شبكة ذي قار
عـاجـل










على وقع الوعود المتكسرة التي أحدثها نكوص الحكومة اللبنانية عن عقد اجتماعها الدوري في طرابلس يوم الخميس 28/9/2017 المنصرم، بعد أن انعشت أخبار الزيارة، المدينة إلى حين من الزمن، تداعت خلاله الهيئات الاقتصادية في طرابلس والشمال إلى طرح مبادرتها تحت مسمى "طرابلس عاصمة اقتصادية" بهدف وضع الحكومة برئيسها ووزرائها أمام مسؤولياتهم تجاه العاصمة الثانية التي تستحق مسماها عن حق وهي التي لطالما ألصقت فيها شتى المسميات "القندهارية" التي لا تصح حتى في "قندهار" بالذات، على وقع حلم طرابلس المؤجل مع توخي حسن النية بانتظار الأيام والأسابيع القادمة.

تلقفت محافظة عكار بالمزيد من الفرح التصريحات التي أدلى بها وزير الأشغال العامة والنقل مؤخراً واعداً "العكاريين" خاصة وأبناء الشمال عامة، بإمكانية العمل على إطلاق تشغيل مطار القليعات بعد اكتمال هيئة الطيران المدني اللبناني، ومتخطياً الوعد بما يشكل "الدغدغة" الروحية للقسم الأعظم من أبناء عكار حين أرفق وعده بأن موسم الحاج القادم لأبناء المنطقة سيكون من مطار القليعات بالذات.

أهمية هذا الوعد، أنه يأتي، وربما، للمرة الأولى على لسان وزير مسؤول ينتمي إلى تيار سياسي شمالي يدرك تماماً مدى التزامه بوعوده للناس وانعكاس ذلك على الناخبين في دوائر الشمال الثلاث، على أقل تقدير، ومطار القليعات يشكل الحاجة الاقتصادية البحتة للشمال بقدر ما هو الحاجة الإنمائية الإنقاذية الماسة لأبناء عكار، فيتحقق لهؤلاء ما يصبون إليه من توافر فرص العمل وما سوف يتحقق لهم من بحبوحة في العيش الكريم لم تكن لتتوفر لهم طوال العقود الماضية، فيما أبناء الشمال سيتنفسون الصعداء وهم يتخطون مشاق التنقل إلى مطار بيروت في الذهاب والإياب، وما سوف يوفر على العجلة الاقتصادية من أموال وجهود مهدورة لن تقتصر على الشمال، وإنما ستتمدد إلى بلاد جبيل وكسروان جنوباً، ومحافظتي البقاع وبعلبك الهرمل شمالاً، وكل هذا لن يكون بالأمر القليل على نصف محافظات لبنان، وإنما سوف يخفف العبء أيضاً على المحافظات الأخرى في الجنوب والجبل وبيروت، فضلاً عما سوف يحققه مستقبلاً من خلال وضع المداميك الأساسية لمشاريع الإنماء المتوازن على السكة الصح، ويحقق اللامركزية الإدارية فيه، وفوق هذا وذاك، التخفيف من أحزمة البؤس الاجتماعي التي تلف العاصمتين الأوليين في لبنان (بيروت وطرابلس) في حال تأمين الاستقرار الاقتصادي لأبناء المحافظات الذين يقطنون تلك الأحزمة، في مناطقهم التي نزحوا منها لأسباب سبل العيش، وهذا ما كان يعد حلماً اقتصادياً – اجتماعياً لم تخل منه مختلف الدراسات والتقارير الإنمائية التي تناولت الفقر في لبنان وسبل معالجته.

ناهيك عن أن وجود مطار حديث في عكار والشمال اللبناني عامة، سيدفع بالسياحة إلى أحسن مستوياتها وستشجع على الاصطياف والاشتاء في ربوع الجرود والجبال والسهول التي ما زال القسم الأكبر فيها بكراً وعلى طبيعته ولا يحتاج إلا لمن يقدر أهميته المناخية والاستثمارية ويتمتع بما حباه الله من مقومات قلَّ أن تجد نظيراً لها في المحافظات الأخرى.

إزاء ما تقدم، وبالقدر الذي انعشت فيه وعود الوزير المذكور أبناء عكار والشمال قاطبة، بتشكيل مطار القليعات، بالقدر الذي سوف تنعكس بالسلب على الجهة السياسية التي ينتمي إليها الوزير في حال لم يكن هؤلاء بمستوى ما قدموه من وعود، وهم الذين يشعرون اليوم بمرارة "نكث" الوعود وقد أُبعدوا عن أرفع المواقع الرئاسية اللبنانية في العام الماضي، وبالتالي صار من واجبهم العودة إلى ناخبيهم لتعزيز ما يرونه من علاقات متبادلة للثقة، وليؤكدوا للقاصي والداني في هذا البلد أن عكار ليست، ولن تكون يوماً مزبلة، لا ينظر إليها في العاصمة سوى من خلال مكب سرار وغيره من المكبات.

عكار هي أرض الخصب والعطاء والهواء والماء والسهل والجرد والوسط والحقول الخصبة التي تبحث عمّن يبذر "البذار" الذي يحمل الخير والسلام للبنان، كل لبنان.

عكار هي مقلع الرجال وخزين الوطن العسكري حامي الحمى وسياج الحدود وليست كما يرونها خزاناً بشرياً ناخباً، فلا ينظرون إلى أبنائها إلا من خلال ورقة الاقتراع التي ينزلونها في صندوقه الانتخاب فتزيد من استعباد العكاريين، واستبعادهم عن مواقع القرار والمسؤولية معاً.

من أجل كل ذلك تستحق مناشدة الجهات التي وعدت، بدعوتها إلى تحقيق هذا الوعد وتذليل كل ما سوف يعترضه من معوقات وعراقيل،
فالرجال عند وعودهم كما تقول الشهامة، وعكار تنتظر منهم أن يفوا بالوعد، لأن عكار تستحق ذلك وأكثر!





الثلاثاء ٤ صفر ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٤ / تشرين الاول / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نبيل الزعبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة