شبكة ذي قار
عـاجـل










( ردّ نبض العروبة المجاهدة للثّقافة والإعلام على قناة mbc )

لم يحدث أن خٌصَّ شخص بالتّشويه والافتراء مثلما كان الأمر مع صدّام حسين، وتنزّل ذلك الفعل الآثم الجبان ضمن مخطّط أمريكيّ استعماريّ صهيونيّ خبيث ومدروس بعناية فائقة كان عماده شيطنة حزب البعث العربيّ الاشتراكيّ وتبشيع تاريخه وفكره ورسالته وتنفير العرب والعراقيّين منه كمقدّمة لتسويق جريمة غزو العراق وتدميره والقضاء على تجربته في الحكم ومنجزاته التي حقّقها للعراق والأمّة العربيّة كافّة، وهي ملابسات وحقائق لم تعد خافية على أحد في العالم بأسره.

وليس من الجديد في شيء أن نذكّر بما تنزّلته فلسطين باعتبارها إحدى أكبر المظالم في التّاريخ العربيّ والإنسانيّ في حزب البعث العربيّ الاشتراكيّ وما تبوّأته من مكانة محوريّة في فكره ونضالاته وخطّه السّياسيّ ومسارات فعله كافّة، وبالقدر ذاته ليس من النّبوغ في شيء كذلك القول إنّ فلسطين استقلّت في نفس شهيد الحجّ الأكبر صدّام حسين كلّ علياء وهو الذي لم يتردّد في قصف عمق الكيان الصّهيونيّ الغاصب بدفعة من الصّواريخ مثّلت عقدة وهاجسا ظلّا يؤرّقان العقل الصّهيونيّ، وهو الذي لم يبخل على شعب الجبّارين بكلّ سبل الدّعم والإسناد لتعزيز صموده بوجه سياسات الصّهاينة العنصريّة والإرهابيّة بحقّ أبناء الأرض الحقيقيّين، فكان صدّام حسين وحزب البعث الجهة الوحيدة التي استخدمت سلاح النّفط لصالح القضيّة الفلسطينيّة، أمّا عن سبل الدّعم الماديّ الأخرى فحدّث ولا حرج، ويكفي الإشارة إلى ما كان يخصّصه العراق بقيادة البعث وصدّام حسين لجرحى فلسطين وشهدائها وعوائلهم من تكريم وحظوة فريدة لعلّ من أهمّها تخصيص منح ماديّة قارّة لهم ناهيك عن فتح العراق أبوابه مشرّعة أمام الفلسطينيّين حركات مقاومة وهيئات ومنظّمات وأفرادا طلاّبا وعمّالا وغير ذلك.

وعليه، فإنّه وبالنّظر لأصالة شعب الجبّارين، وعرفانا من أهل فلسطين الحبيبة لصدّام حسين ولحزبه وتقديرا لما قدّماه من تضحيات جسام وبذل سخيّ نصرة لدرّة الأوطان، كان طبيعيّا ومنطقيّا أن يخلّد الفلسطينيّون صدّام حسين بطلا قوميّا لا ينازع حبّه وتبجيله واحترامه وإكبار رسالته في قلوبهم ووجدانهم وضمائرهم أحد.

ولقد اختارت جماهير شعبنا العربيّ في فلسطين منذ أسابيع خلت تكريم صدّام حسين بأن شيّدت له في قلب مدينة قليقيلية تمثالا عملاقا ودشّنه مسؤولوها رفقة أمين سرّ الجبهة العربيّة لتحرير فلسطين التّنظيم البعثيّ فيها رفقة شخصيّات فلسطينيّة وطنيّة ومرموقة، وكتب عليه تلك التّوصية الخالدة التي كان ينهي بها حزب البعث بياناته ولا يزال، ويختتم بها صدّام حسين خطبه وأنهى بها على منصّة الخلود حياته عندما ردّد الشّهادة في وقفة العزّ والشّموخ العطرة الفريدة، وهي التّوصية التي تشدّد على ضرورة التّمسّك بعروبة فلسطين وتسخير كلّ الجهد العربيّ لتحريرها من ربق الاغتصاب الصّهيونيّ اللّقيط، ومضمونها " عاشت فلسطين حرّة عربيّة من النّهر إلى البحر ".

أثارت حركة أحرار شعبنا العربيّ في فلسطين حفيظة مسؤولي الكيان الصّهيونيّ وهدّدوا وأرعدوا وأزبدوا، وقدّروا تلك الحركة النّبيلة ضربة قاصمة لغطرستهم وذكّرتهم ببطلان أمانيّهم ومفادها أنّه بمجرّد تغييب صدّام حسين وإنهاء حكم البعث في العراق ومحاصرته وملاحقة مناضليه وتشويه تاريخه سيضمن لهم ضرب مجموعة من العصافير بحجر واحد فيسهل عليهم الاستفراد بفلسطين والتّسريع من وتيرة إنجاز مخطّط الصّهيونيّة العالميّة ناهيك عن طمس صفحات العزّ والمجد من تاريخ أمّة العرب وتلطيخ سمعة أبطالها وإنكار وجودهم من الأساس وبالتّالي مزيد تهشيم الجهاز النّفسيّ وتحطيم المناعة الجمعيّة للجماهير العربيّة ليصبّ كلّ ذلك في وفاض أعدائها وعلى رأسهم الصّهاينة.

ولئن كانت ردّة فعل أركان الصّهيونيّة مفهومة بل ومنتظرة، فيظلّ غريبا أن يحتذي بهم العرب حتّى وإن كانوا من عرب اللّسان حصرا. إذ لا معنى من الانخراط وترديد موقف قادة الكيان الصّهيونيّ إلاّ الاقتناع به أوّلا والتّعهّد بترسيخه وتعميمه ثانيا وخدمة للأعداء وطعنة غادرة للأمّة وخذلانها في معاركها بكلّ تجلّياتها وأبعادها ومداراتها ثالثا.

وفي هذا الإطار، ينضوي ما طلعت به قناة mbc في تقريرها الهابط المبتذل الذي استنكر فيه معدّوه والقائمون عليه ما أتاه شعب الجبّارين واستخفّوا بتخليدهم لرجل يشهد القاصي والدّاني بل وأشدّ الأعداء تربّصا بالأمّة بفضائله ومناقبه وخصاله ومؤهّلاته الفكريّة وحنكته السّياسيّة وشجاعته وقيادته وأمانته ويعترفون له بما قدّمه لأجل العرب والعراق وفلسطين خصوصا.

ولم تكتف هذه القناة بما أتته في حقّ فلسطين والأمّة العربيّة وصدّام حسين عبر خدمتها المجانيّة للصّهاينة، بل أوغلت في تشويه الرّجل للحدّ الذي تجرّأت فيه على التّساؤل عن دوافع الجماهير العربيّة لتخليد الطّغاة واستذكرت في هذا الصّدد حافظ الأسد وحسن نصر الله لتجمعها مع صدّام حسين في سلّة واحدة.

ومن خلال ذلك، أساءت القناة إساءتين كبيرتين ولا تغتفران لصدّام حسين وذلك بــ:

1- تشويهه وشيطنته والافتراء عليه وترديد ما انتهجه الإعلام الأمريكيّ والصّهيونيّ والإيرانيّ الصّفويّ طيلة الحملات الضّخمة التي شنّتها للتّحشيد وتأليب الرّأي العامّ العراقيّ والعربيّ والدّولي ضدّ النّظام الوطنيّ في العراق وحزب البعث وصدّام حسين، وتزامن هذا الفعل المذموم الخسيس الذي أتته القناة المذكورة مع حدثين مهمّين:

أ‌- أوّلهما تشييد التّمثال المخلّد لذكراه في إحدى محافظات فلسطين بما في ذلك من رمزيّة كبيرة وتحدّ للصّهيونيّة وتذكير أنذالها ببطل عفّر أنوفهم التّراب وكسر عربدتهم وشوكتهم.

ب – ثانيهما تزامن هذا الاستهداف المنحطّ مع حلول الذّكرى الحادية عشر لاستشهاد صدّام حسين وسط غمرة استعداد الجماهير العربيّة لإحيائها بمنتهى الفخر والاعتزاز والإكبار.

2- تعمّد المساواة بين صدّام حسين وبين كلّ من حافظ الأسد وحسن نصر الله، في تعدّي سافر على الحقائق تاريخيّا وفكريّا وسياسيّا. فصدّام حسين قضى حياته منافحا عن أمّته ووطنه في سبيل استرجاع حقوق العرب المسلوبة وكان ثائرا وطنيّا وقوميّا وإنسانيّا، وشنّ حربا بلا هوادة ضدّ الاستعمار والطّائفيّة وكلّ عناوين الرّجعيّة، وصدّام حسين وحزبه لم يجعجعا ولم يكونا ظاهرة صوتية، فمن ينسى هنا أنّه قاتل في سيناء وسماءها وفي دمشق وجولانها وفي الأردن وأطلق 40 صاروخا عراقيّا على أوكار الصّهاينة في تل أبيب وغيرها، وكان القائد العربيّ الأوّل الذي طالب العرب بمنح العراق أرضا تحاذي أرض فلسطين ليتّخذ منها موطأ قدم لتحريرها، بينما كان حافظ الأسد ونصر الله مجرّد بَيْدقين بيد أعداء الأمّة وطائفيّين للنّخاع، اختار أوّلهما الانصياع طيلة حياته لتعليمات وزير المستعمرات البريطانيّ ومفادها أنّه سيمكّن من حكم سوريّة شريطة أن ينضبط لمتلازمة " ( إسرائيل ) وجدت لتبقى " وكان ذلك دافعه الأساسيّ لشقّ الصفّ القوميّ العربيّ وخرقه والانقلاب على النّظريّة القوميّة العربيّة الثّوريّة الأصيلة وخان الأمّة في معاركها الكبرى كافةّ في فلسطين والعراق وسوريّة، وارتضى الثّاني لنفسه رتبة المرتزق المتشبّث بمرتبة الخادم الأجير عند ولاية الفقيه الشّعوبيّة العنصريّة التّوسّعيّة الاستيطانيّة المتخلّفة المجرمة.

ولسائل أن يسأل عن هدف هذه القناة من وراء فعلتها النّكراء.

وهنا لا بدّ من توضيح مسألتين على قدر كبير من الأهمّية تفسّر إحداهما الأخرى، حول قناة mbc وهما رأسا:

1- قناة mbc وإن كانت في الظّاهر مملوكة لأحد الأثرياء العرب، فإنّ الحقيقة مخالفة لذلك تماما حيث يملك غالبيّة أسهمها ويتحكّم بتوجّهاتها امبراطور الإعلام العالميّ الصّهيونيّ موردوخي وهو أحد أكبر العنصريّين الحاقدين على العرب وخاصّة على صدّام حسين وحزب البعث العربيّ الاشتراكيّ رأسا، ولقد راد موردوخي الحملة الإعلاميّة الكونيّة الهوجاء لشيطنة حزب البعث وصدّام حسين منذ أواخر عام 1990 لغاية 2003.

2- منذ تأسيس قناة mbc، كانت سياستها الإعلاميّة الخبيثة قائمة على تخريب الوعي العربيّ الجمعيّ وتدمير القيم العربيّة الأصيلة الثّابتة، واعتمدت ما يوازي سياسة الصّهيونيّة العالميّة في فلسطين المعروفة بــ " الدّقّ أسفل الجدار " وتمظهرات ذلك محاربتها المتواصلة لكلّ جهد عربيّ أصيل ثوريّ وصادق في عزمه على تغيير الواقع العربيّ المأزوم، وكبّلت إرادات الجماهير وغذّت فيهم التّواكل وزيّنت لهم الميولات الشّاذة الدّخيلة، وما تعمّدها الإساءة لشهيد الحجّ الأكبر صدّام حسين إلاّ مثال ساطع على ذلك.

فلقد كانت القناة الرّديئة mbc سلاحا خطيرا ومدمّرا ضمن رصيد الأسلحة التي استخدمها أعداء الأمّة العربية، في عصر غدا الإعلام أشدّ أسلحته فتكا وضراوة وفضاء أكبر لبثّ الهزائم النّفسيّة وفرضها فرضا باستغلال يسر نفاذها وتسلّلها للبيوت، واستعيض فيه عن الأسلحة العسكريّة التّقليديّة ليحقّق الأعلام ما تعجز عنه الجيوش وحروبها التّدميريّة الشّيطانيّة.

إلاّ انّه ورغم كلّ الإمكانيّات الهائلة التي تتوفّر عليها قناة mbc والسّيولة الماليّة الضّخمة وجيوش الصّحفيّين والتّقنيّين المأجورين المجنّدين لمحاربة الأمّة وضرب رموزها وتخريب نسائجها كافّة سواء الحضاريّة أو الفكريّة أو الرّوحيّة، فإنّ عزمها خائب لا محالة بإذن الله كما خاب عزم أسيادها الحقيقيّين.

فهذه الأمّة العربيّة المجيدة العظيمة، ستبقى حيّة وقائمة ومجاهدة في سبيل انتزاع مكانتها بين الأمم وعلى درب تبليغ رسالتها للإنسانيّة كافّة، ولن تفلح مخطّطات مجاميع الشّرّ والرّذيلة وقوى البغي والعدوان في ثنيها عن ذلك ولا في إنهاء دورها رغم كلّ المحن التي عانتها ورغم كلّ حروب الإبادة المتلاحقة التي تعرّضت لها.

أمّا عن صدّام حسين وحزبه حزب البعث، فسيظلاّن خالدين في تاريخ الأمّة وسيبقيان درّة ترصّع غرّتها مكتوبة بأحرف ناصعة البياض.

ولتقبل قناة mbc الرّهان، فتجري استفتاء تشارك في الإشراف عليه وتبثّه مباشرة وبكلّ مهنيّة وموضوعيّة، ويكون مضمونه حقيقة نظرة العرب لصدّام حسين وحزب البعث من جهة، ونظرتهم في المقابل للقناة نفسها.

وإنّنا نخالها خاسرة الرّهان كما خسرته جهات أشدّ قدرة منها وأكبر إمكانيّات ومهارات وأكثر قدرة على التّشويه والتّلفيق والتّدليس.

ولتعلم قناة mbc ومالكوها الظّاهرين والمقنّعين، أنّ لصدّام حسين تمثال في قلب كلّ عربيّ حرّ شريف أصيل، وأمّا عن المتقوّلين البذّائين والسّفلة والمترنّحين على ثنايا الخيانة والعمالة والوضاعة، فليس لهم إلاّ الازدراء والكراهيّة والتّحقير.

المجد والخلود للأكرم منّا جميعا شهداء الوطن والحقّ والعروبة يتقدّمهم سيّد شهداء العصر صدّام حسين ورفاقه الأبرار.

الخزي والعار لكلّ خوّان أثيم.
ولتحيى فلسطين حرّة عربيّة من النّهر إلى البحر.
الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر
وليخسأ الخاسئون

أنيس الهمّامي
نبض العروبة المجاهدة للثّقافة والإعلام
تونس في  ٢٩ / تشرين الاول / ٢٠١٧





الثلاثاء ١١ صفر ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٣١ / تشرين الاول / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أنيس الهمّامي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة