التشظي الجيو – سياسي ، قد يشعل نيران الصراعات على تخوم روسيا الاتحادية .. وإذا ما أقتنعت روسيا بخيار البديل السلمي الديمقراطي التعددي المتمثل بحكومة مجاهدي خلق ، فأن دعمها أو تأييدها الضمني للنظام الفارسي الذي يقمع شعبه سيتلاشى !! .

3- أما أمريكا فهي تضع نصب عينيها ليس تقسيم إيران وتفتيتها أو تشظيها ، إنما ( إحتواء ) نظامها وتغيير سلوكه في المنطقة ضمن حدود إبقائه ( بعبعًا ) تخيف به دول منطقة الخليج العربي على سبيل الحصر لغايات إستنزاف أرصدتها واستهلاك ثرواتها النفطية والغازية وتصريف الأسلحة الأمريكية والغربية لمجابهة أخطار التوسع الفارسي ، فيما تعاون أمريكا هذا النظام ولا تسعى إلى تقييده أو شله ومنع تمدده بوسائل مشروعة .. ولم تفكر أمريكا ، وهي تصدع رؤوس العالم بتصريحاتها وقراراتها وعقوباتها ، بخلق البديل أو التفاعل مع حكومة ( مجاهدي خلق ) التي تمتلك منهجًا واقعيًا لإدارة الحكم بعد نظام الملالي ، الذي لا يستطيع أن يتعايش سلميًا مع الشعوب الإيرانية ولا مع شعوب دول المحيط القريب ولا البعيد .. وهي حكومة قادرة على التعايش السلمي وبناء إيران كما تريد وترغب الشعوب الإيرانية المغلوب على أمرها .!!

4- أما المشتركات ، التي تجمع بين موسكو وطهران ، رغم كل ما تقدم ، إبتداءًا من تعاون إيراني - أمريكي في العراق وأفغانستان ، وتعاون إيراني - إسرائيلي في المنطقة ، واستخدام الميليشيات المؤدلجة الطائفية في التوسع ووصف إيران بأن نظامها إرهابي ويمارس إرهاب الدولة في خارج حدوده الإقليمية ويزعزع أمن المنطقة والعالم :

أولاً- إيران تسعى نحو التوسع أو التمدد الجيو - سياسي في المنطقة .

ثانيًا- روسيا تسعى نحو تكريس نفوذها الجيو - استراتيجي في منطقة الشرق الأوسط وخاصة عند حافات المياه الدافئة .. وهذا المشترك الأول بين الدولتين الروسية والفارسية .

ثالثًا- إيران تحارب نزعات الانفصال بشراسة وتضطهد الكرد وتضطهد عرب الأحواز وتضطهد الأتراك والأذريين والبلوش واللور .. وروسيا تحارب نزعات الانفصال وتدعو جمهوريات الاتحاد السوفياتي المنفرطة إلى الإلتئام والعودة ، ولا تحبذ إنتمائها لحلف شمال الأطلسي ( الناتو ) .. وحرب الشيشان ما تزال ماثلة في الأذهان وكذلك التفجيرات الإرهابية التي طالت العمق الروسي .. وهذا المشترك الثاني بين روسيا وإيران .

رابعًا- النظامان الروسي والإيراني يشتركان في نهج ( شمولي ) واحد له ما يختلفان في بعض سماته ، التي كرست علاقات سياسية وعسكرية واقتصادية وأمنية .. وهذا المشترك الثالث بين البلدين .

خامسًا- الأفعال العسكرية ( التكميلية ) الروسية الفارسية المشتركة ، الأولى : تلتزم بمتطلبات ( الحرب الجوية ) .. والثانية تلتزم ( بحرب الميليشيات ) المسلحة والمؤدلجة طائفيًا وعنصريًا في صيغة تجنيد ( الأفغانيين والباكستانيين وابلوشستانيين والعرب وغيرهم ) .. وبهذه الصيغة يستكمل الفعل العسكري مدياته السياسية في سوريا على وجه الخصوص .. فيما يستكمل الفعل العسكري الأمريكي في أجواء العراق بصيغة تسمى التحالف الدولي ، وإيران تستكمل هذا الفعل على أرض العراق عن طريق ( الحشد الشعوبي ) الموالي لإيران وتحت إشراف جنرالات إيرانيون ، الأمر الذي يعكس طبيعة العمل والتنسيق العسكري القائم بين أمريكا وإيران من خلال حكومة المنطقة الخضراء العميلة وهي تحت إمرة الحرس الإيراني .

الخلاصة :

- إن العلاقة القائمة بين روسيا وإيران يمكن وصفها بأنها ( تحالف براغماتي ) يجمع بين المنافع السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية .. ولكنه لا يرتقي إلى التحالف الاستراتيجي .

- فيما توصف العلاقة القائمة بين أمريكا وإيران بأنها ( توافق استراتيجي ) في العراق وأفغانستان والمنطقة ، رغم التصريحات الاعلامية الأمريكية والتلويح بالعقوبات وفرضها بطريقة ( إسقاط فرض ) !! .

- ومن ذلك يتضح أن أمريكا لا تمانع إيران من تمددها الإقليمي العسكري والميليشياوي المسلح في المنطقة .

- ولا تعمل أمريكا من أجل تغيير النظام الدموي في طهران وهو يقتل شعبه ، إنما تعمل على ( إحتوائه ) .

- تسكت روسيا على تمدد إيران العسكري في سوريا ولا تمانع من تمددها في دول المنطقة .

- إيران لها وظيفة أمريكية في العراق وفي أفغانستان والمنطقة .. كما لإيران وظيفة روسية في سوريا .. وتبعًا لذلك فإن روسيا تدعم النظام الديكتاتوري الدموي في الشام ولا تكترث للشعب السوري ، وتلتزم الصمت على جرائم حكومة المنطقة الخضراء في بغداد ولا تكترث للشعب العراقي .. وفي هذا الإطار فإن أمريكا وروسيا لا تكترثان لما يجري للشعوب الإيرانية من إنتهاكات ، باتت كما هو حال الشعب العراقي والشعب السوري ، جرائم حرب ضد الإنسانية .. فروسيا شريكة مع إيران في جرائم الحرب في سوريا مع نظام دمشق .. وأمريكا شريكة مع إيران في جرائم الحرب في العراق مع نظام بغداد !! .





السبت ٢٦ ربيع الثاني ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٣ / كانون الثاني / ٢٠١٨ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الرفيق الدكتور أبو الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة