شبكة ذي قار
عـاجـل










ولكن، لا يمنع عسر المهمة تلك من استحضار المواقف المشرفة والريادية التي صبت وتصب كلها في دائرة الاستماتة في الذود عن كرامة العرب أينما كانوا، ويكفي مثلا التذكير بالموقف المبدئي من تطورات الملف السوري بل وقراءة ما تعيشه بلاد الشام من أزمة طاحنة على مدار قرابة السبع سنوات. ففي الوقت الذي انقسم العرب وخاصة قواهم الحية – أو التي يفترض بها أن تكون كذلك – إلى شقين حددت معالمهما الارتباطات بالمحاور المتداخلة المتصارعة في سورية، كانت مواقف البعث ورأسه الرفيق القائد عزة إبراهيم تنهل من مصلحة سورية وعلاقتها بالمصلحة العربية العليا بما يعنيه ذلك من تعرية للأجندا الإيرانية الفارسية فيها ناهيك عن الرفض المطلق للأعمال الحربية الجبانة والغادرة سواء للروس أو التحالف بقيادة أمريكا ناهيك عن فضح التبعية المهينة للنظام الأسدي وكشف حقيقته الخيانية الإجرامية وفضح تنكيله بشعب سورية وتذبيحه لأهلها وسقوطه المدوي الذي تمثل في الاستقواء حتى بالميليشيات الطائفية الإرهابية التي تشن إبادة عرقية لشعبنا العربي السوري.

ولا تقف المواقف المبدئية والقراءة الشاملة لأوضاع الأمة على الملف السوري، حيث وبالقدر نفسه كانت الرؤية الثاقبة المتبصرة والاستراتيجية ذاتها حاضرة وبقوة في الملفين الليبي واليمني، وكان الرفيق القائد عزة إبراهيم أول من طالب ودعا اليمنيين لضرورة الجلوس إلى طاولة الحوار الهادئ المسؤول والرصين ووجوب تغليب مصلحة الجماهير والاحتكام حصرا لمصلحة اليمن وعروبته بعيدا عن الاصطفاف خلف أي محور من المحاور المتداخلة مهما كانت، وحث اليمنيين على حتمية نبذ الجنوح للاقتتال الداخلي حقنا لدماء شعبنا العربي هناك، كما كشف لهم مرامي إيران الحقيقية ومشروعها الفعلي وخططها التخريبية التي تستهدف طمس عروبة اليمن وفصله عن حاضنته الأصلية، وبالقدر ذاته من الحرص على الدم اليمني كان شيخ المجاهدين موجها للجماهير في ليبيا حيث سن لهم خارطة الطريق المثلى للخلاص وتجنب الحرب الأهلية وإجهاض التقسيم بضرورة تغليب صوت الحكمة وسيادة ليبيا ووحدتها الترابية والتمسك بعروبتها والقطع مع التبعية للغرب ولغير الغرب من الجهات التي تعيث في ليبيا فسادا وإجراما وتعمل على تفتيتها والتنكيل بشعبها وشفط ثرواتها، ولقد أكد خصوصا في خطابه التاريخي بمناسبة الذكرى السبعين لتأسيس الحزب وفي حواره التاريخي أيضا مع الأستاذة الصحفية التونسية صوفية الهمامي على ضرورة الإنصات والرجوع للشعب الليبي والاسترشاد بخياراته وتلبية حاجياته بعد إجراء انتخابات حرة ومستقلة بإشراف أممي وعربي تفضي وتتعهد بحل المسألة هناك حلا لا مخاتلة فيه.

هذا ويظل التنبه المبكر والعرض التفصيلي لما تتعرض له مصر الكنانة من مؤامرة كبيرة ودعوة الشباب العربي للتجند للدفاع عنها وعن سلامتها ووحدتها حال تعرضها لأي اعتداء سنام الدفاع عن الكرامة العربية، ذلك أن ثقل مصر الجيو- استراتيجي ووزنها الديموغرافي ودورها الحضاري ومكانة جيشها العظيم وفعله التاريخي في الموازنة الأمنية القومية كلها مقومات لا تسمح البتة خصوصا في ظل ما آل إليه الوضع العربي من ترهل وسوء شديد بأن تترك مصر فريسة للأطماع والدسائس الصهيونية والاستعمارية الامبريالية وحتى الفارسية الصفوية.

وفي الحقيقة، فإن تأثيث مسيرة الدفاع عن الكرامة العربية لم تقتصر في فكر الرفيق القائد شيخ المجاهدين عزة إبراهيم عند هذه الحدود، بل كانت شاملة ومستفيضة لم تغب فيها شاردة ولا واردة، حيث دعا النظام الرسمي العربي لضرورة تحمله لواجباته السياسية والقانونية والأخلاقية وخصوصا القومية تجاه أبناء الأمة وذلك بتطوير الحياة كافة في الأقطار العربية وإيلاء الجماهير المكانة المستحقة ومراعاة حقوقها وتطويرها والقطع مع وجوه مصادرة حرياتها.

وتفصح ما تنزلته الأحواز العربية من مكانة استثنائية في مواقف ورؤى حزب البعث العربي الاشتراكي قديما وحديثا وخصوصا في فكر وسياسات الرفيق القائد المجاهد عزة إبراهيم بما لا يدع مجالا للشك عن الاعتناء المسؤول والإصرار الواعي بضرورة الدفاع عن الكرامة العربية على مختلف الصعد، ففي الوقت الذي تتعرض المظلمة الأحوازية للتهميش والتجاهل على المستوى الرسمي عربيا ودوليا، يتقدم حادي ركب المجاهدين عزة إبراهيم ويكسر كل أطواق الصمت المضروبة حولها، ويبسطها ويعرضها عرضا تاريخيا وقوميا وسياسيا وإعلاميا بالتفصيل، ويدعو العرب جميعهم لضرورة مد مختلف سبل الدعم للأحواز وشعبها البطل ومقاومتها الصامدة وقواها الثورية الحية، بل ويؤكد على أن تحرير الأحواز العربية من ربق الاحتلال الفارسي البغيض لا يقل أهمية عن تحرير فلسطين أو العراق، ويشرح في كل بيانته وخطاباته وحواراته القيمة الاستراتيجية لاسترجاع الأحواز العربية لحاضنتها الأصيلة.

أفلا يعتبر كل هذا ملحمة حقيقية منقطعة النظير يحركها الإيمان الراسخ بمحورية الدفاع عن الكرامة العربية والكفاح في سبيل عزة العرب؟
ثم ألا تتضاعف عظمة هذا الفعل إذا ما اخذنا بالاعتبار الوضع الذي يعيشه العراق وحزب البعث منذ الغزو إلى الآن؟

ألا يحسب للرفيق القائد شيخ المجاهدين هذا الأداء المبهر؟ بل هل لأحد في الدنيا قاطبة أن يبقى مكتوف الأيدي أمام هذا التحدي وجسارة الرهانات في مثل هذه الظروف بالذات؟

فلو كان حزب البعث ورجالاته ومناضليه وجماهيره، وخصوصا قيادته المجاهدة حزبا مناسباتيا أو طارئا أو منفصلا عن هموم الأمة العربية قاطبة، هل كان لقائده أن يوفق هذا التوفيق العجيب في الجمع بين تحديات مهولة ومتعددة؟ وهل كان لغيره مثلا، وفي ظل الملاحقة والتعقب والمتابعة من أكثر من ستين جهاز استخبارات عالمي، أن يقدر على النهوض لمهمة مضنية وجبارة كمهمة تحرير العراق وإفشال المخططات التي تتهدد من خلاله كل العرب ووطنهم وثرواتهم، ويتزامن في الوقت نفسه فعله وجهاده مع الانشغال بأدق التفاصيل في أي رقعة من بلاد العرب للحد الذي تغطي نظرته وكلمته وموقفه ورؤياه كل حبة رمل أو تراب في هذه الأرض العزيزة؟

إنه وبكل تأكيد أمر يفوق طاقة البشر العادي بكل المقاييس، بل إنه أمر شبه مستحيل لا على مستوى التحقق أصلا، بل وحتى على مستوى التوقعات والتخمين.

ففي حقيقة الأمر، لا تنحصر فصول مسيرة الدفاع عن الكرامة العربية في فكر الرفيق القائد شيخ المجاهدين عزة إبراهيم فيما سبق عرضه، كما لا تتوقف فصول العبقرية والإصرار والشموخ والتحدي في تأثيث هذه الملحمة الخرافية ذات الأبعاد السحرية المعجزة للعقل البشري ومدايات إدراكه وتحمله عند ما سبق عرضه، ذلك أن كل مسيرة حزب البعث العربي الاشتراكي منذ الغزو عامة وبعد اغتيال قائده شهيد الحج الأكبر صدام حسين خاصة، إنما هي في أبسط ملامحها تعبيرة راقية واستثنائية عن استمرارية الحزب بفضل تصميم وإرادة فارسه شيخ المجاهدين في ذات النهج الرسالي والخط النضالي العام والمشروع الاستراتيجي بعيد المدى.

لا يختلف عاقلان في أن ما تعرض له حزب البعث من هزات وضربات، وما قدمه من تضحيات ما كان ممكنا أن يستمر معه هذا الفعل المبدع الخلاق المتعاظم والمتصاعد لولا ما يطبعه من انضباط تام لا تهاون فيه للمصلحة القومية العربية العليا.

بل إن مواصلة مسيرة الدفاع عن الكرامة العربية ومناعة الأمة والتصدي لمؤامرة اجتثاث العروبة تنبع كلها من ذلك الوفاء والثبات والتقيد المبدئي لخدمة الأمة والتضحية في سبيلها بالغالي والنفيس، حيث وفي الوقت الذي استيأس فيه الجميع، وساد الاستحذاء والتذيل والتسليم والانصياع للأقدار المفروضة كرها وغصبا وعدوا وبغيا كل الأطر والفضاءات، نفض حزب البعث وقائده شيخ المجاهدين غبار الهزيمة عن الوجدان العربي وضخوا دماء جديدة في الجسد العربي من الماء إلى الماء، وشحذوا الهمم التي كادت أن تستكين، ورفعوا القامات التي شارفت على الطأطأة، وبرز البعث وقائده عملاقين مجاهدين يحاربان على أكثر من واجهة، ويصدان اكثر من عدوان، ويحولان دون تحقق أضغاث أحلام الطغاة وأعداء الإنسانية.

لقد عرفت الكرامة العربية مع حزب البعث قمة ألقها، وعانقت فخرها وزهوها بفضل رجاحة عقل حادي ركب المجاهدين وقائد المسيرة المظفرة نحو النصر المؤزر قريبا بحول الله.

ولقد تجلت تلك المعاني وظهرت تلك النزعة الشامخة وذلك السفر المبهر من أسفار المثابرة والمواظبة والقبض على جمر المبادئ للعيان في أبهى الحلل من خلال الحلول العملية والعلمية التي تفتقت عن عقول البعث وقيادته المجاهدة الحكيمة، ويكفي ههنا التأشير على فصلين يختزلان هذا الفعل الجبار وذلك المضي الحازم الصارم على درب تخليص الأمة من هوانها وذلها وتخلفها :

1- مشروع حزب البعث العربي الاشتراكي للحل الشامل للقضية العراقية، وهو الذي فصلت فيه قيادة الحزب معالم الخروج بالعراق من وضع الزجاجة، وبينت فيه سبل تطبيب جراحات العراقيين الغائرة، وسنت فيه خارطة طريق استعادة العراق لأمنه وأمانه ومعاودة فعله وأدواره الحضارية والثقافية والإنسانية. ولقد حظي هذا المشروع بموافقة وقبول كل من اطلع عليه حتى الأعداء أنفسهم، بل لقد أجمع العراقيون عل اختلاف مشاربهم من خارج منظومة العملاء والجواسيس على ألا حل للعراق يستجيب لما تتطلبه المتطورات إلا ما عرضه البعث.

2- المؤتمر الشعبي العربي: وهو الإطار الذي خطط له وأوصى به وأشرف على وضع تفاصيله وغاياته ورهاناته كافة الرفيق القائد شيخ المجاهدين عزة إبراهيم، وسعى جاهدا لتحقيقه باعتباره حلما جماهيريا عربيا وضرورة قومية لا غنى عنها لأنها ستقطع بل وستنهي حالة التشرذم والفتور التي تعم النخب الطلائعية الريادية العربية، وهو ما كان من بين أهم منجزاته بعث الجبهة القومية التي لطالما شدد البعث بقيادة رأسه وقائده وأمينه العام عزة إبراهيم على ضرورة تحققها لما سيكون لها من عظيم أثر وكبير فعل على الساحتين العربية والدولية في إطار الدفاع عن المصلحة العربية القومية الاستراتيجية العليا. ولقد تحقق التئام المؤتمر الشعبي بعد جهود مضنية ومكابدة نضالية كبيرة كان دفع شيخ المجاهدين وتوجيهاته ودعمه كفيلا بإذابة الاعباء وتذليل الصعوبات، واحتضنت تونس فعالياته واستقبلت خيرة أبناء الأمة في عرس مهيب كان من أكبر دلالاته أن أمة العرب حية لا تموت، وأن الذود عن كرامتها بديهة نضالية جهادية كفاحية عربية، ازدادت توهجا بما أضافه له شيخ المجاهدين عزة إبراهيم من زخم ومراكمة وثبات وملاحم أسطورية خالدة.

هكذا إذن، نخلص إلى أن رسالة الأمة باقية وخالدة، وأن كل التقديرات والرهانات القاضية بانه بمجرد تغييب واغتيال عنوان من عناوين النضال وعلم من أعلام الجهاد ورَمز من رموز العرب، فإن شعلة العروبة لا ولن تنطفئ، فلقد كان الرفيق القائد شيخ المجاهدين خير خلف وخير مؤتمن على مسيرة الأمة وحزبها الريادي العملاق وقائده ورفيقه شهيد الحج الأكبر الخالد صدام حسين.

وهكذا إذن، ستتواصل مسيرة الأمة، وستنتزع حقها بجدارة واستحقاق في الفعل والإسهام الحضاري الكوني وإن كره الكارهون.

المجد والخلود للأكرم منا جميعا شهداء أمتنا العربية يتقدمهم الرفيق القائد شهيد الحج الأكبر صدام حسين وكوكبة رفاقه الأبرار.
الحرية لأسرانا البواسل في سجون الأعداء الأمريكان والصهاينة والإيرانيين الفرس المجوس وفي سجون الرجعيات العربية.
تحية العز والفخار للرفيق القائد شيخ المجاهدين عزة إبراهيم المين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي وقائد المقاومة العراقية الباسلة والأمين العام لجبهة الجهاد والتحرير.

عاشت تونس ..
عاشت الأحواز العربية ..
عاشت فلسطين حرة عربية من النهر إلى البحر ..
عاشت أمتنا العربية المجيدة عزيزة كريمة منيعة عصية عن التركيع ..
عاش البعث ..
الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر ..
وليخسأ الخاسئون ..

أنيس الهمامي
نبض العروبة المجاهدة للثقافة والإعلام
تونس في  ٢٤ / كانون الاول / ٢٠١٧





السبت ١٢ ربيع الثاني ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٣٠ / كانون الاول / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أنيس الهمامي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة