شبكة ذي قار
عـاجـل










عكف الإعلامي المتمرس القدير الدكتور عبد الإله الراوي على تناول موضوع طبيعة قرارات مجلس الأمن الدولي وطبيعة قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة في ضوء إشكالية قرار البيت الأبيض نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بها عاصمة أبدية للكيان الصهيوني .. ودعوة باقي دول العالم لنقل سفاراتها والتهديد ، خلاف ذلك ، بقطع المساعدات الاقتصادية السنوية عنها وبطريقة الابتزاز المعروفة عن برنامج المساعدات الخارجية الأمريكية سيء الصيت .

ليس في هذه المداخلة أي اعتراض على السرد القيم الذي أبداه الدكتور الكاتب ولا الموضوعات التي تطرق إليها ، وثبتَ هو الآخر مداخلاته بشأنها وخاصة ما يتعلق منها بالسوابق التي ( تعطي ) لقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة صفة ( الإلزام ) ومنها قرار الجمعية العمومية رقم 377/1950 ( الاتحاد من أجل السلام ) ..

أود هنا فقط أن أُضيف لما تقدم بحثه وبالقدر الذي أعتقد بأنه يفيد استكماله ، مع الاعتقاد بأن أعضاء مجلس الأمن الدولي الدائميون يحتكرون حقوق الشعوب ويميلون لمصالهم .. وهم الأعضاء المنتصرون في الحرب العالمية الثانية .. حيث يفتقر المجلس الحالة التمثيلية الحقيقية القارية أولاً ، وإن موازين القوى في الخمسينيات وتحالفاتها فضلاً عن طبيعة عناصر القوة السائدة آنذاك تختلف عن الراهن ثانيًا ، هما العملان الأكثر تأثيرًا وصرامة حيال الأوضاع المحتقنة من جهة والقدرة على التكييف ( السياسي – القانوني ) لمعطيات الحالة السائدة على المسرح السياسي الدولي والإقليمي من جهة أخرى .

فالصلاحيات الموكولة والمحددة تشرحها المسائل المعروضة أساسًا ، ما إذا كانت مسائل ( موضوعية ) أو ( إجرائية ) حيث تتوزع بين الفصل ( السابع ) من الميثاق والفصل ( السادس ) منه وعلى النحو الآتي :

- تنص الفقرة (2) من المادة (27) من الميثاق على ( أن قرارات مجلس الأمن الدولي تصدر في المسائل ( الإجرائية ) بموافقة تسعة من أعضاءه ( لا تشترط هنا إجماع أعضاء المجلس الدائميين وعددهم 5 ) ، والتي يتولاها الفصل ( السادس ) من الميثاق على أساس إعتماد تدابير حلها بالطرق السلمية ولكونها لا تتعلق بمسائل الأمن والسلم الدوليين .

- فيما تنص الفقرة (3) من المادة (27) من الميثاق على ( أن قرارات مجلس الأمن تصدر في المسائل ( الموضوعية ) تطبيقًا لأحكام الفصل ( السابع ) من الميثاق ، وتشترط هذه القرارات تسعة أعضاء من المجلس تكون من بينها أصوات الأعضاء الدائميين الخمسة .. ويشترط تطبيق الفقرة (3) من المادة (52) بامتناع طرفي النزاع عن التصويت .

- إن الخلاف على طبيعة المسألة المعروضة على مجلس الأمن هي مسألة ( موضوعية ) بحد ذاتها .. لأنها تتطلب إجماعًا .. وهو الأمر الذي جعل صدور قرارات مجلس الأمن يرتبط بإجماع الدول دائمة العضوية ، حيث ظاهرة الفيتو ( المزدوج ) .. فالمادة (25) من الميثاق تؤكد ( يتعهد أعضاء الأمم المتحدة بقبول قرارات مجلس الأمن وتنفيذها وفق هذا الميثاق ) .. فيما تشير المادة (103) منه ( إذا تعارضت الالتزامات التي يرتبط بها أعضاء الأمم المتحدة وفقًا لأحكام هذا الميثاق مع أي إلتزام دولي آخر يرتبطون به ، فإن لمجلس الأمن السلطة لإلزام الدول الأعضاء بالتزامات يكون لها الأسبقية فوق أي إلتزامات قانونية أخرى ) .. فقد منحت الأمم الممتحدة مجلس الأمن ( الأسبقية ) و( السلطة العليا ) في مسألة حفظ الأمن والسلم الدوليين ، فضلاً عن توخي الميثاق الحذر أو تجنب حدوث أي تضارب بين ( المجلس ) و( الجمعية العمومية ) في الصلاحيات أثناء بذل الجهود للحفاظ على السلم والأمن الدوليين .

إذن .. حق النقض يحتكره الأعضاء الدائميون في مجلس الأمن الدولي لأغراض سياساتهم الاستراتيجية وخاصة في المسائل التي يرونها في موضع اختلاف يدخل في إطار المسائل ( الموضوعية ) التي تتطلب إجماع أعضاء المجلس الدائميين .. وقد يرى أحد الأعضاء الدائميين انها ليست كذلك فيعطل مشروع القرار بالفيتو تبعًا لمصالحه الاستراتيجية .. فالمجلس هو الذي يقرر إن هذه المسائل أو تلك هي من المسائل ( الموضوعية ) أو ( الإجرائية ) ، التي تستوجب أن تأخذ مسارها أو تستكمل بوسائل حل المنازعات بالطرق السلمية .. ولكن واقع الحال يختلف .. فقد شنت أمريكا الحرب على العراق عام 1991 دون أن تستكمل إجراءات حل المنازعات بالطرق السلمية وفقًا للفصل ( السادس ) .. وباشرت الحرب على العراق عام 2003 بصورة إنفرادية غير مشروعة وبذرائع كاذبة وبالضد من إرادة المنظمة الأممية وإرادة المجتمع الدولي والقانون الدولي .. والمشكل الأساس :

إن أي عضو دائم العضوية في مجلس الأمن يستطيع الإصرار وحسب مصالحه وتوازنات قواه أن يقرر أن المسألة المعروضة هي ذات طبيعة ( موضوعية ) تستوجب تطبيق الفصل ( السابع ) وبصورة انفرادية كما فعلت أمريكا في العراق وتفعله روسيا الاتحادية في سوريا حاليًا .. صحيح أن الإقرار بأن المسألة المعروضة تتطلب إجماع أعضاء المجلس في المسائل ( الموضوعية ) ، ولكن أين هي المسألة الموضوعية في إتخاذ قرار إنفرادي خارج إجماع المنظمة الدولية وميثاقها وخارج أطر القانون الدولي ؟ .. من يحاسب هذا العضو الخارج على الإجماع الدولي ؟ ، أين هي المسؤولية القانونية والاعتبارية الناجمة عن الأفعال الإجرامية ؟ ، ألم تعد الحاجة إلى تعديل صلاحيات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة بآليات تتلائم مع روح العصر ، التي تشتمل على الطبيعة التمثيلية للقارات من جهة ووضع محددات من شأنها أن تتكفل الجمعية العامة للأمم المتحدة صلاحيات حفظ الأمن والسلم الدوليين بطريقة الفصل الموضوعي بين المسائل ( الإجرائية ) والمسائل ( الموضوعية ) لكي يعيش العالم بأمن وسلام وإستقرار !! .





السبت ١٩ ربيع الثاني ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٦ / كانون الثاني / ٢٠١٨ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الرفيق الدكتور أبو الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة