شبكة ذي قار
عـاجـل










المقدمة :

للدول في سياساتها الخارجية خيارات .. ومن تخلو سياساتها من خيارات، تضع نفسها في قفص اللآخيار وهو في حقيقته طريق مسدود يؤدي إما إلى الأنتحار أو الرضوخ.!!

- حدود التقارب التركي - الايراني .. ومقاربات السياسة :

- حدود التقارب التركي - الروسي .. ومقاربات سياسة التوازن :

- ايران وسياسة اللعب على التناقضات :

- اضطراب المنظمة الدولية هو انعكاس لاضطراب العلاقات الدولية .. مفهوم التوازن والاصلاح في بنية النظام الدولي :

1 - حدود التقارب التركي – الأيراني ومقاربات السياسة :

من الصعوبة الأحتكام إلى منطق الأيديولوجيا في مسائل التقارب بين العاصمتين، ولكن من السهولة أن يحصل مثل هذا التقارب على وفق منطق السياسة التي تأخذ شكل البراغماتية من جهة والمصلحة المشتركة من جهة ثانية .. وخاصة مسألة تمس ما يسمى بالأمن القومي لكل من تركيا وإيران ، والتي تتمحور حول الورقة الكردية التي لم تعد ضاغطة بالمعنى السياسي - الأمني لكل منهما، بل بالقدر الذي يتهدد فيه أمنهما القومي .. وهذه مسئلة تظل تؤرق صناع القرار الأقليمي وتفتح شهية الدول الكبرى والأقليمية من أجل إبقاء المسألة ورقة ضاغطة تتعاطى السياسة والتلويح بالفعل العسكري، وتقع في مقدمتها الكيان الصهيوني، الذي يتولى هدف تفتيت دول المنطقة وزعزعة إستقرارها .. وإيران، التي تتولى هدف تقسيم دول المنطقة وزعزعة إستقرارها .. وأمريكا، التي تتولى هدف تفكيك الشرق الأوسط وإعادة تشكيله جيو - سياسيًا على قاعدة منع وصول نفوذ دول الصراع إلى مناطق نفوذها وبالتالي كبح جماح أي مساعي أو قدرات من شأنها أن تبلور عناصر أو مقومات لقطبية مناهظة أو في طريقها لتجميع عناصر قوتها كما تفعله موسكو وبكين بطريقة أو أخرى .. فالكيان الصهيوني يلعب بنار الأقليات الأثنية والمذهبية ، وإيران تلعب بنيران المذهبية والأثنية في آن واحد .. فهما أداتان أساسيتان تنفذان إلأستراتيجية الكبرى للشرق الأوسط الكبير.

إذن .. حدود التقارب التركي الأيراني هو في حقيقته ليس تقاربًا ( أيديولوجيًا ) ، إنما تقاربًا ( سياسيًا ) ذي بُعد براغماتي مغطى بسياسة أسمتها طهران ( مجابهة المخاطر المشتركة ) .. فيما يلوح الكيان الصهيوني وامريكا بكيان كردي جديد يبرز بين ظهراني سوريا وتركيا وايران والعراق .. وهذا التلويح هو في مظهره تكريس للأمر الواقع من جهة، وخلط الاوراق وارغام السياسات على التداخل .. لأن مثل هذا الكيان صعب التحقق، لأنه يعني تمزيق جغرافيات سياسية لأربع دول أولاً، ولأنه قد يدفع نحو حرب إقليمية لا أحد يتكهن بنتائجها .. وهذا لا يخدم مصالح الغرب الأمريكي بحال، ولا يخدم موسكو ولا بكين، إنما يخدم مصالح الكيان الصهيوني .. هذه المسئلة تحل ذاتيًا وثنائيًا وفي إطار سيادي .

فيما يعكس الوجه الآخر لحالة التماس التي تعكسها حركة السياسة - الأستراتيجية للدولة التركية، والتي تظهر بصيغة تقابل متوازن أو كابح للتمدد الأيراني في المنطقة .. وهذا سنبحثة في فقرة لآحقة .

2 - حدود التقارب التركي - الروسي .. ومقاربات سياسة التوازن :

لأول مرة ، وخارج إطار حلف شمال الأطلسي ( الناتو ) ، تتسلح تركيا دفاعيًا بمنظومة صواريخ روسية متطورة ( S - 400 ) المضادة للجو ( وتتضمن مجموعات المعدات التقنية ومحطات رادارات حرارية بأبعاد مختلفة وتحويرات للصيانة ) .. وعقد التسلح التركي هذا يثير قلق الـ ( ناتو ) ، لأنه يتعارض، حسب زعم خبرائه، مع طبيعة تسليح اعضاء الناتو وعقيدتهم القتالية .. فيما تعلن تركيا إنها حرة في اختيار دفاعاتها .. وهذا يدعو إلى التساؤل :

1 - هل يشكل عقد التسلح بين انقرة وموسكو ( طلاقًا ) إستراتيجيًا أو طلاقًا سياسيًا ؟!

2 - لماذا تتجه أنقرة إلى موسكو؟ هل أن ضغوط الناتو ودوافع واشنطن المراوغة، قد ارغمت أنقرة على هذا التوجه؟

3 - من هو الخاسر الأكبر في مسألة التوازن الأستراتيجي؟ وهل أن ( الناتو ) على أعتاب خسارة أكبر قوة ( أورآسيوية ) ، وهي تركيا ؟

- العلاقات الروسية - الأطلسية يشوبها التوتر منذ أن ضمت موسكو شبه جزيرة القرم في عام 2014 ، وقدمت الدعم للأنفصاليين في أوكرانيا .

- والعلاقات التركية - الأمريكية يشوبها التوتر أيضا لسببين :

الأول - السياسة الأمريكية لا تعير إهتمامًا للأمن القومي التركي – حيال الكرد في شمال سوريا على وجه التحديد، والمسئلة الكردية بصورة عامة، التي تعتبرها تركيا تهدد أمنها القومي .. وتركيا عضو في حلف شمال الأطلسي.!!

الثاني - تعرض تركيا لتدخل أمريكي من خلال "فتح الله غولان" المعارض ذو المنهج ( الموازي ) على مستوى تنظيم هيكل الدولة وكذا مستوى المؤسسة العسكرية التركية، وإحتضان واشنطن له وعدم تسليمه إلى أنقرة رغم ثبوت إدانته بمحاولة تغيير نظام الحكم بالقوة المسلحة تحت صمت أمريكي.!!

- فتركيا تعلن أنها تحتاج الى تطوير ( دفاعاتها ) الجوية .. لأن الناتو سحب من أراضيها منظومة راداراته الأستراتيجية قبل بضع سنوات .. وإنسحبت قوات ألمانية من قواعد عسكرية فعالة في تركيا قبل إنعقاد مؤتمر الناتو المقرر في تركيا عام 2018 .. وأقفت ألمانيا صفقات سلاح لتركيا .. وأفشلت ضغوط أمريكا توجه تركيا نحو الصين .

- الخطوة التركية صوب موسكو، التي شعر الغرب حيالها بالقلق، وخاصة التي تعكس تعاونًا عسكريًا وتسلحًا يلامس بناء القدرات العسكرية التركية .. هي في حقيقتها خطوة مستقلة، قد تضع ( الناتو ) أمام إعادة النظر بتسليح تركيا وتعاونه العسكري معها تحت ذريعة - إحتمال تسرب معلومات حيوية تسليحية للناتو إلى موسكو - على الرغم من إدراك الغرب ( الناتو ) أن الخطر الجوهري يكمن في فلسفة ( بناء الدفاعات ) التركية وليس في المعنى السياسي لتحول أنقرة نحو موسكو ، لأن مثل هذا الدفاع يتعارض مع طبيعة تسلح أعضاء الناتو .. في الوقت الذي تشعر تركيا بخيبة أملها من الناتو لعدم وقوفه معها في مشكلاتها مع روسيا عام 2015 من جهة وسحب الناتو أنظمة صواريخ ( باتريوت ) الدفاعية من الأراضي التركية .

- ومع ذلك، فأن التقارب بين أنقرة وموسكو ليس بديلاً عن التحالف التركي - الغربي ، إنما هو نقلة تركية إستراتيجية لتحقيق التوازن في علاقات تركيا الخارجية ، ( تقارب ) وليس ( تحالف ) ، يتم في إطار الـ ( Geo - Politics ) ، فيما تدخل خطوط الطاقة الدولية ( السيل ) وتأسيس مشروع الطاقة النووية السلمية في تركيا ضمن نطاق الـ ( Geo - Economy ) .. وهو الأمر الذي يضع تركيا في سياق ( الأنتشار ) الأستراتيجي حيال التهميش الأوربي وأنماط الضغوط التي تعرضت لها والعقوبات التي وضعت في طريق إنتمائها إلى الأتحاد الأوربي، وهي عضو في حلف شمال الأطلسي ( الناتو ) ، ومحاولات المشاركة في تفكيكها على أساس الخط الموازي ، وفشل الأنقلاب في ذلك .. وجدت تركيا نفسها أمام ضرورة إعادة النظر في ( سياستها ) الأستراتيجية من أجل :

أولاً - إيجاد صيغة التوازن ( الدفاعي ) .

ثانيًا - تنمية القدرات العسكرية التركية وتمكينها من الأنتشار الأستراتيجي في خارج حدودها الأقليمية .. وتعكس النقلة الأولى - تأسيس قاعدة عسكرية تركية في قطر. والنقلة الثانية - تأسيس قاعدة عسكرية تركية في الصومال .. وهما نقلتان إستراتيجيتان عسكريتان، لاعلاقة لهما بالتقارب من موسكو، إنما ترتبطان بدافع التوازن حيال التمدد الجيو - سياسي الأيراني في المنطقة، وخاصة عند مداخل المضائق والخلجان ، كالخليج العربي والبحر العربي ومضيق باب المندب، وذهاب السفن الأيرانية الحربية عبر البحر الأحمر إلى البحر المتوسط ، وإعلان طهران عن نيتها تأسيس موانئ وقواعد عسكرية إيرانية على سواحل البحر المتوسط .

3 - إيران وسياسة اللعب على التناقضات :

من أهم السمات الأساسية للسياسة الأيرانية هي اللعب على التناقضات، أينما وجدت طهران مصلحة لها لتوظيفها، تسللت إليها وتوغلت فيها ونسجت خيوط علاقاتها مع طرف ضد طرف آخر، وأحيانًا مع طرفين متضادين أو متصارعين في آن واحد، مثلاً : تتعامل طهران مع حزب العمال الكردي - التركي ( PKK ) وتتعامل مع الأكراد السوريين، فيما تتعامل مع حكومة أنقرة بكل سلاسة ودفئ في الوقت ذاته .. وتتعامل مع أكراد حزب جلال الطلباني بالضد من أكراد مسعود البرزاني .. وتتعمل مع القاعدة وعناصرها الأرهابية وفي الوقت نفسه تتعامل طهران مع حكومة كابل .. تتعامل طهران وتعلن أنها ضد الأرهاب وفي الوقت ذاته تؤمن لقيادات ( داعش ) المهزومة في سوريا سبل النجاة والملاذ الآمن في العراق .. تتعامل طهران مع أمريكا ( توافقًا - إستراتيجيًا ) وتهاجمها إعلاميًا ليل نهار .. تتعامل إيران مع الكيان الصهيوني إعلاميًا فضائيًا وشركات هذا الكيان لها مكانتها التجارية في الأقتصاد الأيراني وفي الوقت نفسه ترفع إيران شعار ( الموت لأسرائيل الموت لأمريكا ) .. تتعامل طهران مع دول الأتحاد الأوربي على إنها حمامة سلام وتأمر أتباعها وخلاياها النائمة في أوربا على أعمال الأرهاب والدهس الجمعي والتفجيرات بهدف إرغام حكومات أوربا على تغيير سياساتها العدوانية في سوريا والعراق ولبنان واليمن والأبقاء على ملفها النووي .. والأمثلة على ذلك لا تعد ولا تحصى .. فأي دولة هذه التي يقودها ولي الفقيه وتتمتع بالصدقية ووضوح الموقف ووضوح الأهداف .؟!

النظام الأيراني لا يستطيع أن يعيش بدون هذا السلوك المزعزع لأمن واستقرار دول المنطقة والعالم .. فهو يجري وراء أماكن التخلخل والأضطرابات وفقدان الأمن ( فراغات الأمن ) ليقوم بأفعال التسلل والتغلغل من أجل الهيمنة .!!

- اضطراب المنظمة الدولية هو انعكاس لاضطراب العلاقات الدولية .. مفهوم التوازن والاصلاح في بنية النظام الدولي :

يتبـــع ..





الاثنين ١٨ محرم ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٩ / تشرين الاول / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة