شبكة ذي قار
عـاجـل










المقدمة : العصر الراهن .. هوعصر يجمع بين ( الصراع والتوافق ) في وحدة ذات طابع متحرك يخضع لقواعد الردع النووي، وفي خارجها يقع الأبتزاز السياسي والأقتصادي ما دام القانون الدولي معطلاً ومجلس الأمن الدولي يضع العصي في عجلة تكريس الحقوق وجهود المحافظة على السلم والأمن الدوليين ويفسح المجال واسعًا للعبث بأمن المجتمعات عن طريق مخططات القوى الأقليمية والدولية الأستعمارية الجيو - سياسية .

- الصين وتوجهها لحل ( المشكلة السورية ) ولحل ( الصراع الفلسطيني - الأسرائيلي ) .. ومسائل إستثمارات الطاقة. !! :

- العقوبات الأمريكية ضد روسيا ( الطاقة ) - العصب الذي يؤلم موسكو :

1 - الصين وتوجهاتها السياسية والأستثمارية .. على قاعدة الحركة المتوازنة :

باتت شركات النفط والغاز في عصرنا الراهن أدوات إستراتيجية تستخدمها الدول العظمى والكبرى والمنتجة للنفط والغاز أيضًا لأهداف سياسية وإقتصادية ومن أجل النفوذ .. ولكن حركة الدولة الكبرى والعظمى تظل على مساراتها الأستراتيجية من أجل أن تكون لآعبًا مهمًا على المسرحين الأقليمي والدولي .. وهذا طبعًا، لا يلغي الدافع الأقتصادي لحركة الدولة بأي حال .

أن تنفذ الخطط الأستراتيجية الأمريكية مثلاً ، صوب المناطق المعينة بدوافع سياسية أوفكرية أوآيديولوجية - قيمية هي من أجل خلق ( صراع ) إستراتيجي، بوجهٍ يختلف عما كان عليه وضع الصراع بين الشرق والغرب، بين أمريكا والأتحاد السوفياتي، والذي أستبدلته أمريكا، بعد سقوط الأتحاد السوفياتي بصراع إسلاموي ينتج تقسيم وتفتيت الدول والكتل الكبيرة لأهداف جيو - إستراتيجية ، منذ حرب أفغانستان، لضرب أكثر من عصفور بحجر:

- طردت الجيش السوفياتي من أفغانستان بـ ( الأسلاموية ) .

- وحققت التحالف مع الخط الأسلاموي في إيران، على وجه الخصوص، وطردت شاه إيران بأداة إلأسلاموية .. ووضعت الخمينية محله بتوافق أمريكي - بريطاني .

- وأظهرت صراعها الجديد مع ( الأسلام ) الذي حل محل الصراع بين أمريكا والأتحاد السوفياتي .. لأن أمريكا لا تستطيع أن تعيش آمنة بدون صراع خارجي تخلق منه مناخات للصراع والتدخل من جهة، وشد الداخل الأجتماعي الأمريكي المتنوع من جهة ثانية .. وهذه هي السمة الأمريكية – صراع إمبريالي خارجي وسياسة شد الداخل الأجتماعي الأمريكي المتنوع خوفًا من التصادم والتفكك والأنفراط .

- ونفذت لعبة ( الفوضى الخلاقة ) بإسقاط النظم السياسية، وتغيير الديمغرافيا عن طريق الأداة الأيرانية .. وكل هذا يتم تنفيذًا لمخطط تقسيم وتفتيت الجغرافيات السياسية لأغراض تمكين ( إسرائيل ) من العيش بين مجموعات التفتيت والتقسيم المتناحرة ، وقيادتها وحسب مشروع " شيمون بيريز ".!!

- غير أن حقيقة الأمر، هي ضرب الروح الوطنية وتمزيق القومية العربية بالعنصرية والقبيلية والعشائرية والواجهية، وتمزيق الأسلام من الداخل بالطائفية والمذهبية، والهدف الأبعد، تدمير قيم الأسلام وقتل روحيته وإبادة حاضنته العربية، بإظهار وتضخيم النهج الأسلاموي المتمثل بـ ( القاعدة ، وداعش، ومنظمات الأرهاب الأخرى، التي هي واجهة من واجهاتها، كحزب الله في جنوب لبنان وحزب الدعوة في العراق والحشد الشعوبي ومليشياته المؤدلجة فيه - وسجن غوانتنامو وغيره وسجون محلية إقليمية - تُخَرِجْ قادة لهذه المليشيات، يتم توزيعهم عليها إستخباريًا ) .!

والمحصلة : هي تدمير الهوية القومية العربية وتفسيخ روح الأسلام .. وكان للوكيل الأيراني الدور الأكبر في هذه الأستراتيجية المزدوجة ( الأمريكية - الصهيونية ) ، منذ أفغانستان 1989 - 1979 ثم عام 1991 و 2003 حتى الوقت الراهن .

والتساؤل هنا :

إذا كان نهج إيران هو الأسلام ، لماذا ترتضي لنفسها أن تكون أداة بيد الأجنبي الأمريكي أولاً، ولماذا ترتضي لنفسها أن يتفكك المسلمون وتدمر مدنهم ويهجرون ثانيًا ، ولماذا ترتضي على نفسها أن تنفذ ما تريده ( إسرائيل ) بتفتيت المنطقة وتقسيمها وإعادة تشكيلها كانتونات ليسهل عليها الدخول في نسيجها والتعامل معها وقيادتها على أساس امتلاكها العقل المخطط، والكيانات المفتتة والمقسمة، تمتلك الأموال والثروة ثالثًا ، وبالتالي فهل أن إيران دولة مسلمة فعلاً؟!، لأن الدولة المسلمة لا تفعل كل هذا .. فهناك دول مسلمة كثر وفي مقدمتها أندونيسيا لم تفعل مثل ما فعلته إيران بالمسلمين وبالقوميات الأخرى تحت دعاوى وذرائع واهية ومنها محاربة الأرهاب الذي خلقته مليشياتها الطائفية المسلحة .. هذا النهج الأستراتيجي لا يلغي الدوافع الأقتصادية للسياسات الموجهة والمتمثلة في الهيمنة على مصادر المياه ومصادر الثروة المعدنية وتركيع الشعب العراقي بإضعاف الدولة العراقية.!!

إن إستعراض ما تقدم هو للتذكير بحركة السياسة الأستراتيجية من جهة، وإستخدام الوسائل أو الأدوات ( شركات ومنظمات ومؤسسات مختلفة ومتنوعة للوصول إلى أهداف إقتصادية - وسياسية - وإستخباراتية - وثقافية ) ، في ضوء مبدأ الأولويات .

دعونا نرى ما وراء التحرك الروسي والصيني صوب منطقة ( الشرق الأوسط ) :

- التنافس البراغماتي يعكس تزاحمًا بين موسكو وبكين في مواقع مختلفة مهمة ومنها سوريا .. فقد استثمرت الأولى نسبة 25% من النفط والغاز بالقرب من ( تدمر ) في ضوء شروط تأمين الحماية المسلحة لعمليات الأستثمارات الخاصة بحقول النفط والغاز السوري .. فيما تعرض الصين جهودها في حل الأزمة السورية، وحل الصراع الأسرائيلي الفلسطيني عن طريق حوار ( صيني إسرائيلي فلسطيني ) ، مقابل إستثمارات النفط والغاز السوري .!!

- بيد أن الأستثمارات الصينية في سوريا تجابه مشكلة ( السيادة ) السورية والأحتلال الأسرائيلي للجولان منذ عام 1981 - وتعرض مصادر المياه للتلوث في الجولان وبحيرة طبرية التي يعتمد عليها الكيان الصهيوني - فيما أخذ التحرك الهندي الموازي للحركة الصينية نحو الكيان الصهيوني مسارًا تسابقيًا مع الصين من أجل علاقات استثمارية هندية - إسرائيلية.!!

- وكانت الصين قد أنشأت قاعدة بحرية جديدة في جيبوتي وعلى أساس قوات حفظ السلام في جنوب السودان - حيث توزع الصين هذه القوات في عدد من مواقع النزاعات الأقليمية ( جنوب السودان - جنوب لبنان - وفي الجولان المحتلة ) ، على أساس مبدأ الأمن مقابل الأستثمارات.!!

- أما موسكو - وحسب تقديرات الخبير الروسي "ليونيد بيرشيدنسكي" ، فأنها غير قادرة على مجابهة العقوبات الغربية، وغير قادرة في الوقت ذاته على إنجاز أهدافها في الأستقطاب الدولي ذي الطابع الثنائي، الذي لن يتحقق لا لموسكو ولا لواشنطن على حدٍ سواء .. لأن موسكو تتخذ من النفط والغاز قاعدة إقتصادية لفعالياتها العسكرية والأستراتيجية بما فيها التصعيد وسباق التسلح ، وهو الأمر الذي يشكل بداية للفشل الروسي في بناء قاعدة إقتصادية إنتاجية قادرة على إسناد تلك الفعاليات الأستراتيجية .. أما أمريكا فأن إقتصادها رغم الأزمة البنيوية الرأسمالية ودوراتها القاسية، يعد إقتصادًا إنتاجيًا قويًا .. إلا انه لوحظ الآتي :

تراجع أمريكا ، ليس في قوتها العسكرية ، إنما في إقتصادها أولاً، وفي قاعدة التطور الأقتصادي والتقني ثانيًا .. وهي العلوم والتكنولوجيا، حيث إنخفاض موازنة المعاهد الأمريكية و وكالة الأبحاث الفيدرالية منذ عام 2003 بمقدار 25% .. والمعروف أن هنالك محركان متداخلان في بنية النظام الرأسمالي الأمريكي هما القطاع العام والقطاع الخاص، يتعاملان ويستثمران معًا في المشروعات التكنولوجية والمشروعات الناشئة .. وكلها يرتبط بمحرك هو الأبحاث .. والهدف هو إبقاء الجيل الجديد من التكنولوجيا والصناعات في حالة تجديد .. هذا الواقع قد انحدر في أمريكا منذ عام 2003 بعد أن شنت أمريكا حربها على العراق، فتراجعت في الداخل .!!

2 - العقوبات الأمريكية ضد روسيا ( الطاقة ) - العصب الذي يؤلم موسكو:

تعتمد روسيا في وضع ميزانيتها على ( الغاز والنفط ) وليس بالدرجة الأساس على ( قاعدة الأقتصاد الأنتاجي المتكامل ) ، الذي كان عليه الأتحاد السوفياتي، وهو الأمر الذي يضعها في دائرة الضعف، وهي ربما تدرك معنى الأستنزاف في حروب الخارج .. إلا أن تدخلها العسكري في سوريا لم يكن عاديًا إنما أعتمد على تفاهمات ذات طابع سياسي - إستراتيجي مع ( إسرائيل ) أولاً، ومع ( الولايات المتحدة الأمريكية ) ثانيًا، حيث أطلقت يدها في الأجتياح بصورة تقاسم نفوذ .. ولا تقاسم نفوذ في العراق بين موسكو وواشنطن إنما توافقًا بين الأخيرة وطهران .. والجميع يدرك الخطوات اللآحقة ازاء ما سيحصل لجغرافية العراق السياسية والسورية من تقسيم وتفتيت .. وإذا ما تم ذلك فستنهار جدران المنطقة بالتتابع وحسب نظرية الدومينو ( Domino Theory ) ..

- النفط والغاز هما سلاح ذو حدين، أحدهما يحد من قوة روسيا والآخر يشكل ورقة سياسية ضاغطة حيال أوربا التي تحتاج إلى الطاقة ووسائل إيصالها بسلام .. ولكن مثل هذه الورقة التي تزاوج بين الضغط والتدخل في الشأن الأوربي لا تؤدي نتائجها إلى ضمانات تطمئن الكرملين .

- فأوربا تدرك أن موسكو تريد فرض ( الهيمنة ) ، كما تعمل على ( إحتكار ) تسويق الطلقة وبالتالي الدفع باتجاه وضع الدول الأوربية في دائرة الخضوع بأساليب: 1 - تخفيض الأسعار 2 - وتغيير اساليب وشروط البيع والتسويق 3 - وإغراءات مد أنابيب الغاز - فكلما ازدادت معدلات انتاج الغاز الصخري الامريكي، كلما خفضت موسكو من أسعار الغاز الطبيعي المصدر الى الدول الاوربية .. وهو الأمر الذي بات يشكل احراجًا لواشنطن يدفعها الى رفض ( المنافسة ) جملة وتفصيلاً، وتجابه الموقف بمزيد من العقوبات في ضوء واقع السلوك الروسي المتهور.!!

فالعقوبات تستهدف قطاع الطاقة التي تعتمد عليها موسكو في بناء ( القوة ) صوب تعزيز أركان ( قطبيتها ) .. ولكن الأعتماد على الردع النووي المتبادل المؤكد لا يصنع قطبًا دوليًا موازيًا .. هذا الواقع يعمق الأزمة الروسية في مجرى الصراع، والعقوبات الأمريكية تقع في قلب الأزمة ذاتها .. وعليه فأن موسكو تحاول الرد بطريقتها، وهي تحريض اوربا على امريكا ، فيما تؤكد أوربا بأنها لا تقف مكتوفة الأيدي إذا ما تضررت مصالحها الاقتصادية جراء العقوبات الامريكية على روسيا .. والملفت : إن أمريكا تصدر الغاز الصخري الى العالم منذ عام 2005 ولكنها تستورد الغاز في الوقت الحاضر .. وهذا يعني انها تصدر الغاز باسعار عالية وتستورد الغاز باسعار متدنية من مصادر الشرق الاوسط حسب تقرير ( American Energy Agency ) .. !!

- فالتدخل الأيراني هو أوسع وأكثر خطرًا من التدخل الروسي في سوريا .. فالتفاهم ثلاثي حاصل في سوريا ( روسيا وإسرائيل وأمريكا ) .. فيما التوافق حاصل في العراق ( أمريكا وإيران ) على قاعدة المصالح وسياسة التوكيل التي لن تتخلى عنها واشنطن مهما تغيرت الأدارات وتغيرت الأدوات .. لأنها ترتبط بمسائل الأستراتيجية والتكتيك .!!

- بيد أن إشكالية إيران تكمن في تمددها أولاً، وتوسيع أنماط خطها العسكري في خارج إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية ( IAEA ) ثانيًا، وانتهاكات تجاربها الصاروخية الباليستية المتكررة بالضد من قرار مجلس الأمن الدولي بهذا الخصوص ثالثًا، والتحدي بتجاوز الحدود السيادية لدول المنطقة بقوات غير نظامية مسلحة ومؤدلجة ونظامية متسترة رابعًا، وزعزعتها الأمن والأستقرار الأقليمي والدولي خامسًا، وإنتهاكاتها لحقوق الأنسان في الداخل الأيراني سادسًا، وتعاملها المباشر والعلني مع قوى إرهابية مثل ( حزب الله ) في الجنوب اللبناني ومع الدولة الكورية الشمالية التي تتحدى العالم وتعرض أمن الكوكب الأرضي إلى الفناء .

- السلوك الأيراني هذا هل تعالجه أمريكا .. أم تتعامل معه لعبة القط والفأر؟ فلا القط يكبح تطاول الفأر، ولا الفأر يمتنع عن إقلاق محيطه والتحرش ببيئة القط ومصالحه - إذا جاز التعبير.!!

- الأنسحاب من أفغانستان .. هل هو لعبة إستراتيجية .. ولماذا ؟ :

يتبـــــــــــــــــــع ...





الثلاثاء ٢٨ ذو الحجــة ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٩ / أيلول / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة