شبكة ذي قار
عـاجـل










لعله من الإنجازات البحثية الهامة على صعيد الصحافة العربية في المهجر/
ما قام به مؤخراً الإعلامي فؤاد الحاج بإصداره لكتابه الجديد الأنيق المعنون بـ"الصحافة العربية في اوستراليا" متناولاً مختلف المطبوعات التي صدرت في تلك القارة من صحف ومجلات ونشرات سياسية واجتماعية ودينية، منها ما زال قيد الإصدار، ومنها ما توقف عن الصدور، وما صدر بلغة العربية الأم لأبنائها المهاجرين، أو باللغة الإنكليزية بهدف توسيع المساحة الإعلامية لتشمل شتى الولايات والمناطق الاوسترالية، كل ذلك في كتابه الموزع على أربعماية صفحة من الحجم الكبير صدرت منه طبعتان، الأولى في مايو من العام 2011 والثانية في مارس من العام 2012 وهنالك نية لدى المؤلف لإصدار الطبعة الثالثة عما قريب نظراً لحاجة الجيل الناشئ الجديد لقراءته بما سوف يتضمن من إضاءات جديدة على مواضيعه الشيقة.

وفؤاد الحاج الصحافي الذي نشأ وترعرع في طرابلس لبنان وعمل في صحف "بيروت" و"المحرر" و"الأنوار".

هاجر إلى اوستراليا منذ أربعين عاماً، تسنى له خلال كل هذه السنين، العمل على تطوير وصقل مهاراته الإعلامية متوجاً ذلك بإنشائه لموقع "المحرر" الإلكتروني الذي جعل منه أحد أهم المواقع خارج الوطن العربي، المدافعة عن قضايا الأمة العربية ولا سيما فلسطين والعراق، إلى جانب جريدة "المحرر" التي كان يصدرها باللغتين العربية والإنكليزية ومطبعة المحرر، ليجعل من كل هذه المواقع مقصداً وموئلاً للعشرات بل المئات من كتاب العروبة الباحثين على فسحة أمل في التعبير عن معاناة أقطارهم وتوقها إلى الحرية والديمقراطية والرأي الهادف الذي لا يخاف سطوة سلطان أو افتراءات حاقد.

من هنا لم يقصد المؤلف أن يقصر كتابه فقط على الصحافة العربية في اوستراليا التي أفرد لها الفصول الثلاثة من الكتاب،

وإنما ابتدأ في الفصل الأولى على تعريف الصحافة العربية وتطورها، وأسماء الوسائل الإعلامية، لينطلق إلى الحديث عن أخلاقيات الصحافة والعلاقة الجدلية بين الصحافة والحرية وكذلك الأدب، متناولاً أنواع الصحافة، الكاريكاتورية منها والأخرى "الصفراء" ليسلط الأضواء على الأنترنت وصحافة "الأون لاين" وما خلفته من تحديات للعمل الصحافي الورقي بشكل عام.

وخصص الفصل الثاني إلى رواد الصحافة العربية من اللبنانيين والأهمية التي حققوها على صعيد سطوع شمس الصحافة العربية وإرساء المداميك الأولى للصحافة المهاجرة دون أن يبخل بالمعلومات التاريخية المختصرة عن الصحافة بشكل عام.

ولأن الصحافة الملتزمة بالرسالة القومية والوطنية والاجتماعية، عانت أكثر من غيرها من أعداء الأمة المحاربين لأهدافها النبيلة في الوحدة والحرية والتقدم والنمو الاجتماعي والسياسي.

خصص المؤلف الحاج الفصل الثالث من كتابه عن "التضليل والخداع الإعلامي" متناولاً أهمية الكلمة والثورة الإعلامية، والإعلام وعصر الأنترنت، في مواجهة التضليل الإعلامي والدعاية والإشاعة ونشر الأكاذيب وترويجها، لا سيما أن القرن الحادي والعشرين حمل سمة عصر الخداع الإعلامي على أكثر من صعيد بعد إطلاق الثورة الإلكترونية واستخدامها من قبل أصحاب القرار العالمي والإمبريالي تحديداً لخدمة مصالحهم لا مصالح الدول النامية والفقيرة والتي تبحث عن سيادتها وكرامتها بين سائر الدول.

ولهذا، تطرق المؤلف إلى الحملات الإعلامية والنفسية التي شُنَّت على العراق كنموذج لكيفية التعرف على الأساليب الشيطانية للإعلام المعادي الذي لم يتورع عن شيطنة قيادة العراق الوطنية التقدمية وعلى رأسها الشهيد صدام حسين تمهيداً للحرب العسكرية على هذا القطر والتي اتخذت من بعض الصور التي عرضها وزير الخارجية الأميركي الأسبق كولن باول في الأمم المتحدة حول أسلحة الدمار الشامل التي ثبت زيفها وبطلان الادعاءات حولها، الذرائع الأساس لغزو هذا القطر واحتلاله وتدمير مؤسساته واعتقال واغتيال قادته الشرعيين.

والى كل الأهمية التي تضمنتها فصول هذا الكتاب الستة،
لم يغب عن بال المؤلف أن يفرد فصلاً سابعاً تضمن العديد من الملاحق التي تعزز وجهة نظره حول الأهداف الأساسية التي أكد عليها في كل فصل من فصول كتابه بغية تعميم الفائدة الإعلامية أولاً، وكشف مختلف مناحي التضليل الإعلامي وتأثيره على الرأي العام ثانياً،

ولذلك، كان حريصاً كل الحرص، على تضمين كتابه ملحقاً عن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بمواده الثلاثين والذي يصفه المؤلف بالرائع في صياغته والمتكامل في معناه، غير أنه مع الأسف ليس سوى حبر على ورق يحمل شعار هيئة الأمم المتحدة كما باقي قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

كما يعرِّج في ملاحقه على قانون شرعة أخلاق مهنة الصحافة اللبنانية الذي تبنته الجمعية العمومية لنقابة الصحافة في لبنان عام 1974، والى بيان جمعية رؤساء تحرير الصحف الأميركية عن أخلاق الصحافة، إلى قانون مكافحة الإرهاب في اوستراليا الصادر عام 2005 إلى ميثاق الرأي الإعلامي الصادر عن الاتحاد العربي للصحافة الإلكترونية في القاهرة، عام 2010، إلى حقوق المؤلف التي أقرتها الاتفاقيات الدولية ولا سيما المنظمة العالمية للملكية الفردية وكيفية حماية هذه الحقوق وعدم قرصنتها.

ولا يفوت المؤلف أن يتضمن كتابه ملحقاً خاصاً يتضمن اعترافات ضابط أميركي هارب من جحيم حرب العراق حيث شاركت بلاده في غزو هذا القطر واحتلاله والتي يلخص من خلالها شعوره بالعار لأنه أميركي هارب في سبيل سوداوية المصالح الأميركية لا العدالة وتحقيق الديمقراطية التي تحدثت عنها إدارة البيت الأبيض.

كما يستتبع هذا الملحق، بملحق آخر اقتبسه عن افتتاحية لصحيفة اللوموند ديبلوماتيك الفرنسية الشهيرة تحت عنوان ( أكاذيب الدولة ) تناولت فيه جملة الأكاذيب التي تضمنها تقرير الرئيس الأميركي الأسبق جورج دبليو بوش المقدم إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول من العام 2012 ليبرر فيه العدوان على العراق تحت ذريعة امتلاكه أسلحة الدمار الشامل.
هذا التقرير الذي رافقته عشرات الأكاذيب التي تم تسريبها فيما بعد بهدف إضفاء الشرعة الدولة للغزو والاحتلال التي ثبت أنها كلها لفقت في دوائر المخابرات المركزية الأميركية وحليفتها البريطانية فيما بعد.

كتاب "الصحافة العربية في اوستراليا"، لمؤلفه الإعلامي الصديق فؤاد الحاج، كتاب قيٍّم وجاد، ليس لغناه بالمادة الإعلامية والصحافية التي أرخت لتاريخ الصحافة العربية في اوستراليا وحسب، وإنما للجهود التي بذلها المؤلف لإخراج كتابه لناحيتي التأريخ والتوثيق والإضاءات على أبرز المحطات التي استخدمت فيها الصحافة العالمية عكس ما يجب أن تكون عليه من مهنية ومصداقية واحترام لقرائها وللحقيقة المطلقة بشكل عام.

ومع كل التقدير لهذا المجهود الذي بذله المؤلف، فإننا نعتبر أن الكتاب سوف يكون على رأس الكتب التوثيقية التي ستذخر بها المكتبة العربية حيث يجب أن لا يغيب عن متابعة الأجيال الناشئة ومطالعاتها وبحثها عن الحقيقة والحقيقة فحسب، سواء داخل الوطن العربي أم خارجه، في اوستراليا، أم غيرها من بلاد المهجر، حيث الحقيقة لا تنحصر بمكان وزمان محددين وإنما تبقى وتستمر إلى الأبد.





الثلاثاء ١٠ شــوال ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٤ / تمــوز / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نبيل الزعبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة