شبكة ذي قار
عـاجـل










المقدمة :

من يسعى من الدول العظمى والكبرى نحو التعددية القطبية .. يتوجب عليه أن لا يندفع إلى نهج سباق التسلح ، ولا إنتهاج الحرب ( الاستباقية ) ، ولا إلى الحصارات اللاإنسانية ضد الشعوب بإرغام الحكومات على القبول بسياسة الأمر الواقع .. والامتناع عن استخدام القوة أو التهديد بإستخدامها ، والالتزام بالمعاهدات والاتفاقيات المبرمة ثنائياً وأممياً ، وكذا التخلي عن الاستفزازات والتدخلات والتسلح المثير للشكوك والسياسات النظرية ، التي تثير الجدل .. وكشف النيات لبناء علاقات ثنائية وحسن جوار قائم على المصالح والمنافع المشتركة واحترام الخيارات المشروعة والحرص على إدامة الأمن والسلم الدوليين .. فهل تستطيع دول القطبية المتعددة ، وهي دول كبرى وعظمى ذلك دون أن تخامرها نزعة النفوذ والتسلط والنهب ، فيما يسعى العالم كله من أجل المصالح .. هل من محددات في ذلك أو ضوابط ؟! .

- صراع القوتين العظميين ، روسيا الاتحادية والولايات المتحدة الأمريكية حول معاهدة الصواريخ النووية :

- مفهوم نظرية تعددية الأطراف .. واستراتيجية التعددية القطبية ( الرؤية الصينية ) :

1- صراع القوتين العظميين :

هنالك افتراض يقول بأن الحروب يمكن تجنبها إذا كان هناك مستوى متعادل للتسليح لكل من الطرفين وهذا يمكن الحصول عليه عن طريق خلق نوع من التكافؤ في المخزون الراهن من الأسلحة ، وفرض ضمانات عملية وفعالة بشأن التحقق من مطابقة هذه الإجراءات لنصوص الاتفاقات ، التي تعقدها الأطراف المعنية ، وبهذا تبدد مخاوف كل طرف بخصوص النيات العدوانية أو الخطط الهجومية للطرف الآخر إذ أن هذا التكافؤ سوف يضمن عدم لجوء أي طرف إلى إثارة حرب وهو يعلم أنه لا يملك فيها ميزة التفوق التي يمكن أن تحقق له بعض الأهداف التي يضعها لنفسه مقدمًا.. ولكن يختلف مخزون الأسلحة النووية عن الأسلحة التقليدية من حيث الكم والكيف والرقابة .

كانت معاهدة ( سالت 2 ) قد وضعت أساسًا عمليًا لعدد الصواريخ الباليستية ومنصات إطلاقها بين الجانبين الأمريكي والسوفياتي - مائة صاروخ باليستي مع مائة قاعدة إطلاق - كخطوة مهمة على طريق الالتزام بالقضاء على ما تملكه واشنطن وموسكو من صواريخ يتراوح مداها بين 300- 3400 ميل نحو خفض التصعيد :

1- ولكن موسكو - وريث الاتحاد السوفياتي - لم تلتزم بمعاهدة السيطرة على الأسلحة ، حيث عملت على تطوير واختبار صواريخ كروز ( S.S.C.8 ) ، الأمر الذي انتهكت فيه معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى لعام 1987 والتي شكلت اتفاقًا استراتيجيًا وضعت الجانبين الأمريكي والروسي في دائرة الحرب الباردة كما يعتقد البعض .

2- كما أن موسكو نشرت كتيبتين من ( S.S.C.8 ) جنوب روسيا وفي موقع آخر غير معروف كما تشير إليه التقارير الصحفية .

3- وجمدت موسكو الالتزام بمعاهدة القوات المسلحة التقليدية في أوربا لعام 2007 .

4- وأَخَلَّتْ موسكو بالمعاهدة حين أجرتْ تدريبات ما يسمى ( زاباد 2017 ) .

5- وأنتهكت موسكو معاهدة ( New Start ) الخاصة بالسيطرة على الأسلحة ، التي وقعتها أمريكا عام 2010 حين وافقت على تعطيل صواريخ ( S.S.25 ) بصورة مؤقتة .. وهو الأمر الذي شكل إحراجًا لواشنطن .. ولكن التخصيصات الجديدة التي أعدها الكونغرس والبنتاغون للتطوير والبحوث المتعلقة بصاروخ ( كروز ) متوسط المدى قد دفع الكرملين إلى التفكير بالثمن الباهظ الخاص بخرق شروط المعاهدة .. والمهم إن أحد طرفي المعاهدة ( أدرك ) أن الاخلال ببنود المعاهدة سيرتب ثمنًا باهظًا .. أما في حالة عدم الاهتمام بنتائج خرق المعاهدة أو التخلي عنها ، فإن الأمر سيرتب ما يهدد الاستقرار العالمي ومصالح كافة الدول .

نستنتج مما تقدم : إن موسكو وواشنطن تلعبان لعبة القط والفأر بشأن معاهدة عام 2010 ، فموسكو استمرت في تطوير واختبار الصواريخ المعينة والمحددة ووافقت على تعطيل معاهدة الصواريخ المذكورة .. وهذا يعطي مؤشرًا سلبيًا مستقبليًا لأي تعهدات ملزمة بين العاصمتين تبقى غير مضمونة النتائج ومصداقيتها هشة وغير قابلة للاطمئنان .

إن تطور صناعة الأسلحة السرية التقليدية وغير التقليدية ، من لدن أحد أقطاب الصراع والتنافس الدولي ، يضع الطرف المقابل أو عدد من الأطراف في دائرة التفكير الجدي بضروة التسلح وابتكار ( نوع ) السلاح ومستوى قدراته التدميرية .. ومن هنا ينشأ سباق التسلح على المستوى الدولي والإقليمي وتأشير حالة الاخلال بالتوازن !! .

ولكن ، من الصعب الاعتقاد بأن موسكو ستستطيع أن تباشر في مجال ( سباق التسلح ) ، لأن ذلك يتطلب موارد مالية صعبة غير قادرة على توفيرها ما دامت روسيا تفتقر إلى قاعدة اقتصادية إنتاجية رصينة تعمل بمعدلات تمكنها من تلبية متطلبات السباق التسليحي الباهظ الأثمان .. على عكس الصين التي تتجنب وضع المنافس في مجال التسلح وبالطريقة التي أنهكت فيها الاتحاد السوفياتي السابق ، رغم وجود عام التدخل العسكري السوفياتي في أفغانستان الذي يعتبر ( القشة التي قصمت ظهر البعير ) !!.

2- مفهوم نظرية تعددية الأطراف .. واستراتيجية التعددية القطبية - الرؤية الصينية - :

يشدد المفهوم الصيني لنظرية تعددية الأطراف على أن المتغيرات التي حلت بالعالم بعد أفول الحرب الباردة قد فتحت آفاقًا واسعة للتطور والتغيير ، الأمر الذي يقتضي في ظل التعددية القطبية بروز ( دبلوماسية ) جديدة لها القدرة على نطاق واسع لمجابهة آثار القطبية الثنائية والأحادية ، والتي يمكن حصرها بما يلي :

أولاً- سياسة العزل السياسي التي مورست بالضد من الدول الأوربية والاتحاد السوفياتي السابق ، والصين بعد الحرب العالمية الثانية .

ثانيًا- أسلوب العقوبات الاقتصادية والحصار الدبلوماسي وغيرها من وسائل الإبادة الجماعية .

ثالثًا- سياسة ( الاحتواء ) والاحتواء المزدوج ، التي تم فرضها بقسرية سادية على العراق والصين وغيرهما في محاولة إمبريالية فاضحة لتقييد نهضة الشعوب وتطور الأمم .

رابعًا- سياسة نظرية الدومينو ( Domino Theory ) ، التي مارستها الإمبريالية الأمريكية على عدد من دول جنوب شرقي آسيا .. والتي تقضي بأن إسقاط أي دولة سيؤدي بـ ( الضرورة ) إلى سقوط باقي الدول السياسية المحيطة بالتتابع - وهذا ما أرادت أمريكا تطبيقه بالمشاركة مع إيران في المنطقة العربية ، والذي سمي بـ ( الربيع العربي ) ، ليس فقط إسقاط النظم السياسية فحسب ، إنما تفكيك الدول وتفكيك الجيوش العربية وتفكيك المجتمعات العربية وتدمير عناصر قوة الأمة السياسية والاقتصادية والصناعية والثقافية والاستراتيجية وانتزاع الهوية القومية العربية بمتغيرات ديمغرافية - سيسيلوجية .!!

خامسًا- أغطية للتدخل الخارجي المختلفة في الشؤون الداخلية للدول الأخرى على أساس ذرائع ( حقوق الإنسان ) و ( حقوق الأقليات ) و ( الديمقراطية ) و ( تمثيل الأكثرية والأقلية في عمليات سياسية إثنية ودينية ) ... إلخ .

سادسًا- منع نهوض الدول إقتصاديًا وتكنولوجيًا وعرقلة تحولاتها التنموية باتباع أساليب التخريب والتآمر والإفقار وإجهاض التجارب الوطنية وتشجيع الركون إلى فخاخ البنك الدولي وصندوق النقد الدولي كمؤسسات ( إنقاذ ) إمبريالية لاقتصاديات دول العالم النامي !!.

فقد عملت الصين بوقت مبكر على ما أسمته بالدبلوماسية الشاملة ، التي حصدت عددًا من الاتفاقيات تحت اسم ( الشراكة الاستراتيجية ) .. وبهذا الأسلوب حققت الصين إنحياز عدد كبير من الدول ( روسيا وفرنسا وألمانيا واليابان وبريطانيا والبرازيل ودول كبرى وأخرى نامية ) ، باتت تؤيد المطالبة بنهج ( التعددية القطبية ) لتوافقها مع متطلباتها وتعارضها مع أهداف الثنائية والأحادية القطبية .

- مارست أمريكا أسلوب تقسيم العالم ( معي أو ضدي ) بعد الحادي عشر من سبتمبر- أيلول 2001 وخاصة بعد الحرب على أفغانستان والعراق ، وأعلنت قطبيتها الأحادية وفرضت تهديداتها القسرية وجعلت معظم دول العالم لا ترغب باستفزاز أمريكا ولا بإغاضتها حفاظًا على مصالحها من الانتقام .. فيما احتشد البعض الآخر ورائها إما خشية منها أو اعتقادًا بالقطبية الأحادية . هذا الواقع قد أثار الشكوك حول ( التعددية القطبية ) وممكنات بروزها على المسرح السياسي الدولي .. إلا أن المؤشرات كانت تعكس حقائق ضمور القوة الاقتصادية الأمريكية وإنهاك القوات العسكرية الأمريكية المسلحة وتراجع معنوياتها وتهتكها .. وهذا ما جرى حتى نهاية عام 2011 في العراق .

- إلا أن معظم دول العالم ، وخاصة الدول النامية كانت وما زالت تعتقد بأن القطبية المتعددة تخدم السلام العالمي واستقراره ، فيما تقف الدول الفقيرة ( متذبذبة ) ولا تعير اهتمامًا للقطبية الأحادية ولا للثنائية ولا المتعددة .. ولما كانت التعددية القطبية هي في الأساس موجهة بالضد من القطب الأوحد التسلطي ، فإن دول العالم تبدو خائفة من إشهار مواقفها بالضد من أمريكا ، كما أنها تعتقد بأن القطبية المتعددة التي ستقتصر على الدول العظمى والكبرى سوف لن تعير لها ولشعوبها إهتمامًا .

- جربت دول العالم المختلفة طبيعة ( القطبية الثنائية ) وتأزماتها منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية حتى نهاية عام 1989 .. كما جربت الدول الطبيعة الكارثية لـ ( القطبية الأحادية ) بعد الحادي عشر من سبتمبر- أيلول 2001 ، فوجدت أن هتين القطبيتين لم تكترثا لها ولا لمصالحها ولا لأمنها وتنميتها .. بل زادتها فقرًا وعبودية وأفقدتها حريتها واستقلالها الوطني وتريدان محو هوياتها الوطنية والقومية .. بيد أن البعض من الدول ( فرنسا وألمانيا ) قد وقفتا مؤيدة لدور الولايات المتحدة الأمريكية على الرغم من ميلهما للتعددية القطبية وتوجههما نحو الاتحاد الأوربي المستقل .. أما الدول التي تقف في منتصف المسافة وهي حائرة مترددة ، فهي لا ترى أي تقارب لها مع القطبية الأحادية ولا المتعددة ، فهي دائمًا في موضع الاستقطاب نتيجة لضعفها .!!

- بقية .. نظرية تعددية الأطراف .. والتعددية القطبية :

- الصين وملامح النظام الدولي الجديد :

- رؤية مستقبلية لنظام دولي جديد ( هنري كيسنجر ) :

يتبع ...





الاربعاء ٢٣ ربيع الثاني ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٠ / كانون الثاني / ٢٠١٨ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الرفيق الدكتور أبو الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة